واشنطن – بعد دقائق من تأكيد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، موافقة تركيا على دعم محاولة السويد الانضمام إلى الحلف العسكري، أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن بيانا رحب فيه بموقف نظيره التركي رجب أردوغان.

وقال بايدن "أرحب بالبيان الصادر عن تركيا والسويد والأمين العام لحلف الناتو هذا المساء، بما في ذلك التزام الرئيس أردوغان بإحالة بروتوكول انضمام السويد إلى الجمعية الوطنية الكبرى (البرلمان) في تركيا للتصديق عليه بسرعة.

وأنا على استعداد للعمل مع الرئيس أردوغان وتركيا على تعزيز الدفاع والردع في المنطقة الأوروبية الأطلسية".

ولم تُظهر واشنطن أي شعور بالمفاجأة للتغير في القرار التركي، في الوقت الذي عبرت فيه عن سعادتها، ومن اللافت ما صرح به بايدن في مقابلة أجرتها معه شبكة سي إن إن (CNN) يوم الأحد الماضي من تفاؤله بانضمام السويد لحلف الناتو في القريب العاجل، في وقت عبر فيه أغلب لخبراء والمراقبين عن تشاؤمهم من نجاح قمة حلف الناتو بسبب عرقلة تركيا ملف الانضمام السويدي.

وقال بايدن "لقد التقيت مؤخرا برئيس الوزراء السويدي هنا، ولدى السويد القيم نفسها التي لدينا في حلف شمال الأطلسي. وهي أمة صغيرة، ولكن لديها القدرة على الدفاع عن نفسها. إنهم يعرفون كيف يقاتلون، وأعتقد أنهم يجب أن يكونوا أعضاء في الناتو"، مضيفا أن سبب التأخير هو تركيا.

وتابع أن "تركيا تبحث عن تحديث طائرات (F-16) ويبحث ميتسوتاكيس في اليونان (رئيس الوزراء اليوناني) أيضا عن بعض المساعدة. ولذا فإن ما أحاول لملمته بصراحة تامة هو التنسيق بحيث نعزز الناتو من حيث القدرة العسكرية لكل من اليونان وتركيا، ونسمح للسويد بالانضمام. أنا متفائل، في الواقع أنا متفائل".

وتواصل الرئيسان بايدن وأردوغان هاتفيا مساء الأحد، وفي وصف مقتضب للمكالمة، قال البيت الأبيض إن بايدن أخبر أردوغان "برغبته في الترحيب بالسويد في الناتو في أقرب وقت ممكن".

وفي حديث للجزيرة نت، عبر خبير الشؤون الدولية بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي ستيفن كوك، عن اعتقاده أن "بايدن كان واثقا تماما قبل مكالمته الهاتفية مع أردوغان، لكنه كان أقل ثقة بعد المكالمة".

قال أردوغان -خلال مكالمة هاتفية مع بايدن- "نريد من الدول الرائدة في الاتحاد الأوروبي وقيادات الاتحاد إعطاء رسالة واضحة وقوية حول دعم عضوية تركيا خلال قمة الناتو المقبلة".

للمزيد:https://t.co/7zWAPabnO6 pic.twitter.com/EP692wYJU2

— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) July 10, 2023

انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي

وعقب إعلان تركيا رغبتها في ربط موضوع عضوية السويد بالناتو بطلب عضويتها بالاتحاد الأوروبي، أكد مكتب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أن مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي تخص الطرفين، مشددا على أن نقطة تركيزنا حاليا هي السويد المستعدة للانضمام إلى الناتو.

بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر "دعمت الولايات المتحدة على مدى سنوات تطلعات تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ونواصل دعمها"، مضيفا "لكننا لا نرى أن ذلك يجب أن يكون عائقا أمام انضمام السويد إلى الناتو".

ونقلت وكالة "بلومبيرغ" عن مسؤول تركي قوله إن مسؤولي الاتحاد الأوروبي وافقوا على تسريع مفاوضات عضوية أنقرة في التكتل الأوروبي، وإن المفاوضات تشمل انضمام تركيا للاتحاد الجمركي والسماح لمواطنيها بالسفر دون تأشيرة.

وكان أردوغان قد ربط بين عضوية السويد في الناتو برغبة بلاده في الانضمام للاتحاد الأوروبي، وقال "أولا، دعونا نمهد طريق تركيا في الاتحاد الأوروبي، ثم دعونا نمهد الطريق للسويد، تماما كما مهدنا الطريق لفنلندا".

كما أكد أردوغان أن "تركيا تنتظر على بوابة الاتحاد الأوروبي منذ أكثر من 50 عاما حتى الآن"، وأن "جميع الدول الأعضاء في الناتو تقريبا هي دول أعضاء أوروبية". وأزعج طلب الرئيس أردوغان الجانب الأوروبي، إلا أنه تلقى تفهما ملحوظا في واشنطن.

وأتى ربط أردوغان بين هذين الملفين عشية قمة للحلف تستضيفها العاصمة الليتوانية فيلنيوس، ويرغب قادة الناتو في الظهور خلالها موحَّدين في مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا.

بدورها، سارعت ألمانيا إلى رفض الشرط التركي، مؤكدة أنه لا علاقة بين هاتين المسألتين.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتس خلال مؤتمر صحفي في برلين "يجب عدم اعتبارهما موضوعين مرتبطين"، مؤكدا أنه "لا شيء يمنع انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، الذي يعرقله الرئيس التركي منذ أشهر".

لكنّ شولتس رأى في تصريحات أردوغان "رسالة إيجابية، مفادها أن منح الضوء الأخضر لعضوية السويد ممكن في المستقبل القريب".

وسبق أن تقدمت تركيا بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1987، ولكن لم يكن هناك أي تقدم يذكر منذ عام 2016، عندما صوت البرلمان الأوروبي على تعليق محادثات الانضمام على خلفية انتقاده حملة الحكومة التركية الواسعة على المتورطين في الانقلاب العسكري الفاشل.

في هذا السياق، أشار ستيفن كوك إلى أنه "دائما ما تكون هناك الكثير من الدراما قبل قمة الناتو، لكن قلة توقعوا أن يثير الرئيس أردوغان قضية انضمام بلاده للاتحاد الأوروبي".

وأضاف كوك "أظن بقوة أنه بالغ في موقفه، وبمجرد أن أصبح واضحا أنه من خلال ربط عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي بمحاولة السويد الانضمام بحلف الناتو، فإنه يُعرض علاقات تركيا مع الناتو والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للخطر"، بحسب وصفه.

أهمية تركيا تتزايد

وبدأت الأزمة العام الماضي، عندما تقدمت السويد بطلب للانضمام إلى الناتو، وهو ما يتطلب موافقة جميع دول الناتو عليه، وهي قاعدة أعطت الرئيس أردوغان نفوذا هائلا للمطالبة بتنازلات أوروبية.

وفي الأشهر الأخيرة، بذلت السويد جهودا لتلبية مطالب تركيا، وتعديل دستورها، وتمرير تشريعات جديدة لمكافحة الإرهاب، والموافقة على تسليم العديد من الأتراك المتهمين بارتكاب جرائم في تركيا، لكن المحاكم السويدية منعت عمليات تسليم أخرى.

وتبقى المجر هي العضو الوحيد الآخر في حلف الناتو الذي لم يوافق بعد على طلب السويد، لكن مسؤولين مجريين قالوا إنه إذا تغير موقف تركيا فإنهم لن يعرقلوا العملية. وكانت فنلندا تقدمت بطلب في الوقت الذي تقدمت فيه السويد، لكنها تغلبت على اعتراضات تركيا الأولية وانضمت إلى التحالف في أبريل/ نيسان الماضي.

ومنذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا العام الماضي، زادت أهمية تركيا "الجيو إستراتيجية" لحلف الناتو وللأمن الأوروبي. وتلعب تركيا دورا كبيرا في التوسط والتواصل بين موسكو وكييف رغم أنها عضو بحلف الناتو. ولم يعرقل ذلك تأسيس تركيا علاقات قوية مع روسيا سمح لها بالوساطة للتوصل لاتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.

وتمتلك تركيا ثاني أكبر جيش مشارك في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد الجيش الأميركي، وتعتبر من حلفاء الولايات المتحدة المهيمنة في منطقتي الشرق الأوسط وجنوب شرق أوروبا ووسط آسيا.

بعد تدهور كبير في علاقات الدولتين على خلفية استبعاد الولايات المتحدة لتركيا من اتحاد مصنعي المقاتلات المتطورة من طراز "إف-35" بسبب شراء أنقرة لنظام الدفاع الجوي الروسي إس-400، ووصف إدارة بايدن أحداث عام 1915 -إبان الإمبراطورية العثمانية- بأنها إبادة جماعية للأرمن، ساهمت عدة لقاءات جمعت بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والتركي رجب طيب أردوغان، إضافة للكثير من المحادثات، في عودة علاقات الدولتين لمسارها الطبيعي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی حلف شمال الأطلسی الرئیس أردوغان انضمام السوید للانضمام إلى حلف الناتو فی الناتو

إقرأ أيضاً:

هل يتجه الاتحاد الأوروبي نحو "حرب اقتصادية باردة" مع الصين؟

الاقتصاد نيوز - متابعة

حذر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان اليوم الجمعة من أن الاتحاد الأوروبي يتجه نحو "حرب اقتصادية باردة" مع الصين بينما يستعد زعماء التكتل لتصويت مهم على فرض رسوم جمركية على واردات السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين.

وستصوت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة على ما إذا كانت ستفرض رسوما جمركية على مدى السنوات الخمس المقبلة تصل إلى 45% على واردات السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين في قضية التجارة الأكثر شهرة في التكتل، والتي قد تدفع بكين إلى اتخاذ إجراءات للرد عليها.

وأصبحت المجر شريكا تجاريا واستثماريا مهما للصين خلال ولاية أوربان، على النقيض من بعض الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي التي تفكر في أن تصبح أقل اعتمادا على ثاني أكبر اقتصادات العالم.

وقال أوربان للإذاعة الرسمية للمجر في مقابلة، في إشارة إلى الرسوم الجمركية المقترحة على الصين، "ما يجعلوننا نفعله الآن، أو ما يريد الاتحاد الأوروبي فعله، هو حرب اقتصادية باردة".

وأوضح أوربان، الذي قاد حملة في وسط أوروبا لجلب مصانع تصنيع السيارات الكهربائية والبطاريات الصينية إلى المجر، أن بلاده التي لا تريد أن يتم الدفع بها في أي من الجانبين وتريد الاستمرار في التجارة مع الجانبين.

وذكر أن المنتجات المصنوعة في الاتحاد الأوروبي سيكون من الصعب بيعها بشكل متزايد إذا انقسم الاقتصاد العالمي إلى كتلتين، مضيفا أنه من غير الواضح ما إذا كانت استراتيجية "الحياد الاقتصادي" للمجر ستصمد أمام التحديات المقبلة.

وقال أوربان الشهر الماضي إن الشركات الصينية تعهدت باستثمارات بقيمة 9 مليارات يورو في المجر حتى الآن، مما يضعها على قدم المساواة مع شركات من الولايات المتحدة، التي انتقدت استراتيجية أوربان في إقامة علاقات أوثق مع الصين.

مقالات مشابهة

  • هل تقوم تركيا بما يكفي للسيطرة على التضخم المرتفع؟
  • أوربان: سياسات الاتحاد الأوروبي أدت لحرب اقتصادية باردة
  • ماكرون: الاتحاد الأوروبي قد “يموت”
  • هل يتجه الاتحاد الأوروبي نحو "حرب اقتصادية باردة" مع الصين؟
  • تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"
  • السويد : ومشكلة الاتحاد مازالت عندما يخسر الكرة وفي التنظيم الدفاعي .. فيديو
  • السوداني ونظيره الإسباني يؤكدان ضرورة تدخل الاتحاد الأوروبي لوقف العدوان الصهيوني
  • في انتظار قرار محكمة العدل الأوروبية حول اتفاق الصيد.. وزير الفلاحة والصيد الإسباني يدافع عن العلاقات مع المغرب
  • "الاتحاد الأوروبي في خطر".. السيارات الكهربائية والاقتصاد في قلب المحادثات مع شولتس
  • الاتحاد الأوروبي يعلن تقديم مساعدات إضافية بـ30 مليون يورو إلى لبنان