كيف أضحت غزة «مقبرة للصحافيين»؟
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
بموازاة الحرب الطاحنة التي تجري في غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ثمة حرب أخرى تُشن بلا هوادة على الصحافيين الميدانيين، وغيرهم، ممن تصدوا لتغطية وقائع الحرب، أو أدلوا بآراء حيال طرفيها.
وفي تلك الحرب التي تستهدف الصحافة وحرية الرأي والتعبير، ترتكب إسرائيل مجموعة من الجرائم، وتتخذ عدداً من الإجراءات التي ترمي إلى تطويع المجال الإعلامي المواكب للحرب، بما يحد من انتقاد السلوك الإسرائيلي ويُعتم على ما يجري في قطاع غزة، ويحرم الجمهور العالمي من متابعة تطوراته.
تشمل هذه الاستهدافات، التي تقف إسرائيل خلف معظمها، قتل صحافيين تابعين لوسائل إعلام مؤسسية مختلفة، أو استهداف أسرهم بالقصف - كما يرد في بعض الشكاوى - فضلاً عن منع إعلاميين من القيام بدورهم في التغطية الميدانية، أو ملاحقة آخرين بداعي ارتباطهم بـ«حماس»، وعلمهم بموعد هجوم «طوفان الأقصى»، فضلاً عن قصف مقار بعض المؤسسات الإعلامية، وقطع «الإنترنت».
ترسم هذه الممارسات والإجراءات مجتمعة صورة كاملة لاستراتيجية إسرائيلية بدت مفاعليها واضحة على الأرض، وهي استراتيجية تعتيم متكاملة الأركان، وجوهرها جعل الصحافة المواكبة لحرب غزة «مهمة خطرة»، بالشكل الذي يجفّف منابعها، ويجعل من ممارستها مغامرة غير مأمونة العواقب.
وفي الأسبوع الماضي، اتهمت منظمة «مراسلون بلا حدود»، إسرائيل، بتحويل غزة إلى «مقبرة للصحافيين»، بعدما أحصت مقتل نحو عشرة منهم خلال ثلاثة أيام فقط.
وحسب الاتحاد الدولي للصحافيين، فإن قتل الصحافيين يجري، للأسف الشديد، بانتظام منذ ثلاثة عقود في بيئات الصراع والاضطراب الأمني المختلفة، حتى إن إجمالي عدد الصحافيين الذين قتلوا بلغ 2721 صحافياً في كل أنحاء العالم، في الفترة من 1991 إلى 2021. لكن الأرقام الأخيرة عن الضحايا من الصحافيين تشير إلى تراجع ملموس في السنوات الأخيرة، حيث لم يتجاوز هذا الرقم 45 صحافياً، في عام 2021، مقابل 65 صحافياً في العام السابق عليه.
يعني هذا أن إسرائيل وحدها استطاعت خلال 49 يوماً من اندلاع معركتها مع «حماس» إسقاط ضحايا بين الصحافيين أكثر مما حدث خلال عام 2021.
ووفق «لجنة حماية الصحافيين»، فقد تأكد مقتل 50 صحافياً وإعلامياً خلال العمليات العسكرية التي تتفاعل منذ 7 أكتوبر الماضي؛ ومن بين هؤلاء الصحافيين 45 صحافياً فلسطينياً على الأقل.
وإضافة إلى ذلك، شنت الحكومة الإسرائيلية حملة منظمة ضد أربعة صحافيين عملوا لصالح وسائل إعلام عالمية كبرى منها «أسوشييتد برس» و«رويترز»، بداعي أنهم «علموا بموعد هجوم عملية (طوفان الأقصى)، ولم يبلغوا السلطات الإسرائيلية».
وعمدت الحكومة الإسرائيلية إلى ملاحقة هؤلاء الصحافيين الأربعة عبر اتهامهم بالمشاركة في هذا الفعل الذي استهدف مستوطنات «غلاف غزة»، خصوصاً بعدما وجدت صورة لأحدهم يتلقى قبلة من القيادي «الحمساوي» يحيى السنوار، ما عدّته دلالة على انتمائه المفترض لـ«حماس».
لقد نفت معظم هذه الوسائل أن أياً من العاملين بها أو المتعاونين معها كان على علم بموعد هجوم «حماس»، كما دافعت عن مواقفها إزاء التغطية، ورغم أن إحدى هذه الوسائل قطعت تعاملها مع المصوّر الذي نُشرت صورته برفقة السنوار، فإن هذا القرار لم يكن كافياً لكي توقف إسرائيل مطالباتها بمحاسبة هؤلاء الصحافيين، واعتبارهم «مشاركين في الجريمة» المفترضة.
يُعد هذا جزءاً من الإجراءات التي سعت من خلالها إسرائيل إلى إدارة المجال الإعلامي المواكب للصراع، عبر الضغط على وسائل الإعلام الدولية، وعلى بعض صحافييها، بغرض «ضبط الرسائل والتحكم فيها بما يخدم الصورة المرجوة».
تعد تلك واحدة من أكثر الخسائر الدموية في صفوف الصحافيين خلال القرن، وقد وقعت بموازاة إجراءات تقييدية استهدفت «خنق الفاعلين الإعلاميين في غزة».
وإضافة إلى ذلك، فقد رصدت المنظمات المعنية عمليات تدمير مبانٍ تُستخدم مقاراً لوسائل إعلام، فضلاً عن قطع «الإنترنت»، وفرض الرقابة.
سيمكن لإسرائيل أن تمضي قدماً في سياساتها الرامية لفرض العتمة في القطاع، بينما تواصل عملياتها العسكرية، التي باتت تثير انتقادات واسعة على الصعيد العالمي، وسيمكن أيضاً أن تفلت من العقاب كما حدث في مرات عديدة سابقة.
لكن التغيرات التي طرأت على البيئة الاتصالية العالمية لن تكون مواتية لسياسة التعتيم الإسرائيلية، لأن ناشطي وسائط «التواصل الاجتماعي»، وبعض المؤثرين عبرها، يواصلون عملهم في نقل ما يحدث و«ما لا يحدث» في القطاع.
ضرب الصحافة المؤسسية عبر قتل الصحافيين وطردهم وتقييد عملهم ليس حلاً، لأن الرسائل تصل عبر الوسائط الجديدة، لكنها ترد من دون التدقيق والضبط والقابلية للمحاسبة، التي ما زالت تُميز الوسط الصحافي المؤسسي، خصوصاً في أوقات الصراع.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية ومجموعة من الوزراء السودانيين يثمنون الراوبط التاريخية التي تجمع البلدين
ثمن الدكتور بدر عيد العاطي وزير الخارجية والهجرة ومجموعة من الوزراء السودانيين الراوبط التاريخية التي تجمع بين البلدين وعلاقة الأخوة الوطيدة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين.
جاء ذلك خلال اللقاء الجماعي الذى عقده وزير الخارجية، في ختام زيارته لبورسودان، مع وزراء الصحة، والنقل، والعدل، والمالية والتخطيط الاقتصادي السودانيين.
حضر اللقاء الدكتور على يوسف الشريف وزير الخارجية السوداني، حيث ناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون المشترك بين مصر والسودان في المجالات الفنية المختلفة، بما في ذلك قطاعات الصحة والنقل والمواصلات والمالية والاقتصاد والعدل وبما يحقق المنفعة المتبادلة للشعبين الشقيقين.
كما أعرب الوزراء عن تطلعهم لزيادة وتيرة تبادل الزيارات بين الجانبين خلال المرحلة المقبلة لاستكشاف الإمكانيات والفرص الواعدة التي تتمتع بها كل من مصر والسودان.
وأكد الوزير عبد العاطي والوزراء السودانيون تطلعهم لانعقاد الملتقى الثاني لرجال الأعمال في السودان خلال الفترة المقبلة، وذلك لدفع العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين، وبما يسهم في تعزيز الترابط الاقتصادي وتشجيع التعاون بين القطاع الخاص بالبلدين.
كما تناول وزير الخارجية مع الوزراء السودانيين مسألة إعادة الإعمار بالسودان في مرحلة ما بعد التوصل لوقف إطلاق النار في البلاد، حيث استعرض الوزير عبد العاطي الإمكانيات المتميزة للشركات المصرية في العديد من المجالات والخبرة التي أصبحت تتمتع بها والمشروعات التنموية العديدة التي قامت بتدشينها في إفريقيا بمجال البناء والتشييد والطاقة والزراعة والصناعات الدوائية والغذائية.
وأكد وزير الخارجية الدكتور بدر عيد العاطي، على إمكانية أن يكون لهذه الشركات دور محورى في دعم السودان وتطلعاته التنموية.
اقرأ أيضاًجلسة مباحثات رسمية بين وزير الخارجية والهجرة ونظيره السوداني
وزير الخارجية ونظيره السعودي يؤكدان أهمية احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها
وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على دعم الجهود الصومالية لتحقيق الأمن والاستقرار