عربي21:
2025-04-10@06:14:44 GMT

عن خرافة القضاء على حركة حماس

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

أصبح القضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الهدف الأسمى والعنوان الأبرز للحرب على غزة الذي تجمع عليه القيادة السياسية والعسكرية للكيان الاستعماري الإسرائيلي، والمطلب الرئيس للمجتمع الإسرائيلي لاستعادة الأمن، وذلك عقب صدمة الهجوم المباغت لحركة "حماس" بعملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد اقتحام نخبة من مقاتلي كتائب القسام المواقع العسكرية والأمنية والمستوطنات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي، وأسر قرابة 240 عسكريا ومدنيا، حيث سرعان ما انهارت العقيدة الأمنية ومنظومة قوة الردع الإسرائيلية التي ظلت صامدة طيلة عقود بعد فشل ذريع لمؤسسات الكيان الإسرائيلي الاستخباراتية والعسكرية والسياسية.



فقد صيغت عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي منذ تأسيس المستعمرة اليهودية على أرض فلسطين وعلى مدى العقود الماضية، وتم تحديثها لتشمل أربع ركائز رئيسية وهي: الردع، والإنذار المبكر، والدفاع، والنصر الحاسم، وهو ما عصفت به عملية "طوفان الأقصى".

تحت وقع الصدمة أعلنت إسرائيل أنها في حالة حرب مع حركة حماس، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها حالة حرب منذ حرب تموز/ يوليو 2006 في لبنان ضد حزب الله. فقد أطلقت عملية "السيوف الحديدية"، وهي حملة جوية وبحرية وبرية متواصلة لتدمير القدرة العسكرية للحركة، وإنهاء حكمها في غزة، واستعادة أكثر من 240 محتجزا من الإسرائيليين والأجانب.

وتصاعدت التهديدات الإسرائيلية التي تتحدث عن "القضاء على حماس" و"سحق حماس" و"محو حماس"، واختلفت مقاربة حكومة الحرب في إسرائيل لمستقبل الحكم في قطاع غزة، إذ أعلن القادة الإسرائيليون أن حركة "حماس" سوف "تُمحى من على وجه الأرض"، وأن غزة "لن تعود أبدا إلى ما كانت عليه"، وذهب بنيامين نتنياهو إلى حد القول: "إن كل عضو في حماس هو رجل ميت"، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في اللقاء الذي أُعلن فيه عن تشكيل حكومة الطوارئ، إن إسرائيل "سوف تمحو حماس عن وجه الأرض". وهو ذات الموقف للولايات المتحدة الأمريكية، فقد أكد الرئيس جو بايدن في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية على وجوب القضاء على حركة حماس، وأن هدف إدارته هو تحويل قطاع غزة إلى منطقة منزوعة السلاح وخاضعة لإدارة السلطة الفلسطينية.

تكشف الهدنة المؤقتة وعملية تبادل الأسرى التي خضعت لها إسرائيل عن تبدد خرافة القضاء على حركة حماس، إذ ترغب الولايات المتحدة المحبطة من أدء الكيان الإسرائيلي أن تساعد الهدنة في أن ينتهج الكيان الإسرائيلي مزيدا من ضبط النفس في العمليات العسكرية في غزة، بعد انتهاء الهدنة، وتأمل في أن تغيّر الهدنة المعطيات الميدانية حيث ستكون إسرائيل أكثر وضوحا حول "أين وكيف" ستدير عملياتها
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد حملة قصف جوي وبري وبحري غير مسبوق، استغرقت نحو 20 يوما، بدأ الجيش الإسرائيلي هجومه البري في 27 تشرين الأول/ أكتوبر، باستهداف القيادة السياسية لـحركة "حماس" في غزة، وقادتها العسكريين، ومقاتلين من قواتها البرية والبحرية والجوية، إلى جانب مراكز القيادة ومرافق التدريب، ومواقع إطلاق الصواريخ، وشبكة الأنفاق تحت غزة، والورش العسكرية.

وقد أسفر العدوان الذي تجاوز كافة القوانين الدولية الإنسانية ومواثيق الحرب؛ عن ارتكاب جرئم حرب وإبادة استهدفت المدنيين الفلسطينيين من الأطفال والنساء، وتدمير المنازل، واستهداف المستشفيات والمساجد والكنائس، وتهجير نحو مليون فلسطيني إلى جنوب القطاع.

وارتفعت حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حسب البيان الحكومي في غزة إلى أكثر من 14 ألفا و854 شهيدا، بينهم أكثر من 6150 طفلا وأكثر من 4 آلاف امرأة، وبلغ عدد الإصابات نحو 36 ألف إصابة؛ أكثر من 75 في المئة منها من الأطفال والنساء، وبلغ عدد المفقودين قرابة 7 آلاف، إما تحت الأنقاض وإما أن جثامينهم ملقاة في الشوارع والطرقات أو أن مصيرهم ما زال مجهولا، بينهم أكثر من 4 آلاف و700 طفل وامرأة. أما عدد الوحدات السكنية التي تعرضت لهدم كلي، فقد بلغ 46 ألف وحدة سكنية، إضافة إلى 234 ألف وحدة سكنية تعرضت للهدم الجزئي، وهذا يعني أن أكثر من 60 في المئة من الوحدات السكنية في قطاع غزة تأثرت بالعدوان ما بين هدم كلي وغير صالح للسكن وهدم جزئي.

بعد قتال دام 47 يوما، لم تحقق إسرائيل أي نصر استراتيجي على حركة حماس، وخضعت للقبول بهدنة لمدة أربعة أيام قابلة للتمديد وتبادل أسرى عن طريق وساطة مصرية- قطرية، ودعم أمريكي، حيث تتوقف خلالها الأعمال القتالية، وتفرج "حماس" عن 50 من الأسرى في غزة من النساء والأطفال على دفعات، في المقابل ستطلق إسرائيل سراح 150 أسيرا فلسطينيا من السجون، معظمهم من النساء والأطفال، كما سيتم السماح بدخول مئات الشاحنات من المساعدات الإنسانية والطبية والوقود إلى قطاع غزة.

وبلغ عدد الضباط والجنود القتلى الذين سمح الجيش الإسرائيلي بنشر أسمائهم 385 قتيلا، بينما أعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" عن تدمير 335 آلية إسرائيلية منذ بدء الحرب، وقال في كلمة مسجلة إن ما تم الاتفاق عليه بشأن الهدنة هو ما عرضته المقاومة قبل بدء التوغل البري ورفضته إسرائيل وزعمت أنها ستحققه بالقوة العسكرية، وجدد التأكيد على أن السبيل الوحيدة لإعادة الأسرى هو التبادل، وأن إسرائيل لم تحقق من هجومها البري سوى التدمير والمجازر وقتل مزيد من أسراها وإطالة أمد معاناتهم وخسارة أعداد كبيرة جدا من جنودها بين قتيل وجريح في ساحة المعركة، وأضاف أن "العدو يخفي خسائره الحقيقية التي نعرفها ونشاهدها".

تكشف الهدنة المؤقتة وعملية تبادل الأسرى التي خضعت لها إسرائيل عن تبدد خرافة القضاء على حركة حماس، إذ ترغب الولايات المتحدة المحبطة من أدء الكيان الإسرائيلي أن تساعد الهدنة في أن ينتهج الكيان الإسرائيلي مزيدا من ضبط النفس في العمليات العسكرية في غزة، بعد انتهاء الهدنة، وتأمل في أن تغيّر الهدنة المعطيات الميدانية حيث ستكون إسرائيل أكثر وضوحا حول "أين وكيف" ستدير عملياتها، بحسب ما تقوله صحيفة "هآرتس".

لكن الاعتراف بفشل تحقيق الأهداف الخيالية الإسرائيلية لا يمكن إخفاؤه، وهو ما يعد نصرا لحركة حماس وفصائل المقاومة التي فرضت الهدنة وتفاصيلها وإجراءات تبادل الأسرى، وهو ما أقر به أحد أكثر الشخصيات الأمريكية المعروفة بعنجهيتها وانحيازها لإسرائيل، وهو مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون، في مقال نشرته صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، والذي اعتبر أن حماس حققت انتصارا كبيرا، مبينا أن هذه الهدنة ستعزز من موقف حماس العسكري، من ناحية الاستعداد والتجهيز والتحضير للمرحلة القادمة، والتي ستجلب تكاليف أكبر على الكيان الإسرائيلي.

رغم أن القتال قد يستمر بعد انقضاء مدة الهدنة المؤقتة، إلا أن مجرد خضوع وقبول الكيان الإسرائيلي بالهدنة يشير إلى حالة من التخبط وغياب استراتيجية واضحة ومحددة قابلة للتطبيق، إذ لا يمكن أن تقبل قوة تحقق نصرا بالتوقف دون تحقيق أهدافها، وهو ما يشير الإحباط والفشل
رغم أن القتال قد يستمر بعد انقضاء مدة الهدنة المؤقتة، إلا أن مجرد خضوع وقبول الكيان الإسرائيلي بالهدنة يشير إلى حالة من التخبط وغياب استراتيجية واضحة ومحددة قابلة للتطبيق، إذ لا يمكن أن تقبل قوة تحقق نصرا بالتوقف دون تحقيق أهدافها، وهو ما يشير الإحباط والفشل. وهذا ما خلص إليه الجنرال الأمريكي المتقاعد جيمس "سبايدر" ماركس في حديثه لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، عن تأثير توقف النشاط العسكري على قدرات الجيش الإسرائيلي في غزة.

فقد رأى أن "التأثير الأساسي للهدنة هو أن الجيش الإسرائيلي يفقد معلومات استخباراتية عن الأهداف، ويبدأ الأمر بالضمور، وتبدأ المعلومات الاستخبارية التي جمعوها على مدار أيام في غزة في الانهيار من حوله. وقال إن حماس "خلال فترة التوقّف ستقوم بإعادة التمركّز، وستبذل كل ما في وسعها لتعزيز أمنها". وأضاف: "أنت في غزة ومكشوف، لديك حماس في كل مكان، وما زالت نشطة في نظام شبكة الأنفاق ولم يتم الاستيلاء عليها بالكامل من قبل الإسرائيليين، وبالتالي فإن هؤلاء الجنود الإسرائيليين هم أهداف. هذا هو التحدي". وستصبح المهمة العسكرية صعبة للغاية، حيث "سيتعيّن على الإسرائيليين في تلك المرحلة الانتقال إلى وضع دفاعي".

وقد ردد ذات الحجج عدد من المحلّلين الإسرائيليين من معارضي الهدنة والصفقة، وقال يوسي يهوشع في صحيفة "يديعوت" الإسرائيلية، إنه في الأيام الأربعة المتفق عليها، سيتمّ كبح الزخم الهجومي للجيش الإسرائيلي، مما سيسمح للسنوار باستخلاص الدروس والشروع في سلسلة من التحسينات. وفي هذه الأثناء، سيتمّ الاتفاق على وقف نشاط الطائرات بدون طيار لعدة ساعات يوما، ما سيشكل خطرا على القوات. ومن المرغوب فيه جدا التشكيك في الجنرالات السابقين وغيرهم من "المعلقين" الذين يتفاوضون على الصفقة ويزعمون أن "هناك حلولا بديلة"، والحقيقة بسيطة: لا يوجد أيّ حلّ آخر.

منذ الإعلان عن تأسيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عام 1987، لم تتوقف محاولات القضاء على الحركة، فعقب التحولات الدولية وانهيار الاتحاد السوفييتي وهيمنة نظام الأحادية القطبية الأمريكية تسارعت وتيرة الحملة على حماس مع تدشين استراتيجية "الحرب على الإرهاب" الإسلامي، تحت شعار عملية "السلام"، وهو ما أفضى إلى اتفاقات أوسلو عام 1993، ومجيء سلطة أوسلو إلى مناطق الضفة والقطاع، حيث وُضعت حماس على قائمة المنظمات الإرهابية الأمريكية وتبعها الاتحاد الأوروبي.

تنطوي خرافة القضاء على حماس على نوع من التفكير الرغبوي يقوم على سوء فهم وجهل بأيديولوجية الحركة وفكرة المقاومة وعقيدتها الدينية وبنيتها الهيكلية التنظيمية، ومصادرها التمويلية وارتباطاتها الإقليمية، فهي حركة متجذرة في نسيج المجتمع الفلسطيني وخصوصا الغزيّ، وأصبحت قبلة الشعوب الإسلامية والعربية، وتحظى بمناصرة شعوب عديدة في العالم
وخشية من تنامي قوة حماس، نُظمت حملة تشويه منسقة ضدها وفصائل المقاومة الأخرى من قبل الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة والأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية الناشئة التائبة من "الإرهاب"، وتُوجت الحملة بقمة شرم الشيخ في آذار/ مارس 1996، التي عُقدت بعنوان "مؤتمر صانعي السلام"، تحت عنوان: "شرم الشيخ: دعم السلام سياسيا واقتصاديا وتشكيل لجنة لتنسيق محاربة الإرهاب"، وبات مصطلح "مكافحة الارهاب" الإسلامي والفلسطيني متداولا من قبل السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأنظمة العربية.

وكانت أهم مقررات وقرارات القمة "مكافحة الارهاب" العربي والإسلامي والفلسطيني المتمثل في حركة حماس ودعم ما يسمى بعملية السلام، حيث تعرضت حماس إلى حملة اجتثاث قاسية وعملية إقصاء شديدة من قبل السلطة الفلسطينية وإسرائيل في أن واحد وحملة، ونظمت إسرائيل حملة اغتيالات واسعة طالت قيادات حماس العسكرية والسياسية. وشملت الحملة إبعاد أكثر من 400 من قيادات حماس إلى جنوب لبنان، وشنت اعتقالات واسعه في صفوف الحركة.

وقد شددت الأنظمة العربية الخناق على حماس بصورة ممنهجة بلغت أوجها منذ سيطرة حركة "حماس"، في حزيران/ يونيو 2007، وعقب أربع حملات عسكرية منذ ذلك الوقت فشلت جميعها بإضعاف حماس وجعلت الحركة أكثر قوة.

تنطوي خرافة القضاء على حماس على نوع من التفكير الرغبوي يقوم على سوء فهم وجهل بأيديولوجية الحركة وفكرة المقاومة وعقيدتها الدينية وبنيتها الهيكلية التنظيمية، ومصادرها التمويلية وارتباطاتها الإقليمية، فهي حركة متجذرة في نسيج المجتمع الفلسطيني وخصوصا الغزيّ، وأصبحت قبلة الشعوب الإسلامية والعربية، وتحظى بمناصرة شعوب عديدة في العالم. وقد برهنت على مدى أكثر من ثلاثة عقود أنها حركة عصية على المحو والكسر والتفكيك، وقد سخر رئيس الأركان ووزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعالون، من التهديدات بالقضاء على حماس، قائلا: لقد سمعنا ذلك في عام 2008، مذكرا بعدد العمليات والحروب التي خاضتها إسرائيل من وقتها وحتى اليوم، ومشيرا إلى صعوبة القضاء على حركة أيديولوجية مثل حماس، والتي يمكن في أحسن الأحوال إضعافها لبضع سنوات قادمة، كما كان يحدث سابقا.

لم تكن الرغبة بالقضاء على حماس وليدة حدث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، فقد كانت حاضرة دما، فعند انطلاق عملية "الرصاص المصبوب" (2008-2009)، صرح بنيامين نتنياهو بأنه سيقضي على سلطة حماس في غزة، وقد فشل، وبعدها جاءت عملية "عامود السحاب" عام 2012 التي قادها الثلاثي نتنياهو، باراك، وغانتس، وأعلن في نهايتها عن القضاء على 98 في المئة من صواريخ حماس، بعدها بسنتين فقط في عام 2014 شنت إسرائيل عملية "الجرف الصامد" في عهد حكومة نتنياهو أيضا، وكانت من أشد العمليات، وشملت توغلا بريا في القطاع، وقادها موشي يعالون المعروف بأنه من أكثر العسكريين تطرفا والأكثر طموحا في محاولات القضاء على حماس، إلى جانب قائد الأركان بيني غانتس، الذي تفاخر في دعايته الانتخابية لاحقا بأعداد الفلسطينيين الذين قتلهم خلال هذه الحرب.

لم تعد إسرائيل قادرة على استعادة الردع، وظهرت طبقات من الهشاشة على كافة مكوناتها السياسية والعسكرية، فبدأت الدول العربية تبتعد عن مسار التطبيع، وانحاز الجنوب العالمي بقوة إلى القضية الفلسطينية، ولم تعد دول أوروبا تتجاهل تجاوزات الجيش الاحتلال الإسرائيلي، واحتدم نقاش أمريكي بشأن دعم إسرائيل
وفشلت الحملة، وتوالت الاعتداءات والحروب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، وتوالى على قيادة الجيش ووزارة الأمن أشخاص أشد تطرفا، مثل ليبرمان وبينيت وكوخافي، وغيرهم ممن تبجحوا بسحق حماس والقضاء عليها سابقا، دون أن يتمكن أي منهم من تحقيق وعوده وتهديداته بالقضاء عليها وعلى المقاومة الفلسطينية وإنهاء قدراتها العسكرية. ثم فشلت عملية "حارس الأسوار" التي قادها الثلاثي نتنياهو وغانتس وكوخافي عام 2021، وبعد كل العمليات والحروب المتتالية كانت إسرائيل تدعي أنها قضت أو قلصت القدرات العسكرية لحماس والمقاومة الفلسطينية، وفي نهاية المطاف كانت حماس تعود بقدرات أقوى وخبرة أكبر، وهو ما برهنت علية عملية طوفان الأقصى.

خلاصة القول أن القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، هو مجرد تفكير رغبوي تغذيه رغبة بالانتقام تستند إلى حالة خوف وجودية أدت إلى حملة إبادة وعقاب جماعية وجرائم حرب تقودها غطرسة استعمارية صهيونية مدعومة من قوة أمريكية إمبريالية ومسندة من أنظمة عربية استبدادية. وعلى النقيض من ادعاءات القضاء على حماس يشير عدد متزايد من الخبراء إلى إمكانية انتصار حركة حماس أو هزيمة إسرائيل، بل يذهب البعض إلى تأكيد أن حماس قد انتصرت بالفعل.

إذ لم تعد إسرائيل قادرة على استعادة الردع، وظهرت طبقات من الهشاشة على كافة مكوناتها السياسية والعسكرية، فبدأت الدول العربية تبتعد عن مسار التطبيع، وانحاز الجنوب العالمي بقوة إلى القضية الفلسطينية، ولم تعد دول أوروبا تتجاهل تجاوزات الجيش الاحتلال الإسرائيلي، واحتدم نقاش أمريكي بشأن دعم إسرائيل.

وقد ألهمت النجاحات التي حققتها حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وما تلاها من صمود ومقاومة، الأجيالَ الشابة من الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وباتت حماس، عقيدة وفكرة وهيكلية وتنظيما، نموذجا إرشاديا بلهم للتحرر والاستقلال بالنسبة لهم.

twitter.com/hasanabuhanya

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس غزة الإسرائيلي فلسطين إسرائيل فلسطين حماس غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضاء على حرکة حماس الکیان الإسرائیلی الجیش الإسرائیلی القضاء على حماس الهدنة المؤقتة من تشرین الأول قطاع غزة أکثر من لم تعد من قبل فی غزة وهو ما

إقرأ أيضاً:

لكل مسعف قصة.. قافلة رفح التي قتلتها إسرائيل بدم بارد

لم يكن المسعف الفلسطيني رفعت رضوان يعلم، حين ارتدى بزته الطبية وحمل حقيبته الإسعافية فجرًا، أن هذه المهمة ستكون الأخيرة في حياته، برفقة زملائه، لإنقاذ عددٍ من المواطنين الفلسطينيين الذين تعرضوا للقصف الإسرائيلي في حيّ تلّ السلطان، غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة فجر يوم 23 مارس/آذار الماضي.

فعند الساعة 05:20 صباحًا، تحرك فريقٌ مشترك من الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني وإحدى الوكالات الأممية، استجابةً لنداءات استغاثة أطلقها جرحى فلسطينيون كانوا محاصرين.

انطلقوا بنية إنسانية خالصة، لا يحملون سوى الضمادات وقلوبٍ مخلصة، لكنهم -دون أن يعلموا- كانوا الهدفَ القادم لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

ولكن ما بدأ كمهمة إنقاذ انتهى بمجزرة دامية، فبعد وقت قصير من انطلاق الفريق انقطع الاتصال به، وبعد ساعات أعلنت قوات الاحتلال أن المنطقة أصبحت منطقة عسكرية مغلقة.

المسعف رفعت رضوان كان يوثق تفاصيل المهمة بهاتفه النقال دون أن يدرك أنه سيوثق أيضًا الجريمة النكراء التي هزت العالم، تلك كانت اللحظات الأخيرة في حياة مجموعة من المسعفين الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد.

الهاتف الذي كان بحوزة رفعت رضوان عُثر عليه مع جثمانه، موثقًا المشاهد الأخيرة التي تكشف أبعاد المجزرة، وكان رفعت في سيارة الإسعاف الثالثة ضمن قافلة ضمت سيارة إطفاء انطلقت للبحث عن سيارة إسعاف أخرى تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني فقدت الاتصال بقاعدتها، وضُعت علامات واضحة على جميع المركبات في القافلة، مع وميض أضواء الطوارئ.

إعلان

وفي عملية البحث، رصد الطاقم السيارة المفقودة على جانب الطريق. قال أحد المسعفين في الفيديو الذي وثقه رفعت: "إنهم مبعثرون على الأرض! انظروا، انظروا!" نزل رفعت مع مسعفين آخرين من سيارتهم للاطمئنان على زملائهم الذين سقطوا، ولكن حين يتحول المنقذ إلى هدف، انطلق صوت الرصاص من رشاشات وبنادق جنود الاحتلال الذين نفذوا المجزرة بحق المسعفين.

أصيب رفعت، وفي لحظاته الأخيرة صلى ودعا الله مرارًا وتكرارًا ليغفر له وطلب المسامحة من والدته لاختياره طريق الإسعاف الذي وضعه في طريق الأذى. توقفت بعدها صلواته مع توقف نبض حياته، وبعد العثور على جثامين الضحايا، تبين أن قوات الاحتلال قتلت 8 من عمال الهلال الأحمر الفلسطيني في تلك الليلة، إضافة إلى 6 من العاملين في الدفاع المدني الفلسطيني كانوا في المهمة نفسها. وتم القبض على مسعف تاسع يُدعى أسعد النصاصرة.

هؤلاء المسعفون لم يكونوا مجرد أرقام، بل كانوا أشخاصًا لهم حياة وعائلات وأحلام، ولكل منهم صفات مميزة أحبها من حوله، وفي هذا التقرير نسلط الضوء على الجانب الإنساني لهؤلاء الشهداء من خلال شهادات معارفهم وزملائهم الذين عاشروهم وأحبوهم. المسعف إبراهيم أبو الكاس، الذي رافق الشهداء خلال سنوات خدمتهم، تحدث للجزيرة نت عن حياتهم وعملهم الإنساني ضمن طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، مشيرًا إلى 16 شهرًا من حرب الإبادة المستمرة على غزة.

رفعت رضوان: الحفيد الطيب الذي وثق الجريمة بهاتفه

فرفعت، ابن الـ24، كان روحًا لطيفة. "لقد حرص على مساعدة أي امرأة مسنة يصادفها"، يقول أبو الكاس. "كان يسعى للحصول على دعواتهن الصادقة عندما يقدم لهن المساعدة، ثم يودعهن برقة تجعلك تعتقد أنها جدته".

أشرف أبو لبدة: الهادئ كما كان يطلق عليه رفاقه

بوجهه الجاد ونظارته، كان حضور أشرف، ذو الـ32 عامًا، مطمئنًا لزملائه، بدأ التطوع عام 2021 ومنذ ذلك الحين كان يحرص على تقديم وجبات الإفطار لزملائه في رمضان، سواء بإعدادها بمركز الهلال الأحمر أو بجلب الطعام من منزله.

عز الدين شعت الأب الجميل كما يلقبه زملاؤه

عُرف عز الدين (51 عامًا) بهدوء النفس المطمئنة وروح الدعابة، وكان شعاره: "سنعود إن كُتب لنا، وإن لم نعد فهي أقدارنا".

إعلان

ويقول أبو كاس إن عزالدين كان أبا جميلا.. وأخا عزيزا.. هدوء النفس المطمئنة.. كان يمازح الجميع.. وكان شعاره.. سنعود إن كتب لنا.. وإن لم نعد فهي أقدارنا..

قبل أن ينتقل إلى مركز إسعاف رفح بعد أن كان يعمل في مركز إسعاف خانيونس.. يقوم خلال الليل بعمل ساعة راحة لكل طاقم.. ويطمئن أن جميعها قد تناول العشاء.. حتى كان يكتب أسماء العاملين خوفا من أن ينسى أحدهم.

محمد بهلول: صانع المعجزة

كان محمد (36 عامًا) شغوفًا بمساعدة الناس، ويُعرف بقدرته على إيجاد الحلول للنازحين، رغم التحديات.

مصطفى خفاجة: أبو النور

أب لطفل يبلغ 15 عامًا، مكث في المقر أيامًا متتالية، يتفانى في عمله، ابنه هو النور الذي يضيء له الطريق.

محمد الحيلة شاب في الـ 23 من عمره كان يمتلك حس الدعابة وروح التعاون

ويروي عنه أبو كاس إحدى القصص بالقول ذات يوم ماطر.. كانت هناك سيدة طاعنة في السن تريد قطع الطريق، ولا تستطيع.. حديث الشركاء قد دار بين محمد ومصطفى.. هل نحن شركاء بالطبع.. مهما كانت المهمة؟ بالتأكيد.. قم ننقذ تلك السيدة وننقلها للجانب الآخر من الطريق.. وبالفعل يضعون لها كرسيا ومن ثم يجلسونها.. ويحملونها إلى الجانب الآخر من الطريق.. وسط ابتسامات جميلة وهم يزفون العجوز وكأنها عروس.. وتقوم هي بالزغاريد والدعاء لهم..

رائد الشريف: المصور الحالم

قال أبو كاس أحب رائد الذي كان بلغ من العمر، 25 عاما ، وكان يحب التقاط الصور، سخيفة، جادة، غير رسمية، وكان رائد أعرب عن أمله في أن يرى العالم صوره يوما ما وأن يتمكن من نقل معاناة شعبه من خلال عمله.

بدأ التطوع مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عام 2018، عندما كان عمره 18 عاما، خلال احتجاجات مسيرة العودة الكبرى.

قتلت إسرائيل 214 متظاهرا، بينهم 46 طفلا، خلال هذه المظاهرات، وأصابت 36 ألفا و100، بينهم نحو 8,800 طفل.

إعلان

رائد هو الأصغر من بين 5 أشقاء، ولم يتزوج بعد، على الرغم من أن عائلته كانت تأمل في أن يتزوج بعد الحرب. لكن هذا لم يحدث، ويروي والد رائد انتظارا مروعا لمدة 9 أيام لمعرفة ما حدث لطفله الأصغر، ويكافح من أجل كبح اليقين بأنه قد أعدم مع زملائه.

الجريء صالح معمر

رغم إصابته في مهمة سابقة، أصر صالح (42 عامًا) على العودة للعمل لإنقاذ الأرواح.

وقال شقيقه حسين للجزيرة إن صالح أحب عمله أيضا، وعاد بمجرد تعافيه من الجراحة في عام 2024.

وأوضح حسين أنه في شباط/فبراير الماضي، كان صالح في مهمة لمساعدة الجرحى عندما فتحت القوات الإسرائيلية النار على المسعفين، على الرغم من إبلاغه بأنهم سيكونون هناك.

أصيب صالح بجروح بالغة في الكتف والصدر، وانتهى به الأمر إلى قضاء بعض الوقت في المستشفى لإجراء عملية جراحية، وبعد ذلك عاد مباشرة إلى العمل.

أبو الكاس تحدث عن شجاعته: "لقد كان مكرسا للمساعدة، وكان يقول إنه أينما كان الناس يصرخون طلبا للمساعدة، فهذا هو المكان الذي يجب أن نكون فيه، للرد عليهم".

أسعد النصاصرة: الطفل الهمس

قال أبو الكاس إن أسعد البالغ من العمر 47 عاما كان أبا لـ6 أولاد كما أنه أبدى دائما صبرا لا نهاية له للتفاوض مع الأطفال. كلما رأى أطفالا يلعبون في الشارع، كان يذهب إلى القيادة والتعامل معهم، ويقدم لهم الحلوى للخروج من الطريق والذهاب للعب في مكان آمن، سرعان ما اكتشفه الأطفال، وسيلعبون في الشارع مرة أخرى في المرة القادمة، يضحكون ويقولون: "لقد خدعناك!"، لكن أسعد لم يمانع قط، واستمر ببساطة في تسليم الحلويات.

لم تكن جثته من بين أولئك الذين تم العثور عليهم عندما ذهبت بعثة دولية للبحث عن عمال الطوارئ المفقودين، تم القبض عليه وتقييده وأخذه بعيدا، وفقا للشاهد الوحيد الناجي، منذر عابد.

تحدث الأب البالغ من العمر 47 عاما إلى عائلته آخر مرة في المساء الذي اختفى فيه، وأخبرهم أنه في طريقه إلى مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لتناول الإفطار مع زملائه، وفقا لابنه محمد.

إعلان

عندما حاولوا الاتصال به في وقت قريب من السحور، لم يستجب واكتشفوا من المقر الرئيسي أنه لا أحد يستطيع الوصول إليه أو إلى عمال الطوارئ الآخرين.

وقال ابنه إنه كان دائما يحذر عائلته من أنه كلما توجه في مهمة قد لا يعود، لكن مع استمرار أسعد في أعمال الإنقاذ لصالح جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حاولوا دائما تجنب التفكير في ذلك.

هذا التقرير، الذي أعده فريق الجزيرة نت، سلط الضوء على الجانب الإنساني لبعض الشهداء الأبطال من فرق الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني، الذين قدموا أرواحهم في سبيل مساعدة أهالي غزة الذين يتعرضون للقصف والقتل الممنهج من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ 18 شهرًا، من خلال كلمات المسعف إبراهيم أبو الكاس، الذي عاشر هؤلاء الأبطال وعايش تفاصيل حياتهم.

مقالات مشابهة

  • لكل مسعف قصة.. قافلة رفح التي قتلتها إسرائيل بدم بارد
  • المقاومة العمياء التي أخذت غزة إلى الجحيم
  • حماس:مجزرة صهيونية بحي الشجاعية واستشهاد 29 شخصا وجرح أكثر من 50 آخرين
  • صيغة وسط بين “حماس” وإسرائيل لوقف دوامة الدم.. مبادرة مصرية جديدة لإحياء الهدنة.. وترامب يقرر مصير غزة
  • تحليل أمريكي: ما أبرز التحديات التي ستواجه ترامب بشأن القضاء على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • نتنياهو: عازمون على القضاء على حماس وملتزمون بإعادة جميع الأسرى
  • نتنياهو: نعتزم القضاء على حماس وإعادة رهائننا
  • أول تعليق من حركة حماس علي استشهاد شاب تونسي خلال رفعه علم فلسطين
  • حركة حماس: قصف العدو الصهيوني لمجموعة من الصحفيين جريمة نكراء
  • منظمات حقوقية: إسرائيل تسيطر على أكثر من نصف غزة مع تعمق الهجوم