أكاذيب إسرائيل.. العالم لم يعد يصدقها
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
«يمكنك أن تكذب على كل الناس بعض الوقت، ويمكنك أن تكذب على بعض الناس كل الوقت، ولكن لا يمكنك أن تكذب على كل الناس كل الوقت».
هذا المثل ينطبق على جيش الاحتلال، الذي أطلق أكاذيب لتبرير حربه الوحشية على قطاع غزة صدقها الرأي العام العالمي بشكل أعمى قبل أن تتصدع الرواية بعد انكشافها، ما يهدد بانهيار السردية الإسرائيلية وخسارتها الحرب الإعلامية أمام الرأي العام.
سردية الجيش الإسرائيلي حول ما جرى في 7 أكتوبر الماضي، وما تم تسويقه على نطاق عالمي بشأن «جرائم حماس» و»حق الدفاع عن النفس»، لتبرير المجازر التي ترتكب في قطاع غزة، توشك أن تنهار بعد انكشاف زيف الكثير مما تم ترويجه، لكن هل سيكون ذلك كافيا لوقف الحرب ومحاكمة مجرميها؟
أخطر ما تم تسريبه حول الأكاذيب التي لفقها الجيش الإسرائيلي لحركة حماس في هجومها على بلدات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة، ما ذكرته صحيفة «هآرتس»، بأن تقييمات المؤسسة الأمنية أظهرت أن «مروحية قتالية تابعة للجيش الإسرائيلي وصلت إلى مكان الحفل (قرب كيبوتس رعيم في غلاف غزة)، وأطلقت النار على منفذي هجمات هناك، وكما يبدو أصابت أيضا بعض المشاركين في المهرجان».
وهذه الشهادة، التي حاولت شرطة الاحتلال نفيها، تتقاطع مع شهادات أخرى لمستوطنين تتحدث عن قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي لفلسطينيين وإسرائيليين بشكل عشوائي، وقصف قاعدة عسكرية هاجمها مقاتلو حماس في 7 أكتوبر، كان يختبئ بها جنود إسرائيليون. بل إن الجيش الإسرائيلي ذاته أقر ضمنيا بوقوع أخطاء في إحصاء عدد القتلى الإسرائيليين في 7 أكتوبر، عندما قلص عددهم من 1400 إلى 1200، بعد أن اكتشف أن 200 جثة متفحمة تعود لفلسطينيين. ما يعزز أن السردية الإسرائيلية حول ما جرى في بداية الحرب، والتي تحدثت أن مقاتلي حماس أحرقوا جثث أطفال واغتصبوا النساء وإلى ما لذلك من فظاعات، لم تكن صادقة بالمطلق وصدقها الرأي العام الغربي كحقيقة غير قابلة للتشكيك، رغم أنه لم تخرج أي امرأة إسرائيلية وتزعم أنها تعرضت للاغتصاب. ورغم نفي حماس ارتكاب مقاتليها لأي من المزاعم الإسرائيلية التي روج لها الإعلام الأمريكي والغربي على نطاق واسع، إلا أنه لم يكن هناك في الغرب من يرغب في سماع الرواية الأخرى، قبل أن يأتي الاعتراف من داخل إسرائيل ذاتها ليصطدم كل من صدق السردية الإسرائيلية من البداية بشكل أعمى ودون تمحيص ولا حتى انتظار تحقيق من هيئات مستقلة أو حتى من هيئات إسرائيلية. فليس من المستبعد أن تكون كل الجثث المتفحمة أو بعضها على الأقل قصفت بصواريخ وقذائف حارقة، ومن المعروف أن من يملك هذه القوة التدميرية هو الجيش الإسرائيلي، بدليل اعتراف الأخير بأن 200 جثة تعود لفلسطينيين بعدما كان يعتقد أنها لإسرائيليين.
والصور والفيديوهات التي نشرها الفلسطينيون في 7 أكتوبر، أسلحة خفيفة ومتوسطة، وحتى الصواريخ التي أطلقتها يومها كتائب القسام ذات تدمير محدود، وكان هدفها الرئيسي تضليل القبة الحديدية لتسهيل تجاوز مظلات مقاتليهم الجدار العازل.
والمؤسف حقا أنه بعد أكثر من 50 يوما، لم تشكل أي لجنة تحقيق دولية لتوضيح ما جرى بالضبط في 7 أكتوبر، وأهمية ذلك أن الجيش الإسرائيلي ضَخَّم أعداد القتلى ولفَّقَ تهما لحماس ثبت كذبها مثل حرق الأطفال وقطع رؤوسهم واغتصاب النساء، وانطلاقا من هذه السردية برَّر قتل أكثر من 4 آلاف طفل فلسطيني. والأسوأ عندما يتولى نجوم إعلاميون ترويج مثل هذه الروايات المغلوطة على غرار الإعلامية الأمريكية سارة سيدنر، التي زعمت على الهواء مباشرة، أن مقاتلي حماس قتلوا أطفالا إسرائيليين، في 7 أكتوبر، وانتشر مقطعها المصور كالنار في الهشيم على شبكات التواصل الاجتماعي، حتى بعد اعتذار سيدنر، عن هذه المعلومة الكاذبة، التي روجتها تل أبيب، قبل أن تتراجع عنها وتضع الإعلامية في موقف مهني محرج.
ومزاعم وجود مقر القيادة الرئيسي لحركة حماس أسفل مجمع الشفاء غربي مدينة غزة، والتي تم ترويجها بشكل واسع، لتبرير مهاجمة المستشفيات وإخلائها من المرضى والجرحى بشكل غير إنساني، انكشف هذه المرة زيفها بمجرد اقتحام الجيش الإسرائيلي المستشفى، لكن الضربة الموجعة لهذه الدعاية، جاءت من رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، الذي اعترف بأن إسرائيل بنت الملاجئ وحفرت الأنفاق الموجودة تحت مجمع الشفاء، في لقاء صحفي مع قناة «سي إن إن» الأمريكية.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطاع غزة أكاذيب إسرائيل الحرب الإعلامية الجيش الإسرائيلي الجیش الإسرائیلی فی 7 أکتوبر
إقرأ أيضاً:
معلومات الوزراء: 123 مليون شخص حول العالم نزحوا بشكل قسري في 2024
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بعنوان "لمحة عامة عن العمل الإنساني لعام 2025"، حيث قدم التقرير تحليلًا للأزمات والاحتياجات العالمية والخطط الإنسانية اللازمة لمعالجتها، وطالب بتوفير أكثر من 47 مليار دولار أمريكي لمساعدة ما يقرب من 190 مليون شخص يواجهون احتياجات عاجلة تهدد حياتهم.
أشار التقرير إلى أن هناك نحو 305 ملايين شخص حول العالم سيحتاجون في عام 2025 إلى المساعدة الإنسانية والحماية بشكل عاجل في ظل تصاعد أزمات عديدة تسفر عن عواقب وخيمة يتأثر بها المتضررون من هذ الأزمات، موضحاً أن منطقة جنوب وشرق إفريقيا تستضيف أكبر عدد من المحتاجين إلى المساعدة الإنسانية بإجمالي عدد يُقدر بنحو (85) مليون شخص، حيث تمثل الأزمة الكارثية في السودان 35% من إجمالي عدد المحتاجين إلى المساعدة في المنطقة، وتليها منطقتا الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا.
حيث يحتاج 29 مليون شخص إلى المساعدة والحماية، ونحو 57 مليون شخص في غرب ووسط إفريقيا يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، وفي آسيا والمحيط الهادئ هناك 55 مليون شخص، أما في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي فهناك 34 مليون شخص بما في ذلك 5 مليون شخص متضرر من أزمة فنزويلا، أما في أوروبا فلا يزال يحتاج 15 مليون شخص إلى المساعد بسبب استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية.
وفي هذا الصدد؛ أشار التقرير إلى أن هناك دافعان رئيسان وراء هذه الاحتياجات، وكلاهما من صنع الإنسان، وهما: النزاعات المسلحة، وحالة الطوارئ المناخية العالمية، وطبقًا للتقرير، فإن المدنيون يتحملون النصيب الأكبر من العبء الناجم عن النزاعات المسلحة التي تتجاهل بشكل صارخ القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، بما في ذلك الأعمال الوحشية الجماعية.
وأوضح التقرير أن عام 2024 كان من أكثر الأعوام قسوة في التاريخ الحديث بالنسبة للمدنيين العالقين في النزاعات، وقد يكون عام 2025 أسوأ من ذلك إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، ففي منتصف عام 2024 نزح ما يقرب من 123 مليون شخص بشكل قسري بسبب النزاع والعنف بزيادة سنوية هي الثانية عشرة على التوالي.
بالإضافة إلى ذلك؛ يعيش طفل واحد من كل خمسة أطفال في العالم - أي ما يقرب من 400 مليون طفل - في مناطق النزاع أو يفرون منها، وتبلغ الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال مستويات غير مسبوقة، حيث شهد السودان وحده ارتفاعًا بنسبة 480% من عام 2022 إلى عام 2023.
كما تُعد أزمة الأمن الغذائي العالمية بمثابة صاعقة، حيث تؤثر على أكثر من 280 مليون شخص يوميًّا مع انتشار الجوع الحاد وتفاقمه، كما يمنع العنف والنزوح إنتاج الغذاء ويعوق إتاحة الوصول إلى الأسواق الحيوية.
وفيما يتعلق بحالة الطوارئ المناخية العالمية، أشار التقرير إلى أن العالم على مشارف أن يشهد تجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية مستوى 1.5 درجة مئوية مما ينذر بدق ناقوس الخطر، وتزيد أزمة المناخ من تكرار حدوث الكوارث وشدتها، والتي لها تبعات مدمرة على أرواح ملايين البشر وسبل عيشهم.
أشار التقرير إلى أنه في عام 2023، تم تسجيل 363 كارثة متعلقة بالطقس، والتي أثرت على ما لا يقل عن 93.1 مليون شخص وتسببت في مقتل الآلاف، وفي العام ذاته، تسببت الكوارث في حدوث نحو 26.4 مليون حالة نزوح / تنقلات، وأكثر من ثلاثة أرباع هذه الحالات ناجمة عن حالات الطقس.
وقد تسببت أزمة المناخ في دمار كبير في أنظمة الغذاء، حيث إن موجات الجفاف مسؤولة عن أكثر من 65% من الأضرار الاقتصادية الزراعية في السنوات الخمس عشرة الماضية، ما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وخاصة في المناطق التي تعتمد على زراعة أصحاب الحيازات الصغيرة.
وأفاد التقرير أن الصراعات يمكن أن تسهم بشكل مباشر في تغير المناخ؛ حيث يقدر الباحثون أن الانبعاثات في أول 120 يومًا من الصراع في غزة تتجاوز الانبعاثات السنوية لـ 26 دولة وإقليمًا منفردًا، وفي الوقت نفسه، سجلت أكبر 30 شركة نفط وغاز باستثناء تلك الموجودة في البلدان الأكثر فقرًا ما مجموعه 400 مليار دولار سنويًّا من التدفقات النقدية الحرة منذ اتفاق باريس في عام 2015.
أشار التقرير إلى أن الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة تحتاج إلى جمع ما يزيد عن 47 مليار دولار لمساعدة ما يقرب من 190 مليون شخص عبر 72 دولة بحلول عام 2025، موضحًا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتاج في الوقت الراهن إلى 15.9 مليار دولار، في ظل الزيادات الكبيرة في التمويل المطلوب للاستجابة للأزمات المتصاعدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان.
وأوضح التقرير أن الأزمة المتصاعدة في السودان أدت إلى زيادة متطلبات التمويل في شرق وجنوب إفريقيا والتي تتطلب في الوقت الراهن 12 مليار دولار تقريًبا، أما في غرب ووسط إفريقيا، فثمة حاجة إلى 7.6 مليار دولار، كما تتطلب منطقة آسيا والمحيط الهادئ في الوقت الراهن 5.1 مليار دولار، في حين تحتاج أوروبا إلى 3.3 مليار دولار، وفي مختلف أنحاء أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، يدعو الشركاء في مجال العمل الإنساني إلى توفير 3.6 مليار دولار.
أشار التقرير في ختامه إلى أنه في عام 2025 سيواصل الشركاء في مجال العمل الإنساني تحسين الطريقة التي يقدمون بها خدماتهم للمتضررين من الأزمات، من خلال: احترام وتعزيز العمل الإنساني الذي تقوده الجهات المحلية، ومتابعة الاستجابات التي تركز على الأشخاص والخاضعة للمساءلة، بالإضافة إلى توسيع نطاق المساعدات النقدية حيثما كان ذلك ممكنًا ومناسبًا.