«فتح الخير» يرسو نهائياً في ميناء الدوحة القديم
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
أقامت المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا عصر يوم أمس الأحد بحضور عدد من أصحاب السعادة السفراء حفل استقبال محمل فتح الخير على سيف ميناء الدوحة القديم. وذلك إثر عودته من مدينة برشلونة إسبانيا، بعد رحلة استغرقت 5 سنوات إلى عدد من الموانئ الأوروبية بهدف التعريف بموروث قطر البحري إضافةً إلى الترويج لـكأس العالم قطر فيفا 2022.
وحضر الحفل سعادة الاستاذ الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا حيث ألقى بهذه المناسبة كلمة أعلن فيها أن محمل فتح الخير سيستقر على سيف ميناء الدوحة القديم ليتم تحويله إلى وجهة سياحية وإتاحته للجمهور والسياح من مختلف أنحاء العالم.
وقال د.السليطي: «ونحن بذلك نتيح الفرصة للجميع للتعرف على هذا المحمل العريق بكل ما يتضمنه من تفاصيل ومكونات، وأجزاء لا نبالغ إن قلنا إنها تحوَّلت إلى رموز تاريخية توثق للرحلات الهامة التي خاضها منذ عام 2013 حيث جاب آنذاك في رحلته الأولى بنادر الخليج.
ثم في عام 2015 عندما وصل في رحلته الثانية إلى الهند، ليواصل رحلته الثالثة في 2017 الى بنادر سلطنة عمان والكويت، ثم رحلته الرابعة في 2019 التي انطلق فيها من مضيق البوسفور إلى موانئ اليونان وألبانيا وكرواتيا ومالطا، ليبدأ رحلته الخامسة والأخيرة في يوليو 2022 الى عدد من الموانئ الاوربية شملت إيطاليا وفرنسا وإسبانيا بهدف الترويج لبطولة كأس العالم فيفا 2022 حيث نجح في مدّ جسور التواصل الحضاري والانساني بين قطر والعالم.»
وأكد د.السليطي أنّ محمل فتح الخير لا يشكل مجرد متحف سياحي فحسب بإتاحة زيارته للجمهور، بل إنّه سيبقى أيقونة مشعة تدلّ على وفاء أبناء قطر لإرثهم الثقافي والحضاري. وعلى أهمية الجهود الكبيرة التي بذلوها عبر مختلف رحلات هذا المحمل من أجل السير على خطى أجدادهم، شعارهم في ذلك العزم والمثابرة والتحدي.
وتقدم مدير عام المؤسسة العامة للحي الثقافي بالشكر لأفراد طاقم المحمل من نوخذة ويزوة الذين سطروا بشجاعتهم وصلابتهم أجمل البطولات، التي ستظل جزءا لا يتجزأ من تاريخ هذا المحمل العريق.
وقام د. السليطي، بتكريم النوخذة محمد السادة واليزوة الذين شاركوا في الرحلة الخامسة للمحمل.
تجدر الاشارة إلى أنَّ محمل فتح الخير هو من المحامل التراثية التقليدية من نوع (بوم) التي كانت تستخدم قديما من أجل السفر، وتبلغ مساحة المحمل 108 أقدام، ويستوعب حمولة 120 طنا، ويستخدم في رحلاته الطرق الشراعية التقليدية، في محاكاة لنفس ظروف وتفاصيل الرحلات البحرية القديمة خلال عصر الغوص على اللؤلؤ.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر كتارا ميناء الدوحة القديم
إقرأ أيضاً:
خالد الإعيسر- بين إرث الولاء القديم وقمع حرية الإعلام والتعبير
خالد الإعيسر، بصفته وزير الإعلام السوداني الحالي، يواجه تحديات كبيرة في إدارة المشهد الإعلامي وسط أزمة سياسية وعسكرية عميقة تمزق السودان. ومع ذلك، يبدو أن أداء الإعيسر يعكس انحيازاً واضحاً إلى طرف دون الآخر، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرته على تمثيل صوت جميع السودانيين. في وقت تعاني فيه البلاد من انقسامات سياسية واجتماعية حادة، يُفترض أن يكون وزير الإعلام شخصية جامعة، قادرة على تقديم خطاب وطني يعكس تطلعات جميع مكونات المجتمع السوداني دون تمييز أو انحياز.
منذ توليه منصبه، اتُهم الإعيسر بالانتماء إلى الحركة الإسلامية، وهو أمر يعزز الشكوك حول حياده وقدرته على الفصل بين انتماءاته الشخصية وبين مسؤوليته كوزير في حكومة يفترض أن تمثل كافة الأطياف السودانية. انتماؤه هذا يجعل من الصعب عليه أن يكون قادراً على بناء خطاب موحد يلامس تطلعات السودانيين بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية. الإعلام في مثل هذه الأزمات ينبغي أن يكون صوتاً للشعب بكل مكوناته، وليس مجرد أداة لتعزيز خطاب السلطة. بدلاً من ذلك، فإن الإعيسر يظهر كرجل يروج لرؤية سياسية محدودة، ما يعمق حالة الاستقطاب ويضعف ثقة قطاعات واسعة من الشعب السوداني في الخطاب الرسمي.
تصريحات الإعيسر الأخيرة التي تضمنت تهديدات بملاحقة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية التي لا تلتزم بالخط الإعلامي الداعم للجيش تعكس منهجاً يقوم على الإقصاء بدلاً من الحوار. هذه التصريحات، التي وصفها العديد من الصحفيين بأنها تمثل "اتجاهاً خطيراً"، تُظهر أن الإعيسر يرى في الإعلام أداة للإملاءات بدلاً من كونه منصة حرة لنقل الحقائق ومناقشة الآراء المختلفة. التهديد بالملاحقات القانونية لكل من يخالف الخط المرسوم لا يعكس فقط ضعف الثقة في قدرة الإعلام الرسمي على التأثير، بل يشير أيضاً إلى فشل الوزارة في استيعاب التنوع الموجود في الساحة السودانية.
الإعلام، بطبيعته، ينبغي أن يكون مساحة مفتوحة لتمثيل جميع الأصوات، لا سيما في أوقات الأزمات. لكن النهج الذي يتبعه الإعيسر يبدو وكأنه يستهدف تكميم الأفواه وفرض وجهة نظر واحدة. هذا الأسلوب لا يؤدي فقط إلى تآكل حرية الصحافة، بل يساهم أيضاً في تعميق الانقسامات داخل البلاد، حيث يشعر السودانيون الذين لا يتماهون مع خطاب الحكومة أو الجيش بأن أصواتهم غير مسموعة ومصالحهم غير ممثلة. الأزمات الوطنية تتطلب خطاباً إعلامياً جامعاً يركز على القضايا المشتركة والتحديات التي تواجه الأمة ككل، بدلاً من التركيز على دعم طرف واحد على حساب الآخرين.
المشكلة الكبرى التي يواجهها الإعيسر هي أنه، بسبب خلفياته السياسية وانحيازه الواضح، غير قادر على كسب ثقة جميع الأطراف في الساحة السودانية. الإعلام ليس مجرد أداة للدعاية، بل هو جسر بين الحكومة والشعب، وإذا كان الوزير غير قادر على تمثيل جميع مكونات الشعب السوداني، فإنه يفشل في أداء دوره الأساسي. الانحياز الواضح الذي أظهره الإعيسر في تصريحاته الأخيرة يعزز الشعور بأن الحكومة لا تسعى إلى بناء توافق وطني بقدر ما تسعى إلى فرض رؤيتها بالقوة، سواء كانت قوة السلاح أو قوة الإعلام الموجه.
ما يزيد الأمر تعقيداً هو أن التهديد بالملاحقات القانونية لا يعكس فقط نهجاً قمعياً، بل يفتح الباب أمام أزمات إضافية مع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، سواء المحلية أو الدولية. الصحافة، بحسب ما أكد العديد من الصحفيين، ليست أداة للدعاية، بل هي سلطة رابعة من مهماتها تسليط الضوء على الحقائق، حتى وإن كانت هذه الحقائق تتعارض مع مصالح السلطة الحاكمة. محاولة الوزير إغلاق المجال أمام التعددية الإعلامية لا تضرب فقط مصداقية الإعلام الرسمي، بل تعرض البلاد لانتقادات دولية حادة، مما يضعف موقف الحكومة ويزيد من عزلتها.
علاوة على ذلك، فإن الإعيسر، بدلاً من أن يعزز الثقة في مؤسسات الدولة، يبدو أنه يسهم في إضعافها من خلال فرض قيود على العمل الإعلامي وتهديد الصحفيين. السودان في حاجة ماسة إلى قيادة قادرة على تجاوز المصالح السياسية الضيقة والعمل على بناء خطاب وطني جامع يعزز الوحدة الوطنية. ولكن الإعيسر، بمنهجه الحالي، يظهر كرجل يدير الإعلام كأداة لإرضاء طرف واحد، ما يجعل من المستحيل عليه أن يكون ممثلاً لكل السودانيين.
التاريخ يُظهر أن محاولات تكميم الإعلام وفرض السيطرة عليه لم تؤدِ في أي وقت إلى تحقيق الاستقرار. بدلاً من ذلك، فإن الدول التي اعتمدت على هذه السياسات شهدت مزيداً من التوترات والانقسامات. إذا كان الإعيسر جاداً في أداء دوره كوزير إعلام يمثل السودان بكافة أطيافه، فإنه بحاجة إلى تغيير جذري في سياساته. المطلوب الآن ليس مزيداً من التهديدات والملاحقات، بل فتح المجال أمام حوار وطني يشمل الجميع، بحيث يكون الإعلام منصة لهذا الحوار وليس عائقاً أمامه.
خالد الإعيسر، من خلال تصريحاته وسلوكياته، لا يمثل صوت كل السودانيين، بل يمثل صوتاً منحازاً لطرف معين في صراع معقد. هذا الانحياز، إلى جانب التهديدات التي أطلقها، يعزز الانقسامات بدلاً من أن يخفف منها، ويضعف الأمل في بناء خطاب إعلامي يسهم في إخراج البلاد من أزمتها. السودان اليوم بحاجة إلى إعلام حر وقيادة إعلامية حكيمة، وهو أمر يبدو بعيد المنال في ظل السياسات الحالية التي ينتهجها الإعيسر.
zuhair.osman@aol.com