الشجر.. يصلح ما أفسده البشر!
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
أحمد شعبان (القاهرة)
الأشجار جزء مهم من البيئة، وتلعب دوراً بارزاً في الحفاظ على التوازن البيئي، والتخفيف من الانبعاثات الكربونية التي تسبب فيها الإنسان، وتساعد على التخفيف من ارتفاع درجات حرارة الأرض وحماية الشواطئ من عمليات النحر.
الغاف
من الأشجار التي تحافظ على البيئة بصورة كبيرة «الغاف»، أو «الغافة»، من الأشجار الأصيلة في الإمارات، وهي رمزٌ للصمود والتعايش في الصحراء، وتمثل قيمة ثقافية كبيرة، وتعتبر من النباتات المعمرة، وتنبت في الصحراء العربية بشكلٍ رئيس، وبالتحديد في الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية، شجرة نادرة جداً، إلا أنها تتواجد بكثرة في الإمارات، وتنمو في السعودية والهند وباكستان تحت اسم «جهند».
ويتميز شجر الغاف بسهولة تكاثره وسرعة نموه، فهو يتكيف مع الأجواء البيئية المحيطة به بشكلٍ لا مثيل له، حيث تتعمّق جذوره لمسافات عميقة يمكن أن تصل إلى 50 متراً، ويتواجد في السهول والكثبان الرملية، ويصل ارتفاع الواحدة منه إلى 12 متراً، وتتحمل أقصى ظروف الجفاف والحرارة والملوحة، ولا تتأثر بأشعة الشمس.
وبجانب فوائد الغافة في صناعة الأدوية والمستحضرات التجميلية، تعود بالنفع على الإنسان بشكلٍ كبير، ولديها قدرة عالية على مكافحة التصحر؛ وتعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية من خلال امتصاصها وبذلك تساعد على تقليل آثار التغير المناخي، وتحسين جودة الهواء، يصل عمرها إلى 10 سنوات ويمكن أن تحتجز نحو 34.65 كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
ويمكن استخدام هذه الأشجار كمصدات للرياح، كذلك يُستخدم صمغ أشجار الغاف في طلاء الفخار، وكغراء، وتدخل مكوناته في تصنيع صبغات الشعر، ووقود وعلف الماشية، ويحرص العديد من الناس على زراعتها للاستفادة من منافعها الطبية للجهاز الهضمي وعلاج التهاب الحلق والأمراض الجلدية وغيرها.
المانجروف
«المانجروف» أو القرم، من الأشجار التي تحافظ على البيئة، من الأشجار الاستوائية المتواجدة في المناطق الساحلية، مهمة للنظم البيئية الساحلية؛ حيث تعمل كحاجز بين البحر والبر وتعمل على حماية الشواطئ من التآكل والرياح والأمواج والفيضانات، وتؤمن الثبات التربوي للمناطق الساحلية.
وتشمل أشجار المانجروف ما يقارب 54 نوعاً، وتتميز بقدرتها الفريدة على العيش في البيئات الملحية، وتتم زراعتها على السواحل، وتنمو بكثرة في مناطق المد والجزر، وتوفر بيئة مثالية للكثير من الكائنات الحية والطيور البحرية، نظراً لفروعها وجذورها التي تشكل مكاناً للتزاوج والعيش.
والمانجروف من أندر النباتات الموجودة على الأرض، حيث يوجد هذا النوع من الأشجار في أربعة أماكن فقط حول العالم، ولديه قدرة على تحسين جودة المياه من خلال تصفية الملوثات وحبس الرواسب من الأرض، وتحويل المياه المالحة إلى عذبة، ولذلك اعتبر العلماء وجود هذه الأشجار في مكان ما إشارة إلى تنوع بيئي بيولوجي ضخم.
تمتلك المانجروف قدرة عالية على تخزين كميات كبيرة من الكربون، ومن الممكن الاستفادة من هذه الخاصية في مكافحة تغير المناخ، حيث تلعب دوراً مهماً في امتصاص الانبعاثات الكربونية، مما يساعد في تخزين الكربون بطريقة أكثر كفاءة مقارنةً بأنظمة بيئية أخرى مثل الغابات الاستوائية المطيرة، وبالتالي وجود هذه الأشجار يضمن استدامة البيئة وحماية النباتات النادرة.
العناب
العناب، شجرة شائكة يصل طولها إلى 8 أمتار وأوراقها مستطيلة، ثمرتها تشبه حبة الزيتون لذيذة الطعم، وتشتهر مدينة عنابة الجزائرية بإنتاجها لهذه الفاكهة منذ زمن بعيد، وسميت بذلك، موطنها الأصلي الصين واليابان منذ أربعة آلاف سنة، يُطلق عليه اسم التمر الصيني، وينتشر الآن في بلاد الشام وإيران وجنوب شرق آسيا، ونيوزيلندا والمغرب العربي وينمو في المناطق الحارة وشبه الحارة.
تم تطوير طريقة زراعة العناب على مدى قرون من أجل إنشاء نظام زراعي مستدام يراعي المناخ، وتُستخدم أشجاره كمصدر للظل من أجل الحد من التبخر في التربة، وتجري زراعتها بشكل بيني مع الخضراوات وكروم العنب والإجاص والتفاح والمشمش بغية توفير التغذية وسبل العيش للمجتمع المحلي. وتؤدي أشجار العناب بشبكة جذورها الواسعة دوراً مهماً في الحفاظ على التنوع البيولوجي، وكذلك في المحافظة على المياه، ومنع تآكل التربة، والوقاية من الرياح والعواصف الرملية.
الأركان
الأركَان أو أركانيا سبينوزا، نوع من الأشجار متوطن في المملكة المغربية، تلعب دوراً حاسماً في تعزيز التنمية المستدامة للسكان المحليين وفي التخفيف من الآثار السلبية لتغيّر المناخ في المنطقة، تنمو في المناطق القاحلة، وهو النوع المُحدد لنظام بيئي للغابات يعرف باسم أركَانيري الغني بالنباتات المستوطنة، وتتميز بالمقدرة على الصمود في البيئات القاسية التي تتميز بندرة المياه وخطر التعرية والتربة الفقيرة.
وفي مارس 2021، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة 10 مايو من كل عام يوماً دولياً لشجرة الأركان، لتسليط الضوء على دورها في تعزيز المجتمعات المرنة، والمساهمة في الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ، بالإضافة إلى تمكين المرأة الريفية من خلال دعم وتعزيز التعاونيات والمنظمات الزراعية.
وتزرع أشجار الأركَان منذ قرون، بالنظم الإيكولوجية القادرة على الصمود والتنوع البيولوجي الزراعي، ولهذه الأسباب حظيت باعتراف وحماية مؤسسات الأمم المتحدة وتعد من التراث الثقافي القيم، وتعود أهمية الشجرة بشكل رئيس إلى الحبوب الغنية بالزيت التي يتم استخراجها من ثمارها، زيتها ذو شهرة عالمية متعدد الاستخدامات، غني بمضادات الأكسدة والأحماض الدهنية، واستخدم في الطهي ومستحضرات التجميل والأغراض الطبية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الشجر المانجروف الانبعاثات الكربونية الغاف الصحراء الاستدامة مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ من الأشجار
إقرأ أيضاً:
تغير المناخ يهدد إنتاج القهوة.. هل يقدم جنوب السودان حلا؟
مع ارتفاع درجات الحرارة التي تضرب إنتاج القهوة عالميا، تبرز دولة جنوب السودان وجهة جديدة وواعدة لزراعة البن، لا سيما صنف إكسيلسا، المعروف بقدرته على تحمل الجفاف وتغير المناخ مقارنة بمحاصيل أخرى، مما يمنح المزارعين أملا بمستقبل أفضل بعد سنوات من الفقر.
واكتُشفت قهوة إكسيلسا منذ أكثر من قرن في جنوب السودان، وهي تثير اهتمام السكان الذين يعانون من ضائقة مالية، وتجذب اهتمام المجتمع الدولي وسط أزمة البن العالمية الناجمة عن تغير المناخ.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما بصمتنا الكربونية وكيف نخفف من أثرها؟list 2 of 2"عائدون إلى البلاستيك".. لماذا يلاحق ترامب المصاصات الورقية؟end of listوبينما تسعى الدول الرائدة في إنتاج البن، مثل البرازيل وكولومبيا لتجربة زراعة المحاصيل في طقس أكثر جفافا، ارتفعت أسعار القهوة إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، مع الإشارة إلى أن الصناعة تكافح لإيجاد حلول وبدائل.
وتشير التقديرات إلى أن محصول البن في البرازيل التي ضربها الجفاف، وتعد من أكبر مزارع القهوة في العالم، قد ينخفض بنحو 12% هذا العام بعد تسجيل انخفاض في الأعوام السابقة.
وتنمو شجرة إكسيلسا في جنوب السودان وعدد قليل من البلدان الأفريقية الأخرى، بما فيها الكونغو وجمهورية أفريقيا الوسطى وأوغندا، كما تُزرع أيضا في الهند وإندونيسيا وفيتنام.
إعلانوتسمح جذور الشجرة العميقة وأوراقها الجلدية السميكة وجذعها الكبير بالازدهار في ظروف قاسية، مثل الجفاف والحرارة، حيث لا تستطيع أنواع القهوة الأخرى ذلك، فضلا عن أنها مقاومة للعديد من آفات وأمراض القهوة الشائعة.
لكنها رغم ذلك تشكل أقل من 1% من السوق العالمية، متأخرة كثيرا عن أنواع أرابيكا وروبوستا التي تعد أكثر أنواع القهوة استهلاكا في العالم.
ويقول الخبراء، إن إكسيلسا يجب أن تثبت أنها عملية على نطاق أوسع بكثير لسد الفجوة في السوق الناجمة عن تغير المناخ، إذ لم يعرف جنوب السودان أبدا بأنه دولة منتجة للقهوة.
فرصة للاقتصادورغم أنه يمكن لجنوب السودان أن تنتج محصولا بديلا من محاصيل القهوة التي تأثرت بشدة بفعل تغير المناخ، إلا أن سنوات الصراع في البلاد جعلت صناعة وزراعة البن متأخرة جدا.
وأكدت شركة إيكواتوريا تيك، وهي شركة زراعة غابات مستدامة تعمل في جنوب السودان -لأسوشيتد برس- أن أشجار إكسيلسا قادرة على تحمل الحرارة أفضل بكثير من الأنواع الأخرى، لكن المعلومات عنها لا تزال شحيحة لتراجع زراعتها نتيجة الحروب في السنوات الماضية.
وأوضحت الشركة أنها تعمل مع المجتمعات المحلية لإحياء صناعة القهوة وزيادة الإنتاج، بما يشمل تقديم الشتلات والدورات التدريبية للمزارعين الذين يعني لهم ذلك فرصة انتشالهم من الفقر.
وبدأت العديد من الأشجار في إنتاج البن لأول مرة هذا العام، وتأمل الشركة في تصدير الدفعة الأولى التي تبلغ نحو 7 أطنان إلى المتاجر المتخصصة في أوروبا، وفق الشركة.
وبحلول عام 2027، يمكن أن تضخ إكسيلسا نحو 2 مليون دولار في اقتصاد جنوب السودان، مع اهتمام المشترين الكبار مثل نسبرسو بها.
لكن الإنتاج يحتاج إلى مضاعفته 3 مرات حتى يكون الأمر يستحق الاستثمار من قبل المشترين الكبار، كما قالت شركة إيكواتوريا تيك.
كما أن الافتقار إلى البنية التحتية وانعدام الأمن في جنوب السودان يجعل من الصعب تصدير القهوة التي تمثل للمزارعين فرصة كبيرة.
إعلانإذ يجب أن تقطع شاحنة واحدة محملة بـ 30 طنا من القهوة نحو 3 آلاف كيلومتر من جنوب السودان للوصول إلى الميناء في كينيا لشحنها.
وتبلغ تكلفة المرحلة الأولى من تلك الرحلة، عبر أوغندا، أكثر من 7500 دولار، وهو ما يصل إلى خمسة أضعاف التكلفة في الدول المجاورة.
فعلى الرغم من اتفاق السلام في عام 2018 الذي أنهى حربا أهلية استمرت 5 سنوات، إلا أن القتال لا يزال متواصلا في بعض الأماكن بالبلاد، منها التي تُزرع بها أشجار إكسيلسا.
وقالت وزيرة الزراعة والغابات والبيئة في جنوب السودان أليسون برنابا -لأسوشيتد برس- إن الحكومة وضعت خططا لإعادة تأهيل مزارع البن القديمة وبناء مدرسة زراعية، لكنها لا تعلم من أين يمكن أن تمول ذلك، إذ لم تدفع جنوب السودان رواتب موظفيها المدنيين منذ أكثر من عام.
كما أن زراعة البن ليست أمرا سهلا دائما. إذ يتعين على المزارعين التعامل مع الحرائق التي تنتشر بسرعة في موسم الجفاف وتدمر محاصيلهم، لا سيما أن الصيادين يستخدمون الحرائق لتخويف الحيوانات ويستخدمها السكان لتطهير الأراضي للزراعة أيضا، في ظل انعدام محاسبة المتسببين بالحرائق.
ورغم الصعوبات التي تواجه زراعة البن في جنوب السودان، يرى السكان إكسيلسا فرصة لمستقبل أفضل.
ويرى سكان جنوب السودان -وفق مقابلات أجرتها أسوشيتد برس- أن أشجار البن هي فرصة للمجتمع ليصبح أكثر استقلالية ماليا، في ظل اعتماد الناس على الحكومة أو المساعدات الأجنبية التي يعني غيابها عدم القدرة على توفير حاجيات الأسر.
ولكي تزدهر القهوة في جنوب السودان، يقول السكان، إنه يجب أن تكون هناك عقلية طويلة الأجل، وهذا يتطلب الاستقرار.