نوف الموسى (دبي) 
القيمة الحضارية والإنسانية التي أنجزتها دولة الإمارات العربية المتحدة، تكمن في تقديم نماذج معرفية وتقنية واقتصادية واجتماعية، تدعم مسيرة المجتمعات العالمية المستدامة، بمختلف ثقافاتها، ولغاتها، وطبيعة مناخها وتنوع اقتصاداتها، إنها فُرصة متجددة لإدراك الإمكانات البشرية، وتناغمها مع العناصر الطبيعية للحياة على كوكب الأرض.

توضيح أشارت إليه المهندسة الإماراتية فاطمة المظلوم السويدي، مديرة مكتب «مصدر» في جمهورية إندونيسيا في حوار أجرته معها «الاتحاد»، وذلك ضمن الاحتفاء الاستثنائي بتدشين دولة الإمارات، ممثلةً بشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» بمحطة «شيراتا»، باعتباره أول مشروع للطاقة الشمسية الكهروضوئية العائمة، والذي يعد أكبر محطة من نوعها في جنوب شرق آسيا، بسعة تصل تقريباً إلى 145 ميجاواط، ويغطي المشروع مساحة ما يعادل 14 ملعب كرة قدم، على سد مياه «شيراتا» بمقاطعة جاوة الغربية في إندونيسيا، مبينة السويدي أن العلاقة بدأت بين «مصدر» وإندونيسيا في عام 2017، يسبقها بالتأكيد علاقات تاريخية ودبلوماسية وسياسية عريقة، أسهمت في إثراء التبادل الاستثماري لطاقة النظيفة والمتجددة بين البلدين، فمن خلال زيارات ونقاشات مستمرة، تعرفوا عن قرب على أهداف وطموح جمهورية إندونيسيا فيما يتعلق بملف المناخ، وبناء عليه قدمت «مصدر» خيارات استراتيجية، وأنظمة استثمارية تدعم إنتاج الطاقة النظيفة، بعدما كانت من المشاريع الأغلى والأكثر تكلفة في العالم، حيث سعت «مصدر» إلى جعلها مشاريع قابلة للإنجاز في مختلف البيئات الطبيعية، وفق ميزانيات استثمارية تتوازن مع الاقتصادات الوطنية للبلدان. وتابعت السويدي: مع أول توقيع اتفاقية مشروع محطة «شيراتا»، في عام 2019، بدأ المشوار، وتسلمت إدارة المشروع، لأواجه التحدي الأول المتعلق بالأزمة الصحية «كوفيد- 19»، وما شهده العالم من إغلاقات وقتها، وصعوبة إدارة المشروع افتراضياً، إلا أنه بعد سنة ونصف، استطعنا تمويل المشروع، والحصول على الموافقات من قبل بنوك تجارية عالمية في سنغافورة واليابان وفرنسا، لأنتقل بعدها بشكل شخصي في عام 2021، للاستقرار في جمهورية إندونيسيا، بهدف بناء منظومة عمل متكاملة، ترتكز على الزيارات الميدانية الأسبوعية للموقع، والالتقاء بالمهندسين والممولين والعاملين في مختلف القطاعات على المشروع، وصولاً إلى المحور الجوهري الذي نعمل عليه في «مصدر» وهو إحداث حالة من التناغم بين المشهد الاجتماعي والإنساني المحيط بالمشاريع النظيفة، من خلال دعم التواصل بين «مصدر» وأهالي القرى، وكل ما يحيط المشروع من كائنات حية وبيئات طبيعية، إنها مهمة حضارية في بناء مجتمعات مستدامة في عمق المجتمعات الإنسانية. الإنشاءات الأولية
أوضحت المهندسة فاطمة السويدي، أنه من المهم سرد مسيرة رحلة الإنشاءات الأولية، وبيان الدراسات والبحوث العلمية التي تعد «مصدر» إلى إنجازها، ليتاح للمتلقي والمتابع للمشاريع التنموية في مسيرة المشاريع النظيفة إدراك ما تقدمه هذه المشاريع، ليس كمورد للطاقة فقط، بل كمحاكاة فعلية للبيئة الطبيعية، إنها بمثابة محاولة لإنشاء لغة تربطنا بمحيط البيئة التي نعيش فيها، لنا أن نتصور أن سد «شيراتا»، يصل عمقه لنحو 120 متراً، ما يجعله تحدياً تقنياً، فأنت لا تريد الإضرار بالسد ولا بالمياه التي يستخدمها الأهالي أساساً في ري الأراضي الزراعية والصيد، وفي الوقت نفسه عليك أن تمتلك جاهزية كاملة وفق برامج مجتمعية لتهيئة المزارعين ممن سيفقدون أراضيهم، والصيادين ممن سيبتعدون عن مساحة الصيد اليومية التي اعتادوها، كونها ضمن المشروع، من خلال تعويض الأراضي، ومساعدة الصيادين في إيجاد أماكن أكثر ملاءمة لممارسة مهنتهم الحيوية، ولفتت السويدي أن الجانب البيئي والاجتماعي، يشكل شرطاً رئيساً تدقق عليه الحكومات والبنوك الممولة، حيث تطلع على جهود الشركة المطورة في المشروع، وكيف يمكنها أن توازن بين الأبعاد الإيجابية والسلبية، وتتخذ الإجراءات البديلة في حالة ظهور إشكاليات سلبية، وهو أمر ممكن الحدوث في أي مشروع بيئي، والسؤال البحثي يبدأ حول العناصر المباشرة المتأثرة بالمشروع، على سبيل المثال «الشاحنات» الخاصة بالمشروع التي تحمل المعدات، والتي ستمر بالقرى، هل ستعطل حركة الشوارع، وتؤثر في مكون البنى التحتية للقرى؟

سد «شيراتا»
أشارت المهندسة فاطمة السويدي، إلى أن مشروع الطاقة الشمسية الكهروضوئية العائمة، يفيد بالدرجة الأساسية الدول التي لا تمتلك الكثير من الأراضي الواسعة الممتدة، من مثل «إندونيسيا» و«اليابان» و«ماليزيا»، حتى وإن كانت هناك أراض فأغلبها زراعية، ويحتاجونها للزراعة، وتحقيق الأمن الغذائي. يُذكر أن سد «شيراتا» تصل مساحته إلى نحو 6000 هكتار، واستخدمت «مصدر» ضمن مشروع الطاقة الشمسية العائمة نحو 250 هكتاراً تقريباً من إجمالي مساحة السد. وفي هذا الصدد، أوضحت السويدي أهمية الاطلاع على تصميم الألواح الشمسية، وإمكانية جعلها تطفو على سطح المياه، دونما الإضرار بالمشهد العام لبيئة الأرض في إندونيسيا. وفي اعتقادها هنا الفيصل الرئيس لقيمة أي مشروع، أنه قادر أن يلبي فعل الطاقة المتجددة، ويحفظ في نفس الوقت المخزون التضاريسي الطبيعي لبيئة المكان الذي يتم تهيئته للمشروع، وأضافت السويدي أنهم في «مصدر»، استطاعوا توفير 1500 وظيفة لسكان المحليين، يوازيها برامج تدريب وتأهيل مستمرة، تنطلق من تعريفهم بما تعنيه الطاقة الشمسية، وكيف يمكنهم المساهمة في المشروع، من خلال تعلم مهارات بسيطة لا تحتاج مرجعية تقنية أو علمية، تدعم مراحل إنجاز مشروع محطة «شيراتا»، منها تركيب اللوحات الشمسية وتوصيلاتها، فهناك مراحل نهائية بسيطة جداً في المشروع، أسهمت فيها نساء القرى المجاورة، من خلال تركيب توصيلات مرتبطة بالنظام الشمسي للمشروع ككل، يتطلب فيها اهتمام بالتفاصيل وسرعة الإنجاز، وبالطبع فإن النساء هن الأكثر قدرة على تأدية هذه المهام، بالمقابل أسهم الرجال ممن يمتلكون قوى بدنية أكبر لتحريك تلك الألواح الشمسية، إلى جانب المهام الأخرى المتعددة. 

الطاقة النظيفة
واعتبرت المهندسة فاطمة السويدي، أنها تهدف من حديثها حول البنى الاجتماعية والبيئية لمشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة، لإعادة اكتشاف مفهوم الاستثمارات في الطاقة الجديدة، أنه فعلياً لا يقتصر على موضوع الربح المالي، والذي يعتبر من أقوى الاستثمارات في العالم الحديث، وليس فقط لتوفير احتياجات المدن لطاقة، ولكننا ببناء تلك الأنظمة المستدامة في استثماراتنا من حول العالم، نفتح حواراً مباشراً مع جميع الأبعاد التنموية في البلدان، وفي اعتقادها أن مشاريع الطاقة النظيفة ستتحول في المستقبل القريب إلى منصات حضارية مفتوحة للتبادل العلمي والمعرفي والإنساني والثقافي، قائلةً: «لا أعرف إلى أيّ مدى يدرك القارئ غير المتخصص في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة، أن مشاريعنا تدرس القدرة التنموية في الأحياء والقرى التي قد تكون بعيدة تماماً عن فعل الحياة الحديثة، فلنا إن نتخيل أننا نبني مشروعاً حديثاً جداً في مكان بسيط جداً، واللافت أن تلك المشاريع الضخمة ذات المردود المستدام، تنسجم مع بساطة السكان وفضولهم تجاه ما يمكن أن يؤثر المشروع عليهم مستقبلاً، لذا فنحن نعمل أن يكون هناك مردود مباشر قصير الأمد، من خلال التعويضات والفرص الوظيفية، ومردود طويل الأمد من خلال بناء الوعي والتعليم وإنتاج الطاقة، فمسيرة عملنا تمتد بين 25 إلى 35 سنة في كل مشروع، لذلك فإن زيارة المدارس في القرى يعد أمراً ضرورياً، وترميمها كذلك إذا ما تطلب الأمر، والاهتمام بالمهارات الجانبية من مثل الخياطة لدى النساء، ومساعدتهن للحصول على مدخول من خلاله، هو أمر سعينا إليه في مشروع محطة «شيراتا». قد يتساءل القارئ، ما المهم في ذلك، إذا ما كانت الطاقة الشمسية العائمة تؤدي دورها في المشروع، وفي نهاية الأمر سيمد نحو 50 ألف منزل بالطاقة المتجددة، بحسب ما هو مخطط له؟! بالنسبة لنا في «مصدر»، وفي تعريفنا لمشروع الطاقة المتجددة، أنها رحلة حياة كاملة يومية، نحن نعمل على إمداد المكان بطاقة متصلة يتحرك فيها الأفراد بوعي من خلال شعورهم بالانتماء إلى تلك الطاقة النظيفة في حياتهم اليومية، وأنها مترابطة ومتأثرة بأعمالهم اليومية البسيطة، وصولاً لأكبر مشروع طاقة شمسية عائمة في جنوب شرق آسيا».

أخبار ذات صلة «COP28».. جهد إقليمي ودولي لمعالجة أزمة تغير المناخ «التوطين».. خطط طموحة لـ «اقتصاد مستدام» مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

حضور متميز للمرأة الإماراتية
أكدت المهندسة فاطمة السويدي أن حضور المرأة الإماراتية في مجال هندسة الطاقة المتجددة والنظيفة، يمثل إضافة نوعية واستثنائية في مجال يزدحم بالرجال عادةً، مبينة أن مجال الهندسة بكافة قطاعاته لا تزال تحضر فيه المرأة بنسب أقل، ودائماً ما تحتاج المرأة في المجالات الهندسية إلى مجهود مضاعف، لإثبات قدرتها وإمكاناتها في المجال، وتابعت: كوني إماراتية فإنني أحظى بدعم القيادة الرشيدة، سواء في الهندسة، أو في جميع القطاعات الحيوية بالدولة، وهو نهج واضح وراسخ في الاستراتيجية الوطنية لدولة الإمارات، وتقع على عاتقي مسؤولية الاشتغال على تلك الفرص ومحاولة تطويرها، وبيان أثر حضور المرأة فيها، ففي كل قطاع تحتاج إلى منهجية التكامل بين رؤى الجنسين من الرجال والنساء، لكل منّا طريقته في استكمال الجزئيات المنوطة به، سواء في إنتاج العملية الإبداعية، أو في بيان الطرق والممارسات في داخل المشاريع نفسها، ورسالتي لكل امرأة إماراتية تود المشاركة في مسيرة الطاقة المتجددة والنظيفة، أن تشارك طالما أنها تستطيع تقديم بعد إبداعي وعلمي وثقافي لمفهوم «الاستدامة»، فالجانب الإنساني في تلك المشاريع المستدامة يكاد يكون هو محور الاستثمار الأكبر، والنساء يدركن قدرتهن الأصيلة والأولى في بناء المجتمعات أينما وُجِدن.

مهندسة في الطاقة المتجددة والنظيفة
درست المهندسة فاطمة السويدي، مجال الطاقة المتجددة والنظيفة، وتخرجت في جامعة الشارقة، أكثر ما ألهمها لدراسة المجال بحسب تعبيرها هو التفكير الرائد لدولة الإمارات بمفهوم الطاقة المتجددة، وحالة الوعي المستمرة سواء في المشاريع المعلنة، والاستراتيجيات المتعلقة بالتعليم والتدريب وتأهيل الإماراتيين، ليكونوا جزءاً من مسيرة دعم المناخ والبحث عن الحلول البديلة القادرة على استدامة علاقة الإنسان بالأرض، خاصة أن فكرة الطاقة التقليدية وأضرارها أصبحت تلقي بظلالها على متغيرات بيئية تعيق مسيرة الإنسان في تطوير وبناء الحياة على كوكب الأرض، فالمؤشرات من خلال علم الأرض، تكشف لنا أن هناك ارتفاعاً في مستوى الضرر الناجم عن استخدام الإنسان لطرق التقليدية لتوليد الطاقة، والأرض باتت تعبر عن استيائها بالزلازل والفيضانات وضعف قدرة التربة على الإنتاج وجفاف المياه وغيرها، وبالنسبة لها فإن ما قامت به دولة الإمارات وريادتها في المجال منذ تأسيس «مصدر» في عام 2006، يعد نقلة في الوعي الإنساني والبيئي والحضاري، نحصد نتائجه اليوم عبر حضور «مصدر» في أكثر من 40 دولة ممتدة على 6 قارات. 

 

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات مصدر إندونيسيا الطاقة النظيفة كوب 28 الاستدامة مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ الطاقة الشمسیة الطاقة النظیفة دولة الإمارات فی المشروع من خلال فی عام

إقرأ أيضاً:

200 خبير يثرون أعمال "المنتدى الدولي للابتكار الأخضر".. و3 جلسات تناقش مستقبل الطاقة المتجددة والتقنيات الخضراء والاقتصاد الدائري

 

 

 

 

 

 

 

◄ المحروقية: تشجيع مبادرة "حرم أخضر ذكي ومستدام" لرفع كفاءة الموارد وتعزيز إدارة النفايات

◄ بنعمارة: آن الأوان لتحويل مخرجات البحث العلمي إلى منتجات وشركات ناشئة

 

 

مسقط- العُمانية

انطلقت بمسقط أمس أعمال المنتدى الدولي للابتكار الأخضر ودوره في تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي، والذي تنظمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالتعاون مع اتحاد مجالس البحث العلمي العربية، بمشاركة أكثر من 200 مشارك من المنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات البحثية المتخصّصة في مجالات البيئة والزراعة والطاقة المستدامة.

ويأتي تنظيم المنتدى في ظل ما يشهده العالم من تحديات بيئية ومناخية متسارعة، وما تفرضه من ضرورة تبنّي نماذج تنموية قائمة على الاستدامة؛ إذ يمثّل الابتكار الأخضر أحد الممكنات الأساسية للتحول نحو الاقتصاد الدائري وتحقيق الحياد الكربوني، عبر تكامل البحث العلمي مع التكنولوجيا وريادة الأعمال البيئية. ويهدف المنتدى إلى تعزيز التكامل العربي في مجالات الابتكار الأخضر والتنمية المستدامة، من خلال تبادل الخبرات بين المؤسسات البحثية والمنظمات الإقليمية، ودعم السياسات والمبادرات الوطنية المرتبطة بالبيئة والطاقة والزراعة الذكية وريادة الأعمال.

وأكّدت معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن استضافة سلطنة عُمان لمنتدى الابتكار الأخضر، ضمن أعمال الدورة السابعة والأربعين لاتحاد مجالس البحث العلمي العربية، تؤكد التزام سلطنة عُمان بدعم مسارات الابتكار الأخضر بوصفه ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وانسجامًا مع توجهات رؤية "عُمان 2040" نحو موازنة متطلبات النمو الاقتصادي مع حماية البيئة.

وأوضحت معاليها أن الابتكار الأخضر بات اليوم عنصر تمكين رئيس لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خصوصًا في مجالات الطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري والتقنيات النظيفة. وأضافت معاليها أن سلطنة عُمان تمضي بثبات نحو تحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050 من خلال الاستراتيجية الوطنية للحياد الصفري، ومركز عُمان للحياد الصفري، وخارطة الطريق الوطنية للاقتصاد الأخضر، مؤكدة أن الوزارة تعزّز هذا التوجه عبر برامجها ومبادراتها البحثية. وفي هذا السياق، أبرزت معاليها دور "مجمع الابتكار مسقط" كأول منطقة علمية حكومية تحتضن الباحثين والمبتكرين وروّاد الأعمال، وترتبط بشراكات مع الجامعات وقطاعي الطاقة والزراعة لتطوير حلول قائمة على الابتكار الأخضر.

وتطرّقت معاليها إلى مشروع تحويل الحرم الجامعي إلى "حرم أخضر ذكي ومستدام" بوصفه إحدى المبادرات الوطنية الرائدة، من خلال تشجيع مؤسسات التعليم العالي على استخدام الطاقة النظيفة، ورفع كفاءة الموارد، وتعزيز إدارة النفايات والتحول الرقمي، إضافة إلى التعاون الدولي مع شركات مثل عُمانتل وهواوي، ودعم المبادرات الطلابية البيئية.

وفي ختام كلمتها، أكّدت معاليها أن المنتدى يشكل منصة علمية للحوار وبناء شراكات بحثية ومشروعات مبتكرة يقودها الشباب، بما يسهم في دعم منظومة الابتكار الوطنية وتقديم حلول نوعية للتحديات البيئية والتنموية في المنطقة.

من جانبه، أوضح معالي الأستاذ الدكتور عبد الحميد بنعمارة الأمين العام لاتحاد مجالس البحث العلمي العربية، أنّ الدول العربية تجاوزت مرحلة بناء القدرات البحثية، وأصبحت تمتلك منظومات علمية قادرة على إنتاج أبحاث رصينة مصنفة عالميًّا.

وأكد أن الوقت قد حان للانتقال من مجرد إنتاج المعرفة إلى تحويل مخرجات البحث العلمي إلى منتجات وبراءات اختراع وشركات ناشئة تحدث أثرًا مباشرًا في المجتمعات. وأشار إلى أن الاكتفاء بإنتاج المنشورات العلمية دون تحويل نتائجها إلى تطبيقات عملية لم يعد مجديًا، لا سيما أن العديد من الأبحاث تحمل أفكارًا قابلة للتطوير وتقديم حلول مبتكرة. وبيّن أن هذا التوجه يشهد انتشارًا عالميًّا متزايدًا، وأن دولًا عربية من بينها سلطنة عُمان والسعودية وقطر ومصر والأردن والمغرب وتونس باتت تتبنى سياسات واضحة لدعم الاقتصاد المبني على المعرفة. وأكد- في ختام كلمته- أن اتحاد مجالس البحث العلمي العربية يعمل على تعزيز هذا المسار من خلال برامج تدعم البحث العلمي وترافقه بمبادرات تركز على تحويل مخرجاته إلى مشروعات ذات أثر اقتصادي واجتماعي ملموس.

وتضمّن برنامج المنتدى عروضًا مرئية، من بينها عرض حول "فرص التحول نحو الاقتصاد الدائري ودوره في دعم تحقيق الحياد الصفري للكربون بحلول 2050" قدمته الدكتورة بثينة بنت محفوظ الوهيبية من شركة نماء لخدمات المياه، إضافة إلى عرض عن "برامج دعم البحوث وبناء القدرات" قدمه الدكتور صلاح بن صومار الزدجالي من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

واشتمل المنتدى على 3 جلسات علمية رئيسة؛ تناولت الأولى مستقبل الابتكار الأخضر وأحدث الاتجاهات البحثية في الطاقة المتجددة وإدارة الموارد والاقتصاد الدائري، إلى جانب مناقشة الفرص والتحدّيات المرتبطة بتحقيق الحياد الصفري. فيما ركّزت الجلسة الثانية على الحلول التطبيقية في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات الخضراء، وشملت عروضًا حول الأنظمة الشمسية، وإعادة تشكيل الهندسة الجذرية للنباتات بوساطة الميكروبات، والتحويل الحيوي للمخلفات لإنتاج البروتين والزيوت الحيوية والأسمدة. أما الجلسة الثالثة فقد ناقشت الابتكار في إدارة المخلفات وتعزيز الاقتصاد الدائري من خلال تجارب دولية وتقنيات إعادة التدوير، ونماذج مبتكرة لإنتاج المواد الحيوية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الحلول البيئية.

وشارك في المنتدى عدد من الجهات المتخصّصة، من بينها المركز العربي لدراسة المناطق القاحلة والأراضي الجافة (أكساد)، والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، ورابطة مراكز أبحاث التصحر، والاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة.

ويُعدّ المنتدى منصة علمية إقليمية تجمع الخبراء وصناع القرار والباحثين لاستشراف التوجهات المستقبلية وتعزيز التعاون العربي في دعم الابتكار الأخضر وتحقيق التنمية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • 200 خبير يثرون "المنتدى الدولي للابتكار الأخضر".. و3 جلسات تناقش مستقبل الطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري
  • مكتب الشؤون الدولية في ديوان الرئاسة بالتعاون مع مؤسسة غيتس يطلق منظومة ذكاء اصطناعي لدعم تنمية القطاع الزراعي الدولي
  • قفزة عربية في «الطاقة النظيفة».. تعزيز الإنتاج من الأولويات!
  • 200 خبير يثرون أعمال "المنتدى الدولي للابتكار الأخضر".. و3 جلسات تناقش مستقبل الطاقة المتجددة والتقنيات الخضراء والاقتصاد الدائري
  • تدشين مشروع "بوليفارد السمو" لدعم جودة الحياة ضمن منظومة مشاريع "صروح"
  • بحضور الرئيس الأوزبكي .. «مصدر» تدشّن مشروع «نور بخارى» للطاقة الشمسية في أوزبكستان
  • تدشين مشروع سعودي لدعم قطاع المياه بكسلا والقضارف
  • نورة السويدي: المرأة الإماراتية نموذج يحتذى في التمكين الرياضي بدعم ورعاية أم الإمارات
  • فوز "العمانية لنقل الكهرباء" بجائزتين في "قيادة الطاقة النظيفة"
  • عاجل .. رئيس الوزراء السوداني يلغي قرار إيقاف “لينا يعقوب ” مديرة مكتب قناتي العربية والحدث .. في اتصال هاتفي