«فانيسا ناكاتي».. صوت «المناخ» في أفريقيا
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
أحمد شعبان (القاهرة)
تسعى ناشطة البيئة الأوغندية الشابة فانيسا ناكاتي، لإيصال صوت الأطفال الأكثر تضرراً من أثار المناخ في قارة أفريقيا للعالم، حتى لا تبقى معاناتهم مجرّد أرقام، ولذلك تم وصفها بـ «صوت أفريقيا»، وتعد من أبرز النشطاء في مجال البيئة والمناخ، وتطالب السياسيين وأصحاب المال ببذل المزيد من الجهد للاعتراف بواقع تغير المناخ وخطورته، ووضع حقوق الإنسان والعدالة المناخية ضمن الجهود المبذولة في القارة السمراء.
وتطالب ناكاتي في أنشطتها البيئية، بصندوق للمساعدة على تعويض الخسائر والأضرار من عواقب تغير المناخ، ومن أجل ذلك خاطبت قادة العالم في مؤتمرات Cop25 وCop26، وشاركت في منتدى «ألباخ» الأوروبي لمناقشة التغيرات المناخية والتحول للطاقة الجديدة، وظهرت على غلاف مجلة تايم الأميركية.
البداية مع البيئة
بدأت الأوغندية فانيسا، 25 عاماً، رحلتها كناشطة عام 2018، بعد أن أصبحت أزمة المناخ واحدة من أكبر التهديدات التي تؤثر على حياة الملايين في أفريقيا، تحدثت عن أزمة بلادها التي تعتبر واحدة من أكثر الدول المعرضة لأخطار المناخ والكوارث الطبيعية الناجمة عن الاحتباس الحراري.
وفي ذاك العام، ضربت كارثة مناخية أوغندا توفي على إثرها نحو 29 شخصاً، ونزح الآلاف من مدينة مبالي بعد أن أغرقت الأمطار الغزيرة والفيضانات المنازل والطرق، وواجه نحو نصف مليون شخص خطر المجاعة بسبب الجفاف في كاراموجا، ومات المئات، معظمهم من النساء والأطفال، فأصبحت فانيسا أكثر وعياً وقلقاً بشأن المجتمعات المعرضة للآثار المدمرة للكوكب الأرض الذي يزداد احتراراً.
وفي بداية عام 2019، وقبل أن تتخرج ناكاتي في كلية إدارة الأعمال بجامعة ماكيريري، تم تكليف الطلاب بالقيام بعمل تطوعي في مجتمعاتهم، فتعرفت عبر تجربتها على تأثير الاحتباس الحراري على الصناعة والزراعة، وعدم انتظام هطول الأمطار على المزارعين الأوغنديين، وكيف يؤثر على إنتاج الغذاء والذي ينعكس على الأهالي بما فيهم أفراد عائلتها، حيث يعتمد نحو 70% من السكان على الزراعة وتربية الماشية.
احتجاجات المناخ
لم تتخيل ناشطة المناخ الأوغندية أن تكون جزءاً من حركة احتجاجية معنية بقضايا المناخ، خاصة وأنها نشأت في عائلة ليس لديها توجهات سياسية، وبدأت نشاطها المناخي باحتجاج مع أقاربها في كمبالا، وواصلت الاحتجاج كل أسبوع وأصبحت وجهاً معروفاً في حراك شبابي يناضل من أجل قضايا المناخ في العالم، وأطلقت حركتها الخاصة بالمناخ في العام 2019، وبدأت نشاطها خارج أبواب البرلمان الأوغندي ضد تقاعس الحكومة عن معالجة أزمة المناخ. وفي 2020 اكتسبت ناكاتي شهرة عالمية عندما أزيلت من صورة صحفية مشتركة مع نشطاء مناخ آخرين بسبب لون بشرتها، واحتل ردها على الحدث عناوين الصحف الدولية، قالت: «إن القناة الإخبارية لم تمسح صورة فحسب، بل مسحت قارة بأكملها».
مبادرات
أسست ناكاتي مجموعة العمل المناخي «الشباب من أجل مستقبل أفريقيا»، ومشروع «المدارس الخضراء»، وانضمت إلى حركة أيام الجمعة من أجل المستقبل في أوغندا، وأسست مبادرة «رايز أب موفمنت» لإعلاء أصوات النشطاء في جميــــع أنحاء أفريقيا، وقامت بحملات لإطلاق مبادرات المناخ في القارة السمراء، بما في ذلك حماية الغابـــــــــــات المطيرة في الكونغو، وزارت المدارس لتوعية التلاميذ بقضايـــــــــا البيئة، وللمساعــــدة في تركيب الألواح الشمسية والمواقد البيئية.
COP28
أعربت فانيسا ناكاتي عن أملها في قمة المناخ بالإمارات، أن يسمع العالم صوت المجتمع المدني والناشطين الشباب، ووصفته بأنه أمر بالغ الأهمية في محاسبة الحكومات، وأن يسرّع COP28 عملية التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري على مستوى العالم، مشددةً على أنه لا يمكن أن يكون لدينا مؤتمر أطراف آخر يسمح لمصالح الوقود الأحفوري بالتضحية بمستقبلنا.
وتشدد ناكاتي على تقييم الخسائر والأضرار، ومعرفة مقدار تكلفة انبعاثات العالم المتقدم للدول النامية، من حيث الظواهر المناخية المتطرفة وتدمير الموائل وسبل العيش، خاصة وأن الدول الغنية تتعهد بالمال من أجل إزالة الكربون ودعم البنية التحتية المستدامة، وأن المجتمع الدولي يتعامل مع ما يدفعه باعتباره تمويلاً لمساعدة الدول في التكيف مع متغيرات المناخ وليس تعويضات عن مساهمتهم في التأثير الأكبر لهذه الأضرار.
أفريقيا
عندما يتعلق الأمر بالقارة الأفريقية، ترى فانيسا «أنها على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ، لكن لا مكان لها على الصفحات الأولى لصحف العالم»، رغم أنها تنتج نسبة قليلة جداً من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، ومع ذلك، فإن تغير المناخ يهدد بتعريض ما يصل إلى 118 مليون من أفقر الأشخاص في أفريقيا للجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة بحلول العام 2030.
العدالة المناخية
تستخدم ناكاتي منصتها «حركة النهوض»، لإيصال أصوات نشطاء المناخ الأفارقة، لمناصرة العدالة المناخية في كل المجتمعات، وخاصة الأماكن الأشد تضرراً، وإيصال قصص الأطفال المتضررين من أزمة المناخ، وتقول: «بصفتي سفيرة اليونيسف أحاول نقل آراء الأطفال والأشخاص المهمشين إلى محافل النقاش الدولية التي كانوا مستبعدين عنها، وسيوفر لي هذا الدور مزيداً من الفرص للقاء الأطفال والشباب، والمناصرة نيابة عنهم».
في نيروبي، التقت فانيسا بمجموعة من الشباب يصنعون وقودا للطهي كبديل رخيص مُصّنع من النفايات، وكونوا شركة طاقة خضراء باسم «موتوبريكس»، هدفها خلق وظائف مستدامة، وقالت: «إن مثل هذه التجارب والقصص بحاجة لأن يسمعها العالم».
النوايا الحسنة
في العام 2022، عينت ناشطة المناخ الأوغندية فانيسا ناكاتي سفيرة للنوايا الحسنة لليونيسف، في خطوة تؤكد تعاونها مع المنظمة واعترافاً بنشاطها العالمي المتميز في سبيل العدالة المناخية للأجيال الحالية والمقبلة، وبدأت رحلتها الأولى إلى توركانا شمال غربي كينيا لمعرفة آثار شح المياه والأمطار وانعدام الأمن الغذائي الناجمين عن أسوأ موجة جفاف في القرن الأفريقي منذ 40 عاماً، والتي تركت أكثر من 37 مليون شخص على شفا المجاعة، والتقت بسكان محليين وأمهات وأطفال كانوا يتلقون العلاج بسبب سوء التغذية الحاد.
أدركت ناكاتي عبر هذه التجربة، تأثير أزمة المناخ الكارثي على الأرواح، وكيف تدمر سبل عيشهم، وكانت المرة الأولى التي تواجه فيها مثل هذه المعاناة جراء أزمة المناخ بشكل مباشر، وهزها لقاء بطفل صغير في أحد المستشفيات كان يعالج من سوء تغذية حاد، وتعرضت لصدمة نفسية عند وفاته في اليوم التالي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أفريقيا المناخ التغير المناخي الاستدامة مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ تغیر المناخ أزمة المناخ المناخ فی من أجل
إقرأ أيضاً:
حُمى التشجير قد لا تكون أفضل حل لمواجهة تغير المناخ
في الوقت الذي يتم فيه الترويج على نطاق واسع لزراعة الأشجار باعتبارها وسيلة فعالة من حيث التكلفة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، بسبب قدرة الأشجار على تخزين كميات كبيرة من الكربون من الغلاف الجوي، تشير نتائج دراسة نشرت في مجلة "نيتشر جيوساينس"، إلى أن زراعة الأشجار في خطوط العرض العالية (القطبية) من شأنها أن تسرع من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي بدلا من إبطائها.
تستند فكرة زراعة الأشجار كحل مناخي على مبدأ بسيط، وهو أن الأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون، أحد الغازات الدفيئة الرئيسية التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري. ومع ذلك، فإن القطب الشمالي يتمتع بتحديات بيئية محددة قد تجعل من التشجير هناك حلا ذا نتائج عكسية.
أكبر مخزن كربون عالميوفقا للمؤلف الرئيسي للدراسة "جيبي كريستنسن" – أستاذ البيولوجيا المساعد في جامعة آرهوس في الدانمارك – فإن التربة في القطب الشمالي تخزن كربونا أكثر من كل نباتات الأرض مجتمعة، لكن هذا التوازن الدقيق يصاب بالخلل عند اختراق جذور الأشجار لهذه التربة، مما قد يؤدي إلى إطلاق الكربون المخزن فيها مرة أخرى إلى الغلاف الجوي.
يضيف "كريستنسن" في تصريحات لـ"الجزيرة نت" إن توازن الطاقة في القطب الشمالي يعد عاملا حاسما. "في فصل الربيع وأوائل الصيف، تشهد المنطقة ساعات نهار طويلة، ويعزز وجود الثلج من تأثير "الألبيدو" أي انعكاس أشعة الشمس من الأرض إلى الفضاء. غير أن الأشجار تعطل هذا التوازن، حيث تمتص مظلاتها الداكنة ضوء الشمس وتحوله إلى حرارة، مما يقلل من الانعكاسية الكلية للمنطقة. وقد يؤدي هذا التأثير الحراري إلى تسريع ذوبان الثلوج والجليد، مما يلغي الفوائد المناخية التي قد تنتج عن زراعة الأشجار".
النقاش حول المناخ قد ركز بشكل أساسي على الكربون (ماتيلدا لي موليك)تشير الدراسة إلى أن القطب الشمالي معرض للظروف القاسية التي تعقد بقاء الأشجار، بما في ذلك الحرائق والجفاف. وتؤدي هذه الاضطرابات الطبيعية، التي تفاقمت بسبب تغير المناخ، إلى تدمير النباتات بانتظام. ووفقا لـ"كريستنسن" فإن هذه البيئة تمثل خطرا كبيرا على بقاء الأشجار، خاصة بالنسبة للمزارع الكبيرة والمتجانسة التي تكون أكثر عرضة لهذه الظروف. فالأشجار والنباتات الميتة تطلق الكربون المخزن فيها مرة أخرى إلى الغلاف الجوي، مما يلغي أي فوائد مناخية كانت قد تحققت.
لذلك، تعتبر زراعة الأشجار في مناطق القطب الشمالي إستراتيجية عالية المخاطر قد تؤدي إلى احتجاز الكربون بشكل مؤقت فقط. ويوضح "كريستنسن" أن "الكربون المخزن في هذه الأشجار قد يغذي الاضطرابات ويعاد إطلاقه إلى الغلاف الجوي في غضون بضعة عقود".
دعوة إلى حلول مناخية شاملةويؤكد "كريستنسن" أن النقاش حول المناخ قد ركز بشكل أساسي على الكربون، ومع ذلك، فإن تغير المناخ يتأثر أيضا بتوازن الطاقة على كوكب الأرض، أي العلاقة بين الطاقة الشمسية التي تدخل الغلاف الجوي والتي تخرج منه. وتعتمد المناطق ذات خطوط العرض العالية، مثل القطب الشمالي، بشكل كبير على تأثير "الألبيدو" لتنظيم درجات الحرارة.
وعلى عكس المناطق ذات خطوط العرض المنخفضة، حيث يكون لاحتجاز الكربون تأثير كبير، يعد تأثير "الألبيدو" في القطب الشمالي ضروريا لعكس الطاقة الشمسية والحفاظ على درجات الحرارة المنخفضة.
يحث الباحثون على الانتقال من الحلول المناخية البسيطة إلى نهج أكثر شمولية يعتمد على النظم البيئية. ويؤكد المؤلف الرئيسي للدراسة على ضرورة أن تأخذ الإستراتيجيات المناخية في الاعتبار التنوع البيولوجي واحتياجات المجتمع المحلي وتأثيرات البيئة. ويشير إلى أن التشجير في القطب الشمالي يجب أن يعامل كأي نشاط صناعي يتطلب المساءلة عن تأثيراته البيئية.
ويقدم مؤلفو الدراسة حلولا بديلة تعتمد على الطبيعة وتتوافق بشكل أفضل مع ظروف القطب الشمالي. ويعتبر دعم مجموعات مستدامة من الحيوانات العاشبة الكبيرة، مثل حيوانات الكاريبو، نهجا واعدا. إذ تشير الدراسة إلى أن الحيوانات العاشبة تساعد في الحفاظ على المساحات المفتوحة في التندرا، مما يسهم في التبريد. وتؤثر الحيوانات العاشبة على الغطاء النباتي وطبقات الثلج، مما يقلل من العزل على الأرض ويساعد في الحفاظ على التربة الصقيعية، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع جامعة آرهوس.