الأسبوع:
2025-03-06@19:23:58 GMT

رسائل غزة الجريحة بين الألم والأمل

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

رسائل غزة الجريحة بين الألم والأمل

طفلٌ رضيعٌ يتدثر بملابس مُخَضّبة بالدماء يُقَلّب رأسه يمينًا ويسارًا، ثم يصرخ جائعًا مستغيثًا بجثمان أمه الشهيدة الغارقة في دماء ضحايا القصف الإسرائيلي الذي لم يرحم صغيرًا ولا كبيرًا من قافلة النازحين في الممر الذي كانوا يقولون إنه آمن ويمكنهم استخدامه في رحلة العبور من شمال غزة إلى جنوبها.. وعلى بعد خطوات يتقلب شيخ عجوز بين آلامه وجراحه النازفة ويمسك بيده الجريحة أطراف أصابع تربط بينه وبين جثمان ابنه الشهيد الذي كان يتوكأ عليه في حِلّه وترحاله.

. وعلى مقربة من أشلاء الجثامين المبعثرة يقف طبيب جريح يصرخ باحثًا عن سيارة إسعاف، فتأتيه الإجابة الحزينة: "لقد قصفوا سيارات الإسعاف، ولحق زملاؤك بمواكب الشهداء".

في الساعات الأولى من يوم الجمعة الرابع والعشرين من نوفمبر 2023، وبعد دقائق من بداية الهدنة الإنسانية الأولى في غزة، انطلقت الفتاة الفلسطينية إلى بيت أسرتها لتبدأ رحلة البحث الشاقة عن جثامين أبيها وأمها وثلاثة من أشقائها بين مئات الشهداء تحت أنقاض البنايات القديمة، وبعد إعياء من البحث بين الأشلاء، صرخت باكية: "كانوا هنا في البيت قبل القصف.. أين ذهبوا.. أين ذهبوا.. هل سرق الاحتلال الجثامين لينزع جلودهم وأعضاءهم ويبيعها لمافيا تجارة الأعضاء البشرية؟".. توقفت صرخات الفتاة بعد أن جف حلقها ولسانها، والتقطت أنفاسها قليلًا وجلست باكية على أطلال منزلها وأمسكت بجهاز الهاتف المُتهالك وبحثت بين الرسائل لعلها تجد حروفًا تروي حيرتها، وبعد تقليب الرسالة تلو الأخرى، قرأت بيان وزارة الصحة في غزة والذي أكد أن عدد المفقودين يتجاوز السبعة آلاف تحت الأنقاض أو جثامينهم ملقاة في الشوارع والطرقات، أو مصيرهم مازال مجهولًا، وبينهم أكثر من خمسة آلاف طفلٍ وامرأة.

تركت الفتاة رسائل الواتساب وبحثت بين الأرقام عن جار لهم يعمل مراسلًا صحفيًا واتصلت به لعلها تجد عنده حلًا أو مساعدة، فأجابها قائلًا: "نحن نبحث بين الأنقاض عن أسرة زميل لنا وقد توفاهم الله جميعًا" الأب والأم وزوجة الزميل وخمسة من أبنائه وبناته، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي منزلهم قبل ساعات من الهدنة".

ومن غزة إلى القاهرة، تأتي الحروف الحزينة تعبر عن لحظات القلق القاتل الذي يطارد فلسطينيا مصابا بشلل نصفي، يجلس بين عيادات مستشفى معهد ناصر ينتظر دوره في الدخول إلى الطبيب، وتتخبط رأسه بين ضربات الندم واللوم والتقريع، لأنه غادر غزة مع زوجته الحامل واتفقا على أن يتركا الطفلتين التوأم مع الجدة حتى تنتهي أيام العلاج.. وبعد صراع بين الكلمات، عاد ليقول لنفسه: "ماذا أفعل وهل كنت أعلم أن غزة سوف تتحول إلى جحيم بعد السابع من أكتوبر؟، وماذا أفعل وكان علاجي في مصر ضرورة لا مفر منها؟!".

قال الفلسطيني المقهور في رسالة استغاثة إن إحدى رصاصات الاحتلال الإسرائيلي أصابته بشلل نصفي، وكان حاله مثل الكثيرين من ضحايا الهجمات الإسرائيلية المتكررة على المدنيين منذ سنوات، وتكاثرت أوجاع جسده العاجز ونصحه الأطباء بالسفر إلى مصر لإجراء جراحة عاجلة وبالفعل حط رحاله في القاهرة منذ تاريخ السابع من أغسطس 2023، وبدأ في رحلة علاج داخل مستشفى معهد ناصر، ومنذ السابع من أكتوبر تراجعت حالته الصحية بسبب هواجس الخوف على طفلتين توأم رزقه الله بهما بعد سنوات من الحرمان، فهو لا يستطيع أن يقطع رحلة علاجه، ولن تتمكن زوجته من التخلي عنه والعودة إلى طفلتيها وهي حامل في طفل، وكل ما يتمناه أن يرى الطفلتين في أمن وأمان بين أحضانه حتى تنتهي رحلة علاجه ويعود مع أسرته إلى غزة.

وقبل أن نترك مأساة الفلسطيني المصاب بشلل نصفي، كانت إشعارات "الواتساب" تشير إلى رسالة من صحفية فلسطينية تبكي بعض أقاربها ومن استشهد من أسرة زوجها، وتقول في رسالة صوتية: "ناس من أهلنا ذهبوا جميعًا إلى بيتهم بعد توقف القصف وقالوا إنهم يريدون أن يطمئنوا على من بقي على قيد الحياة من عائلتهم ومن جيرانهم، ففقدانهم جميعًا كما فقدنا الكثيرين من الأهل والأصدقاء"، وتلاحقت الحروف الحزينة على لسان الصحفية المقيمة في إحدى الدول، وقالت: هل أجد من يأخذ بيد أسرتي المتفرقين في الشوارع بلا مأوى بين خان يونس ورفح ودير البلح، وينقذ حياتهم قبل أن يلحقوا بشهدائنا؟!

وفي رسالة ثالثة، طلب شاب في العشرين من عمره أن ننقل رسالة صوتية حزينة سجلها لعجوز تجلس بجوار أم فلسطينية تحتضن جثمان طفلها الشهيد في أحد المستشفيات، وتقول كلماتها:

يا صغيري قل لربك إنهم بالفوسفور الأبيض أحرقوني وحطموا عظام رأسي ومزقوا قلبي وأحشائي ولم تسلم من نيرانهم عيوني.

يا صغيري قل لربك إنهم قتلوني وقتلوا أبي وأختي وخالي وعمي ولم يبق لي صديق من أبناء جيراني.

قل يا إلهي كنت مصابًا ومنعوا عني الماء والدواء ووضعوا القيود في رقاب من كان يخفف آلامي ويداويني.

قل يا ربي سمعت أوجاع المصابين بالسرطان ومن فقدوا أطرافهم وصرخت مستغيثًا فركلني العدو ولطم من يجفف دموعي.

قل لربك شاكيًا إن روحك كانت تحلّق حولنا وتشاهد قصف المدارس والمنازل وقل إنهم ظلموا أهلي وقهروني.

كانت عيونك يا صغيري تسألهم أنفاسًا وأملًا في حياة بلا أمل فلم يرحموه ولم يرحموني.

يا أُمة العرب ويا كل البشر اغيثوا إخواني المقهورين وارحموا ضعفهم ولُطفًا بأحزاني وشجوني.

وبعد رسائل القهر والألم، جاءت رسالة أخيرة في اليوم الحزين وكتب صاحبها قائلًا: "إننا مع الألم نتعلق بالأمل ونثق في وعد الله العزيز الحكيم الرحمن الرحيم، وسوف تفشل مخططات التهجير وتتحطم أوهام الإبادة، ويُحق الله الحق بكلماته ويقطع دابر المجرمين".. نعم نثق في وعد الله حَقًا وصِدقًا، وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهْ.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

ضربة حظ عبثية .. ماجدة خير الله توجه رسالة لأبطال مسلسل أخواتي

وجهت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، رسالة لأبطال مسلسل «أخواتي»، الذي يعرض حاليا ضمن مسلسلات رمضان 2025.

وكتبت ماجدة خير الله،عبر حسابها الرسمي بموقع فيس بوك قائلة:"مقولة أن الممثل الجامد ممكن يبهرك حتي لو كان الدور قصير، تنطبق تماما على محمد ممدوح، في مسلسل اخواتي،حاله انسانيه غير مسبوقه، لرجل عاش يحلم بامراه ملكت عليه مشاعره، وكانت أبعد إليه من نجوم السماء، وفي ضربة حظ عبثيه، تجبرها الظروف على الزواج منه ولكنه لايهنأ بقربه منها".

وأضافت: "مسلسل اخواتي احد مفاجآت هذا العام تتألق فيه كل من نيللي كريم، وروبي،كنده علوش وجيهان الشماشرجي، المسلسل اخراج محمد شاكر خضير وتأليف مهاب طارق".

يشار إلى أن مسلسل "إخواتي" من بطولة نيللي كريم وروبي وكندة علوش وحاتم صلاح وجيهان الشماشرجي وعلي صبحي، ومن إخراج محمد شاكر خضير وتأليف مهاب طارق، ويتكون من 15 حلقة.

مقالات مشابهة

  • رسائل اغتيال تلقاها حزب الله.. ماذا كشفت؟
  • رمضان في غزة.. جوع وصمود رغم الألم في معركة الاتّفاق
  • الصوم الكبير.. رحلة روحية للتوبة والتجديد في الكنيسة الكاثوليكية
  • عبد الله السعيد يوجه رسالة لشيكابالا في عيد ميلاده| شاهد
  • ميثاق النساء والأمل الموجع
  • "لن نغفر أبدًا"… أرامل أوكرانيا يحوّلن الحزن إلى فن
  • ضربة حظ عبثية .. ماجدة خير الله توجه رسالة لأبطال مسلسل أخواتي
  • الصيام بين الركام.. صمود أرواح غزاوية رغم الألم
  • رسالة من ترامب بشأن شهر رمضان
  • هل يجوز الدعاء بالزواج من شخص معين في السجود؟.. الإفتاء تجيب