الأسبوع الماضي صدر قانون التصالح فى مخالفات البناء فى نسخته الثالثة، وهو القانون الذى صدرفى العام 2019وتم تعديله فى مارس 2020، ثم عاد مرة أخرى ليتم تعديله وموافقة مجلس النواب عليه بشكل نهائي خاصة بعد أن فشل القانون فى نسختيه الأولى والثانية فى التعامل سوى مع 4%من إجمالي المخالفات الموجودة فى أنحاء الجمهورية والتى تقدر بـ2مليون و800مخالفة، وذلك وفقا للأرقام التى تم طرحها تحت قبة البرلمان أثناء مناقشة القانون.
وخلال الأشهر الماضية شهدت لجنة الإسكان بمجلس النواب مناقشات عكست أرقاما منها أن هناك حوالى مليونيْ وثمانمائة ألف طلب تصالح التي قدمها المواطنون خلال الفترة السابقة عبارة عن مليون 400 ألف طلب تصالح عن بناء على الأراضي الزراعية خارج الحيز ومنهم 290 ألف طلب خارج نطاق التصالح من أساسه، أضف إلى ذلك أن هناك 145 ألف طلب بناء مخالف على أراضي الآثار، 115 ألف طلب بناء مخالف على حرم الطرق، 245 ألف طلب بناء مخالف على أراضي الري.
بعد صدور قانون التصالح فى مخالفات البناء فى عام 2020حدد الدكتور خالد قاسم المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية فى ذلك الحين، المخالف بأنه من قام بالبناء وقام بالحصول على الرخصة ومن قام بالبيع للمواطنين وبالتالي هو من تصدر في حقه المخالفة وهو المسئول عن التصالح بشأن هذه المخالفة.
وبعد حالة من الجدل حول من يتحمل تكاليف التصالح هل هو مالك المبني أم السكان، تم حسم الأمر بأن ملاك العقار من المقاولين هم المسئولون عن ذلك، وفى حالة عدم الاستدلال عليهم يقوم السكان بتقديم بلاغات ضدهم حتى يتم إخلاء مسئوليتهم، وفى بعض الحالات التى لم تنجح فيها من الوصول الى مالك العقار، سيتحمل السكان قيمة التصالح.
بالتأكيد كانت هناك حالة من التذمر بين أصحاب العقارات المخالفة والسكان، بسبب اضطرارهم لدفع قيمة التصالح على المخالفة، ومن وجهة نظري فإن هذا الاعتراض يرجع الى اننا اعتدنا ارتكاب المخالفة دون أن نحاسب عليها، وهو ميراث أفرزه فساد المحليات، وارتكن أصحاب المخالفات الى أنه لاتوجد عقوبات واستمر الحال كذلك لسنوات طويلة، وحتى مع صدور قانون التصالح فى مخالفات البناء للمرة الأولي فى العام 2019 لم يتفاعل معه المواطنون وأتذكر أن الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب فى ذلك الحين، أكد أن جملة ما تم تقديمه من طلبات صحيحة للتصالح كان59 طلبا فقط، وتم إجراء تعديلات جديدة على القانون بهدف تقديم تيسيرات أكبر.
أقول إن مخالفات البناء ميراث قديم ويصعب التخلص منه، إذ إن هناك طرفا ثالثا بجانب المالك والمشتري للوحدة المخالفة ويجب أن تتم محاسبته وهم مهندسو الأحياء، الذين كانوا يمرون على العقارات المخالفة ويأخذون الرشاوي مقابل غض الطرف عن المخالفات، وهؤلاء بالطبع معروفون، وأسماؤهم مكتوبة على تراخيص البناء، فإذا أردنا إصلاح منظومة البناء فى مصر، فإن أعيننا يجب أن تركز على هؤلاء فى المقام الأول، لأنهم أصل كل "فساد" ومخالفة بناء.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مخالفات البناء ألف طلب
إقرأ أيضاً:
نموذج 8 لا يغني عن رخصة البناء| مسؤول: تقنين الأوضاع يعزز الاستثمار ويزيد من قيمة العقارات
في محاولة جادة لمعالجة واحدة من أكثر الملفات تعقيداً في قطاع الإسكان والبناء، دخل قانون التصالح الجديد رقم 187 لسنة 2023 حيّز التنفيذ، محمّلاً بالكثير من التطلعات والآمال نحو تقنين أوضاع مخالفات البناء المنتشرة في مختلف المحافظات. إلا أن التطبيق على أرض الواقع ما زال يواجه تحديات كبيرة، أبرزها الالتباس حول ما يُعرف بـ"نموذج رقم 8"، والذي يعتقد الكثير من المواطنين خطأً أنه تصريح ببناء جديد، ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط المعنية.
"نموذج 8" ليس بديلاً لرخصة البناءمن أبرز نقاط الجدل التي أثيرت بعد بدء تطبيق القانون هو الفهم الخاطئ لطبيعة "نموذج رقم 8". حيث أكدت الحكومة أن هذا النموذج لا يُعد بأي حال من الأحوال تصريحاً بالبناء. بل هو بمثابة وثيقة تُقر بأن صاحب المخالفة قد قام بتقنين وضعه القانوني فقط، ولكن لا يُتيح له مباشرة أي أعمال إنشائية جديدة أو استكمال البناء القائم إلا بعد الحصول على رخصة رسمية من المركز التكنولوجي التابع للحي أو المركز المختص.
ووفقاً للقانون، فإن أي محاولة للبناء أو صب الأسقف أو تعلية الأدوار بعد الحصول على النموذج تُعتبر مخالفة جديدة، ما يستدعي ضرورة استصدار رخصة جديدة قائمة على موافقات رسمية من الجهات المعنية.
رؤية المسؤولين.. القانون خطوة مهمةاللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية الأسبق، يرى أن قانون التصالح يُعتبر خطوة مهمة في سبيل تقنين الأوضاع غير القانونية، كما يسهم في تحسين البيئة الاستثمارية في القطاع العقاري.
وأكد أن تقنين العقارات المخالفة يزيد من إقبال المشترين، ويُسهّل من إدخال المرافق الرسمية، ما يرفع من القيمة السوقية لتلك الوحدات.
لكن رغم هذه الإيجابيات، أبدى صقر استياءه من وتيرة التنفيذ البطيئة للقانون، معتبراً أن الحملات الإعلامية والإعلانية التي أطلقتها الدولة لم تحقق الأثر المرجو في تحفيز المواطنين على تقديم طلبات التصالح.
خلل إداري يستدعي المحاسبةوأشار اللواء صقر في تصريحاته لـ"صدى البلد" إلى أن جزءاً من المشكلة يعود إلى الأداء الإداري الضعيف في بعض الوحدات المحلية، حيث ما زال هناك نحو مليون و900 ألف طلب تصالح من المرحلتين الأولى والثانية لم يتم البت فيها حتى الآن.
وطالب بتطبيق عقوبات رادعة ليس فقط على المخالفين، بل أيضاً على الموظفين الذين يتسببون في تعطيل الإجراءات، مما يؤدي إلى إضعاف ثقة المواطنين في المنظومة ويؤخر تنفيذ القانون على النحو المطلوب.
دعوات للشفافية وتسريع الإجراءاتفي ختام حديثه، شدد اللواء صقر على أهمية إعلان الأرقام الرسمية المتعلقة بعدد الطلبات التي تم البت فيها، سواء بالقبول أو الرفض، لضمان الشفافية وبناء جسور الثقة بين الدولة والمواطنين. كما دعا إلى استبدال تمديد المهلات الزمنية بإجراءات حقيقية لتسريع وتيرة العمل، من خلال تفعيل آليات رقابية أكثر فاعلية.
رغم أن قانون التصالح رقم 187 لسنة 2023 جاء محمّلاً بآمال كبيرة، إلا أن نجاحه في تحقيق أهدافه يعتمد بشكل كبير على وضوح آليات تنفيذه، وتعاون جميع الأطراف المعنية، بدءاً من المواطن وحتى المسؤول المحلي. ومع استمرار الجدل حول "نموذج 8" وتأخر البت في عدد ضخم من الطلبات، يبدو أن الطريق نحو تسوية شاملة ما زال بحاجة إلى كثير من الجدية والحزم والشفافية.