الثابت الآن أن تصاعد عمليات الجيش الإسرائيلي فى الأراضى الفلسطينية من شأنه أن ينذر بتفجير الأوضاع ليصبح الحال مضاهيا لما كان عليه الوضع فى عام 1967، حيث تتركز طموحات اسرائيل على الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الأراضى، والتخلص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، ولقد سبق لإسرائيل أن استخدمت استراتيجيات لإخراج الفلسطينيين من قطاع غزة على غرار تضييق سبل الحياة عليهم، وممارسة الحكم بقبضة حديدية، وتشجيع هجرتهم إلى الأردن أو إلى دول أمريكا اللاتينية، أو إلى كندا واستراليا، واعتمدت هذه الاستراتيجية، التى أشرف عليها شخصيا وقتئذ رئيس الوزراء حينذاك "ليفى أشكول"، اعتمدت على عدة عوامل أبرزها الحوافز المادية، وعلى الرغم من ذلك هذه الاستراتيجية لم تلق إلا نجاحا محدودا، وبقى الفلسطينيون، الذين يتألفون بشكل رئيسي من لاجئي عام 1948، وزاد عددهم من 400 ألف إلى مليونين ومائتي ألف نسمة حاليا، بقوا على وضعهم.
ما يبدو الآن ومع الحرب الحالية التى تُشَنّ على قطاع غزة، أن إسرائيل تغتنم الفرصة اليوم لتنفيذ ما لم يكن ممكنا فى السنوات السابقة، حيث تتركز استراتيجية اسرائيل الآن على إفراغ شمال غزة من سكانه الفلسطينيين فى ظل القصف الهائل الذي قامت وتقوم به، والذي ألحق أضرارا بما لا يقل عن 222 ألف وحدة سكنية، وفى ظل رفضها القبول بإطلاق النار، وفى ظل إصرارها على عدم دخول المساعدات المنقذة للحياة. وكل هذا يدل على الضغط الهائل الذي تعرَّض ويتعرض له الفلسطينيون من أجل التحرك جنوبا، وبالتالي تنفيذ إسرائيل لسياسة التطهير العرقى فى الشمال، بحيث عندما يتوقف القتال لا يكون هناك سوى عدد قليل من هذه المباني التي لا تزال قائمة في المنطقة ليعود إليها ساكنوها لاستعادة منازلهم وممارسة سبل عيشهم.
اليوم وبعد ما يقرب من ستة عقود من الجهود غير المثمرة التي بذلها الكبار لإقناع الحكومة الإسرائيلية بصنع السلام مع الفلسطينيين على أساس تقاسم الأرض يشعر الفلسطينى بالعواقب المروعة لهذا الفشل. ولا شك أن مقتل أكثر من ثلاثة عشر ألف شخص فى غزة على يد القوات الاسرائيلية فى هجمات اليوم، والهجمات التى تُجرَى فى الضفة الغربية من قِبَل الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود، والتى أسفرت حتى الآن عن مقتل مائتي فلسطيني، بالإضافة إلى فشل العالم فى ردع تجاوزات اسرائيل، قد أدى كل ذلك إلى بث الخوف العميق لدى الفلسطينيين إزاء التداعيات التى ستنعكس على حياتهم الشخصية، ما سيزيد من تبدد أمل الفلسطينى فى توقف إسرائيل عن العنف، ويتبدد الأمل فى أن تستيقظ اسرائيل من الوهم الذى يسكنها والذى تتصور معه أن استخدامها للحرب ضد الفلسطينيين، واستمرارها فى تبنى استعمال القوة العسكرية ضدهم من شأنه أن يمنحها السلام والأمن. غير أن الوقائع تؤكد أن هذا لا ولن يحدث.
لقد كتب أحد الفلسطينيين يقول: (نحن نستحق العدالة، ونستحق الحرية، ونعتقد أننا على الجانب الصحيح من التاريخ، وأننا حجارة الوادي، وعلى الرغم من ضخامة التحديات التى نواجهها فإن الناس هنا فى قطاع غزة لا يستسلمون). وما يعنيه هذا الوطنى ابن الأرض العربية أن الكفاح الفلسطينى لن يتوقف وسيستمر ضد الاحتلال الاسرائيلي من أجل اقتلاعه فى النهاية من الأرض الفلسطينية لتتبدد أحلامه، وتبوء كل محاولاته بالفشل الذريع مما يضطره إلى الخنوع والخروج صاغرا من الأرض الفلسطينية بلا منازع.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
مصر تدين توسيع اسرائيل الاستيطان بسوريا وتطالب مجلس الامن بدور حاسم
تعرب جمهورية مصر العربية عن رفضها الكامل وإدانتها لقرار الحكومة الإسرائيلية بالتوسع في الاستيطان في الجولان السوري المحتل، بما يمثل انتهاكا صارخا لسيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها، وفقا لـ بيان أصدرته وزارة الخارجية اليوم الأحد
وتعتبر مصر الخطط الإسرائيلية للتوسع في الاستيطان داخل أراضي الجولان السورية المحتلة المخالفة للقانون الدولى إصراراً على فرض سياسة الأمر الواقع، وتعكس مجددا افتقاد إسرائيل للرغبة في تحقيق السلام العادل بالمنطقة، ومواصلة التوسع في الاستيلاء على أراض عربية وتغيير الوضع الديموغرافي للأراضي التي تحتلها، في انتهاك سافر للقانون الدولي وللمواثيق الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف الأربع بوصف إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال.
وتطالب جمهورية مصر العربية الأطراف الدولية الفاعلة ومجلس الأمن بالاضطلاع بمسئولياتهم في رفض تلك الانتهاكات للسيادة السورية ولوضع حد للاستيطان الإسرائيلي.