نيو دلهي : البلاد

ظهرت اعادة توجيه عالمية لسلاسل القيم العالمية مع تعافي البلدان من آثار جائحة كوفيد-19 والتي أدت إلى تغيرات في وظائفها حيث القت هذه التغيرات الضوء على الهند التي يمكن أن تكون بمثابة بديلاً فعالاً لبعض الدول التي كانت تقليدياً المورد الرئيسي للعالم وجاء ذلك في بيان أصدرته وزارة الخارجية الهندية مؤخراً قائلة ” أن الهند تمتلك قدرات فريدة يمكن لها المساهمة في تعزيز سلاسل القيم العالمية” بحسب البيان .

كما تشمل هذه العوامل اقتصاداً داخلياً كبيراً وكذلك اقتصاداً متنامياً من اجل تشجيع التصنيع من خلال برنامج ” صنع في الهند” ونظام الحوافز المرتبطة بالإنتاج وبرنامج ” أتامونيربهار بهارت” أي “الهند المعتمدة بالذات” بجانب الميزة الديموغرافية مع القوى العاملة الماهرة وسياسة التجارة الخارجية الجديدة والتي تشدد على تيسير التجارة الإلكترونية مع امكانية بناء نظام بيئي صناعي متكامل في حين أشار البيان إلى أن جائحة كوفيد-19 هوحرب روسيا وأوكرانيا والتي أدت إلى اعادة تنظيم كبيرة لسلاسل القيمة العالمية .

وفي القمة الأخيرة لمجموعة الدول السبعة (G7) التي تم عقدها في هيروشيما باليابان في مايو 2023م ، حيث اتفقت الإقتصادات المكونة من لمجموعة السبعة على ازالة المخاطر وتنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين والإتفاقية الأخيرة بشأن إطار عمل الهند والمحيط الهادئ من أجل الرخاء ( IPEF)  مع اتفاقية سلسلة التوريد الخاصة بها بما في ذلك تحسين الخدمات اللوجستية والإتصال والإستثمارات في القطاعات الحيوية والتعاون بين أعضاء الكتلة المكونة من 14 دولة بما في ذلك الهند توفر أيضاً حلاً للمستقبل حول ازمات سلسلة التوريد ويقلل الإعتماد عليها .

لذلك ، في الأوقات القادمة ، لن يتم تحديد سلاسل القيم العالمية من خلال القدرة التنافسية من حيث التكلفة فحسب بل أيضاً من خلال الجغرافيا السياسية والأمان ومرونة سلاسل التوريد وقد أدى هذا التصور المتغير وما يترتب على ذلك من اعادة تنظيم سلاسل القيمة العالمية إلى خلق فرص لبلدان الجنوب العالمي حيث يمكن للهند أن تظهر كدولة رائدة إلى جانب فيتنام وإندونيسيا وبنغلاديش حيث يمكن أن تكون هذه الدول بمثابلة بديلاً فعالاً. ومن بين هذه الإقتصادات ، اظهرت جنوب القارة الهندية التوقعات الأكثر ايجابية من حيث مسار النمو والصادرات والتجارة العالمية .

مع تطلع الهند إلى أن تكون جزءاً رئيسياً في سلاسل القيمة العالمية ، فينبغي عليها التركيز على قدراتها الوطنية والأصول الفريدة التي يمكن الإستفادة منها نحو هذا الهدف . فدعونا نلقي نظرة على بعض هذه القدرات والموارد الفريدة في الهند والي يمكن أن تخلق دورا أكبر لها في سلاسل القيمة العالمية ( GVCs). أولاً ، تعد الهند بسوق محلية كبيرة ومعها تأتي امكانية توسيع التصنيع في الهند سواء لصالح الهند أو لبقية العالم .

ووفقاً لتقرير صادر عن المنتدى الإقتصادي العالمي، من المتوقع أن تنمو السوق الإستهلاكية إلى حوالي 6 تريليون دولار بحلول عام 2030م مع تشكيل الفئة المتوسطة الناشئة في الإستهلاك المحلي كما سيكون هناك حوالي 80% من الأسر الهندية ضمن فئة الدخل المتوسط في عام 2030م حيث تتبنى هذه الفئة ايضاً الإقتصاد الرقمي بوتيرة سريعة مما يعزز فرص الهند أن تكون شريكاً محتملاً في سلاسل القيمة العالمية.

وفقاً لتقرير الإحتياطي الهندي لعام 2022-23 ، نمت عمليات التداول الرقمي للتجزئة بواسطة واجهة الدفع الموحدة ( UPI)  بمعدل نمو سنوي مركب ( CAGR )  بنسبة 50% في السنوات الخمس الماضية والتي تجاوزت الإقتصاديات الكبيرة المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأوروبا . ثانياً ، تقدم الهند حالياً بيئة أعمال مواتية مع دعم الحكومة لتشجيع التصنيع من خلال برامج رائدة مثل ” صنع في الهند” و ” آتمونيربر بهارت” .

حيث تم تنفيذ مخططات مثل المخطط الرئيسي للخدمات اللوجستية الوطنية ( NLP ) و غاتيشكتي بهدف تقليل التكاليف اللوجستية . ثالثاً ، تتمتع الهند بالميزة الديموغرافية حيث من المتوقع أن يكون عدد السكان في سن العمل هو الأسرع نمواً على مدى السنوات الثلاثين. علاوة ذلك ، فإن معدل الأجر الشهري في الهند أقل من وجهات التصنيع الخارجية المنافسة مثل الصين وماليزيا بالإضافة إلى ذلك ، بدأت حكومة الهند سلسلة من الإصلاحات في هذا الإتجاه بما في ذلك التدريب المهني في المدارس في اطار سياسة التعليم الوطنية وأنشطة تنمية المهارات تحت مظلة الشركة الوطنية لتنمية المهارات (NSDC ) .

ويسعى الإعلان عن سياسة التجارة الخارجية الجديدة للهند 2023م إلى دمجها في سلاسل القيمة العالمية وجعل الهند مركزاً للتصدير وهناك طريق آخر لتحويل الهند إلى مركز صناعي للعالم وهو بناء نظام بيئي صناعي متكامل حيث ركزت الهند بشكل تقليدي بشكل كبير على قطاع قوي ومزدهر للمؤسسات الصغيرة والصغيرة المتوسطة والذي يساهم بحوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي للهند ونحو 50% من الصادرات .

أخيراً، من أجل تحقيق قدر أكبر من التكامل في سلاسل القيمة العالمية، تحتاج الهند إلى الإستفادة من بنيتها الفيدرالية لصالحها . إن الإصلاحات الصناعية على مستوى الدولة والدور الأكثر استباقية للدول الأخرى في تسهيل التصنيع وتشجيع الصادرات يمكن أن يساعد جني أقصى الفوائد من السياسات على مستوى الدولة وتسلط هذه العوامل الضوء على عروض القيمة المتميزة التي ستضع الهند في موقع جيد للقيام بدور أكبر في سلاسل القيمة العالمية ، وقد حان الوقت للهند لإعادة توجيه سياستها وفقاً لذلك .

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الهند

إقرأ أيضاً:

المولدُ النبوي: إحياءُ القيم النبوية والتضامن مع فلسطين في زمن المحن

شاهر أحمد عمير

يحتفل المسلمون في جميع أنحاء العالم بذكرى مولد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أن الشعب اليمني يتميز بأنه الأكثر فرحًا وحماسًا في إحياء هذه الذكرى العظيمة، يتجدد في اليمن حب الرسول كُـلّ عام، حَيثُ تتزين المدن وتُرفع الشعارات وتُقام الفعاليات التي تعبر عن ارتباط اليمنيين العميق برسول الله ورسالته.

هذه المناسبة ليست مُجَـرّد احتفال عابر، بل هي فرصة يتطلع من خلالها الشعب اليمني إلى استلهام القيم النبيلة التي جاء بها الرسول الأعظم، خَاصَّة في ظل التحديات التي تواجهها الأُمَّــة الإسلامية اليوم، وعلى رأسها قضية فلسطين.

إن ذكرى المولد النبوي ليست مُجَـرّد مناسبة دينية، بل هي لحظة تتجلى فيها معاني العدل والرحمة والجهاد في سبيل الله، وهي القيم التي جسدها الرسول في حياته وحملها كرسالة عالمية، وفي الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من الظلم والاحتلال الإسرائيلي، تتعزز في نفوس المسلمين –وخَاصَّة اليمنيين– مشاعر التضامن والوقوف إلى جانب الحق، مستلهمين من سيرة النبي محمد كيفية مواجهة الظلم ومناصرة المستضعفين.

لم يكن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) مُجَـرّد قائد عسكري أَو زعيم سياسي، بل كان رمزًا للنضال؛ مِن أجلِ الحق والعدالة، مدافعًا عن الفقراء والمظلومين، وخاض العديد من المعارك ليس طمعًا في السلطة أَو الجاه، بل لتأسيس نظام قائم على الإيمان والقيم الإنسانية.

واليوم، بينما تعاني فلسطين من احتلال طويل الأمد وعدوان مُستمرّ، يصبح الاحتفال بمولد النبي فرصة لتذكر تلك القيم السامية، وللتفكير في كيفية مواصلة مسيرته في نصرة المظلومين والوقوف في وجه الطغاة.

إن الاحتفاء بذكرى المولد النبوي يعزز فينا روح الإيمان ويربطنا بالرسول الكريم كقُدوة ومثل أعلى، ولكن لا يقتصر هذا الربط على مظاهر الاحتفال الخارجية، بل هو تعبير عن إيماننا العميق بأن رسالة النبي مُستمرّة في حياتنا اليومية وفي مواقفنا السياسية والاجتماعية، وما يجري اليوم في فلسطين يتطلب منا استحضار قيم النبي في التضامن والوقوف مع الحق.

إذَا كنا نحتفل بذكرى مولده، ألا يحق لنا أن نعبّر عن شكرنا وامتناننا لله عبر دعم المستضعفين ونصرة الحق في كُـلّ مكان؟ وكيف يمكن لنا أن نقتدي برسول الله إن لم نكن جزءًا من هذا الجهاد الأخلاقي؟

لقد ادّعى البعض على مر العصور حب النبي واتخذوا من اسمه شعارًا لهم، لكن سرعان ما فضح الله زيفهم عندما رأيناهم يتبعون أهواء أمريكا و”إسرائيل”، ويفتحون المراقص والكافيهات في أراضٍ يفترض أن تكون مقدسة، هؤلاء الذين يدعون حب النبي كذبًا وزورًا، هم من باعوا القيم الإسلامية الحقيقية، متبعين الغرب الضال والمضل في كُـلّ ما يعاكس تعاليم رسول الله؛ فهل هؤلاء هم من نقتدي بهم؟ أم نقتدي برسول الله الذي جاء ليكون رحمة للعالمين، والذي واجه الكفر والطغيان بكل قوة وثبات؟

وعلى من في قلبه مرض ويعارض الاحتفال بذكرى المولد النبوي أن يراجع نفسه جيِّدًا، وأن يدرك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء برسالة عالمية للإسلام والإيمان، وليس لفرقة أَو جماعة بعينها، الاحتفال بذكرى مولده يعبر عن محبتنا له، وتجديد ارتباطنا بسيرته العطرة، ومن يحارب هذا الاحتفال، سواء بدافع العداء لأنصار الله أَو لأسباب أُخرى، فَــإنَّه يحارب أجمل ما في اليمن، وهو حب النبي محمد والارتباط العميق به.

اليمنيون لطالما كانوا معروفين بهذا الارتباط الوثيق بالنبي وبمحبته، وهذا جزء لا يتجزأ من هُــوِيَّتهم.

إن إحياء ذكرى المولد النبوي في ظل الظروف الراهنة هو فرصة للوقوف وقفة تأمل وتفكير في كيفية العودة إلى قيم رسول الله في وقتٍ تزداد فيه التحديات والمصاعب على الأُمَّــة الإسلامية، يجب أن نحتفل بهذه المناسبة بروح من التضامن والتمسك بالحق، وأن نتعلم من سيرة النبي كيف نقاوم الظلم، ونسعى لبناء عالم يسوده العدل والمساواة.

مقالات مشابهة

  • ألمانيا تعتزم تعزيز التعاون مع الهند في الطاقة المتجددة
  • غرفة الصناعات الغذائية تطلق برنامج «البصمة الكربونية»
  • «الأرشيف والمكتبة الوطنية» يستعرض دور الترجمة في تعزيز القيم الإنسانية
  • المولدُ النبوي: إحياءُ القيم النبوية والتضامن مع فلسطين في زمن المحن
  • في خطورة تنسيب القيم الاجتماعية
  • وزير البيئة يُثمّن الأدوار الفعّالة لصغار المزارعين في تنمية المناطق الريفية وتعزيز سلاسل إمداد الغذاء العالمية
  • رئيس مجلس هيئة السوق المالية: إستراتيجيتنا للأعوام 2024-2026 تأتي لتعزيز مكانة السوق السعودية بصفته أحد أكبر الأسواق العالمية ودعم حماية المستثمرين
  • للقيام بأعمال صيانة.. غدا ضعف المياه ببعض قرى بني سويف
  • مسؤول سعودي: حريصون على تعزيز دور المملكة الريادي في منظمة التجارة العالمية
  • الخاوة.. مجموعة شبابية تصنع الحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي بفضل محتوياتها الفريدة