أكد محللون سياسيون -تحدثوا لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن صفقة تبادل الأسرى تظهر أن المقاومة الفلسطينية هي المتحكمة في الإيقاع، رغم الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ حوالي شهرين، وهو ما يعني أن المقاومة حققت أهدافها من عملية "طوفان الأقصى"، بينما الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه.

وبحسب الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، فقد حددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هدفها في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، في حين أن إسرائيل قالت إن هدفها من وراء الحرب على غزة هو "تدمير حماس بشكل كامل"، مؤكدا أن ما يجري اليوم يثبت أن المقاومة الفلسطينية تبدأ في تحقيق أهدافها، بخلاف الاحتلال الذي لم يفعل ذلك ولا يبدو أنه سيفعل ذلك.

وعلى ضوء ما يحدث في صفقة التبادل، فإن "الإيقاع ما زال بيد حماس"، وأشار مكي إلى أن إسرائيل ما كانت لتقبل بالهدنة مع المقاومة الفلسطينية لو لم تكن مرغمة عليها، لأنها لا تستطيع تحرير محتجزيها في غزة كما وعدت الإسرائيليين بذلك.

وفي السياق نفسه، رأى الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية، الدكتور إبراهيم ربايعة أن من يضبط الإيقاع حاليا هو الصور التي تظهر على شاشات التلفزيون التي تبين أن المقاومة في غزة هي من تتحكم في مكان وموعد تسليم الأسرى.

وأكد أن المقاومة أظهرت أن يدها هي العليا، حيث إن المحتجزين يوجدون في كل مكان بما في ذلك المناطق التي استعرض فيها جيش الاحتلال قوته وقال إنه يسيطر عليها.

ونوّه الأكاديمي إلى أن الصورة التي قدمتها المقاومة في تعاملها مع الأشخاص الذين كانوا محتجزين لديها هزت الرواية التي تحاول رسمها للعالم، ولذلك يمنع المفرج عنهم من التصريح لوسائل الإعلام. في حين أن الأسرى الفلسطينيين المحررين تحدثوا للإعلان عن ظروف سجنهم لينقلوا قضية الأسرى الذين لم يطلق سراحهم بعد للفلسطينيين وللعالم.

هل تمدد الهدنة؟

وعن احتمال تمديد الهدنة الحالية إلى وقف إطلاق نار شامل، قال الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات إن وضع عبارة "قابلة للتمديد" في اتفاق الهدنة يؤشر إلى احتمال تمديدها حتى الوصول لمرحلة يقتنع فيها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بعدم جدوى الاستمرار في الحرب، خاصة المواطنين الإسرائيليين الذين سيطالبون بوقف الحرب عندما يطلق سراح المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.

وأشار إلى وجود اتصالات قوية، بالإضافة إلى كلام الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولين أميركيين آخرين عن مسألة تمديد الهدنة، و"في حال مددت الهدنة مرة ثانية ستصبح المحادثات حول وقف إطلاق النار قائمة، لكن هذه المحادثات تتطلب مبادرات تسوية لأن نزول قادة إسرائيل من الشجرة يحتاج إلى ضغوط أميركية وغربية".

ونوه مكي إلى أن مستشار الأمن القومي الأميركي تحدث لشبكة أميركية عن فكرة لتقديم مساعدات مشروطة لإسرائيل، ما يعني أن واشنطن تريد الضغط على إسرائيل من خلال المساعدات والقبول بالمنطق الأميركي لإدارة الحرب.

كما أوضح الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية أن الولايات المتحدة وفي ظل الضغوط الداخلية التي تتعرض لها، تحاول أن تصل لحلول مقبولة، ولكن ليس بعيدا عن مسار وتسوية سياسية، لأن نزول إسرائيل عن الشجرة مرتبط بأثمان يجب أن تقدمها لجمهورها من أجل استعادة هيبتها التي فقدتها في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ونجحت جهود الوساطة القطرية -بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة- في التوصل إلى اتفاق على هدنة إنسانية في قطاع غزة تستمر لمدة 4 أيام قابلة للتمديد، بدأت الجمعة الماضي.

أسيرة محررة

ومن جهة أخرى، تحدث الأسيرة الإدارية المحررة، حنان البرغوثي -ضمن الوقفة التحليلية على قناة الجزيرة "غزة.. ماذا بعد؟" عن ظروف الأسرى وأحلامهم، وقالت إن فرحة الإفراج عنها وعن بقية البقية ضمن صفقة التبادل لن تكتمل إلّا بعد تعمير غزة وتحرير كل فلسطين.

وأضافت أن المقاومة التي كانوا يقولون عنها "صاحبة الصواريخ العبثية" استطاعت أن تتحدى الجيش الإسرائيلي الذي يوصف بأنه من أقوى جيوش العالم.

وأشارت إلى أن الأسرى داخل سجون الاحتلال سحبت منهم كل وسائل التواصل التي تزودهم بالأخبار التي تجري في الخارج، لكنها عبرت عن أملها بأن جميع الأسرى سيتم تحريرهم ما دامت المقاومة بخير.

ووجهت حنان البرغوثي تحياتها للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وقالت "ستعود غزة وكل فلسطين بإذن الله..".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة أن المقاومة إلى أن

إقرأ أيضاً:

عـــزالدين القسام رمـــز للثورة والجهاد

عبدالله علي صبري

لأن المشروع الصهيوني يمتد إلى عقود طويلة، فقد كانت المقاومة العربية والفلسطينية هي الأخرى ذات امتداد تاريخي، ارتبط بمجابهة الاحتلال البريطاني، الفرنسي، والإيطالي، واستمرت بذات العنفوان في مواجهة الصهيونية وكيانها المؤقت في فلسطين المحتلة.
ومنذ عشرينيات القرن الماضي شهدت فلسطين ثورات متلاحقة في مواجهة الصهيونية والاحتلال البريطاني، مثل ثورة البراق 1929، والثورة الكبرى 1936 – 1939، وما بين الثورتين ظهرت “العُصبة القسامية”، نسبة لمؤسسها عزالدين القسام، الذي عمل خلال هذه الفترة على التوعية بخطر المشروع الصهيوني، وتثوير الناس في مواجهة الاحتلال البريطاني، ودعوتهم إلى اقتناء السلاح، والجهاد في سبيل الله. وقاد بنفسه مجموعات قتالية اشتبكت مع قوات الاحتلال البريطاني والعصابات اليهودية في ريف جنين، قبل أن تتمكن قوات الاحتلال البريطاني من اغتياله عام 1935، وكان لاستشهاده الأثر الكبير في اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى 1936.
ولد القسام في مدينة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية السورية عام 1882، وقد درس العلوم الدينية والشرعية منذ الصغر، وأرسله والده وهو في الرابعة عشر من عمره إلى مصر للدراسة في الأزهر، حيث مكث في القاهرة 8 سنوات، شهد خلالها الثورة العرابية ضد الانجليز، وتأثر أيضا بالحركة الإصلاحية والشيخين جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
ولما عاد إلى جبلة عام 1904، افتتح مدرسة لتعليم الحديث والتفسير، واشتهر كخطيب في جامع المنصوري، وحين سمع أهالي الشام بالحصار الذي فرضته إيطاليا على طرابلس والشيخ عمر المختار في ليبيا، دعا القسام إلى مناصرة الثورة الليبية بالمال والسلاح.
بعد الحرب العالمية الأولى تعرضت سوريا للاحتلال الفرنسي، ما دفع القسام إلى التحرك للجهاد والمقاومة، ولم يقبل أو يخضع للإغراءات، واستمر على نهج المقاومة، حتى أصدرت سلطات الاحتلال بحقه حكما غيابيا بالإعدام، فحاول أن ينجو بنفسه بالهروب إلى حيفا في فلسطين المحتلة 1921، ومن هناك اضطلع القسام بدور تاريخي في الجهاد والمقاومة.
لم يتأثر القسام بأساليب الخداع البريطانية، وتطميناتها الزائفة للعرب بشأن الهجرة اليهودية إلى فلسطين وإقامة “الوطن القومي” كما جاء في وعد بلفور، فكان على الدوام في تحذير للناس من السياسات البريطانية، وفي تحريض على حكومة الاحتلال، وكما اشتهر بخطاباته في سوريا، أصبح الخطيب المفوه في حيفا، وخاصة على منبر جامع الاستقلال.
لم يتوقف القسام عند التحريض بالكلمة، بل أقدم عام 1930 على تشكيل خلايا عسكرية تولت مهمات فدائية لمواجهة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، من خلال كمائن موجعة للمستوطنين الصهاينة. وبرغم الفارق الكبير بين إمكانات العدو الصهيوني/ البريطاني، وما يتوافر للمقاومة الفلسطينية، إلا أن القسام حسم أمره وأعلن الجهاد تحت شعار “نصر أو استشهاد”. وفي 1935 وبعد أن شددت السلطات الرقابة عليه، اضطر للانتقال إلى جنين، وقاد بنفسه الثورة المسلحة، لكن سرعان ما كشفت قوات الاحتلال عن مكانه، فهاجمته وأنصاره حتى استشهد في 19 نوفمبر 1935.
بعد أكثر من نصف قرن على استشهاد القسام، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس عن جهازها العسكري الذي يحمل مسمى كتائب عزالدين القسام. ومن غزة بدأت كتائب القسام عملها المسلح بتصنيع مسدس من طراز “غولدستار”، أعلنت عنه عام 1992، ثم تدرجت في إنتاج واستخدام الأسلحة من الأحزمة الناسفة والعبوات، إلى القنابل والصواريخ، وانتهاء بالطائرات المسيرة. والتحمت كتائب القسام وبقية فصائل المقاومة في مواجهات عسكرية بطولية مع العدو الصهيوني، خلال أكثر من حرب على غزة في 2008، و2012، و2014، وإلى “سيف القدس”2021، ومعركة طوفان الأقصى التي زلزلت كيان العدو الصهيوني في 7 أكتوبر 2023.
30

مقالات مشابهة

  • حماس تدين الموقف الأمريكي تجاه الأونروا
  • لماذا يخفي جيش الاحتلال وجوه جنوده عن الإعلام؟
  • النتنياهو: نريد إعادة الأسرى لكن هدف الحرب هو الانتصار على أعدائنا
  • محللون سياسيون: إسرائيل تستغل الدروز لتنفيذ مشروع توسعي بالمنطقة
  • عـــزالدين القسام رمـــز للثورة والجهاد
  • إسرائيل على فوهة بركان.. عصيان وموجة غضب شعبية تقلب الموازين| تقرير
  • محللون: إسرائيل قد تستخدم المساعدات لتحقيق أهدافها والعالم لا يفعل شيئا
  • روسيا: ننتظر رد أوكرانيا على الهدنة والمباحثات
  • القاهرة الإخبارية: واشنطن تبلغ إسرائيل نيتها تمديد التفاوض مع إيران
  • أول رد من زيلينسكي على قرار بوتين بشأن الهدنة