أقدم أسيرة في سجون الاحتلال تكشف المستور وتروي قصصاً مؤلمة

شمسان بوست / متابعات:

فلأول مرة منذ 8 سنوات تشرق شمس الصباح، حاملة معها عبير الحرية، لتتنفسه الفلسطينية ميسون الجبالي (28 عاما)، التي ولت وجهها شطر السماء لتراها دون أسلاك شائكة، تحجب الرؤية.

فمن منزل عائلتها في قرية الشوامرة شرقي بيت لحم (جنوبي الضفة الغربية)، استيقظت ميسون، لتجد نفسها بين ذويها، تحتسي قهوتها رفقتهم دون الحصول على إذن بالزيارة، وتتبادل الحديث معهم، دون الخوف من دقات الساعة التي تحمل بين ثناياها، موعدًا لنهاية تلك الزيارة، التي لطالما افتقدتها.



وأفرجت إسرائيل، أمس السبت، عن ميسون ضمن 39 فلسطينيا بينهم 6 أسيرات، و33 قاصرا، في الدفعة الثانية من الأسرى المحررين بموجب اتفاق مع حركة حماس، من المقرر أن يستمر على مدى اليومين القادمين، ليشمل 150 أسيرا فلسطينيا، من النساء والقاصرين، مقابل 50 إسرائيليا، من النساء والقاصرين، المحتجزين في غزة.

ولادة جديدة
صفقة أعادت الحياة من جديد لأسيرات فلسطينيات، كن فقدن الأمل في الخروج من غياهب السجون الإسرائيلية، ليبدأن من جديد تلمس خطواتهن نحو مستقبل يأملن أن يحمل في طياته عوضًا عن أيام ثقال قضينها خلف الأسوار.

عن تلك الأيام تحدثت الجبالي قائلة: «إن الخروج من السجن بعد 8 سنوات ولادة جديدة أو كأنه البعث، لا يمكن أن تعبر عنها الكلمات رغم الألم؛ فلأول مرة أبات ليلة دون سجان يغلق عليّ باب الغرفة».

حاضر لم يمحُ ماضيًا أليمًا من ذاكرة ميسون، التي استذكرت لحظات الاعتقال والتحقيق، والسجن، قائلة: «حياة الأسير في كل يوم وساعة ودقيقة مثال حي للمعاناة، فلا معنى الراحة، ولا لا لطعام أو شراب».



«معاناة استمرت 8 سنوات رفقة أسيرات، بتن بالنسبة لي كعائلة استندت عليها»، تقول ميسون، التي لم تحدت تلك المعاناة وتمردت على حواجز السجن بتحقيق «إنجاز تعليمي، وحصولها على البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية».

واعتقلت الجبالي في 29 يونيو/حزيران 2015، بينما كانت طالبة تدرس اللغة الإنجليزية في جامعة القدس ببلدة أبو ديس شرقي القدس، إلا أنها استطاعت الحصول على درجة البكالوريوس في الخدمة المجتمعية داخل السجن.

واتهمت الجبالي التي تعد أقدم أسيرة فلسطينية في السجون الإسرائيلية، بتنفيذ عملية طعن على حاجز قبة راحيل (مسجد بلال) قرب بيت لحم أصيبت خلالها جندية إسرائيلية بجروح، مما حكم عليها بالسجن لمدة 15 عامًا.

إلا أنه بعد 8 سنوات، استنشقت الجبالي من جديد عبير الحرية، مودعة حياة الاحتجاز، لتركض في شارع مدينة البيرة، حتى ارتمت في أحضان عائلتها التي استقبلتها بحرارة.

وكانت الجبالي احتجزت على الطريق قبل وصولها إلى بلدتها الشوامرة، من قبل قوة إسرائيلية لنحو 3 ساعات بحسب مصدر في عائلتها رفض ذكر اسمه خشية الملاحقة، أشار إلى أن الأسيرة المحررة وعائلتها تلقوا تهديدات من قبل ضابط إسرائيلي، بشأن الإقدام على أي عمل مستقبلا.

ماذا بعد؟
غداة إطلاق سراحها، باتت تفكر الجبالي في خطواتها المقبلة، قائلة، إنها تطمح بعد هذه السنوات بالعيش حياة هادئة، تبني مستقبلها الخاص.

مستقبل ستكون أولى خطواته التعليم؛ أملا في الوقوف إلى جانب والدتها العجوز وأسرتها، تقول الجبالي، التي أشارت إلى أمها قائلة: «تحملت وتعبت كثيرا واجبي الآن العناية بها».

ورغم الحرية إلا أن ميسون تشعر بالألم، قائلة: «ثمن الحرية كان غاليًا جدا، فقد جاء بدماء شعبنا في قطاع غزة، وعلى ركام منازلهم، مما ترك فينا جرحا كبيرا لن يندمل».


تلك الحرية الممزوجة بالألم، قالت عنها ميسون إنها لن تكتمل إلا بالإفراج عن الأسيرات اللاتي عاشت معهن في السجون وتركتهن خلفها.

تضييق على الأسيرات
وبعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فرضت السلطات الإسرائيلية تضييقات على الأسيرات، بحسب الجبالي، التي أضافت: مصلحة السجون سحبت كل شيء من الأسيرات، التلفاز والراديو وبلاطة المطبخ (موقد الطهي)، الكتب والمقتنيات الشخصية».

وضع وصفته ميسون بـ«الصعب للغاية»، قائلة: «اقتحمت السلطات الإسرائيلية، الغرفة، وتعرضنا للضرب والرش بالغاز المسيل للدموع».

معاملة فاقمها تقليص الطعام إلى ما يقارب 90%، الأمر الذي كان له أثر كبير على النزيلات، بحسب ميسون، التي قالت إن إسرائيل زجت بـ18 أسيرة في الغرفة الواحدة التي لا تتسع لأكثر من 8 أشخاص.

وقالت ميسون: «انقطعنا عن الأخبار بشكل شبه كامل، وكنا نعرف ما يجري بالخارج من الأسيرات الجدد»، مشيرة إلى أن «الأسيرات لديهن دوما رسالة واضحة مفادها لا تتركونا في السجون، إلى جانب رسالة الوحدة ثم الوحدة».



ماذا قالت والدتها؟
قالت والدة الجبالي: «صبرنا سنوات طويلة (..) الحمد لله، عادت ميسون لبيتها».

وبعفوية تضيف العجوز، قائلة: «إن شاء الله.. كافة الأسرى يعودون لبيوتهم، أنا مبسوطة (فرحانة) كثيرًا (..) عقبال باقي الأهالي».

صفقة شاملة
أمانٍ حملها رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، قدورة فارس على عاتقه، قائلا: «نأمل بالذهاب إلى صفقة شامل تقضي بالإفراج عن كافة المعتقلين».

وأوضح فارس: «لدى الفصائل في قطاع غزة معتقلين إسرائيليين غير مدنيين، يمكن لإسرائيل أن تذهب إلى صفقة شاملة، تستلم كل أسرها مقابل الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين»، مستدركًا: ولم لا؟! في إشارة إلى عدم صعوبة تحقيق ذلك الأمر، وتبييض السجون الإسرائيلية.

وأضاف: «إسرائيل تعتقل ما يزيد عن 7 آلاف فلسطيني، وصعّدت في الأسابيع الأخيرة من حملة الاعتقالات التي طالت ما يزيد عن 3 آلاف فلسطيني»، مشيرًا إلى أن «كل الشعب الفلسطيني عرضة للاعتقال، فغالبية المعتقلين بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حولوا إلى الاعتقال الإداري (دون تهمة)».

وحول أسباب تعثر الإفراج عن الدفعة الثانية، قال: «تعثرت لبعض المعايير التي لم تلتزم بها إسرائيل، والمتمثلة بالأقدمية، إلا أنه تم حسم الأمر والإفراج عن القائمة»، مضيفًا: «نأمل أن تتم كافة الدفعات حسب الاتفاق دون تعثر، فمن حق الأسيرات وكل الأسرى أن يعودوا إلى بيوتهم».

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: إلا أن

إقرأ أيضاً:

الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان

الخرطوم- في خطوة تمهيدية لإعلان تشكيل وزاري جديد، أقرت الحكومة السودانية، أول أمس الأربعاء، تعديلات على الوثيقة الدستورية، منحت بموجبها صلاحيات واسعة لرئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، بينما يتحدث خبراء قانونيون عن عدم جواز إدخال تعديلات على الوثيقة إلا بواسطة البرلمان.

وأكد البرهان، الأربعاء، خلال اجتماعه بالسفير الإيطالي المعتمد لدى السودان والمقيم بإثيوبيا ميشيل توماسي، عزمه تشكيل حكومة انتقالية برئاسة رئيس وزراء تكنوقراط، لا ينتمي لأي جهة أو حزب.

وقال وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين إن البرهان قدم شرحا للسفير الإيطالي عن المرحلة المقبلة التي "ستشهد تشكيل حكومة للفترة الانتقالية، كما سيتم تنظيم انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية".

التعديلات الدستورية تمنح البرهان سلطة تعيين رئيس وزراء مدني وإقالته (مجلس السيادة الانتقالي) تعديلات الوثيقة

عقد مجلسا السيادة والوزراء -المجلس التشريعي المؤقت- اجتماعا برئاسة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، وقد أجاز الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019- تعديل 2025، كما أجاز قوانين أخرى مهمة بينها قانون الإجراءات الجنائية- تعديل 2025، وقانون تشجيع الاستثمار.

وتم توقيع الوثيقة المعدلة في أغسطس/آب 2019، بواسطة المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، متضمنة هياكل وتقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين خلال الفترة الانتقالية، وأدخلت تعديلات عليها في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أضيفت بموجبها اتفاق جوبا لسلام السودان بين الحكومة وأطراف العملية السلمية، باعتبارها "جزءا لا يتجزأ" من الوثيقة الدستورية.

وقالت مصادر مطلعة للجزيرة نت إن التعديلات عكفت عليها لجنة خاصة شكّلها مجلس السيادة، وقدمت مقترحات لاجتماع بين مجلسي السيادة والوزراء للنظر فيها وإجازتها.

إعلان

وشددت المصادر على أنّ التعديلات لم تمس جوهر والتزامات الدولة باتفاقية جوبا لسلام السودان، وركزت على المواءمة بين تلك الالتزامات وتكوين مجلسي السيادة والوزراء، والصلاحيات الممنوحة لهما بموجب هذه التعديلات.

ولم تكشف الحكومة تفاصيل التعديلات التي أجريت على الوثيقة الدستورية، واكتفى وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة خالد الإعيسر -في تغريدة على منصة إكس- بالتأكيد على أن التعديلات ستنشر في الجريدة الرسمية قريبا، ولم يرد الوزير على استفسارات للجزيرة نت حيال طبيعة التعديلات التي أجريت على الوثيقة الدستورية.

عدد من النقاط التي نشرتها بعض وسائل الإعلام حول بنود الوثيقة الدستورية ونسبتها إلى مصادر مجهولة تناولت معلومات غير صحيحة، وبعضها تكهنات حملت روحاً مزاجية (وغير مهنية)، بالإضافة إلى معلومات غير دقيقة. ستقوم الحكومة السودانية بنشر الوثيقة كاملة في الجريدة الرسمية قريبا بتفاصيلها…

— Khalid Ali خالد علي (الإعيسر) (@Aleisir) February 20, 2025

تسريبات

لكن تسريبات خاصة حصلت عليها الجزيرة نت تحدثت عن أن التعديلات على الوثيقة المجازة عام 2019 تضمنت منح رئيس مجلس السيادة صلاحيات واسعة، تشمل -ضمن مهام أخرى- سلطة تعيين وإعفاء رئيس الوزراء، وهو الحق الذي كان حصريا قبل التعديل لقوى تحالف الحرية والتغيير، الشريك الأساسي في الوثيقة الدستورية.

وشملت التعديلات حذف كل البنود ذات الصلة بـ"الحرية والتغيير" وبقوات الدعم السريع، وأحلت محلهما كلمة "الشركاء"، وتضمنت كذلك بدء فترة انتقالية جديدة مدتها 39 شهرا، تبدأ من تاريخ التوقيع على الوثيقة.

وحافظت التعديلات على نسب السلطة الممنوحة للموقعين على اتفاق السلام في جوبا، وهي مجموعة من الحركات المسلحة التي يقاتل بعضها حاليا إلى جانب الجيش في معاركه ضد قوات الدعم السريع.

إعلان

ونقلت تقارير صحفية نشرت الخميس، عن مصادر مطلعة، أن التعديلات على الوثيقة الدستورية تضمنت زيادة عدد أعضاء مجلس السيادة إلى 9 بدلا من 6، مع رفع عدد المقاعد المخصصة للقوات المسلحة إلى 6 بدلا من 4، ومنح قادتها صلاحية ترشيح رئيس المجلس والتوصية بإعفائه.

وفي ما يخص السلطة التشريعية، أبقت التعديلات على المجلس التشريعي بعدد 300 عضو، ولحين تشكيله، يتم الاستعاضة عنه بمجلسي السيادة والوزراء، كما تم الإبقاء على عدد الوزارات ليكون 26 وزارة، بعد أن كان هناك مقترح لتقليصها إلى 16.

وكان رئيس حركة تحرير السودان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي تحدث في وقت سابق عن مطالبتهم بتوزيع جديد لنسب اقتسام السلطة في الوثيقة الدستورية، قائلا إنها "وضعت عمليا 75% من السلطة بيد المكون العسكري، بعد خروج تحالف قوى الحرية والتغيير من المشهد".

ولم يستبعد قيادي في الحركة -تحدث للجزيرة نت- أن تُثير هذه التعديلات خلافات بين مناوي والمكون العسكري في مجلس السيادة، بعد تجاهل الملاحظات التي أبداها رئيس الحركة على التعديلات قبل إقرارها.

فاقدة للصلاحية

من جهته، يقول المحامي والخبير القانوني ساطع أحمد الحاج للجزيرة نت إن "الوثيقة الدستورية، ووفقا لنصوصها، لا يمكن تعديلها إلا بواسطة المجلس التشريعي"، ويضيف من ناحية أخرى أنها "نصت على منح الأطراف الموقعة عليها 90 يوما لتشكيل المجلس التشريعي، على أن تمنح سلطة التشريع مؤقتا ولمدة 90 يوما للاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء المشكلين بموجب الوثيقة".

ويضيف الحاج -الذي كان مشاركا في إعداد الوثيقة الدستورية المعدلة- أنه بالرغم من أن حكومة الثورة توسعت في تفسير المادة 24 من الوثيقة، بتعديل الدستور في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بإدخال اتفاقية جوبا للسلام، فإنه لم يكن مؤيدا للخطوة، ويردف قائلا "البعض وجد العذر لهم باعتبار أن إرادة طرفي الوثيقة قد ذهبت لذلك".

إعلان

ويضيف "أما الآن فإن الوثيقة فقدت صلاحيتها، بموجب أن أحد أطرافها انقلب على الطرف الثاني يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021″، معتبرا أن "مجلس السيادة الحالي ليس هو المنصوص عليه في الوثيقة، من حيث جهة الاختيار والتعيين والصلاحيات والتمثيل".

مقالات مشابهة

  • عبارات حفرها الأسرى الفلسطينيون على جدران السجون الإسرائيلية قبل الإفراج عنهم
  • وفاة أسير فلسطيني محرر بعد أسبوع من إطلاق سراحه.. قضى 21 عاما في سجون الاحتلال
  • اعتقلوا بعد 7 أكتوبر.. الإفراج عن 445 غزاويًا من سجون الاحتلال اليوم
  • تفاصيل جديدة| بعد وفاتها في الأردن شقيقتها تكشف المستور.. ماذا حدث لـ آية عادل؟
  • الإعلام الحكومي بغزة: 365 طفلاً يقبعون في سجون الاحتلال
  • سلمى أبوضيف : الرضاعة الطبيعية مؤلمة ولا تتوفر الكثير من المساعدات
  • أميرة فتحي تكشف سبب اختفائها عن الساحة الفنية بعد غياب سنوات.. فيديو
  • حماس تسلم رفات أسيرة الاحتلال بيباس للصليب الأحمر
  • الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان
  • أسيرة إسرائيلية مُفرج عنها تروي ما عاشته في غزة: عناصر القسام أحضروا لنا الشموع وكتاب صلاة خلال عيد الفصح