أقدم أسيرة في سجون الاحتلال تكشف المستور وتروي قصصاً مؤلمة
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
أقدم أسيرة في سجون الاحتلال تكشف المستور وتروي قصصاً مؤلمة
شمسان بوست / متابعات:
فلأول مرة منذ 8 سنوات تشرق شمس الصباح، حاملة معها عبير الحرية، لتتنفسه الفلسطينية ميسون الجبالي (28 عاما)، التي ولت وجهها شطر السماء لتراها دون أسلاك شائكة، تحجب الرؤية.
فمن منزل عائلتها في قرية الشوامرة شرقي بيت لحم (جنوبي الضفة الغربية)، استيقظت ميسون، لتجد نفسها بين ذويها، تحتسي قهوتها رفقتهم دون الحصول على إذن بالزيارة، وتتبادل الحديث معهم، دون الخوف من دقات الساعة التي تحمل بين ثناياها، موعدًا لنهاية تلك الزيارة، التي لطالما افتقدتها.
وأفرجت إسرائيل، أمس السبت، عن ميسون ضمن 39 فلسطينيا بينهم 6 أسيرات، و33 قاصرا، في الدفعة الثانية من الأسرى المحررين بموجب اتفاق مع حركة حماس، من المقرر أن يستمر على مدى اليومين القادمين، ليشمل 150 أسيرا فلسطينيا، من النساء والقاصرين، مقابل 50 إسرائيليا، من النساء والقاصرين، المحتجزين في غزة.
ولادة جديدة
صفقة أعادت الحياة من جديد لأسيرات فلسطينيات، كن فقدن الأمل في الخروج من غياهب السجون الإسرائيلية، ليبدأن من جديد تلمس خطواتهن نحو مستقبل يأملن أن يحمل في طياته عوضًا عن أيام ثقال قضينها خلف الأسوار.
عن تلك الأيام تحدثت الجبالي قائلة: «إن الخروج من السجن بعد 8 سنوات ولادة جديدة أو كأنه البعث، لا يمكن أن تعبر عنها الكلمات رغم الألم؛ فلأول مرة أبات ليلة دون سجان يغلق عليّ باب الغرفة».
حاضر لم يمحُ ماضيًا أليمًا من ذاكرة ميسون، التي استذكرت لحظات الاعتقال والتحقيق، والسجن، قائلة: «حياة الأسير في كل يوم وساعة ودقيقة مثال حي للمعاناة، فلا معنى الراحة، ولا لا لطعام أو شراب».
«معاناة استمرت 8 سنوات رفقة أسيرات، بتن بالنسبة لي كعائلة استندت عليها»، تقول ميسون، التي لم تحدت تلك المعاناة وتمردت على حواجز السجن بتحقيق «إنجاز تعليمي، وحصولها على البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية».
واعتقلت الجبالي في 29 يونيو/حزيران 2015، بينما كانت طالبة تدرس اللغة الإنجليزية في جامعة القدس ببلدة أبو ديس شرقي القدس، إلا أنها استطاعت الحصول على درجة البكالوريوس في الخدمة المجتمعية داخل السجن.
واتهمت الجبالي التي تعد أقدم أسيرة فلسطينية في السجون الإسرائيلية، بتنفيذ عملية طعن على حاجز قبة راحيل (مسجد بلال) قرب بيت لحم أصيبت خلالها جندية إسرائيلية بجروح، مما حكم عليها بالسجن لمدة 15 عامًا.
إلا أنه بعد 8 سنوات، استنشقت الجبالي من جديد عبير الحرية، مودعة حياة الاحتجاز، لتركض في شارع مدينة البيرة، حتى ارتمت في أحضان عائلتها التي استقبلتها بحرارة.
وكانت الجبالي احتجزت على الطريق قبل وصولها إلى بلدتها الشوامرة، من قبل قوة إسرائيلية لنحو 3 ساعات بحسب مصدر في عائلتها رفض ذكر اسمه خشية الملاحقة، أشار إلى أن الأسيرة المحررة وعائلتها تلقوا تهديدات من قبل ضابط إسرائيلي، بشأن الإقدام على أي عمل مستقبلا.
ماذا بعد؟
غداة إطلاق سراحها، باتت تفكر الجبالي في خطواتها المقبلة، قائلة، إنها تطمح بعد هذه السنوات بالعيش حياة هادئة، تبني مستقبلها الخاص.
مستقبل ستكون أولى خطواته التعليم؛ أملا في الوقوف إلى جانب والدتها العجوز وأسرتها، تقول الجبالي، التي أشارت إلى أمها قائلة: «تحملت وتعبت كثيرا واجبي الآن العناية بها».
ورغم الحرية إلا أن ميسون تشعر بالألم، قائلة: «ثمن الحرية كان غاليًا جدا، فقد جاء بدماء شعبنا في قطاع غزة، وعلى ركام منازلهم، مما ترك فينا جرحا كبيرا لن يندمل».
تلك الحرية الممزوجة بالألم، قالت عنها ميسون إنها لن تكتمل إلا بالإفراج عن الأسيرات اللاتي عاشت معهن في السجون وتركتهن خلفها.
تضييق على الأسيرات
وبعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فرضت السلطات الإسرائيلية تضييقات على الأسيرات، بحسب الجبالي، التي أضافت: مصلحة السجون سحبت كل شيء من الأسيرات، التلفاز والراديو وبلاطة المطبخ (موقد الطهي)، الكتب والمقتنيات الشخصية».
وضع وصفته ميسون بـ«الصعب للغاية»، قائلة: «اقتحمت السلطات الإسرائيلية، الغرفة، وتعرضنا للضرب والرش بالغاز المسيل للدموع».
معاملة فاقمها تقليص الطعام إلى ما يقارب 90%، الأمر الذي كان له أثر كبير على النزيلات، بحسب ميسون، التي قالت إن إسرائيل زجت بـ18 أسيرة في الغرفة الواحدة التي لا تتسع لأكثر من 8 أشخاص.
وقالت ميسون: «انقطعنا عن الأخبار بشكل شبه كامل، وكنا نعرف ما يجري بالخارج من الأسيرات الجدد»، مشيرة إلى أن «الأسيرات لديهن دوما رسالة واضحة مفادها لا تتركونا في السجون، إلى جانب رسالة الوحدة ثم الوحدة».
ماذا قالت والدتها؟
قالت والدة الجبالي: «صبرنا سنوات طويلة (..) الحمد لله، عادت ميسون لبيتها».
وبعفوية تضيف العجوز، قائلة: «إن شاء الله.. كافة الأسرى يعودون لبيوتهم، أنا مبسوطة (فرحانة) كثيرًا (..) عقبال باقي الأهالي».
صفقة شاملة
أمانٍ حملها رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، قدورة فارس على عاتقه، قائلا: «نأمل بالذهاب إلى صفقة شامل تقضي بالإفراج عن كافة المعتقلين».
وأوضح فارس: «لدى الفصائل في قطاع غزة معتقلين إسرائيليين غير مدنيين، يمكن لإسرائيل أن تذهب إلى صفقة شاملة، تستلم كل أسرها مقابل الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين»، مستدركًا: ولم لا؟! في إشارة إلى عدم صعوبة تحقيق ذلك الأمر، وتبييض السجون الإسرائيلية.
وأضاف: «إسرائيل تعتقل ما يزيد عن 7 آلاف فلسطيني، وصعّدت في الأسابيع الأخيرة من حملة الاعتقالات التي طالت ما يزيد عن 3 آلاف فلسطيني»، مشيرًا إلى أن «كل الشعب الفلسطيني عرضة للاعتقال، فغالبية المعتقلين بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حولوا إلى الاعتقال الإداري (دون تهمة)».
وحول أسباب تعثر الإفراج عن الدفعة الثانية، قال: «تعثرت لبعض المعايير التي لم تلتزم بها إسرائيل، والمتمثلة بالأقدمية، إلا أنه تم حسم الأمر والإفراج عن القائمة»، مضيفًا: «نأمل أن تتم كافة الدفعات حسب الاتفاق دون تعثر، فمن حق الأسيرات وكل الأسرى أن يعودوا إلى بيوتهم».
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: إلا أن
إقرأ أيضاً:
هذه أبرز الأحداث التي شهدتها إيران خلال 2024.. بينها عملية اغتيال
وقعت أحداث بارزة على الأراضي الإيرانية خلال عام 2024، تنوعت ما بين تفجيرات وعملية اغتيال وتحطم لطائرة الرئيس، ما دفعها لإجراء انتخابات مبكرة وأفرزت رئيسا جديدا للبلاد.
تفجيرات كرمان
وترصد "عربي21" أبرز الأحداث التي شهدتها إيران خلال هذا العام، وبدأت بتفجيرين دمويين في مدينة كرمان الإيرانية بتاريخ 3 كانون الثاني/ يناير 2024، أثناء مراسم لإحياء ذكرى اغتيال قاسم سليماني، وأسفرت عن 84 قتيلا و284 مصابا.
أعلنت الحكومة الإيرانية أن الحادث عبارة عن هجوم إرهابي، وهو الأكثر دموية في إيران منذ "الثورة الإسلامية"، ونتج عن تفجير حقيبتين مفخختين بواسطة جهاز التحكم عن بعد، ويُعتقد أن معظم الضحايا قتلوا في الانفجار الثاني، وتعرض عدد من الجرحى للدهس بسبب الذعر الناجم عن التفجير.
وبعد أيام، وتحديدا في منتصف يناير، شن الحرس الثوري الإيراني هجوما بالصواريخ على أهداف في العراق وسوريا، ردا على تفجيرات كرمان.
ضربة إيرانية غير مسبوقة
مثّلت الضربات الصاروخية الإيرانية غير المسبوقة ضد الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 13 نيسان/ أبريل الماضي، حدثا بارزا خلال هذا العام، وردت طهران بما يزيد عن 150 صاروخا وطائرة مسيرة، على قصف إسرائيلي لقنصليتها في دمشق.
أطلق الحرس الثوري الإيراني على عمليته "الوعد الصادق"، ونفذ الهجوم العسكري بالتنسيق مع المقاومة الإسلامية في العراق وحزب الله اللبناني وأنصار الله الحوثي اليمني ليلة 13 أبريل وحتى فجر 14 أبريل، وكانت هذه الحملة الهجومية رد فعل على الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق في 1 أبريل، وأدت إلى استشهاد 16 شخصا بينهم مسؤول إيراني كبير في فيلق القدس.
وكان هذا القصف أول هجوم مباشر لإيران على إسرائيل، وأول ضربات تتعرض لها "إسرائيل" من قبل دولة في المنطقة منذ الضربات الصاروخية التي شنها العراق في فترة حكم الرئيس صدام حسين، إبان حرب الخليج الثانية منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وذكر جيش الاحتلال أن إيران أطلقت أكثر من 300 صاروخ منها نحو 170 طائرة مسيرة وأكثر من 120 صاروخ باليستي، وادعى أن الغالبية العظمى من الصواريخ تم اعتراضها بنجاح.
وشاركت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأردن بقوات لاعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، بينما نشرت فرنسا سفنها البحرية في المنطقة.
استهداف مواقع في أصفهان
بعد الضربات الإيرانية غير المسبوقة، استهدف الاحتلال الإسرائيلي مواقع في مدينة أصفهان الإيرانية بتاريخ 17 نيسان/ أبريل، إلى جانب قصف مواقع في العراق وسوريا، كإجراء انتقامي، وسط تقليل الإعلام الإيراني من شأن الهجوم.
وأكد مسؤولون إيرانيون، وكذلك وسائل إعلام إيرانية رسمية، أنه كانت هناك محاولة لتوجيه ضربة، لكنهم يقللون من شأنها. ولم ترد أي تقارير عن وقوع ضحايا.
وقالت وكالة فارس للأنباء إن انفجارات سُمع دويّها على مقربة من قاعدة عسكرية، وإن أنظمة الدفاعات الجوية جرى تفعيلها.
وتقع محافظة أصفهان على مساحة واسعة في قلب إيران، وتكتسب المحافظة اسمها من اسم أكبر مدينة فيها. وتضم بنية تحتية عسكرية إيرانية مهمة، بينها قاعدة جوية كبرى، ومجمع كبير لإنتاج الصواريخ، فضلا عن العديد من المنشآت النووية.
وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي بعد تحطم طائرته
في صباح 19 أيار/ مايو 2024، زار الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي برفقة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان وعدد من المسؤولين، منطقة الحدود مع أذربيجان، وعند عودته فُقدت الطائرة المروحية التي كانت تقله مع وزير خارجيته وبقية المسؤولين.
وبعد أن ظلت الطائرة مفقودة قرابة 12 ساعة، أفادت مجلة "ذي إيكونوميست" بأنه "من المرجح أن الرئيس الإيراني قد توفي، مع وزير الخارجية"، ووقع الحادث في منطقة نائية وكانت درجات الحرارة منخفضة في الليل، وهي منطقة جبلية كثيفة الضباب.
وفي صباح 20 مايو 2024، أعلنت التلفزة الرسمية الإيرانية وفاةَ الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين، إثر تحطُّم الطائرة المِروحية التي كانت تُقِلُّهم في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي إيران.
فوز مسعود بزشكيان
ترشح بزيشكيان للانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2024 التي أجريت مبكراً بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة، وقد قبل ترشحه وتنافس مع ثلاثة مرشحين بعد انسحاب اثنين منهم، وأجريت الجولة الأولى للانتخابات يوم الجمعة 28 يونيو 2024. وأظهرت النتائج الرسمية للجولة الأولى تأهل كل من بزشكيان وسعيد جليلي اللذان تنافسا خلال الجولة الثانية في 5 يوليو.
وقد أجريت الجولة الثانية في 5 يوليو 2024 بنسبة مشاركة بلغت 49.8 % وهي أعلى منها في الجولة الأولى، تنافس فيها المرشحان وأظهرت نتائج الانتخابات التي أعلنتها وزارة الداخلية الإيرانية صباح اليوم التالي 6 يوليو 2024 فوز مسعود بزشكيان بمنصب رئيس الجمهورية متقدماً بنسبة تقارب 55 % على منافسه سعيد جليلي الذي حصل على نسبة 45%.
واستهلّ الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان عمله بخطابٍ اختار له أن يكون من ضريح الخميني في العاصمة الإيرانية طهران، وأمام حشدٍ من المواطنين والمسؤولين، أكّدَ في خطابه أن تحدياتٍ كبيرةٍ تواجه إيران اليوم ولكنه سيواجهها بالحوار والانفتاح والوحدة الوطنية. ووعد بأنه وفريق عمله سيكونون في خدمة الشعب الإيراني من أجل مواصلة مسيرة الشهداء في البناء والعمل. وزار بزشكيان علي خامنئي الذي تمنّى له التوفيق مقدّما له بعض التوصيات.
اغتيال إسماعيل هنية
في 31 تموز/ يوليو اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس ورئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق إسماعيل هنية، في الاعصمة الإيرانية طهران، بعدما كان في زيارة لها للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
استشهد هنية برفقة حارسه الشخصي وسيم أبو شعبان، وكان هنية من أبرز قادة حركة حماس، وله باع طويل مع الحركة، وقد انضم لها منذ بداية تأسيسها في أعقاب الانتفاضة الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي عام 1987، وتولى رئاسة المكتب السياسي للحركة عام 2017، وغادر قطاع غزة عام 2019.
ساهم هنية في تعزيز مكانة حركة حماس في الخارج، ولعب دورا في كل المراحل التي مرت منها الحركة في السنين الأخيرة، علما أنه تعرض لعدد من محاولات الاغتيال السابقة، وقد نجا في ثلاثة منها على الأقل.
هجوم إيراني واسع
في 1 تشرين الأول/ أكتوبر، نفذت إيران هجوما صاروخيا موسعا بأكثر من 250 صاروخا على الاحتلال الإسرائيلي، في عملية أطلقت عليها اسم عملية "الوعد الصادق2"، ردا على اغتيال هنية واغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن إيران أطلقت حوالي 200 صاروخ في موجتين على الأقل، وشملت مواقع الإطلاق الإيرانية تبريز وكاشان وأطراف طهران.
واستخدمت إيران صواريخ باليستية وفرط صوتية خلال هجومها، وبسبب هذا عبرت الصواريخ المسافة بين إيران وإسرائيل خلال أقل من ربع ساعة، وسمح هذا للغالبية العظمة من الصواريخ بتخطي الدفاعات الإسرائيلية وحلفائها.
وانتشرت العديد من الفيديوهات التي تثبت سقوط عشرات الصواريخ الإيرانية على إسرائيل، وسقوط عشرات الصواريخ على قاعدة نيفاتيم، وسقوط عدة صواريخ على قاعدة تل نوف، ومواقع وقواعد عسكرية إسرائيلية أخرى.
ورد الاحتلال الإسرائيل على هذه الهجمات بتاريخ 26 أكتوبر، واستهدف العاصمة الإيرانية طهران، وأطلق عليها جيش الاحتلال اسم "أيام التوبة".