القدس المحتلة- لطالما روّجت الرواية الإسرائيلية أن حركة حماس تتعمد احتجاز الرهائن بظروف مزرية وتعتدي عليهم وتمعن في تعذيبهم، لكن هذه الرواية تلقت ضربة جديدة من خلال المضمون الذي احتواه تسجيل كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لتسليم الدفعة الثانية من المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.

التسجيل الذي لم يتعدَّ دقيقة واحدة و11 ثانية، تضمن تسليم كتائب عز الدين القسام المحتجزين الإسرائيليين من الأطفال والنساء إلى فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأسكت الرواية الإسرائيلية التي ما عادت تنطلي حتى على المجتمع الإسرائيلي نفسه، الذي عزف عن الانجرار وراءها.

ومع تسليم الدفعة الثالثة من المحتجزين، توقف الجمهور الإسرائيلي عن ترديد الرواية المزعومة لحكومة بنيامين نتنياهو، بشأن تعامل حماس مع المحتجزين، فيما تراجعت حدة التحريض على حماس في الإعلام الإسرائيلي.

ملف الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين يهيمن على وسائل الإعلام الإسرائيلية (الجزيرة) تحية الوداع

فرضت لقطات القسام المصورة أجندتها، وهيمنت حتى على الخطاب في الإعلام الإسرائيلي، بمشاهد التعامل الودي لعناصر القسام مع المحتجزين، الذين بدوا مبتسمين وبصحة ممتازة وبمعنويات عالية.

فتبادل أطراف الحديث وعبارة "إلى اللقاء" باللغة العبرية ما بين أحد عناصر القسام وبعض المحتجزين، لم يدع مجالاً للشك في أن مزاعم الرواية الإسرائيلية هي من نسج الخيال، وتأتي ضمن الدعاية لتشوية الرواية الفلسطينية عالميا.

التحية والإشارة بالوداع، التلويح باليدين للمحتجزين من النساء والأطفال، الابتسامات غير المصطنعة، والتصرفات التي غابت عنها أي مظاهر الخوف والإرباك، حتى وهم داخل مركبة الصليب الأحمر، أطّرت جميعها كواليس ظروف احتجازهم، وعكست المشاهد الحقيقية للتعامل الذي حظوا به.

إخفاء الحقيقة

أحرجت هذه المشاهد والتصرفات والنهج والتعامل الودي للمحتجزين الإسرائيليين الإعلام الإسرائيلي، الذي لم يعد أمامه أي وسيلة لإخفاء الحقيقة، فخصصت وسائل الإعلام الإسرائيلية مضامينها حول المحتجزين المفرج عنهم وعودتهم إلى أسرهم، في مشاهد عائلية تعلوها الابتسامات ومشاعر الفرح، بالذات من قبل المحتجزين الذين أخلي سبيلهم.

وفي إشارة إلى تقويض الرواية الإسرائيلية بشأن تعامل حماس مع المحتجزين الإسرائيليين والأجانب، حتى في أوساط الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي، كتب رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار، بعد أن وصف الطفلة إيميلي، وهي إسرائيلية تحمل جنسية أيرلندية، وكانت محتجزة لدى حماس، بأنها كانت "مفقودة" ولم يقل "مخطوفة" في قطاع غزة.

وأوضحت مراسلة صحيفة "دى ماركر"، أن ما كتبه رئيس الوزراء الأيرلندي يعكس تراجع الرواية الإسرائيلية مقابل انتشار الرواية الفلسطينية، بل إن مضمون تغريدته يعكس معاداة العالم للرواية الإسرائيلية التي تأتي لتنغص الفرحة والإثارة لدى المحتجزين المفرج عنهم وعائلاتهم، وتقول "يشعر الكثير منهم بالقلق والشوق لمن بقي بالأسر لدى حماس".

"تنفس الصعداء" تقرير في صحيفة "يديعوت أحرونوت" بعد إتمام المرحلة الثانية من صفقة التبادل (الجزيرة) الرعاية الصحية

وفي محاولة للحد من تغلغل صدق الرواية الفلسطينية بكل ما يتعلق بتعامل حماس مع المحتجزين في الذاكرة الجماعية للإسرائيليين، تواصل الرقابة العسكرية حظر نشر أي مقابلات وتصريحات لمن أفرج عنهم من النساء والأطفال الإسرائيليين، بشأن الرعاية الصحية وحسن المعاملة والرعاية الإنسانية التي قدمت لهم من قبل عناصر القسام خلال أسرهم.

وعززت نتائج التقارير والفحوصات الطبية بالمستشفيات الإسرائيلية بشأن الحالة الصحية للمحتجزين المفرج عنهم الرواية الفلسطينية، بأن مقاتلي القسام تعاملوا مع المحتجزين الإسرائيليين بشكل إنساني، وأنهم لم يتعرضوا للرعب والتعذيب، وأن التعامل كان معهم بلطف وبلا قسوة وأنهم حظوا برعاية صحية جيدة.

وبحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد أمضى الليلة الماضية 12 محتجزا مفرجا عنهم من أصل 13 بجوار ذويهم في مستشفى "شيبا" الإسرائيلي في "تل هشومير"، وخضعوا لفحوصات شاملة، بعد 50 يوما قضوها في الأسر بقطاع غزة.

وقال مدير مستشفى "سفرا" للأطفال في شيبا، البروفيسور إيتاي بيسح، في بيان تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية، "إنها ليلة طويلة ومؤثرة للغاية، حظي فيها الفريق بشرف قيادة المهمة الوطنية لرعاية أطفالنا وإخواننا الذين عادوا من أسر حماس".

وأضاف البروفيسور الإسرائيلي "على الرغم من أن أيام الأسر بدت واضحة عليهم، فإن أيا منهم لا يحتاج إلى التدخل العاجل والفوري لأي علاج، سنواصل دعمهم جسديا ونفسيا".

وأوضح أن كل من تم إعادتهم من النساء والأطفال يتمتعون بصحة جيدة، وليسوا بحاجة إلى رقابة طبية، باستثناء امرأة عولجت في مستشفى "سوروكا" في بئر السبع، حيث وصفت حالتها بالمتوسطة جراء أمراض مزمنة تعاني منها.

يديعوت أحرونوت: الإفراج عن محتجزين أجانب وتقديرات ببقاء 200 إسرائيلي رهائن في قطاع غزة (الجزيرة) معاملة حسنة

أفردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" صفحاتها الأولى لصورة الطفلة إيميلي ألوني (9 سنوات) والتي احتجزت مع والدتها دانيال، وهي في أحضان جدتها، وبدت بصحة جيدة وابتسامة غابت عنها ملامح الخوف، لتعزز بذلك الرواية الفلسطينية بأن المحتجزين الإسرائيليين والأجانب حظوا برعاية إنسانية ومعاملة حسنة.

وتحت عنوان "نحتضنهم" خصصت الصحيفة التي تعتبر من كبرى الصحف بإسرائيل، صفحاتها وتقاريرها للمحتجزين المفرج عنهم وللم شملهم، وقدرت الصحيفة أن نحو 200 إسرائيلي ما زالوا محتجزين في غزة، قائلة "دولة إسرائيل بكاملها تصلي وتتضرع لسلامتهم وعودتهم".

ونقلت الصحيفة عن بعض أقارب المحتجزين المفرج عنهم قولهم إنهم "حظوا بمعاملة حسنة ورعاية طبية وتعامل إنساني خلال فترة الأسر، وأكدوا أنهم لم يتعرضوا للتعذيب أو الإساءة من قبل حماس، حيث كان يتم نقلهم باستمرار من مكان إلى آخر".

صورة بألف كلمة

الخط التحريري ذاته اعتمدته صحيفة "هآرتس" في التعامل مع ملف المحتجزين ممن تم الإفراج عنهم بالدفعتين الأولى والثانية، وسلطت الضوء على الجانب الإنساني للقضية وللمحتجزين المفرج عنهم، في إشارة منها لحصولهم على رعاية وتعامل حسن دون قصص الخوف ومزاعم تعرضهم للتعذيب أو التنكيل.

واستذكرت الصحيفة رواية المسنة الإسرائيلية يوخباد ليفشيتس، التي أُفرج عنها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقالت في حينه في رواية كانت صادمة ومفاجئة بالنسبة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "تعاملوا معنا بود وعناية ووفروا لنا الطعام والدواء والعلاج".

وفي ظل الرقابة العسكرية بحظر تناقل تصريحات أو إجراء مقابلات مع المحتجزين المفرج عنهم، اختارت الصحيفة وعلى غير عادتها نشر صور للنساء والأطفال المفرج عنهم بحجم كبير.

ومنحت الصحيفة مساحات واسعة في الصفحات الداخلية للتقارير التي تدعو إلى تحرير جميع المحتجزين ولمّ شمل العائلات، وكذلك منح حيز لصور المفرج عنهم في أحضان عائلاتهم، في تلميح منها أن "الصورة تغني عن ألف كلمة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المحتجزین الإسرائیلیین المحتجزین المفرج عنهم الروایة الإسرائیلیة الإعلام الإسرائیلی الروایة الفلسطینیة یدیعوت أحرونوت مع المحتجزین الإفراج عن

إقرأ أيضاً:

حماس: المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في بيت لاهيا نتيجة للفيتو الأمريكي

القدس المحتلة-سانا

أكدت حركة المقاومة الفلسطينية حماس أن المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم بقصفه حياً سكنياً بمدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وراح ضحيتها 66 شهيداً وعشرات الجرحى والمفقودين نتيجة للفيتو الأمريكي الذي أفشل قراراً لمجلس الأمن بوقف العدوان.

وقالت حماس في بيان اليوم: “استمراراً لحملة التطهير العرقي التي يواصل الاحتلال ارتكابها في شمال القطاع منذ نحو 50 يوماً أقدم هذا العدو الفاشي خلال الساعات الأولى من صباح هذا اليوم على ارتكاب المجزرة المروعة في بيت لاهيا في إمعان بحرب الإبادة الوحشية ضد الشعب
الفلسطيني، مستنداً إلى غطاء أمريكي إجرامي ودعم عسكري وسياسي لا محدود، وآخره الفيتو الذي أفشل به أمس قراراً في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة”.

وحمّلت حماس المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية المسؤولية عن استمرار المجازر بحق الفلسطينيين، جراء الصمت والعجز عن تفعيل آليات الحماية من الإبادة والتطهير، مجددة دعوتها إلى تحرك عالمي للضغط على الاحتلال لوقف الإبادة.

مقالات مشابهة

  • فصائل عراقية تعلن عن هجومها على هدف عسكري في إسرائيل بالطائرات المسيرة
  • حزب الله يستعرض مشاهد استهدافه مقر قاعدة "شراغا" شمالي إسرائيل
  • الصحة اللبنانية: استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على أراضينا
  • هيئة البث الإسرائيلية: ليس مستبعدا التوصل إلى صفقة مع «حماس» قبل تنصيب ترامب
  • حماس: المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في بيت لاهيا نتيجة للفيتو الأمريكي
  • باحث فلسطيني: ضغوط أمريكية على الإسرائيليين واللبنانيين للوصول لتسوية واتفاق
  • حزب الله ينفذ 34 عملية في عمق العدو.. ويعرض مشاهد لاستهداف قاعدتَي «تل حاييم» و «بيت ليد»
  • الغطرسةُ الأمريكية و “الإسرائيلية” تتلاشى
  • القسام تبث مشاهد من عملياتها وسط بيت لاهيا
  • نتنياهو: حماس لن تحكم غزة ونواصل السعي لتحرير المحتجزين