مشاهد الإفراج عن المحتجزين لدى المقاومة تنسف الرواية الإسرائيلية
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
القدس المحتلة- لطالما روّجت الرواية الإسرائيلية أن حركة حماس تتعمد احتجاز الرهائن بظروف مزرية وتعتدي عليهم وتمعن في تعذيبهم، لكن هذه الرواية تلقت ضربة جديدة من خلال المضمون الذي احتواه تسجيل كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لتسليم الدفعة الثانية من المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.
التسجيل الذي لم يتعدَّ دقيقة واحدة و11 ثانية، تضمن تسليم كتائب عز الدين القسام المحتجزين الإسرائيليين من الأطفال والنساء إلى فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأسكت الرواية الإسرائيلية التي ما عادت تنطلي حتى على المجتمع الإسرائيلي نفسه، الذي عزف عن الانجرار وراءها.
ومع تسليم الدفعة الثالثة من المحتجزين، توقف الجمهور الإسرائيلي عن ترديد الرواية المزعومة لحكومة بنيامين نتنياهو، بشأن تعامل حماس مع المحتجزين، فيما تراجعت حدة التحريض على حماس في الإعلام الإسرائيلي.
فرضت لقطات القسام المصورة أجندتها، وهيمنت حتى على الخطاب في الإعلام الإسرائيلي، بمشاهد التعامل الودي لعناصر القسام مع المحتجزين، الذين بدوا مبتسمين وبصحة ممتازة وبمعنويات عالية.
فتبادل أطراف الحديث وعبارة "إلى اللقاء" باللغة العبرية ما بين أحد عناصر القسام وبعض المحتجزين، لم يدع مجالاً للشك في أن مزاعم الرواية الإسرائيلية هي من نسج الخيال، وتأتي ضمن الدعاية لتشوية الرواية الفلسطينية عالميا.
التحية والإشارة بالوداع، التلويح باليدين للمحتجزين من النساء والأطفال، الابتسامات غير المصطنعة، والتصرفات التي غابت عنها أي مظاهر الخوف والإرباك، حتى وهم داخل مركبة الصليب الأحمر، أطّرت جميعها كواليس ظروف احتجازهم، وعكست المشاهد الحقيقية للتعامل الذي حظوا به.
إخفاء الحقيقةأحرجت هذه المشاهد والتصرفات والنهج والتعامل الودي للمحتجزين الإسرائيليين الإعلام الإسرائيلي، الذي لم يعد أمامه أي وسيلة لإخفاء الحقيقة، فخصصت وسائل الإعلام الإسرائيلية مضامينها حول المحتجزين المفرج عنهم وعودتهم إلى أسرهم، في مشاهد عائلية تعلوها الابتسامات ومشاعر الفرح، بالذات من قبل المحتجزين الذين أخلي سبيلهم.
وفي إشارة إلى تقويض الرواية الإسرائيلية بشأن تعامل حماس مع المحتجزين الإسرائيليين والأجانب، حتى في أوساط الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي، كتب رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار، بعد أن وصف الطفلة إيميلي، وهي إسرائيلية تحمل جنسية أيرلندية، وكانت محتجزة لدى حماس، بأنها كانت "مفقودة" ولم يقل "مخطوفة" في قطاع غزة.
وأوضحت مراسلة صحيفة "دى ماركر"، أن ما كتبه رئيس الوزراء الأيرلندي يعكس تراجع الرواية الإسرائيلية مقابل انتشار الرواية الفلسطينية، بل إن مضمون تغريدته يعكس معاداة العالم للرواية الإسرائيلية التي تأتي لتنغص الفرحة والإثارة لدى المحتجزين المفرج عنهم وعائلاتهم، وتقول "يشعر الكثير منهم بالقلق والشوق لمن بقي بالأسر لدى حماس".
وفي محاولة للحد من تغلغل صدق الرواية الفلسطينية بكل ما يتعلق بتعامل حماس مع المحتجزين في الذاكرة الجماعية للإسرائيليين، تواصل الرقابة العسكرية حظر نشر أي مقابلات وتصريحات لمن أفرج عنهم من النساء والأطفال الإسرائيليين، بشأن الرعاية الصحية وحسن المعاملة والرعاية الإنسانية التي قدمت لهم من قبل عناصر القسام خلال أسرهم.
وعززت نتائج التقارير والفحوصات الطبية بالمستشفيات الإسرائيلية بشأن الحالة الصحية للمحتجزين المفرج عنهم الرواية الفلسطينية، بأن مقاتلي القسام تعاملوا مع المحتجزين الإسرائيليين بشكل إنساني، وأنهم لم يتعرضوا للرعب والتعذيب، وأن التعامل كان معهم بلطف وبلا قسوة وأنهم حظوا برعاية صحية جيدة.
وبحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد أمضى الليلة الماضية 12 محتجزا مفرجا عنهم من أصل 13 بجوار ذويهم في مستشفى "شيبا" الإسرائيلي في "تل هشومير"، وخضعوا لفحوصات شاملة، بعد 50 يوما قضوها في الأسر بقطاع غزة.
وقال مدير مستشفى "سفرا" للأطفال في شيبا، البروفيسور إيتاي بيسح، في بيان تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية، "إنها ليلة طويلة ومؤثرة للغاية، حظي فيها الفريق بشرف قيادة المهمة الوطنية لرعاية أطفالنا وإخواننا الذين عادوا من أسر حماس".
وأضاف البروفيسور الإسرائيلي "على الرغم من أن أيام الأسر بدت واضحة عليهم، فإن أيا منهم لا يحتاج إلى التدخل العاجل والفوري لأي علاج، سنواصل دعمهم جسديا ونفسيا".
وأوضح أن كل من تم إعادتهم من النساء والأطفال يتمتعون بصحة جيدة، وليسوا بحاجة إلى رقابة طبية، باستثناء امرأة عولجت في مستشفى "سوروكا" في بئر السبع، حيث وصفت حالتها بالمتوسطة جراء أمراض مزمنة تعاني منها.
أفردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" صفحاتها الأولى لصورة الطفلة إيميلي ألوني (9 سنوات) والتي احتجزت مع والدتها دانيال، وهي في أحضان جدتها، وبدت بصحة جيدة وابتسامة غابت عنها ملامح الخوف، لتعزز بذلك الرواية الفلسطينية بأن المحتجزين الإسرائيليين والأجانب حظوا برعاية إنسانية ومعاملة حسنة.
وتحت عنوان "نحتضنهم" خصصت الصحيفة التي تعتبر من كبرى الصحف بإسرائيل، صفحاتها وتقاريرها للمحتجزين المفرج عنهم وللم شملهم، وقدرت الصحيفة أن نحو 200 إسرائيلي ما زالوا محتجزين في غزة، قائلة "دولة إسرائيل بكاملها تصلي وتتضرع لسلامتهم وعودتهم".
ونقلت الصحيفة عن بعض أقارب المحتجزين المفرج عنهم قولهم إنهم "حظوا بمعاملة حسنة ورعاية طبية وتعامل إنساني خلال فترة الأسر، وأكدوا أنهم لم يتعرضوا للتعذيب أو الإساءة من قبل حماس، حيث كان يتم نقلهم باستمرار من مكان إلى آخر".
صورة بألف كلمةالخط التحريري ذاته اعتمدته صحيفة "هآرتس" في التعامل مع ملف المحتجزين ممن تم الإفراج عنهم بالدفعتين الأولى والثانية، وسلطت الضوء على الجانب الإنساني للقضية وللمحتجزين المفرج عنهم، في إشارة منها لحصولهم على رعاية وتعامل حسن دون قصص الخوف ومزاعم تعرضهم للتعذيب أو التنكيل.
واستذكرت الصحيفة رواية المسنة الإسرائيلية يوخباد ليفشيتس، التي أُفرج عنها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقالت في حينه في رواية كانت صادمة ومفاجئة بالنسبة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "تعاملوا معنا بود وعناية ووفروا لنا الطعام والدواء والعلاج".
وفي ظل الرقابة العسكرية بحظر تناقل تصريحات أو إجراء مقابلات مع المحتجزين المفرج عنهم، اختارت الصحيفة وعلى غير عادتها نشر صور للنساء والأطفال المفرج عنهم بحجم كبير.
ومنحت الصحيفة مساحات واسعة في الصفحات الداخلية للتقارير التي تدعو إلى تحرير جميع المحتجزين ولمّ شمل العائلات، وكذلك منح حيز لصور المفرج عنهم في أحضان عائلاتهم، في تلميح منها أن "الصورة تغني عن ألف كلمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المحتجزین الإسرائیلیین المحتجزین المفرج عنهم الروایة الإسرائیلیة الإعلام الإسرائیلی الروایة الفلسطینیة یدیعوت أحرونوت مع المحتجزین الإفراج عن
إقرأ أيضاً:
ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
تناولت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية العبرية التقارير الأجنبية عن "هجوم إسرائيلي مُخطط على إيران"، ونقلت تحليل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بشأن تلك القضية، موضحة أن طهران تحاول إخفاء وضعها الاقتصادي البائس.
وقالت "غلوبس" تحت عنوان "الانهيار الاقتصادي الإيراني يشعل فتيل البرنامج النووي.. على الورق على الأقل"، إن التقارير الأجنبية بشأن النووي الإيراني أثارت استغراب الكثيرين في إسرائيل، وجاء في أحدها بصحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، أن إيران رفعت مستوى التأهب في نظام الدفاع الجوي بمنشآتها النووية، خوفاً من هجوم إسرائييل أمريكي، مشيرة إلى أنه على الورق، يبدو توقيت مثل هذا الهجوم مثالياً من حيث الأمن الإقليمي، لأن حركة حماس الفلسطينية ضعفت بشكل كبير، وأصبح حزب الله في وضع حرج، وفي الوقت نفسه سقط نظام بشار الأسد في سوريا، وتعطلت سلاسل الإمداد الإيرانية بالأسلحة والأموال.
ونقلت عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أنه منطقياً وعسكرياً، هذا هو الوقت المناسب لضرب إيران، ولكن يبدو أن طهران تسيء تفسير نوايا إسرائيل التي لن تهاجم وحدها، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي يفرض عقوبات في وقت ينفتح فيه على المفاوضات مع طهران.
في أول تعليق له.. محمد جواد ظريف يكشف كواليس استقالتهhttps://t.co/jFwmRVqVik
— 24.ae (@20fourMedia) March 3, 2025 تأثير العقوبات الأمريكيةوتقول الصحيفة الإسرائيلية إن سياسة العقوبات التي ينتهجها دونالد ترامب تسير على قدم وساق، مشيرة إلى أنه قبل نشر تقرير "ذا تلغراف"، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أكثر من 30 تاجراً ومشغلا لناقلات النفط وشركات الشحن المشاركة في أسطول الظل الذي يخدم صناعة النفط الإيرانية، وتشمل القائمة عقوبات على تجار النفط في عدد من الدول، بالإضافة إلى مدير شركة النفط الوطنية الإيرانية، ومديري ناقلات النفط من الصين.
وتحدثت الصحيفة عن تأثير عقوبات النفط على الوضع الاقتصادي في إيران، التي يعيش أكثر من ثلث سكانها تحت خط الفقر، في الوقت الذي يقدم النظام الإيراني أكثر من 10 آلاف دولار لأسر أعضاء حزب الله الذين أصيبوا في الحرب، فيما ظلت المكاتب الحكومية والبنوك والمدارس في 22 من محافظات إيران البالغ عددها 31 مغلقة اليوم الإثنين بسبب عدم توفر الكهرباء اللازمة لتشغيلها.
تقدم البرنامج النووي
وعلى النقيض تماماً من حالة الاقتصاد المحلي، فإن البرنامج النووي الإيراني أصبح الآن في أكثر مراحله تقدماً على الإطلاق، وفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونقلت غلوبس عن المعهد أنه "من الممكن أن يكون هذا نابعاً من مصلحة داخلية في إيران لإظهار قدرتها على الصمود في الخارج، بعد التصريحات الإسرائيلية بشأن القضاء على الدفاع الجوي الإيراني، وليس من المستحيل أن يرغب النظام، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، في إيصال رسالة مفادها أنه على الرغم من أن الوضع الداخلي رهيب، فإن التهديد الخارجي أعظم، كما كانت الحال خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن العشرين".
في السياق ذاته، أجرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية حواراً مع بيني سباتي، الباحث البارز في برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والذي عكس في حديثه صورة قاتمة عن إيران، مؤكداً أن الأزمة الحالية أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية.
هل يُسقط تعدين البيتكوين النظام الإيراني؟https://t.co/tepd2E95XR
— 24.ae (@20fourMedia) February 28, 2025 إقالة دون تأثيروعلى الرغم من أن إقالة وزير الاقتصاد الإيراني عبد الناصر همتي تثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمة الاقتصادية المستمرة، إلا أن سباتي يقول إن هذه الإطاحة لن يكون لها أي تأثير تقريباً، وأن "حكومة هذا الرئيس لا تتخذ القرارات حقاً، ولا تتمتع بأي تأثير حقيقي، ولكن من يتمتع بتأثير حقيقي هو الزعيم، في إشارة للمرشد علي خامنئي، ومستشاريه، وغالبيتهم من الحرس الثوري.
وبحسب سباتي، فإن إشارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أن الوضع الحالي أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية، تكشف عن الضعف الإيراني.
ورأى أن رفض خامنئي استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية يسبب أضراراً جسيمة، لأنه يحط من قدر الدولة الإيرانية والاقتصاد الإيراني، والمجتمع أيضاً، ويذهب بكل شيء نحو الهاوية على شكل كرة من الثلج.