أكدت حركة حماس أنها تسعى لتمديد الهدنة بعد انتهاء مدة الأربعة أيام، من خلال البحث الجاد لزيادة عدد المفرج عنهم من المحتجزين كما ورد في اتفاق الهدنة الإنسانية.

يتبع..

.

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: الحرب على غزة تل أبيب حركة حماس صفقة تبادل الأسرى الجهاد الإسلامي الجيش الإسرائيلي طوفان الأقصى قطاع غزة كتائب القسام

إقرأ أيضاً:

‏ كواليس الأيام الأخيرة لانهيار حكم بشار الأسد

‏انتظار"خطاب سياسي" كان وسيلة تمويه للمغادرة -

نهاية مفاجئة أفرحت خصومه ووضعت سوريا على مسار جديد غامض -

بقلم: (بِنْ هوبارد) و (فرناز فسيحي) و (كريستينا جولدباوم) و (هويدا سعد).

مع تقدم الثوار نحو العاصمة السورية دمشق في السابع من ديسمبر، كان موظفو القصر الرئاسي يستعدون للحظة إلقاء خطاب من القصر كانوا يأملون أن يؤدي إلى نهاية سلمية للحرب الأهلية المستمرة منذ ثلاثة عشر عاما.

كان مساعدو الرئيس بشار الأسد يتبادلون الأفكار حول كيفية بث الخطاب. وكان فريق تصوير قد نصب كاميرات وأضواء في مكان قريب. بينما التلفزيون السوري الحكومي جاهزا لبث خطاب للأسد يعلن فيه عن خطة لتقاسم السلطة مع أعضاء المعارضة السياسية، وفقاً لثلاثة أشخاص شاركوا في الإعداد للخطاب.

من القصر، لم يُظهر الأسد أي شعور بالقلق بين موظفيه، وفقًا لأحد المطلعين على شؤون القصرالذي يقع مكتبه بالقرب من قصر الرئيس بشار الأسد، الرجل الذي استخدم القوة للحفاظ على حكمه في سوريا لأكثر من عقدين من الزمان.

قيل لمساعدي الأسد إن دفاعات العاصمة قد عززت، خصوصا من قبل الفرقة المدرعة الرابعة القوية في الجيش السوري، بقيادة شقيق الرئيس ماهر الأسد.

لقد خُدِعوا جميعا

وبعد الغسق، تسلل الرئيس خارج العاصمة، وسافر سرا إلى قاعدة عسكرية روسية في شمال سوريا ثم على متن طائرة روسية إلى موسكو، وفقا لستة مسؤولين حكوميين وأمنيين في حكومات من دول الشرق الأوسط.

قال مسؤولان عراقيان إن ماهر الأسد فر بشكل منفصل في ذلك المساء مع ضباط عسكريين كبار آخرين عبر الصحراء إلى العراق. ولا يزال مكانه الحالي غير معلوم.

فيما قال مصدر مطلع إن بشار الأسد غادر بلاده في سرية تامة، حتى أن بعض مساعديه ظلوا في القصر بعد ساعات من مغادرته، في انتظار خطاب لم يُـلـْقَ قط. وبعد منتصف الليل، وردت أنباء تفيد بأن الرئيس قد رحل، ففروا في حالة من الذعر، تاركين أبواب القصر مفتوحة على مصراعيها للثوار الذين اقتحموا القصر بعد بضع ساعات.

لقد جلب سقوط السيد الأسد نهاية مفاجئة لقبضة عائلته التي استمرت لمدة 50 عامًا في سوريا، مما تسبب في فرحة عارمة بين خصومه، مما أدى إلى تغيير الخريطة الاستراتيجية للشرق الأوسط ووضع سوريا على مسار جديد غامض.

خلال أيامه الأخيرة في السلطة، توسل السيد الأسد للحصول على مساعدة عسكرية أجنبية من روسيا وإيران والعراق دون جدوى، حيث وثقت أجهزة الاستخبارات العسكرية التابعة له انهيار قواته بسرعة، وفقًا لتقارير سرية اطلعت عليها صحيفة نيويورك تايمز.

وطبقاً لأربعة مسؤولين إقليميين شاركوا في المحادثات، فقد سعى دبلوماسيون من عدة بلدان إلى إيجاد السبل لإبعاد الأسد عن السلطة سلمياً من أجل تجنيب مدينة دمشق القديمة معركة دامية من أجل السيطرة عليها. وقال أحد المسؤولين إن أحد المقترحات كان أن يسلم الأسد السلطة إلى قائد الجيش، وهو ما يعني عملياً الخضوع للانقلاب.

وتستند رواية سقوط السيد الأسد، والتي لم يتم معرفة تفاصيلها من قبل، إلى مقابلات مع مسؤولين سوريين وإيرانيين وعراقيين وأتراك؛ ودبلوماسيين مقيمين في دمشق؛ فضلاً عن شركاء السيد الأسد والثوار الذين شاركوا في الإطاحة به. وتحدث العديد منهم بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، مشيرين إلى البروتوكولات الدبلوماسية أو الخوف من الانتقام من بقايا النظام السابق، أو من الثوار الذين أطاحوا به.

وقد نهب اللصوص منزل السيد الأسد بالكامل. ويشعر السوريون الذين ظلوا موالين له طيلة سنوات الحرب الأهلية بالغضب الشديد لأنه رحل دون أن ينبس ببنت شفة، تاركا إياهم لمصيرهم.

قال أحد المطلعين على القصر، والذي نجا بصعوبة قبل وصول المعارضة، موجها كلامه للأسد: "ضحيت بكل أفراد شعبك من أجل سلامتك الشخصية؟"

وبينما كان يختبئ هذا المطلع من الثوار بعيداً عن دمشق، كان لا يزال يكافح من أجل التعامل مع هروب السيد الأسد المفاجئ، قائلا: "إنها خيانة لا أستطيع تصديقها".

بعد سقوط حلب.. "الحياة كانت طبيعية"

في أواخر نوفمبر، عندما شن الثوار من شمال غرب سوريا هجوما بهدف صد قوات الأسد، كان الرئيس بعيدا جدا من هنا لحضور مناسبة عائلية سعيدة. كان ابنه الأكبر حافظ الأسد يناقش أطروحته للدكتوراه في جامعة موسكو الحكومية.

وفي قاعة ضخمة مغطاة بالألواح الخشبية على تلة تطل على العاصمة الروسية اجتمعت زوجة السيد الأسد، أسماء الأسد، واثنان من أجداد حافظ.

لم يكن من المتوقع أن تجتذب أطروحة الدكتوراه التي تتألف من 98 صفحة جمهوراً واسعاً من القراء. كان عنوانها: "الأسئلة الحسابية لمتعددات الحدود في حقول الأعداد الجبرية". ولكن الأطروحة حملت في بدايتها إهداءً متميزا: "إلى شهداء الجيش العربي السوري، الذين لولا تضحياتهم لما كان لنا أن نظل أحياء".

وكان بشار الأسد في موسكو أيضاً، رغم أنه لم يحضر جلسة المناقشة. وفي بلده، كان الجيش الذي أشاد به ابنه باعتباره جيشاً بطولياً، ينهار أمام تقدم الثوار.

على مدى 13 عاما، خاض الأسد حربا أهلية وحشية ضد الجماعات المسلحة التي تسعى للإطاحة به. وقد دمر الصراع البلاد، وأسفر عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص وخلف ملايين اللاجئين. وقد دعمت إيران وحليفها، حزب الله اللبناني، قواته، وأرسلت روسيا طائرات مقاتلة دمرت غاراتها الجوية مناطق المتمردين.

بحلول عام 2020، بدا أن الحرب قد وصلت إلى طريق مسدود. فقد دُمّرَ الاقتصاد السوري، وخرجت أجزاء كبيرة من أراضيها عن سيطرة الأسد. ومع ذلك، ظل الأسد في السلطة.

يقول أحد المطلعين على شؤون القصر، والذي عمل في نفس المبنى الذي يقع فيه منزل الأسد لسنوات عديدة: "كانت الحياة طبيعية، وكان الجميع يتطلع إلى المستقبل".

في الثلاثين من نوفمبر، استولى تحالف من الثوار بقيادة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة إسلامية ذات جذور في تنظيم القاعدة، على مدينة حلب الشمالية، وهي مركز اقتصادي رئيسي، مما أثار صدمة الناس في جميع أنحاء الشرق الأوسط. يذكر الشخص المطلع على القصر أن الأسد سارع بالعودة إلى دمشق ووجد موظفيه غير مرتاحين، على الرغم من أنّ لا أحد يعتقد أن العاصمة معرضة للخطر.

وبإدراكه أن جيشه قد هُزم نتيجة لسنوات من المعارك، سعى الأسد إلى طلب المساعدة من القوى الأجنبية التي ساعدته من قبل.

وفي طهران، عقد كبار القادة في الحرس الثوري الإسلامي اجتماعات طارئة لاستكشاف سبل مساعدة السيد الأسد، وفقاً لثلاثة مسؤولين إيرانيين، بما في ذلك عضوان في الحرس الثوري. وبعد يومين من سقوط حلب، سافر وزير الخارجية الإيراني (عباس عراقجي) إلى هناك، مؤكداً علناً أن دمشق مستقرة. وصوّرَته كاميرات التلفزيون وهو يتظاهر بالتقاط الصور مع العائلات في الشارع، ويتناول الطعام في مطعم شاورما شعبي مع نظيره السوري. وتعهد لوسائل الإعلام الإيرانية بأن إيران ستقف إلى جانب السيد الأسد حتى النهاية.

خيارات إيران كانت محدودة

لقد قدمت إيران طيلة الحرب السورية مساعدات عسكرية كبيرة لمساعدة الأسد، حيث أرسلت قادتها ومقاتليها من الحرس الثوري، فضلاً عن قوات الكوماندوز من حزب الله ومقاتلين من العديد من البلدان الأخرى. لكن حزب الله كان قد خرج للتو من حربه مع إسرائيل، وقد أصيب بأضرار بالغة. فقد قتلت إسرائيل أو جرحت الآلاف من مقاتليه، ودمرت العديد من ذخائره، وقتلت معظم كبار قادته. كما هددت إسرائيل الطائرات الإيرانية المتجهة إلى سوريا وأي تعبئة للقوات البرية هناك، الأمر الذي لم يترك لإيران أي وسيلة عملية لدعم الأسد.

قال عراقجي لوسائل الإعلام الرسمية إنه وجد الأسد مرتبكًا وغاضبًا بسبب عدم قدرة جيشه على السيطرة على حلب، قائلاً إن الرئيس السوري "لم يكن لديه قراءة دقيقة للوضع". وقال الأسد له في جلسة خاصة، وفقًا لمسؤولين إيرانيين، إن جنرالاته وصفوا انسحاب قواته من حلب بأنه خطوة تكتيكية لتعزيز الدفاع عن دمشق.

وكان البطل الرئيسي الآخر الذي دعم الأسد هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتن. فقد احتفظت روسيا بقاعدة عسكرية في شمال سوريا، وقاعدة بحرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط في طرطوس، وهو ما سمح لبوتن بفرض قوته بعيداً عن موسكو.

لقد جاء السيد بوتن لإنقاذ السيد الأسد أثناء الحرب السورية في عام 2015، عندما تغلب الجيش الروسي على الثوار. لقد حاول التوسط في المصالحة بين السيد الأسد والرئيس رجب طيب أردوغان، الذي دعم المعارضة منذ فترة طويلة، لكن جهوده لم تحرز أي تقدم آنذاك.

وفي الأيام الأولى من تقدم الثوار بعد سقوط حلب، شعر الأسد ببرود مفاجئ في علاقته مع السيد بوتين، حيث قال المطلع على القصر ومسؤول تركي: إن الزعيم الروسي توقف عن الرد على مكالماته.

لا توجد خطة للقتال

بعد الاستيلاء على حلب، واصل الثوار تقدمهم جنوباً واستولوا على معقل الأسد في حماة، في صدمة أخرى مفاجئة للنظام.

لقد كشف التقدم السريع للثوار عن الفساد العميق داخل جيش السيد الأسد. فقد أدت الضائقة الاقتصادية والعقوبات القاسية إلى خفض قيمة العملة السورية، مما أدى إلى خفض رواتب الجنود إلى أقل من 30 دولاراً شهرياً. وقُتل الكثيرون لدرجة أن الجيش اعتمد بشكل كبير على المجندين، الذين كانوا يعانون من سوء التغذية ومجهزين بمعدات قديمة.

وكان الثوار أيضًا يحملون أسلحة خفيفة في الغالب. ولكن كانت لديهم ميزة كبيرة واحدة، وهي الطائرات بدون طيار، التي استخدموها لضرب مراكز القيادة، وتشتيت جنود النظام. وذكرت تقارير الاستخبارات العسكرية السورية، التي راجعتها صحيفة التايمز، هجمات الطائرات بدون طيار المتواصلة في جميع أنحاء البلاد والتي لم يكن لدى قوات السيد الأسد أي وسيلة لمواجهتها. وذكر أحد التقارير أن العديد من الطائرات بدون طيار انطلقت من حقل في محافظة إدلب التي يسيطر عليها المتمردون في الشمال الغربي، بجوار مستودع يضم ما لا يقل عن 200 طائرة بدون طيار.

وفي طهران، أبلغ القادة العسكريون المرشد الأعلى علي خامنئي أن الثوار يتقدمون بسرعة كبيرة بحيث لا تستطيع إيران مساعدتهم، بحسب أربعة مسؤولين إيرانيين.

ولقد صدم السيد خامنئي، فأرسل مستشاره الكبير علي لاريجاني في رحلة سرية إلى دمشق ليطلب من الأسد كسب الوقت من خلال تقديم وعود بإجراء إصلاحات سياسية وتشكيل حكومة جديدة تضم أعضاء من المعارضة، وذلك وفقاً لأربعة مسؤولين إيرانيين. كما ناقش السيد لاريجاني موضوع لجوء الأسد إلى طهران أو موسكو.

وبعد أن أدرك الأسد أن روسيا وإيران لن تنقذاه، أرسل وزير خارجيته إلى بغداد ليخبر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن سقوط الأسد من شأنه أن يعرض العراق للخطر، وذلك وفقاً لثلاثة مسؤولين إقليميين مطلعين على المحادثات. وناشد الأسد الدعم العسكري العراقي، لكن كبار قادة العراق، الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان، رفضوا جميعاً.

في العلن، دعا المسؤولون الإيرانيون إلى حل دبلوماسي. ولكن المسؤولين في طهران خلصوا إلى أن الأسد لن ينجو، وفقاً لستة مسؤولين إيرانيين، فبدأت إيران في سحب موظفيها الدبلوماسيين والعسكريين من دمشق بهدوء.

جاء في مذكرة داخلية للحرس الثوري اطلعت عليها صحيفة التايمز: "لقد أخبرونا أن المعارضين سيصلون إلى دمشق بحلول يوم السبت، ولا توجد خطة للقتال. إن الشعب السوري والجيش غير مستعدين لخوض حرب أخرى. لقد انتهت الحرب".

لا أحد يعرف أي شيء

خيّم الذعر على دمشق مع شروق الشمس في السابع من ديسمبر. فبين عشية وضحاها، تقدم الثوار نحو حمص، ثالث أكبر مدينة في سوريا وآخر مركز حضري كبير يقف بينهم والعاصمة.

وهرع السكان إلى المتاجر لتخزين المواد الغذائية في حالة اندلاع معارك في الشوارع أدت إلى احتجازهم في منازلهم. وسارع آخرون إلى تزويد سياراتهم بالوقود وفروا من المدينة.

وفي داخل الجيش، أصبح من الواضح أن قوات السيد الأسد فشلت، وفقاً لعشرات التقارير الاستخباراتية العسكرية الصادرة في السادس والسابع من ديسمبر، والتي اطلعت عليها صحيفة "نيويورك تايمز".

وقالوا إن القوات كانت مرهقة جدا. وكان الثوار الذين يرتدون زي الجيش يقتربون من حمص في سيارات مزينة بصور السيد الأسد، كما استولت جماعات مسلحة أخرى على نقاط تفتيش للجيش في درعا، جنوب دمشق. وذكر أحد المذكرات أن الجنود تركوا وراءهم مركبات مدرعة وأسلحة زعم الثوار أنهم حصلوا عليها.

وذكر تقرير آخر أن "المعارضين يخططون للسيطرة على كامل المنطقة الجنوبية ثم التوجه إلى العاصمة، وهذا سيحدث خلال ساعات قليلة".

ويتذكر المطلع أن الشعور بالذعر لم يصل إلى القصر الرئاسي. وكان الأسد ومساعدوه في مكاتبهم يحاولون إدارة أزمة لم يدركوا خطورتها.

وأضاف أن "الناس كانوا لا يزالون يتخيلون السيناريوهات، ولم يطرح أحد فكرة سقوط دمشق".

أمضى موظفو القصر اليوم في انتظار الخطاب الذي كان من المفترض أن يسجله السيد الأسد، على أمل أن يوقف تقدم الثوار بطريقة ما.

وقال المصدر المطلع: "كان هناك الكثير من الناس في القصر الذين قالوا إن الوقت قد حان لظهوره، لدعم الجيش، وطمأنة الناس".

لكن التصوير كان يتأجل باستمرار دون إبداء أي تفسير. وبحلول الغسق لم يعد فريق العمل متأكداً من مكان وجود الأسد، حسبما قال المصدر المطلع.

وعلى الجانب الآخر من الشرق الأوسط، في الدوحة، قطر، اجتمع مسؤولون كبار في المنطقة لمحاولة إيجاد وسيلة لمنع تصعيد الموقف في سوريا. وكانت العديد منهم يكرهون وجود الأسد في السلطة ولكنهم تقبلوا حقيقة أنه استطاع الانتصار في الحرب، ولم يكونوا يثقون في قدرة الثوار على إبقاء سوريا متماسكة.

ومن بين المسؤولين المجتمعين، من خمس دول عربية بالإضافة إلى تركيا وروسيا وإيران، كان هناك كثيرون ممن خلصوا إلى أن القطار قد فات الأسد، وفقا لثلاثة مسؤولين من دول مختلفة حضروا الاجتماع.

وفي ذلك المساء، دخل الثوار مدينة حمص، مما أدى إلى تفاقم المخاوف من أن تكون دمشق هي الهدف التالي.

وقال المصدر المطلع: "بعد سقوط حمص أصبح الوضع متوتراً للغاية ولم يعد أحد يعلم شيئاً، لا داخل القصر ولا خارجه".

أحْرِقوا كل شيء

وفي حين كان لدى السيد الأسد مجموعة متنوعة من القصور لاستخدامها في أعماله الرسمية، فإنه عاش مع زوجته وأطفاله الثلاثة في فيلا حديثة مكونة من أربعة طوابق محاطة بأشجار النخيل والنوافير في حي المالكي الراقي في دمشق.

وبعد رحيله، قال جيرانه إن العيش بالقرب منه كان مصدر إزعاج. وقالوا إن الجنود كانوا يسدون الطريق إلى الشارع ويستجوبون الزوار. وكان تركيب طبق استقبال جديد أو مكيف هواء يتطلب تعاملات معقدة مع جهاز الاستخبارات.

ولكن على الأقل كان السيد الأسد وعائلته هادئين ــ وهذا هو السبب الذي جعل الجيران يقفزون عندما سمعوا صراخ حراسه قبل ساعات من فجر الثامن من ديسمبر.

يتذكر أحد الجيران أنهم كانوا يصرخون: "يا شباب، اهربوا، اهربوا! إنهم قادمون!"، " لقد تركنا!"

كما سادت الفوضى فرع استخبارات القوات الجوية في أماكن أخرى من المدينة، وفقًا لجندي لم يذكر سوى اسمه الأول، محمد، خوفًا من انتقام الثوار. وقال إنه مع اقتراب الثوار، جاءت الأوامر للدفاع عن العاصمة. لكن الجنود شاهدوا على هواتفهم صورًا لرفاقهم في أماكن أخرى يخلعون زيهم العسكري ويهربون.

وبعد حلول الليل، تغيرت الأوامر.

يقول محمد أنه قيل لهم "أحْرِقوا كل شيء: الوثائق والملفات والأقراص الصلبة. في تلك اللحظة، شعرت أنا وزملائي جميعًا أن النظام ينهار".

وقال إنه ارتدى ملابس مدنية أيضًا وخرج من القاعدة.

وبداخل القصر، كانت الساعات تمر بينما كان مساعدو السيد الأسد ينتظرون الخطاب، كما يتذكر هذا المصدر المطلع.

وقال "إن فكرة هروبه لم تخطر على بالي أبدا".

وبعد منتصف الليل، تلقوا اتصالاً يخبرهم بأن الرئيس هرب، على حد قوله. ثم اتصل بهم رئيس الأمن في المنطقة ليقول لهم إن الحراس رحلوا وأنه سيغادر هو أيضاً.

وقال المصدر المطلع إن الرعب خيم على المكان، فركض إلى سيارته فوجد القصر فارغاً وبواباته مفتوحة. وقال إنه سارع إلى الاختباء، وخلص أثناء قيادته إلى أنه لم تكن هناك قط خطة لإلقاء خطاب، وأن الأمر كان مجرد حيلة لتشتيت انتباه موظفي الأسد أثناء تسلل الرئيس للهروب.

وقال المصدر المطلع: "لقد خدعنا. هل ما زال يتمتع بأي شعبية بين شعبه؟

إلى الشمال من دمشق، كان بلال شهدي ذو 26 عاماً، من بين آلاف السجناء المحتجزين في سجن صيدنايا، وهو سجن وحشي إلى درجة أن منظمة العفو الدولية أطلقت عليه اسم "المسلخ البشري".

على مدى عامين، كانت صباحات السيد شهدي تبدأ بصياح الحراس: "تعالوا!" بينما كان السجناء مجبرين على ذكر أرقامهم واحدا تلو الآخر، وهو روتين كان قائما للتأكد من وفاة أي شخص بين عشية وضحاها.

قبل فجر يوم 8 ديسمبر، استيقظ شَهْدي على صوت ازدحام داخل زنزانته المزدحمة وأصوات خارجها تصرخ: "الله أكبر!"

اتجه نحو الباب، ولدهشته، فتحه وخرج.

يقول شَهْدي إن أحد حراس السجن فتح إحدى الزنازين وهرب تاركا وراءه المفاتيح. وقام أول السجناء الذين خرجوا بفتح الزنازين الأخرى.

أخذ السيد شهدي يتجول في السجن.ثم انطلق سيرا على الأقدام مع آلاف آخرين، وهم يهتفون ويبكون وهم يسيرون إلى منازلهم.يقول: "لقد كان حلمًا. لقد بدا الأمر كله وكأنه حلم".

ساهم في إعداد هذا التقرير أنطون ترويانوفسكي من برلين، وجاكوب روبي من بيروت، وفالح حسن من بغداد.

بِنْ هوبارد هو رئيس مكتب إسطنبول، ويغطي تركيا والمنطقة المحيطة بها.

فرناز فسيحي هي رئيسة مكتب الأمم المتحدة في صحيفة التايمز، وتتولى تغطية أخبار المنظمة، كما تغطي إيران والحرب الخفية بين إيران وإسرائيل. وهي تقيم في نيويورك.

كريستينا جولدباوم هي رئيسة مكتب صحيفة التايمز في أفغانستان وباكستان، وتتولى تغطية المنطقة.

مقالات مشابهة

  • محافظ أسوان: المرحلة الحالية تحتاج للتكاتف وزيادة التوعية
  • عبد المنعم سعيد: الحروب العالمية الحالية ليست استثنائية
  • الهدنة المرتقبة .. هل تحمل بصيص أمل للأسرى الفلسطينيين ؟
  • مدير المركز الفرنسي للدراسات الدولية لـ"البوابة نيوز": تاريخ "الشرع" مليء بالجرائم ويشكل تهديدًا للمنطقة.. وسياسة ترامب الخارجية ستختلف عن بايدن
  • احترس من أمراض الشتاء الأربعة
  • إيران: ليس لدينا علاقات مباشرة مع الإدارة السورية الحالية
  • ‏ كواليس الأيام الأخيرة لانهيار حكم بشار الأسد
  • إيران: لا اتصال مباشر مع الإدارة السورية الحالية
  • شاهين: علينا أن نكون أكثر تناسقًا للعودة إلى المراكز الأربعة الأولى
  • بين تفاؤل حذر وتحديات معقدة .. هل تنجح جهود الهدنة في غزة ؟