الوطن:
2025-01-18@18:33:38 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. مقومات الإسلام (5)

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. مقومات الإسلام (5)

.. النبوة والرسالة: لا يستقيم أمر البشر إلا بهدايات السماء، وتبلغهم هذه الهدايات عن طريق الرسل والأنبياء، ولا بد أن يكون أولئك الرسل والأنبياء فى المرتبة العليا من كمالات البشر خَلقاً وخُلقاً، حتى تميل النفوس إليهم، ولا تنفر من مخالطتهم واتباعهم، وكيف يقتدى البشر بإنسان يجوز عليه أن يقترف أموراً يتنزه بعضهم عن الاقتراب منها؟! وهل يستقيم فى العقل أن يكون التابع أرقى نفساً وطبعاً من المتبوع؟! وكيف تنصاع له النفوس وهى ترى أنها أشد نزاهة منه وأعظم رقياً؟!

ويكون أيضاً الرسل والأنبياء فى المراتب العليا من الكمالات الخَلقية، فلا يكون فيهم شىء تنزوى العيون عنهم لأجله، أو تراه النفوس نقصاً فيهم، فيظن أنهم يدَّعون النبوة استكمالاً لهذا النقص الذاتى، وإذا نزل بهم مرض لا يكون -مهما اشتد- من الأمراض المنفَّرَة، وكيف تقبل النفوس على شخص يعافون مخالطته؟!

وإذا كان هذا عاماً فى كل الرسل والأنبياء الكرام فهو أعظم وآكد فى سيدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأمر بالنسبة له مختلف، فكل الرسل من قبله كانت رسالاتهم محدودة المكان والزمان، فهم يرسلون إلى قوم معينين فى فترة زمانية محددة، أما سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهو مرسل للعالمين، يقول الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} [الأعراف: 158]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، فرسالته مجاوزة لحدود الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، فلا بد من أن يكون فى أعلى مراتب الكمالات وأرقى درجاتها، يقول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، ومن أدل الأمور على هذا أن قومه كانوا مع اعتدائهم عليه والعمل على التنكيل به لا يزالون يأتمنونه على نفائس ودائعهم وأماناتهم!!!

وقد نزل القرآن الكريم معلماً للتابعين أدب اتباع النبى الكريم، صلى الله عليه وسلم، ومن هذا قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبىِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 1، 2].

ويلحظ البدء فى الآيتين الكريمتين بنداء المؤمنين إيذاناً بأن المنصاع لهذه الأوامر هم أرشد الناس.. وقوله سبحانه: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} حذف منه المفعول -فلم يقل: لا تقدموا آراءكم أو أفعالكم- ليشمل النهى كل ما يقع فى النفس مما يقدم من القول أو الفعل.

وقوله سبحانه: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ} وهذا نهى عن مجرد الحديث بصوت مرتفع عن صوته الشريف، صلى الله عليه وسلم، وقال العلماء: يكره رفع الصوت عند قبره كما كان يكره فى حياته؛ لأنه محترم حياً وفى قبره. وقوله سبحانه: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} يشير إلى أنه ينبغى أن يكون التعامل معه صلى الله عليه وسلم مفارقاً لتعاملات البشر بعضهم مع بعض؛ لجلالة قدر النبوة وسمو مكانتها، بل جاء الوعيد على عدم الالتزام بهذا شديداً وهو بطلان ثواب الأعمال، يقول الله تعالى: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}، وإذا كان هذا الوعيد الشديد عند عدم التزام بعض الآداب، فكيف بمخالفته صلى الله عليه وسلم؟!!

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: النبوة الرسالة مقومات الإسلام صلى الله علیه وسلم أن یکون

إقرأ أيضاً:

حكم اتخاذ الموسيقى مهنة ومورد رزق

قالت دار الإفتاء المصرية إن سماع الموسيقى وحضور مجالسها وتعلمها من المباحات، ما لم تكن محركةً للغرائز باعثةً على الهوى والغزل والمجون مقترنةً بالخمر والرقص والفسق والفجور أو اتُّخِذَت وسيلةً للمحرمات أو أَوْقَعَت في المنكرات أو أَلْهَت عن الموجبات.

وأكدت الإفتاء أنه لا يجوز اتخاذ الموسيقى كمورد رزق ينفق منه الرجل عليه وعلى أسرته، فعلى المسلم أن يتحرى الكسب الحلال ويبتعد عن كل ما فيه شبهة الحرام؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» أخرجه البخاري في "صحيحه".

وقد عقد الغزالي في كتاب "إحياء علوم الدين" الكتاب الثامن في السماع وفي خصوص آلات الموسيقى (2/ 282، ط. دار المعرفة)؛ قال: [إن الآلة إذا كانت من شعار أهل الشرب أو المخنثين وهي المزامير والأوتار وطبل الكوبة؛ فهذه ثلاثة أنواع ممنوعة، وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة؛ كالدف والطبل والشاهين والضرب بالقضيب وسائر الآلات] اهـ.
ونقل الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" في (باب ما جاء في آلة اللهو) (8/ 118، ط. دار الحديث): كل لهوٍ يلهو به المؤمن فهو باطلٌ إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه. فردوا عليه فقالوا: إنه باطلٌ لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم الفائدة. اهـ.

وفي "المحلى" للإمام ابن حزم (7/ 567، ط. دار الفكر): أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»؛ فمن نوى استماع الغناء عونًا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوى ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله وينشط نفسه على البر.. ففِعلُهُ هذا من الحق، ومن لم ينوِ طاعةً ولا معصيةً فهو لغوٌ معفوٌّ عنه. اهـ.

وجاء في "حاشية رد المحتار" للعلامة ابن عابدين (5/ 482، ط. دار الفكر) وفي "المغني" للإمام ابن قدامة (10/ 153، ط. دار الكتاب العربي): أن الملاهي على ثلاثة أضرب: محرم؛ وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها والعود والطنبور والمعزفة والرباب.. وضرب مباح؛ وهو الدف؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ». وذكر أصحابنا وأصحاب الشافعي أنه مكروهٌ في غير النكاح، وهو مكروهٌ للرجال، وأما الضرب بالقضيب فمكروهٌ إذا انضم إليه محرمٌ أو مكروهٌ؛ كالتصفيق والغناء والرقص، وإن خلا عن ذلك لم يُكره. اهـ.

 

 

مقالات مشابهة

  • حكم اتخاذ الموسيقى مهنة ومورد رزق
  • الإفتاء : الإسلام حث على تعليم البنات والإحسان إليهن
  • لماذا حذر النبي من الكذب المتعمد عليه ؟ .. علي جمعة يجيب
  • أولاد جلال : المجاهد عمر ترفاس المدعو عامر في ذمة الله
  • لو أراد عبد الرحمن يوسف..
  • موضوع خطبة الجمعة الموحدة اليوم على مساجد الأوقاف.. تعرف عليه
  • تحذير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التخلف عن صلاة الجمعة كسلًا وتهاونًا
  • عدنان الروسان يكتب : لن يكون هناك حماس … ننتظر رد Hماس
  • حفظ العهد من الإيمان
  • الأب بطرس دانيال يكتب: دعوة واستجابة