الوطن:
2025-03-31@15:54:29 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. مقومات الإسلام (5)

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. مقومات الإسلام (5)

.. النبوة والرسالة: لا يستقيم أمر البشر إلا بهدايات السماء، وتبلغهم هذه الهدايات عن طريق الرسل والأنبياء، ولا بد أن يكون أولئك الرسل والأنبياء فى المرتبة العليا من كمالات البشر خَلقاً وخُلقاً، حتى تميل النفوس إليهم، ولا تنفر من مخالطتهم واتباعهم، وكيف يقتدى البشر بإنسان يجوز عليه أن يقترف أموراً يتنزه بعضهم عن الاقتراب منها؟! وهل يستقيم فى العقل أن يكون التابع أرقى نفساً وطبعاً من المتبوع؟! وكيف تنصاع له النفوس وهى ترى أنها أشد نزاهة منه وأعظم رقياً؟!

ويكون أيضاً الرسل والأنبياء فى المراتب العليا من الكمالات الخَلقية، فلا يكون فيهم شىء تنزوى العيون عنهم لأجله، أو تراه النفوس نقصاً فيهم، فيظن أنهم يدَّعون النبوة استكمالاً لهذا النقص الذاتى، وإذا نزل بهم مرض لا يكون -مهما اشتد- من الأمراض المنفَّرَة، وكيف تقبل النفوس على شخص يعافون مخالطته؟!

وإذا كان هذا عاماً فى كل الرسل والأنبياء الكرام فهو أعظم وآكد فى سيدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأمر بالنسبة له مختلف، فكل الرسل من قبله كانت رسالاتهم محدودة المكان والزمان، فهم يرسلون إلى قوم معينين فى فترة زمانية محددة، أما سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهو مرسل للعالمين، يقول الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} [الأعراف: 158]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، فرسالته مجاوزة لحدود الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، فلا بد من أن يكون فى أعلى مراتب الكمالات وأرقى درجاتها، يقول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، ومن أدل الأمور على هذا أن قومه كانوا مع اعتدائهم عليه والعمل على التنكيل به لا يزالون يأتمنونه على نفائس ودائعهم وأماناتهم!!!

وقد نزل القرآن الكريم معلماً للتابعين أدب اتباع النبى الكريم، صلى الله عليه وسلم، ومن هذا قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبىِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 1، 2].

ويلحظ البدء فى الآيتين الكريمتين بنداء المؤمنين إيذاناً بأن المنصاع لهذه الأوامر هم أرشد الناس.. وقوله سبحانه: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} حذف منه المفعول -فلم يقل: لا تقدموا آراءكم أو أفعالكم- ليشمل النهى كل ما يقع فى النفس مما يقدم من القول أو الفعل.

وقوله سبحانه: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ} وهذا نهى عن مجرد الحديث بصوت مرتفع عن صوته الشريف، صلى الله عليه وسلم، وقال العلماء: يكره رفع الصوت عند قبره كما كان يكره فى حياته؛ لأنه محترم حياً وفى قبره. وقوله سبحانه: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} يشير إلى أنه ينبغى أن يكون التعامل معه صلى الله عليه وسلم مفارقاً لتعاملات البشر بعضهم مع بعض؛ لجلالة قدر النبوة وسمو مكانتها، بل جاء الوعيد على عدم الالتزام بهذا شديداً وهو بطلان ثواب الأعمال، يقول الله تعالى: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}، وإذا كان هذا الوعيد الشديد عند عدم التزام بعض الآداب، فكيف بمخالفته صلى الله عليه وسلم؟!!

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: النبوة الرسالة مقومات الإسلام صلى الله علیه وسلم أن یکون

إقرأ أيضاً:

دعاء وداع شهر رمضان .. تعرفوا عليه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بالتزامن مع  عيد الفطر المبارك  وبين وداع شهرٍ عظيمٍ واستقبال فرحة العيد، تمتزج مشاعر المسلمين بين الحزن لانتهاء موسم الطاعة، والفرح بفضل الله وكرمه، حيث أكملنا شهرًا من الصيام والقيام والتضرع. هذه الليلة العظيمة هي وقت للدعاء والابتهال، وقت نسأل فيه الله أن يتقبل أعمالنا، وأن يكتبنا من المرحومين والمعتوقين من النار.

وفي هذه اللحظات المباركة، نرفع أيدينا إلى السماء وقلوبنا تفيض بندم وتوبة وأمل، ونهمس بدعاء يليق بخروج رمضان ودخول العيد.

دعاء وداع رمضان مكتوب ليلة عيد الفطر
اللهمَّ إنا في ليلةٍ عظيمة من لياليك، وفي وداع شهرٍ عزيزٍ من شهورك، نستودعك رمضان يا الله، نستودعك أيامه ولياليه، ساعاته ودقائقه، قرآنه وصيامه وقيامه، دعاءه ودمعه وتضرعه.

اللهمَّ لا تجعل هذا آخر عهدنا برمضان، وبلّغنا إياه أعوامًا مديدة، ونحن في صحة وإيمان وسلامة ورضا.

اللهمَّ اجعلنا من عتقائك في ختام هذا الشهر المبارك، ومن المقبولين فيه، ومن المغفور لهم، ومن المرحومين، اللهم تقبل صيامنا، وصلاتنا، وركوعنا وسجودنا، وتلاوتنا ودعاءنا، وقيامنا في لياليه، واجعلها حُجّةً لنا لا علينا يوم نلقاك.

دعاء الثبات بعد رمضان
اللهمَّ اجعلنا بعد رمضان خيرًا مما كنا فيه، ولا تجعلنا ممن يعود للغفلة والمعصية، واجعل قلوبنا معلقة بك حتى نلقاك، اللهم إنا نسألك الثبات على الطاعة بعد رمضان، وحب الخلوة بك، والصدق في التوبة، والإخلاص في العمل، والبركة في العمر والرزق.
 

مقالات مشابهة

  • حين يكون العيد مُرّاً…!
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في كلمة بمناسبة عيد الفطر المبارك بقصر الشعب: سوريا يكتب لها تاريخ جديد وأمامنا طريق طويل وشاق، وكل مقومات البناء نملكها على كل المستويات، وما يتطلب منا ان نعمل ولا نختلف.
  • عودة: مؤسف أن الشياطين التي أفسدت النفوس وخربت البلد ما زالت متغلغلة وتحول دون الإصلاح
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • دعاء وداع شهر رمضان .. تعرفوا عليه
  • خالد عمر يوسف يكتب: قصة قصيرة “بعض الشيء”
  • صلاة العيد.. أحكامها وسننها وآدابها في الإسلام
  • هل يجوز أن نعلم أولادنا في مدارس غير المسلمين في الخارج؟.. باحثة بمرصد الأزهر تجيب
  • مفتي الجمهورية: تدمير البيئة ظلم للأجيال القادمة واعتداء على حقوق الآخرين
  • تشريعات دقيقة.. مفتي الجمهورية: الإسلام وضع قواعد لحل الأزمات البيئية