وجود غرفتين برلمانيتين اتجاه لا تنفرد به مصر، وليس بدعة ابتدعها الدستور المصرى، ولكنه واقع فرضه تزايد الاتجاه المعاصر نحو الديمقراطية واتساع دائرتها وعمق مفهومها؛ فإن الاتجاه نحو الأخذ بنظام المجلسين فى الدول تحقيقًا للثبات ودعمًا للاستقرار.
وأيا كان الشكل الذى تتخذه الدولة: اتحادية فيدرالية كانت أو بسيطة، فإن الدساتير تحرص ألا يكون المجلسان النيابيان متطابقين من حيث التكوين.
وأيا كانت دائرة التقارب أو التباعد بين اختصاصات المجلسين، فإن الأخذ بنظام المجلسين - فى ذاته- يحقق رفع كفاية وأداء المجالس النيابية.. وضم عناصر ذات كفاءة عالية، وحماية كل منهما من أن تجور سلطة على أخرى..
كما يحقق دراسة متعمقة للتشريع، بحيث يعتبر المجلس الثانى، وكما يعبر عنه فقهاء القانون الدستورى، والقانون العام.. وكأنه عجلة القيادة التى تضبط التجاوز فى اتجاه أو آخر.
فالدول الفيدرالية كالولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا وكندا والهند وغيرها تأخذ بنظام المجلسين، ومنها ما يأخذ باختصاصات متساوية، ومنها ما يأخذ باختصاصات ناقصة حتى فى مجال التشريع كالاعتراض وتبادل الرسائل وأيضا فى مجال الرقابة والمسئولية الوزارية.
فالاتحاد الكندى مثلا إذا كان مجلس الشيوخ يتمتع بنفس الصلاحيات المقررة لمجلس النواب فإنه ليس له حق اقتراح القوانين المتعلقة بالضرائب أو المصروفات المتعلقة بالاتحاد الفيدرالى. كذلك إذا كان مجلس الشعب الهندى يستشير مجلس الولايات فيما يتعلق بمشروعات القوانين جميعا، فإن مجلس الولايات لا يملك نفس الاختصاصات فيما يتعلق بالشئون المالية ومشروعاتها وقوانينها.
وفى الولايات المتحدة الأمريكية ينفرد مجلس الشيوخ باختصاصات لا يتمتع بها مجلس النواب، وذلك فى سلطة محاكمة رئيس الدولة ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية.. وينفرد مجلس النواب أيضا باختصاصات لا يتمتع بها مجلس الشيوخ مثل اقتراح القوانين الخاصة بتحقيق دخل الحكومة وحق توجيه الاتهام.
أما فى الاتحاد السويسرى، فإن مجلس المقاطعات والمجلس الوطنى يتمتع كل منهما باختصاصات متساوية كذلك فى الدول البسيطة كالمملكة المتحدة، «مجلس اللوردات».. و«مجلس العموم» حيث يتمتع المجلس الأخير بسلطات كثيرة لا يملكها مجلس اللوردات الذى لم يعد يملك اختصاصات تشريعية فى ظل دستور 1949، إذ ليس له اختصاص اقتراح مشروعات القوانين المالية، وله حق الاعتراض عليها فقط، ويملك سلطة قضائية محدودة بوصفه هيئة استئناف عليا.
أما فى فرنسا، فالحكومة مسئولة أمام الجمعية الوطنية فقط، أما مجلس الشيوخ فله حق اقتراح بعض القوانين ما عدا تخفيض الضرائب وزيادة النفقات.. أو تقدم لها مشروعات القوانين المالية.
كذلك اليابان، فإن مجلس النواب له اختصاصات أخرى كسحب الثقة من الحكومة وهى ليست من اختصاصات مجلس المستشارين. على حين أن الأردن، فى «مجلس الأعيان» و«مجلس النواب» تأخذ باختصاصات متساوية.. كذلك إيطاليا.
وهكذا؛ فإن لكل مجلس من المجلسين طبيعة وغاية.. ولكل أيضا اختصاصات يشترك فيها أو ينفرد بها، ولا يعتبر ذلك رفعة لأحدهما على الآخر أو انتقاصًا منه فى مواجهة الجناح الثانى للبرلمان لدى الدول التى تأخذ بنظام المجلسين.
وفى مصر، كذلك لم يكن مجلس النواب.. أو مجلس الشيوخ وفق دستور 1923 على قدم المساواة فى الاختصاصات، إذ كان مجلس الشيوخ له حق اقتراح إلغاء الضريبة أو تخفيضها.. ولم يكن له حق اقتراح إنشاء الضرائب أو زيادتها.. إذ يختص مجلس النواب وحده.. كما كان لمجلس النواب وحده حق اتهام الوزراء.
وإذا كان الدستور المصرى الصادر عام 1971، قد شاء أن يأخذ بنظام المجلس الواحد؛ فإن التعديلات التى جرت على الدستور فى مايو 1980 تؤكد أن المشروع الدستورى شاء أن يأخذ بنظام المجلسين وإن اختلفت اختصاصات وسلطات كل منهما، كما اختلفت أيضا شروط العضوية وعدد الأعضاء ونسبة تمثيلهم، وهو أمر طبيعى ومنطقى، يتفق مع طبيعة الأخذ بنظام الازدواج البرلماني وتحقيقه مزايا الأخذ به، وكذلك بعد الأخذ بالتعددية الحزبية واعتبار الصحافة سلطة شعبية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن الدستور المصري مجلس الشیوخ مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
مجلس الشيوخ الأميركي يصوت على تشريع يحظر مبيعات أسلحة لإسرائيل
يصوت مجلس الشيوخ الأميركي، الأربعاء، على تشريع قد يحظر في حال إقراره بعض مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وذلك بدعم من مشرعين يقولون إن إسرائيل تعرقل شحنات المساعدات التي يحتاجها المدنيون الفلسطينيون بشدة في غزة، وفقا لما نقلته وكالة رويترز.
وقدم مشروع "قرارات الرفض" السناتور بيرني ساندرز، وهو مستقل يتحالف مع الديمقراطيين.
واثنان من القرارات، التي قدمها ساندرز بالاشتراك مع عضوي مجلس الشيوخ الديمقراطيين جيف ميركلي وبيتر ويلش، من شأنهما أن يمنعا بيع قذائف مورتر عيار 120 ملم وذخائر الهجوم المباشر المشترك (جيه.دي.أيه.أم.أس). أما القرار الثالث، الذي يدعمه السناتور الديمقراطي برايان شاتز، فمن شأنه أن يمنع بيع قذائف الدبابات.
وقال ساندرز في بيان "لقد تم شن هذه الحرب بالكامل تقريبا باستخدام الأسلحة الأميركية و18 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأميركيين. وألقت إسرائيل قنابل زودتها بها الولايات المتحدة بوزن 2000 رطل على الأحياء المكتظة، وقتلت مئات المدنيين للقضاء على حفنة من مقاتلي (حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية) حماس، ولم تبذل سوى القليل من الجهد للتمييز بين المدنيين والمقاتلين".
وأضاف "هذه التصرفات غير أخلاقية وغير قانونية".
وفي أكتوبر، أبلغت إدارة بايدن إسرائيل بأن أمامها 30 يوما لتحسين تدفق المساعدات إلى غزة أو المخاطرة بعواقب تتعلق بالمساعدات العسكرية الأميركية.
وبعد انقضاء المهلة، قالت واشنطن في 12 نوفمبر إنها خلصت إلى أن إسرائيل أحرزت تقدما ولا تعرقل حاليا المساعدات المقدمة إلى غزة. لكن العديد من منظمات الإغاثة لم توافق على ذلك.
وتقول إسرائيل إنها تعمل على تلبية الاحتياجات الإنسانية وإن المشكلة الرئيسية في توصيل المساعدات هي التحديات التي تواجهها الأمم المتحدة في توزيعها.
وقال السناتور الديمقراطي كريس فان هولين اليوم إنه يؤيد قرارات الرفض المشتركة، وهو نفس الموقف الذي اتخذته السناتور الديمقراطية إليزابيث وارين الأسبوع الماضي.
ويمنح القانون الأميركي الكونغرس الحق في وقف مبيعات الأسلحة الكبرى للخارج من خلال إصدار قرارات برفض هذه المبيعات.