بوابة الوفد:
2024-11-17@22:45:02 GMT

الأسعار الذاكرة الحية للإذلال

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

أوهمت نفسى كثيرًا أن الارتفاعات غير المسبوقة فى الأسعار، سواء المكتوبة منها على السلع أو التى نتلقاها شفاهة عن طريق حاسة السمع، هى من قبيل تلك الأخطاء المطبعية التى تقع فيها بعض الصحف دون قصد، تلك الأخطاء التى يتبدل فيها حرف مكان آخر أو يتغير، فيتحول المعنى إلى النقيض ويكون سببًا فى أزمات كبيرة، مثل كلمة «يتجول» التى حل فيها حرف «الباء» مكان «الجيم»، أو كلمة «العامر» عندما أخذ حرف «الهاء» مكان «العين»، والأمثلة فى هذا الشأن كثيرة، ومن المؤكد كما أوهمت نفسى أن عملية تحجيم الأسعار حدث بها خطأ مشابه للأمثلة السابقة، فتحول المعنى من «تحجيم الأسعار» إلى «جحيم الأسعار»، وسوف يتم تدارك الأمر فى أسرع وقت مصحوبًا برسالة اعتذار عن هذا الخطأ من الحكومة أو أى مسئول فيها أو عنها.

 

هذا المسئول الذى يغضب غضبًا شديدًا إذا اقترن اسمه بخطأ مطبعى غير مقصود، فيسارع برفع دعوى قضائية لرد اعتباره، وبعد وساطة الأصحاب والأحباب تهدأ ثورته، وينكمش غضبه، ويقتنع فى النهاية بأن ما حدث كان خطأ مطبعيًا مجردًا من سوء النية، فيقبل الاعتذار، وعفا الله عما سلف، فى ظل هذا الوهم الذى أقنعت نفسى به قليلًا، أردت أن تتبدل الأدوار، فيسارع المسئول عن هذا الخطأ المطبعى الذى تسبب فى هذه الحالة الجنونية من ارتفاعات الأسعار أن يقدم لنا اعتذارًا، ثم نتفهم هذا الخطأ ثم نقبل هذا الاعتذار، ويمر الأمر كأن شيئًا لم يكن، ولكن للأسف الشديد لم يكن الأمر كذلك ولن يكون. 

فاستمرت معدلات التبريرات فى النمو، وأخذ عدد «الشماعات» فى الازدياد، وعلينا كمستهلكين أو «زبائن» ليس فقط الاقتناع بتلك الأسباب، بل التصفيق لها أيضًا، لأن الأمر أكبر من قدراتنا على الاستيعاب، وأوسع من نطاق تصوراتنا للأشياء، وهذا ما أشار إليه أحد الإعلاميين وقال: «لا يجب أن يشغلنا أكل ولا شرب ولا غاز ولا كهرباء، ولا يجب أن نقول كيلو السمنة أو السكر بكام، لأن الموضوع أكبر من كده، الموضوع فوق خيالك»، وقال هذا الإعلامى: «إن البلد النهارده عاوزة كل واحد صامد وواقف معاها وأن أنسى حالى الشخصى، فالأمن القومى يتعرض للخطر». 

ومع يقينى بأن الأخطار تحيط بنا من كل مكان، وأن الزيادة السكانية تلتهم ثمار الإصلاح، وأن تقلبات الطقس والتغيرات المناخية تؤدى إلى نقص بعض السلع الغذائية، بالإضافة إلى تلك التوترات العالمية القريبة منا والبعيدة عنا، كل هذه العوامل تؤثر على الأسعار وتؤدى إلى ارتفاعها، ويجب ألا ننسى إضافة بند جشع بعض التجار إلى القائمة السابقة، والسؤال هنا: ما الخطط التى وضعتها الحكومة مسبقًا لمواجهة مثل هذه التحديات؟ وأين الرؤى المستقبلية التى رسمتها الحكومة للحد من هذه الأخطار وتأثيرها؟! 

نحتاج إلى إجابات مقنعة من السادة المسئولين، إجابات لا يكون مفادها استبدال حالة الشكوى بحالة الحمد و«بوس الأيادى وش ودهر» على ما وصلنا إليه!، وأنه لولا الجهود المضنية التى تقوم بها الحكومة لكانت الأسعار أشد فتكًا وإعصارًا!، ثم نحتاج إلى الخروج من دوامة الاتهامات المتبادلة بين التاجر والحكومة، وأيهما السبب والمتسبب فى تلك الارتفاعات الجنونية التى أصابت كل القطاعات تقريبًا، فهذه الاتهامات ليست بجديدة أو وليدة اللحظة.

نحن فى حاجة إلى مسئول يلعب دور الوساطة فى عملية صلح معقدة بيننا وبين الفول والطعمية والكشرى والعدس البصل والسكر وباقى السلع الغذائية، التى ارتفع سعرها وخاصمت موائد البعض منا، نحن فى حاجة إلى عملية صلح وإصلاح بين هياكل الأجور والأسعار، نحن فى حاجة إلى من يرى أن الزيادة السكانية ثروة يمكن استغلالها، وطاقة قادرة على الإنتاج وتجاوز المستحيل وليست عبئًا يلتهم ثمار كل شىء! 

نحن فى حاجة إلى من يرد للجنيه هيبته، بعد أن أصبحت قيمته تساوى حزمة خضار!، وأن يرد له خاصيته فى «لحلحة» الأشياء عندما أطلق عليه البعض لقب «اللحلوح»، نريد إجراء عملية جراحية لهذا الجنيه تقوم باستئصال جميع ألقابه ومرادفاته ومعانيه السلبية، التى تعبر عن ضعفه مثل «الملطوش» و«الأهيف» و«الزغلول». 

الخلاصة.. إن الارتفاعات الجنونية التى ضربت كل شىء، وخاصة أسعار السلع الغذائية مؤخرًا وتوابعها، ستكون ذاكرة حية من الإذلال، لن ينساها رجل مسن أو سيدة عجوز وقفت لساعات فى طابور طويل للحصول على كيلو سكر بسعر مخفض ثم خرجت فارغة الأيدى، ذاكرة حية من الإذلال لن ينساها رب أسرة «انكسرت نفسه» أمام أولاده، بعد أن عجز عن سد حاجاتهم وتلبية متطلبات معيشتهم الأساسية. 

فى النهاية.. نحتاج إلى حل، والحل عند الحكومة لأنها صاحبة القرار والسلطة والمسئولية.

 

[email protected] 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب الأسعار

إقرأ أيضاً:

حكم العمل فى مكان يبيع الخمور.. أمين الإفتاء يوضح

أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حول حكم العمل في سوبر ماركت خارج البلاد يبيع الخمور؟.

وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، فى فتوى له، "نسأل الله عز وجل أن يتوب على الإنسان ويغفر له، وأن يرزقه من فضله ويفتح له أبواب الحلال، فالأصل أن المسلم يجب عليه أن يحافظ على هويته ودينه وأخلاقه أينما كان، سواء داخل وطنه أو خارجه، وفي هذا السياق، لا يجوز للمسلم أن يعمل في بيع الحرام أو يعرضه للناس، مثل الخمور أو ما شابهها."

وأضاف: "إذا كان الشخص مضطراً للعمل في مكان يتعامل مع الخمور، فيجب عليه أن يتجنب التعامل المباشر معها، فلا يجوز له أن يحمل الخمر بيده أو يقدمها للزبائن، لأن ذلك يعد من الكبائر، لكن إذا كان هذا العمل اضطرارياً ولا يجد الشخص غيره لإعالة نفسه في البلد الذي يعيش فيه، فيجوز له الاستمرار في العمل حتى يجد عملاً آخر."

وأوضح: "هناك بعض الفقهاء الذين أباحوا العمل في مثل هذه الأماكن في حال الضرورة، لكن بشرط أن يتجنب المسلم التعامل مع الخمر بشكل مباشر، وأن يسعى إلى تغيير وضعه في أقرب وقت ممكن."

وأشار إلى أن الحفاظ على الدين والأخلاق يجب أن يكون هو الأولوية، مع ضرورة البحث عن أعمال أخرى تكون متوافقة مع أحكام الشرع.

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يعترفون بمقتل قياديين في صنعاء وسط غموض حول مكان الوفاة
  • أستاذ علاج السموم: متعاطي مخدر GHP يفقد الذاكرة ويكون غير قادر على التحكم بقراراته
  • حكم العمل فى مكان يبيع الخمور.. أمين الإفتاء يوضح
  • الجيش الكويتي يعلن تنفيذ تدريبات بالذخيرة الحية
  • قرار بحظر استيراد الطيور الحية من 5 دول
  • القوة البحرية الكويتية تنفذ رماية بالذخيرة الحية في ميدان الرماية البحري غدا وبعد غد
  • حظر استيراد الطيور الحية من 5 دول
  • جرعة زائدة تؤدي إلى الوفاة.. أستاذ علاج سموم يحذر من مخدر GHP وتأثيره على الذاكرة
  • ”وقاء“ يوطّن إنتاج الكائنات الحية النافعة لتعزيز الريادة الزراعية
  • النسيان: أداة الدماغ لتعزيز الذاكرة والتكيف مع التغيرات