بوابة الوفد:
2024-12-18@11:48:46 GMT

الأسعار الذاكرة الحية للإذلال

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

أوهمت نفسى كثيرًا أن الارتفاعات غير المسبوقة فى الأسعار، سواء المكتوبة منها على السلع أو التى نتلقاها شفاهة عن طريق حاسة السمع، هى من قبيل تلك الأخطاء المطبعية التى تقع فيها بعض الصحف دون قصد، تلك الأخطاء التى يتبدل فيها حرف مكان آخر أو يتغير، فيتحول المعنى إلى النقيض ويكون سببًا فى أزمات كبيرة، مثل كلمة «يتجول» التى حل فيها حرف «الباء» مكان «الجيم»، أو كلمة «العامر» عندما أخذ حرف «الهاء» مكان «العين»، والأمثلة فى هذا الشأن كثيرة، ومن المؤكد كما أوهمت نفسى أن عملية تحجيم الأسعار حدث بها خطأ مشابه للأمثلة السابقة، فتحول المعنى من «تحجيم الأسعار» إلى «جحيم الأسعار»، وسوف يتم تدارك الأمر فى أسرع وقت مصحوبًا برسالة اعتذار عن هذا الخطأ من الحكومة أو أى مسئول فيها أو عنها.

 

هذا المسئول الذى يغضب غضبًا شديدًا إذا اقترن اسمه بخطأ مطبعى غير مقصود، فيسارع برفع دعوى قضائية لرد اعتباره، وبعد وساطة الأصحاب والأحباب تهدأ ثورته، وينكمش غضبه، ويقتنع فى النهاية بأن ما حدث كان خطأ مطبعيًا مجردًا من سوء النية، فيقبل الاعتذار، وعفا الله عما سلف، فى ظل هذا الوهم الذى أقنعت نفسى به قليلًا، أردت أن تتبدل الأدوار، فيسارع المسئول عن هذا الخطأ المطبعى الذى تسبب فى هذه الحالة الجنونية من ارتفاعات الأسعار أن يقدم لنا اعتذارًا، ثم نتفهم هذا الخطأ ثم نقبل هذا الاعتذار، ويمر الأمر كأن شيئًا لم يكن، ولكن للأسف الشديد لم يكن الأمر كذلك ولن يكون. 

فاستمرت معدلات التبريرات فى النمو، وأخذ عدد «الشماعات» فى الازدياد، وعلينا كمستهلكين أو «زبائن» ليس فقط الاقتناع بتلك الأسباب، بل التصفيق لها أيضًا، لأن الأمر أكبر من قدراتنا على الاستيعاب، وأوسع من نطاق تصوراتنا للأشياء، وهذا ما أشار إليه أحد الإعلاميين وقال: «لا يجب أن يشغلنا أكل ولا شرب ولا غاز ولا كهرباء، ولا يجب أن نقول كيلو السمنة أو السكر بكام، لأن الموضوع أكبر من كده، الموضوع فوق خيالك»، وقال هذا الإعلامى: «إن البلد النهارده عاوزة كل واحد صامد وواقف معاها وأن أنسى حالى الشخصى، فالأمن القومى يتعرض للخطر». 

ومع يقينى بأن الأخطار تحيط بنا من كل مكان، وأن الزيادة السكانية تلتهم ثمار الإصلاح، وأن تقلبات الطقس والتغيرات المناخية تؤدى إلى نقص بعض السلع الغذائية، بالإضافة إلى تلك التوترات العالمية القريبة منا والبعيدة عنا، كل هذه العوامل تؤثر على الأسعار وتؤدى إلى ارتفاعها، ويجب ألا ننسى إضافة بند جشع بعض التجار إلى القائمة السابقة، والسؤال هنا: ما الخطط التى وضعتها الحكومة مسبقًا لمواجهة مثل هذه التحديات؟ وأين الرؤى المستقبلية التى رسمتها الحكومة للحد من هذه الأخطار وتأثيرها؟! 

نحتاج إلى إجابات مقنعة من السادة المسئولين، إجابات لا يكون مفادها استبدال حالة الشكوى بحالة الحمد و«بوس الأيادى وش ودهر» على ما وصلنا إليه!، وأنه لولا الجهود المضنية التى تقوم بها الحكومة لكانت الأسعار أشد فتكًا وإعصارًا!، ثم نحتاج إلى الخروج من دوامة الاتهامات المتبادلة بين التاجر والحكومة، وأيهما السبب والمتسبب فى تلك الارتفاعات الجنونية التى أصابت كل القطاعات تقريبًا، فهذه الاتهامات ليست بجديدة أو وليدة اللحظة.

نحن فى حاجة إلى مسئول يلعب دور الوساطة فى عملية صلح معقدة بيننا وبين الفول والطعمية والكشرى والعدس البصل والسكر وباقى السلع الغذائية، التى ارتفع سعرها وخاصمت موائد البعض منا، نحن فى حاجة إلى عملية صلح وإصلاح بين هياكل الأجور والأسعار، نحن فى حاجة إلى من يرى أن الزيادة السكانية ثروة يمكن استغلالها، وطاقة قادرة على الإنتاج وتجاوز المستحيل وليست عبئًا يلتهم ثمار كل شىء! 

نحن فى حاجة إلى من يرد للجنيه هيبته، بعد أن أصبحت قيمته تساوى حزمة خضار!، وأن يرد له خاصيته فى «لحلحة» الأشياء عندما أطلق عليه البعض لقب «اللحلوح»، نريد إجراء عملية جراحية لهذا الجنيه تقوم باستئصال جميع ألقابه ومرادفاته ومعانيه السلبية، التى تعبر عن ضعفه مثل «الملطوش» و«الأهيف» و«الزغلول». 

الخلاصة.. إن الارتفاعات الجنونية التى ضربت كل شىء، وخاصة أسعار السلع الغذائية مؤخرًا وتوابعها، ستكون ذاكرة حية من الإذلال، لن ينساها رجل مسن أو سيدة عجوز وقفت لساعات فى طابور طويل للحصول على كيلو سكر بسعر مخفض ثم خرجت فارغة الأيدى، ذاكرة حية من الإذلال لن ينساها رب أسرة «انكسرت نفسه» أمام أولاده، بعد أن عجز عن سد حاجاتهم وتلبية متطلبات معيشتهم الأساسية. 

فى النهاية.. نحتاج إلى حل، والحل عند الحكومة لأنها صاحبة القرار والسلطة والمسئولية.

 

[email protected] 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب الأسعار

إقرأ أيضاً:

تسبب فقدان الذاكرة.. استشاري تغذية يحذر من وجبات التيك أواي

قال الدكتور مجدي نزيه، استشاري التثقيف والإعلام الغذائي، إن هناك شكاوى عدة زادت مؤخرا وخاصة فئة الشباب، من أنهم يعانون من أمراض ذكورة أو تليف كبد أو أمراض معدة أو جهاز هضمي.

وأشار «نزيه» خلال لقائه مع الإعلامية دينا رامز وآية شعيب ببرنامج «أنا وهو وهي» المذاع على قناة «صدى البلد»، إلى أن المركبات المعقدة التي تتمثل في السمن النباتي والزيوت المهدرجة وأكلات التيك أواي هي السبب في أمراض عدة وعلى رأسها فقدان الذاكرة، ناصحا بعدم تناولها.

وأكد أن الفتيات الآن تعاني معاناة شديدة من تساقط الشعر وتأخر الحمل وتضارب في الهرمونات وخلل في وظائف بعض الأجهزة، معلقا: البنت دلوقتي لا تقارن بأمها في سنها زمان.

وبشأن أفضل وجبة لممارسي الرياضات وخاصة الجيم، قال الدكتور مجدي نزيه: «موزة ومعلقة عسل أبيض أساسي قبل التمرين بنص ساعة، وبلاش حلاوة طحينية علشان سرعة الهضم والسعرات الحرارية».

اقرأ أيضاً«وداعا تخفيف الأحمال».. خطة الحكومة لتأمين التغذية الكهربائية

كلية علوم التغذية بجامعة حلوان تنظم ندوة شاملة حول الإسعافات الأولية

مفوضية حقوق الإنسان: 32% من الأطفال في السودان يعانون من سوء التغذية

مقالات مشابهة

  • عشبة غير متوقعة تعالج السكري ومشاكل الذاكرة والاجهاد العصبي
  • مش عايز يجيلك زهايمر.. طعام خارق يعالج الذاكرة وضعف التركيز
  • العلاج فى مستشفيات الحكومة.. رحلة عذاب
  • سعود الحوسني يكتب: أدبنا العربي مرآة هويتنا وذاكرتنا الحية
  • تقرير أمريكي.. إيران تعرضت للإذلال في سوريا وتعاني من ضعف داخلي متزايد
  • بأسعار مخفضة لمواجهة الغلاء.. مديرية الزراعة بالغردقة تطلق مبادرة لتوفير الطيور الحية
  • تأثير الموسيقى على تحسين الذاكرة والتركيز
  • سامر المصري يفجّر مفاجأة.. هذه الفنانة فقدت الذاكرة بسبب اعتداء ضابط
  • دراسة صادمة: ثلث الكائنات الحية مهددة بالانقراض قبل عام 2100
  • تسبب فقدان الذاكرة.. استشاري تغذية يحذر من وجبات التيك أواي