غزة – وقف محمد السطري حوالي 6 ساعات في طابور طويل أمام محطة وقود بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، لتعبئة أسطوانة من حجم 12 كيلوغراما من غاز الطهي، الذي سمح الاحتلال الإسرائيلي بمروره ضمن مساعدات إنسانية عبر معبر رفح البري مع مصر، بموجب اتفاق الهدنة المؤقتة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

ونفد غاز الطهي من منزل السطري منذ الأسبوع الثاني للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من الشهر الماضي، كما غالبية منازل الغزيين، الذين اضطروا إلى العودة للوسائل البدائية كأفران الطين والنار على الحطب، وحتى إيقاد النار في ملابسهم ومتعلقاتهم القديمة لتدبر شؤون حياتهم اليومية.

هذه الوسائل ضاعفت من معاناة زوجة السطري المصابة بمرض صدري، يجعلها تعاني من ضيق التنفس، جراء المكوث لساعات طويلة أمام النار لإعداد الطعام لأسرتها المكونة من 8 أفراد، وهو ما عبر عنه السطري بالقول "نار الحطب مضرة صحيا ومكلفة ماديا، جراء ارتفاع أسعار الحطب بصورة جنونية".


ازدحام شديد

وشهدت محطات وقود محدودة في جنوب القطاع، ازدحاما شديدا من مواطنين نساء ورجالا وأطفالا، اصطفوا إلى جانب أسطواناتهم التي امتدت في طابور طويل لعشرات الأمتار، في حين فضّل البعض النوم على أبواب هذه المحطات، للحصول على فرصة وأولوية تعبئة أسطواناتهم، خشية نفاد كميات الغاز التي وصفتها السلطات المحلية في غزة بالشحيحة.

وتعتمد منازل سكان غزة بشكل أساسي على غاز الطهي، الذي منعت إسرائيل توريده إلى القطاع ضمن الوقود ومختلف أنواع السلع والبضائع، تطبيقا لقرارها بفرض حصار خانق تزامنا مع العدوان.

وقال السطري إن أسطوانة الغاز وزن 12 كيلوغراما وسعرها 70 شيكلا (حوالي 20 دولارا) تكفي أسرته أقل من 3 أسابيع، وبسبب وضعه المالي المتردي، لم يتمكن من تعبئة أسطوانة ثانية يمتلكها قبل اندلاع الحرب.

ولا يختلف حال السبعينية "أم وسيم" عن السطري، ولا تقل حاجتها عنه لغاز الطهي، وهي التي تستضيف في منزلها في مدينة خان يونس المجاورة لرفح، أسرتين نازحتين من مدينة غزة، وقالت للجزيرة نت "ليس لدينا غاز من أول أسبوع للحرب، ونحن بالبيت 50 فردا، أولادي وأولاد النازحين".

وتحاملت أم وسيم على أوجاع عمرها (70 عاما)، ووقفت منذ ساعات الصباح الباكر أمام محطة لتعبئة الغاز قريبة من مستشفى غزة الأوروبي، وقالت "من الساعة 6 صباحا وأنا هنا، وإن شاء الله أملأ غازا ولا ينفد قبل أن يصلني الدور"، مشيرة بذلك إلى أعداد كبيرة سبقوها في طابور الانتظار رغم وصولها المبكر، ومنهم من قضى الليل أمام المحطة، التي وقفت عناصر من الشرطة لتنظيم العمل، منعا لوقوع مشاحنات جراء الازدحام الشديد والحاجة الماسة للغاز.

ولا يسمح بأكثر من أسطوانة واحدة لكل شخص، أملا في أن تسد كميات غاز الطهي التي سترد خلال أيام الهدنة الأربعة، الحد الأدنى من احتياجات السكان، تحسبا لتجدد العدوان في ظل الحصار المطبق.

طوابير طويلة أمام محطات تعبئة غاز الطهي في مناطق جنوب قطاع غزة (الجزيرة) كميات شحيحة

وبحسب رئيس "المكتب الإعلامي الحكومي" سلامة معروف، فإن المساعدات الإنسانية الواردة عبر معبر رفح بموجب اتفاق الهدنة المؤقتة، بما فيها الوقود وغاز الطهي، ليست كافية كمّا ونوعا، ولا تفي بالاحتياجات الهائلة لأكثر من مليوني فلسطيني.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال معروف إن كميات الغاز الواردة "بسيطة ومحدودة"، حيث ترد 4 شاحنات من الغاز يوميا، موضحا أن القطاع بحاجة في ظل الظروف الحالية الناجمة عن الحرب والحصار إلى 30 طنا يوميا من الغاز من أجل متطلبات الحياة اليومية البسيطة فقط، في حين كان معدل الاستهلاك قبل اندلاع الحرب 6 آلاف طن شهريا، بواقع 200 طن يوميا.

وأكد المسؤول الحكومي أن سلطات الاحتلال لم تلتزم بالكميات المتوافق عليها بموجب اتفاق الهدنة، كما لم تلتزم بضمان وصول المساعدات بما فيها الوقود إلى مدينة غزة ومناطق شمال القطاع.

وسمحت سلطات الاحتلال في اليوم الأول للهدنة بمرور 3 شاحنات فقط، شاحنتان أغذية معلبة ومياه للشرب، والثالثة أكفان، وفي اليوم الثاني سمحت بـ59 شاحنة، لمدينة غزة وشمالها، ليس من بينها أي لتر من الوقود أو كميات من غاز الطهي.


واقع إنساني منهار

في السياق ذاته قال الناطق باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الدكتور محمد أبو مصبح للجزيرة نت، بينما كان يرافق قافلة شاحنات تنتظر بالقرب من مفترق الشهداء المؤدي إلى مدينة غزة، للسماح لها بالمرور، إن القافلة مكونة من 33 شاحنة من المساعدات الإنسانية والإغاثية.

وأضاف أبو مصبح إن حاجة السكان في مناطق شمال القطاع ماسة لمختلف أنواع المساعدات الإنسانية، بما فيها الوقود وغاز الطهي، متأملا أن تنجح جهود الهلال الأحمر و"الأونروا" في إيصال كميات مضاعفة من هذه المساعدات للسكان في مدينة غزة ومناطق شمال القطاع، الذين يعيشون واقعا إنسانيا منهارا.

ودخلت عبر معبر رفح في اليوم الأول للهدنة 200 شاحنة، وفي اليوم الثاني 197 شاحنة من المساعدات الإنسانية والإغاثية، إضافة إلى 8 شاحنات من غاز الطهي خلال هذين اليومين، ويأمل أبو مصبح أن تزداد أعداد الشاحنات خلال اليومين المتبقيين من اتفاق الهدنة.

وتنسق جمعية الهلال الأحمر مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في عملية استلام المساعدات عبر معبر رفح، وتحديد أوجه صرفها في جنوب القطاع، وكذلك إيصالها لمناطق الشمال، حيث يقدر رئيس المكتب الإعلامي الحكومي تعداد السكان الذين لا يزالون هناك ويرفضون النزوح بنحو 800 ألف نسمة يمثلون ثلث سكان القطاع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة اتفاق الهدنة عبر معبر رفح غاز الطهی مدینة غزة فی الیوم

إقرأ أيضاً:

نداءات استغاثة لإنقاذ حياة المرضى والجرحى المحاصرين في شمال غزة

غزة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة الإمارات تدعو إلى خريطة طريق لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الإمارات تغيث النازحين في شمال غزة

أطلق مستشفى «كمال عدوان» في منطقة جباليا، شمال قطاع غزة، أمس، مجدداً نداء استغاثة لإنقاذ حياة عشرات المرضى والجرحى المحاصرين لليوم الـ48 على التوالي.
وأفاد المستشفى، في بيان، بأن القوات الإسرائيلية تتعمد منع دخول الدواء والمستلزمات الطبية والطعام والوقود، وكذلك مركبات الإسعاف إلى شمال القطاع، حيث باتت المستشفيات عاجزة عن تلبية نداءات الاستغاثة التي تصل إليها، لافتاً النظر إلى أن عملية نقل الضحايا والجرحى إلى المستشفى تتم بطرق بدائية، قد تكون نقلاً على الأكتاف أو العربات التي تجرها الحيوانات إن وجدت.
كما كشف مستشفى كمال عدوان عن وصول عشرات الأطفال والنساء إلى قسم الطوارئ مصابين بعلامات تدل على سوء التغذية، حيث أكدت وفاة رجل مسن بسبب الجفاف الحاد والوضع الصحي الذي أصبح كارثياً في شمال قطاع غزة.
وأوضحت مستشفيات القطاع أنها باتت عاجزة عن علاج نحو 350 ألف مريض مصاب بالأمراض المزمنة، بينهم نحو 12 ألف مريض بالسرطان، يضاف إليهم نحو 100 ألف جريح من الحرب المستمرة على غزة.
وفي سياق متصل، أعربت الرئاسة الفلسطينية، أمس، عن رفض إنشاء منطقة عازلة شمال قطاع غزة لتوزيع المساعدات بواسطة شركة أميركية.
وقال متحدث الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن «الحديث عما يسمى بإنشاء منطقة عازلة في شمال قطاع غزة وجباليا، لتوزيع المساعدات في قطاع غزة عبر شركة خاصة أميركية وبتمويل أجنبي، خطط مرفوضة وغير مقبولة بتاتاً»، وفق ما نقلته وكالة «وفا».
وأضاف أبو ردينة: «إنشاء المنطقة العازلة يخالف جميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، الذي يعتبر قطاع غزة جزءاً لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين المحتلة».
وأكد أن «أي خطط تتعلق بمستقبل قطاع غزة، أو توزيع المساعدات فيه، تتم فقط من خلال دولة فلسطين، وعبر وكالة الأونروا، والمنظمات الدولية الأخرى ذات الاختصاص».
أمنياً، قال مسؤولو صحة فلسطينيون، إن القوات الإسرائيلية قتلت 19 فلسطينياً على الأقل في قطاع غزة أمس، بينهم موظف بالدفاع المدني، في وقت توغلت فيه القوات بشكل أكبر في شمال القطاع وقصفت مستشفى ونسفت منازل.
وذكر مسعفون أن 12 شخصاً على الأقل قتلوا في غارة إسرائيلية على منزل في منطقة جباليا.

مقالات مشابهة

  • في غزة فقط.. كسرة خبز تساوي الحياة!
  • قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
  • وصول معدات محطة تعبئة غاز الطهي الفورية الجديدة إلى سرت
  • الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
  • عضو السيادي الفريق أول ركن كباشي يؤكد حرص الحكومة على إحلال السلام ووقف معاناة الشعب السوداني
  • التقى المبعوث السويسري.. كباشي يؤكد حرص الحكومة على إحلال السلام ووقف معاناة الشعب السوداني
  • نداءات استغاثة لإنقاذ حياة المرضى والجرحى المحاصرين في شمال غزة
  • بن جفير: سيطرة الجيش الإسرائيلي على المساعدات الإنسانية لسكان غزة ضرورة
  • معاناة يومية.. طوابير طويلة أمام المخبز الوحيد بمدينة خان يونس
  • بدعم من الاحتلال.. عصابات تسطو على المساعدات في غزة