طوابير على غاز الطهي.. معاناة متجددة لسكان غزة رغم الهدنة
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
غزة – وقف محمد السطري حوالي 6 ساعات في طابور طويل أمام محطة وقود بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، لتعبئة أسطوانة من حجم 12 كيلوغراما من غاز الطهي، الذي سمح الاحتلال الإسرائيلي بمروره ضمن مساعدات إنسانية عبر معبر رفح البري مع مصر، بموجب اتفاق الهدنة المؤقتة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
ونفد غاز الطهي من منزل السطري منذ الأسبوع الثاني للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من الشهر الماضي، كما غالبية منازل الغزيين، الذين اضطروا إلى العودة للوسائل البدائية كأفران الطين والنار على الحطب، وحتى إيقاد النار في ملابسهم ومتعلقاتهم القديمة لتدبر شؤون حياتهم اليومية.
هذه الوسائل ضاعفت من معاناة زوجة السطري المصابة بمرض صدري، يجعلها تعاني من ضيق التنفس، جراء المكوث لساعات طويلة أمام النار لإعداد الطعام لأسرتها المكونة من 8 أفراد، وهو ما عبر عنه السطري بالقول "نار الحطب مضرة صحيا ومكلفة ماديا، جراء ارتفاع أسعار الحطب بصورة جنونية".
ازدحام شديد
وشهدت محطات وقود محدودة في جنوب القطاع، ازدحاما شديدا من مواطنين نساء ورجالا وأطفالا، اصطفوا إلى جانب أسطواناتهم التي امتدت في طابور طويل لعشرات الأمتار، في حين فضّل البعض النوم على أبواب هذه المحطات، للحصول على فرصة وأولوية تعبئة أسطواناتهم، خشية نفاد كميات الغاز التي وصفتها السلطات المحلية في غزة بالشحيحة.
وتعتمد منازل سكان غزة بشكل أساسي على غاز الطهي، الذي منعت إسرائيل توريده إلى القطاع ضمن الوقود ومختلف أنواع السلع والبضائع، تطبيقا لقرارها بفرض حصار خانق تزامنا مع العدوان.
وقال السطري إن أسطوانة الغاز وزن 12 كيلوغراما وسعرها 70 شيكلا (حوالي 20 دولارا) تكفي أسرته أقل من 3 أسابيع، وبسبب وضعه المالي المتردي، لم يتمكن من تعبئة أسطوانة ثانية يمتلكها قبل اندلاع الحرب.
ولا يختلف حال السبعينية "أم وسيم" عن السطري، ولا تقل حاجتها عنه لغاز الطهي، وهي التي تستضيف في منزلها في مدينة خان يونس المجاورة لرفح، أسرتين نازحتين من مدينة غزة، وقالت للجزيرة نت "ليس لدينا غاز من أول أسبوع للحرب، ونحن بالبيت 50 فردا، أولادي وأولاد النازحين".
وتحاملت أم وسيم على أوجاع عمرها (70 عاما)، ووقفت منذ ساعات الصباح الباكر أمام محطة لتعبئة الغاز قريبة من مستشفى غزة الأوروبي، وقالت "من الساعة 6 صباحا وأنا هنا، وإن شاء الله أملأ غازا ولا ينفد قبل أن يصلني الدور"، مشيرة بذلك إلى أعداد كبيرة سبقوها في طابور الانتظار رغم وصولها المبكر، ومنهم من قضى الليل أمام المحطة، التي وقفت عناصر من الشرطة لتنظيم العمل، منعا لوقوع مشاحنات جراء الازدحام الشديد والحاجة الماسة للغاز.
ولا يسمح بأكثر من أسطوانة واحدة لكل شخص، أملا في أن تسد كميات غاز الطهي التي سترد خلال أيام الهدنة الأربعة، الحد الأدنى من احتياجات السكان، تحسبا لتجدد العدوان في ظل الحصار المطبق.
طوابير طويلة أمام محطات تعبئة غاز الطهي في مناطق جنوب قطاع غزة (الجزيرة) كميات شحيحةوبحسب رئيس "المكتب الإعلامي الحكومي" سلامة معروف، فإن المساعدات الإنسانية الواردة عبر معبر رفح بموجب اتفاق الهدنة المؤقتة، بما فيها الوقود وغاز الطهي، ليست كافية كمّا ونوعا، ولا تفي بالاحتياجات الهائلة لأكثر من مليوني فلسطيني.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال معروف إن كميات الغاز الواردة "بسيطة ومحدودة"، حيث ترد 4 شاحنات من الغاز يوميا، موضحا أن القطاع بحاجة في ظل الظروف الحالية الناجمة عن الحرب والحصار إلى 30 طنا يوميا من الغاز من أجل متطلبات الحياة اليومية البسيطة فقط، في حين كان معدل الاستهلاك قبل اندلاع الحرب 6 آلاف طن شهريا، بواقع 200 طن يوميا.
وأكد المسؤول الحكومي أن سلطات الاحتلال لم تلتزم بالكميات المتوافق عليها بموجب اتفاق الهدنة، كما لم تلتزم بضمان وصول المساعدات بما فيها الوقود إلى مدينة غزة ومناطق شمال القطاع.
وسمحت سلطات الاحتلال في اليوم الأول للهدنة بمرور 3 شاحنات فقط، شاحنتان أغذية معلبة ومياه للشرب، والثالثة أكفان، وفي اليوم الثاني سمحت بـ59 شاحنة، لمدينة غزة وشمالها، ليس من بينها أي لتر من الوقود أو كميات من غاز الطهي.
واقع إنساني منهار
في السياق ذاته قال الناطق باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الدكتور محمد أبو مصبح للجزيرة نت، بينما كان يرافق قافلة شاحنات تنتظر بالقرب من مفترق الشهداء المؤدي إلى مدينة غزة، للسماح لها بالمرور، إن القافلة مكونة من 33 شاحنة من المساعدات الإنسانية والإغاثية.
وأضاف أبو مصبح إن حاجة السكان في مناطق شمال القطاع ماسة لمختلف أنواع المساعدات الإنسانية، بما فيها الوقود وغاز الطهي، متأملا أن تنجح جهود الهلال الأحمر و"الأونروا" في إيصال كميات مضاعفة من هذه المساعدات للسكان في مدينة غزة ومناطق شمال القطاع، الذين يعيشون واقعا إنسانيا منهارا.
ودخلت عبر معبر رفح في اليوم الأول للهدنة 200 شاحنة، وفي اليوم الثاني 197 شاحنة من المساعدات الإنسانية والإغاثية، إضافة إلى 8 شاحنات من غاز الطهي خلال هذين اليومين، ويأمل أبو مصبح أن تزداد أعداد الشاحنات خلال اليومين المتبقيين من اتفاق الهدنة.
وتنسق جمعية الهلال الأحمر مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في عملية استلام المساعدات عبر معبر رفح، وتحديد أوجه صرفها في جنوب القطاع، وكذلك إيصالها لمناطق الشمال، حيث يقدر رئيس المكتب الإعلامي الحكومي تعداد السكان الذين لا يزالون هناك ويرفضون النزوح بنحو 800 ألف نسمة يمثلون ثلث سكان القطاع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة اتفاق الهدنة عبر معبر رفح غاز الطهی مدینة غزة فی الیوم
إقرأ أيضاً:
الصليب الأحمر: هناك احتياجات لابد من تلبيتها لدعم العملية الإغاثية في غزة
أكدت نيكولا جينز، المتحدثة للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط، أن هناك احتياجات إغاثية وإنسانية لابد من تلبيتها للمواطنين في قطاع غزة.
وقالت المتحدثة في مداخلة لقناة (القاهرة الإخبارية)، إن منظمة الصليب الأحمر الدولي تركز على تقديم العون للمواطنين في غزة لدعم عمليات الإنسانية والإغاثية في المقام الأول، وتتجاوب مع كل الاحتياجات المواطنين في غزة من خلال التنسيق مع المنظمات الدولية لتلبية الحاجات العاجلة وتقديم الخدمات الطبية للجرحى والمصابين جراء العمليات العسكرية والمرضى.
وأضافت أننا نتعاون ونقدم الدعم الكامل لكل من منظمة الصليب والهلال الأحمر الفلسطيني ونرسل المساعدات الإنسانية سواء من مصر أو من عدد من الدول التي تقوم بدعم الفلسطينيين ومنظمة الهلال الأحمر الفلسطيني.
وأشارت إلى، أن النظام الصحي في غزة دمر بشكل كامل والمستشفيات لم تعد قادرة على تقديم الرعاية الطبية، ودمرت وهدمت على مدار الـ 15 شهرا الماضية، لذلك منظمة الصليب الأحمر تيسر عملية إرسال المستلزمات الطبية إلى القطاع من أجل تمكين الفلسطينيين ومنظمة الهلال الأحمر الفلسطيني الاستمرار في تقديم الخدمة الطبية للمواطنين خاصة في الشمال.
وأوضحت، أن الهلال الأحمر الفلسطيني يحاول إنشاء مستشفى ميداني، يعتبر مستشفى متنقلة مؤقتة خارج مدينة غزة لتقديم العمليات الجراحية والرعاية الصحية اللازمة للأطفال وحديثي الولادة وتقديم الخدمات الصحية الأساسية للفلسطينيين في القطاع.
وشددت على، أن منظمة الصليب الأحمر تعمل من خلال التنسيق بين كل المنظمات التابعة لها لإرسال المساعدات إلى غزة، وما نحتاجه الآن هو دعم المجتمع الدولي وزيادة التعهدات لضمان توصيل المساعدات للمحتاجين في القطاع، مشيرة إلى أن هناك تدمير كامل في البنى التحتية بالقطاع مما يمثل تحديا كبيرا لنا في تقديم المساعدات.
ونوهت بأن الهلال الأحمر الفلسطيني هو الجهة التابعة للصليب الأحمر لتنفيذ العمليات الإنسانية والإغاثية داخل القطاع ولديهم حوالي 1300 من العاملين في كل الأرجاء، كما نعمل بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري والأردني من أجل دعم المواطنين في الشمال وتعزيز الدعم المقدم على النطاق الحدودي.
وأكدت أن وقف إطلاق النار يمهد الطريق ويعطي الوقت لتعافي المواطنين في غزة، لافتة إلى أن التقييمات ما زالت جارية لتقدير حجم الأزمة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة.
اقرأ أيضاًالصليب الأحمر يتسلم الأسير «كيث سيجال» صاحب الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية
الصليب الأحمر يتسلم محتجزين إسرائيليين اثنين بقطاع غزة (فيديو)
عاجل.. الصليب الأحمر يتسلم المحتجزين الإسرائيليين «أربيل يهود» و«جادي موزيس»