من إفلاس إلى إفلاس.. مؤرخ فرنسي للوفيغارو: فرنسا أصبحت رجل أوروبا المريض
تاريخ النشر: 11th, July 2023 GMT
رغم أن معظم الديمقراطيات تشهد حركات احتجاجية وأحداث عنف، فإن ما يقع في فرنسا يبدو استثناء بسبب سعة انتشار الحركات وفقدان سيطرة الدولة على النظام العام، حيث يمثل اندلاع العنف تسارعا لا يمكن إنكاره في عملية تفكك الأمة الفرنسية.
بهذه الجملة افتتحت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية مقالا للمؤرخ وعالم الاجتماع نيكولا بافيريز، حاول فيه أن يوضح أن فرنسا أصبحت رجل أوروبا المريض، وأنها تتردى من إفلاس إلى إفلاس.
وأوضح الكاتب أن حصيلة موجة العنف الحضري التي اجتاحت فرنسا منذ وفاة الشاب نائل المأساوية في نانتير، تجاوزت حصيلة أعمال الشغب في عام 2005 وهي تتحدى الفهم، خاصة أن العنف تجاوز كل الحدود، ولم يقتصر على ما يسمى بالأحياء ذات الأولوية، فهو يهاجم بالدرجة الأولى سلطة الدولة، من خلال المباني والموظفين العموميين ورموز الاستهلاك، من خلال نهب المحلات التجارية والبنوك ووكالات التأمين.
وقد نجحت منذ عام 2015، 4 حركات -كما يرى الكاتب- في خلق مناخ من الحرب الأهلية، حيث مهدت موجة الهجمات الإسلامية الطريق لزعزعة مؤسسات وقيم الجمهورية، ثم أظهرت "السترات الصفراء" انحدارا وشعورا بالإهمال لدى فرنسا الهامشية، كما عبرت الاحتجاجات الضخمة ضد إصلاح نظام التقاعد عن قلق الطبقة الوسطى من بدء إفقارها، وأخيرا أبرزت انتفاضة الضواحي فوضى في قطاعات كاملة من البلد والسكان، أهلها لتكون في مجتمع مواز لا تحكمه قوانين الجمهورية، بل قوانين الاتجار بالمخدرات والطائفية.
ويرى الكاتب أن تنوع هذه الثورات والغضب يثبت أن أصلها لا يمكن العثور عليه في العنصرية الممنهجة في المجتمع والدولة، بل يكمن في تسارع سقوط فرنسا، التي أصبحت رجل أوروبا المريض، بسبب إفلاس اقتصادي مع توقف النمو، وإفلاس اجتماعي مع انخفاض نصيب الفرد من الثروة، وإفلاس مالي مع ارتفاع الدين العام، ثم إفلاس مدني وإفلاس سياسي، وأخيرا إفلاس أخلاقي تغذيه ديناميكيات الكراهية والعنف والخوف التي تقوي عدم ثقة المواطنين في الديمقراطية وتنذر بوصول السلطة إلى اليمين المتطرف.
غير أن الأدهى -حسب نيكولا بافيريز- هو أن القادة الفرنسيين ما زالوا، في مواجهة خطورة هذا الوضع، غير قادرين على فهم الأزمة الوجودية التي تمر بها البلاد، وبالتالي كلما تصاعد العنف انهارت الأمة، وكلما تفككت الأمة تزايدت قوة التهديدات الداخلية والخارجية، وبقي كل شيء كما كان.
ففي مواجهة الاحتجاجات مثلا، اكتفى الرئيس إيمانويل ماكرون بالقول إنه "يجب أولا توصيف الأحداث قبل استخلاص النتائج"، ثم تنظيم خلية دعم نفسي لرؤساء البلديات في الإليزيه، كما حول وزير الاقتصاد والمالية برونو لومير، في تحدٍ للقانون، تكلفة أعمال الشغب لشركات التأمين، وأعلن تمديد المبيعات أو إرجاء الرسوم على المخازن المحروقة والمنهوبة، في حين رأى الكاتب أن ذلك انفصال للسياسة عن الواقع لم يكن له مثيل من قبل.
وخلص الكاتب إلى أن وحشية المجتمع ودوامة الانحدار في البلد تتطلب نقلة وطنية، تبدأ بالاعتراف بأن النموذج الفرنسي للنمو من خلال الديون لم يعد قابلا للاستمرار، مع أولوية الإنتاج والابتكار والاستثمار بقوة في التعليم وفي الإنسان مع تنظيم صارم للهجرة، ودعا ماكرون إلى إعطاء الأولوية المطلقة لاستعادة فرنسا.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
رئيس القومي للمرأة: مصر شهدت تقدمًا ملحوظًا في تعزيز حقوق النساء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ألقت المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومي للمرأة كلمة اليوم خلال فعاليات الحدث الجانبي الذي عقد تحت عنوان "التقدم والتمكين الاجتماعي والاقتصادي في مصر: الإنجازات والتحديات"، الذى عقد ضمن فعاليات الجولة الرابعة للاستعراض الدورى الشامل "UPR" لملف حقوق الإنسان للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، وذلك خلال الفترة من 24 حتى 28 يناير الجاري في جنيف بسويسرا، تحت مظلة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
حيث أكدت المستشارة أمل عمار أن هذا الحدث الجانبي يعد فرصة عظيمة لأستعراض الإنجازات والتحديات ورؤيتنا المستقبلية لملف تمكين المرأة المصرية، وبدأت الكلمة بتسليط الضوء على الإنجازات، مؤكدة أن خلال السنوات الأخيرة شهدت مصر تقدمًا ملحوظًا في تعزيز حقوق المرأة، بفضل إرادة سياسية قوية و ظهير دستوري قوي، حيث نص الدستور المصري لعام 2014 على حماية المرأة من كافة أشكال العنف وتكريس مبدأ المساواة بين الجنسين، حيث صدرت مجموعة من التشريعات خلال الفترة من عام 2014 حتى عام 2024 تصل إلى 19 قانونًا محوريًا و 16 قرار إداري لتعزيز حقوق المرأة، شملت تغليظ العقوبات على جرائم التحرش الجنسي والتنمر وختان الإناث، وتخصيص نسبة من مقاعد مجلسي النواب والشيوخ وصلت بها المرأة لنسبة هي الأعلى في تاريخها على مستوى العالم، بنسبة 27% في مجلس النواب، و 14% في مجلس الشيوخ، وضمان التمثيل بمجالس إدارة الشركات والبنوك، حيث ارتقى ترتيب مصر في مؤشر التمكين السياسي للمرأة بمقدار 47 مركزًا عالميًا.
وفي إطار مكافحة العنف ضد المرأة، أكدت رئيسة المجلس على أنه تم إعداد برامج مشتركة للتنسيق بين الجهات والمؤسسات المعنية بقضايا العنف ضد المرأة مثل وزارة العدل والنيابة العامة ووزارة الداخلية ووزارة الصحة.
وفي إطار بناء القدرات المتعاملة في قضايا العنف ضد المرأة تم تدريب أكثر من 7,000 من ممثلي جهات إنفاذ القانون ومقدمي الخدمات الصحية والنفسية لضمان التعامل الأمثل مع الناجيات من العنف، وتم إنشاء عدد 15 وحدة للمرأة الآمنة بالمستشفيات الجامعية. و42 وحدة لمناهضة العنف داخل الجامعة؛ فضلاً عن إنشاء أول وحدة مجمعة للحماية من العنف ضد المرأة تضم كافة الجهات المختصة والجاري تجهيزها للتشغيل.
وللمرة الأولى أُطلق برنامج تدريبي مجاني معتمد للصحة النفسية للمرأة لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي الأولي بالتعاون مع الجامعات المصرية. كما أُُعدَّت واعتمدت أكثر من 10 أدلة تدريبية لضمان التعامل الفعّال مع قضايا العنف ضد النساء والفتيات.
وفي إطار التوعية والوصول لأكثر الفئات الأولى بالرعاية بالقرى والنجوع، أُطلقت العديد من المبادرات والحملات ، من أبرزها حملة "طرق الأبواب"، التي نُفذت من خلال 27 فرعًا للمجلس القومي للمرأة موزع على 27 محافظة.
كما تم التركيز على الشباب والشابات المقبلين على الزواج وحديثي الزواج من خلال برنامج "مودة"، لضمان استقرار الأسرة المصرية، بالإضافة إلى برنامج التنشئة المتوازنة، وإطلاق حملة لاني رجل وذلك بهدف إشراك الرجال في كافة الأنشطة والبرامج المتعلقة بقضايا المرأة.
فضلًا عن المبادرات التي تعتني بصحة المرأة "مبادرة دعم صحة المرأة"، وتوفير بيئة آمنة داخل العمل في القطاعات المختلفة مثل "مشروع دعم وتهيئة بيئة عمل آمنة للمرأة في قطاع السياحة في مصر" ، ومجال التنقل الآمن.
وأوضحت المستشارة أمل عمار أن هذه الحملات كان لها أكبر الأثر في التعريف بالممارسات الضارة ضد النساء والزواج المبكر، التسرب أو الحرمان من التعليم، فضلا عن التوعية بحقوق وسبل المساعدة القانونية المقدمة لها، وأهمية مشاركتها في التنمية المستدامة.
كما دخلت المرأة للنيابة العامة ومجلس الدولة بعدما ظلت حكرًا على على الرجال 70 عامًا مضت، وشهدت زيادة نسبة تعيين المرأة بالجهات والهيئات القضائية و مساعدة لوزير العدل ورئاسة المحاكم الإبتدائية والاقتصادية والدوائر الاستئنافية.
وأضافت رئيسة المجلس أنه فى مجال تمكين الاقتصادي تم إطلاق البرامج التدريبية في العديد من المجالات للمرأة، مثل الزراعة الصديقة للبيئة والحرف التراثية واليدوية وتجفيف المواد الغذائية، وتم دعم مئات الآلاف من المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من خلال جهاز تنمية المشروعات، وتم تسجيل أول علامة تجارية جماعية للسيدات "تلي شندويل" في اليونسكو، علاوة على إطلاق الخطة الوطنية لتعزيز المساواة بين الجنسين في العمل، والتي تهدف إلى خفض معدل البطالة بين النساء بنسبة 60% سنويًا.
إطلاق أول نموذج محاكاة للبنوك بالتعاون بين المجلس القومي للمرأة وبنك مصر لتشجيع النساء على فتح حسابات بنكية الادخار واستخدام الخدمات البنكية المختلفة.
كما أُطلقت أول حاضنة لريادة الأعمال بالمجلس القومي للمرأة للتدريب ودعم المشروعات الصغيرة.
والتزمت 104 شركة بمبادئ تمكين المرأة، بينما تعمل 30 شركة على تطبيق معايير ختم المساواة بين الجنسين والذي أطلقه البنك الدولي بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة.
ووفقًا لمؤشر البنك الدولي للمرأة والأعمال والقانون لعام 2022 حققت مصر تحسينات ملموسة في الأطر القانونية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، بما يشمل حماية حقوق المرأة في العمل، وعدم التمييز في الأجور، ودعم المشروعات الصغيرة. كما تضمنت الجهود إطلاق برامج لتسجيل العاملات في القطاع غير الرسمي وتحويلهن إلى الاقتصاد الرسمي، بما يضمن تمكينهن الاقتصادي.
وأضافت رئيسة المجلس أنه في مجال الحماية الاجتماعية فقد قام المجلس القومي للمرأة بمساعدة السيدات على استخراج بطاقات الرقم القومي بالمجان لعدد 911,312 سيدة خلال الأربع سنوات الماضية، مما عزز فرصهن في الوصول إلى الخدمات. وتم إصدار 53 ألف شهادة أمان للسيدات المعيلات، التي توفر تغطية تأمينية تصل إلى 10,000 جنيه.
وفي إطار توفير السكن اللائق تم تطوير المناطق السكنية، واستفادت آلاف النساء من مبادرات حي الأسمرات وغيط العنب. وأُطلقت حملة "دوي يا نورة" الوطنية للاستثمار في الفتيات برعاية الأولى في الوجهين البحري والقبلي، مع توسيع المشاركة لتشمل الفتيان "برنامج نور".
وأكدت المستشارة أمل عمار أن الدولة المصرية تواصل جهودها في رعاية النزيلات داخل مراكز الإصلاح والتأهيل وتتيح الزيارات للمجالس القومية المتخصصة بما فيها المجلس القومي للمرأة للاتصال المباشر مع النزيلات والوقوف على أية مساعدات ممكن تقديمها لهن.
وشددت على أن التقدم الذي حققناه حتى الآن ما هو إلا نتاج لعمل مشترك بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص وشركاء التنمية من المنظمات الدولية لضمان فرص متساوية للحياة الكريمة والمشاركة الكاملة للنساء مثلها مثل الرجال.
كما أكدت رئيسة المجلس أنه رغم هذا التقدم الكبير، لا تزال هناك تحديات اجتماعية وثقافية واقتصادية تستلزم العمل المستدام نحو نشر الوعي، وهو تحدي مادي ومعنوي. ويتطلب ذلك تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية لتبادل الخبرات والموارد، تطوير البرامج التي تستهدف التمكين الاقتصادي وصولاً لكافة الفئات الأكثر احتياجًا، التوسع في المبادرات التكنولوجية وريادة الأعمال، إلى جانب تطوير آليات الرصد والتقييم وصولا للتطبيق الفعال لكافة القوانين، وأخير وليس اخرًا مواصلة بناء الشراكات مع المجتمع المدني لخلق بيئة حاضنة لتمكين المرأة في كافة المجالات.