بوابة الوفد:
2024-11-27@01:11:09 GMT

أحمد حسن يرمم «ذاكرة منسية»

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

(ما من ذهاب أو إياب/ ما من مسير غير أحزان تسافر عبر أودية الضباب/ من الصقيع إلى السراب/ حيث البدايات اغتراب/ حيث النهايات انتحاب).

هكذا ينشد بأسى الشاعر الموهوب أحمد حسن عوض فى قصيدته الفاتنة (لا غير أنت) المنشورة فى ديوانه الجديد (ذاكرة منسية) الصادر هذا العام عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

قبل الولوج فى بستان هذا الديوان العامر بالقصائد اليانعة، علينا الاعتراف بأن الرواية العربية خطفت الاهتمام الجماهيرى والنقدى فى ربع القرن الأخير، بل يمكن القول إنها طردت دواوين الشعر من فوق أرفف المكتبات، إذ غدونا نلمح ازدهار الرواية بشكل لافت، لا من حيث الجوائز السخية التى تخصصها مؤسسات مرموقة فحسب، وإنما من خلال الإقبال الكبير على اقتنائها من قبل القرّاء العرب هنا وهناك.

المثير أن كثيرًا من الشعراء، الموهوبين وأنصاف الموهبين، قد هجروا أبيات القصيدة، وقرروا الإقامة فى قصور الرواية لأسباب متنوعة ليس الآن مكان ذكرها، الأمر الذى جعل العثور على ديوان جميل متفرد يعيد للشعر بهاءه القديم أمرًا بالغ الصعوبة.

من هنا يجب أن نحتفى ونحتفل بديوان (ذاكرة منسية)، ذلك أن الشاعر أحمد حسن عوض استطاع عبر 26 قصيدة أن يعقد مصالحة لطيفة بين القصيدة وبين القارئ المحروم من الشعر وحلاوته، وأن يثبت للقارئ الظمآن للقصيدة العذبة أن الشعر الجميل قادر على التألق إذا صادف شاعرًا موهوبًا مدججًا بثلاثة أسلحة فنية هى: رؤية شاملة للعالم المتوتر الذى نعيش فيه، ومهارات لغوية متنوعة، أما السلاح الفنى الثالث، فهو خيال خصب قادر على ابتكار تراكيب لغوية جديدة تعبر عن حال الإنسان فى هذا الزمن المشاغب.

اقرأ معى (متاهات الغياب) وهى قصيدة قصيرة. يقول أحمد: (سيمعن فى الغياب ولا يجىء/ كذاكرة من الزمن الخبىء/ تسافر فوق أشرعة الليالى دخانا يحتوى القمر المضيء/ لهذا الغيم أفئدة حيارى وللتعساء حلم لا يفىء/ أما من بارق يجتاح عينى ويخلع ذلك الجسد الصديء/ لتولد فوق أفق الله روحى وتحسو قطرة النور الدفيء/ أم أن الليل حين طوى فضائى وأرخى ستره الكابى القمىء/ توغل فى ضلوع الكون نصل وأزهق روح إحساس برىء).

يواصل شاعرنا المتدفق جولاته وصولاته فى حدائق الشعر المقطر، فيكتب لنا عن (الخلود) قائلاً: (من أين يتبعك الخلود وأنت سارٍ فى تفاصيل المدينة بين بين/ نهر تفيض بك المتاهة كلما شارفت معنى الضفتين/ أرق السؤال ووردتان تهاجران إلى الرؤى المستعصيات على التجسيد فى يقين المقلتين/ الآن... أين/ تمضى إلى جسد الرحيل وتنطفى بلحاظ عين/ وتعيد ترتيل الغواية... تنتشى... عند اشتجار حقيقتين/ هى خفقة أولى أطلت فى فضائك عندما بُعث السؤال على يديك مقطرًا بغمامتين).

أحمد حسن عوض شاعر جاد موهوب، عرف كيف يطوّع اللغة الفصحى لضرورات الشعر وعذوبته فى القرن الحادى والعشرين، وها هو يقدم لنا فى (ذاكرة منسية) مائدة عامرة بما لذ وطاب للعقل والروح والوجدان.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ناصر عراق الجماهيري الرواية العربية أحمد حسن

إقرأ أيضاً:

بحضور أروى جودة.. مكتبة مصر العامة بالدقي تناقش كتاب «ذاكرة المتعة» لسلمى قاسم|صور

بحضور الفنانة أروى جودة، نظمت مكتبة مصر العامة الرئيسية بالدقي، برئاسة السفير عبد الرؤوف الريدي، مساء أمس السبت، ندوة مناقشة كتاب «ذاكرة المتعة» قصص قصيرة للكاتبة سلمى قاسم جودة، وناقشها الكاتب خالد منتصر، في حضور رانيا شرعان، مدير المكتبة، والكاتب حلمي النمنم، وزير الثقافة الأسبق، والناشر حسين عثمان، وعدد كبير من الشخصيات الثقافية والعامة.

 


وقال خالد منتصر، إن كتب السيرة الذاتية تعتبر من أهم الكتب التي تصدر، لكن في الحقيقة كتب السير الذاتية في عالمنا العربي لم تكن صادقة بشكل كبير، وهي أشبه بعملية تجميل.

وأضاف أن كتاب ذاكرة المتعة ليس بكاء على الاطلاع، والكتاب مكتوب على غلافه «قصص قصيرة»، لكنها في الحقيقة شذرات سيرة ذاتية، وفلاشات حياة ممتدة فيها من الأحداث ما يستحق التسجيل والاطلاع عليه والتفاعل معه، لافتا إلى أن سلمى كتبت عما عاشته في الزمالك وجامعة القاهرة ونادى الجزيرة، والمكان عندها مرتبط بالشخص، بالإنسان، هو الذى ينفخ في المكان الروح والنشوة، والمتعة، والحياة، والحيوية.

 


وأوضح أنها كتبت عن شخصيات عاصرتها وحاورتها وناقشتها واستوعبتها وقرأت داخلها، من بينهن عبدالوهاب، حسين السيد، أحمد رجب، نجيب محفوظ، إحسان عبدالقدوس، يوسف السباعي، وغيرهم من الشخصيات التي حفرت في وجدان مصر وشماً ثقافياً وفكرياً وروحياً لن ينسى.

وأشار إلى أن سلمى جودة تنتمى إلى أسرة تعتبر الثقافة أوكسجين الحياة اليومي، فهي ابنة الكاتب الكبير أحمد قاسم جودة والذى كان له فضل كبير في تقديم يوسف السباعي ككاتب قصة عندما كان يشغل منصب رئيس تحرير.

 

 


وتابع أن الإسكندرية تحتل مساحة كبيرة من ذكريات سلمى، تطلق عليها مدينة البهجة، تعتبرها حفلة متواصلة أشبه بعيد متكرر، مدينة خرافية شيدتها الأحلام الثملة بالجمال، ثم تلتقط سلمى قاسم بعض شخصيات نادى الجزيرة لتصعد بهم على خشبة المسرح، ومن أهم تلك الشخصيات التي رسمتها باقتدار، كانت شخصية حريصة هانم وأكرم بيه، البخل والمقامرة، ضدان لكنها رسمتهما بنفس الدقة والبلاغة والفن، ومن جروبي إلى الزمالك إلى جامعة القاهرة كلية الآداب قسم الأدب الفرنسي، في عوالم سارتر، كامو، روسو، أندريه جيد، فلوبير، رامبو، فولتير، بلزاك، درست اللغة والحضارة والحياة والفلسفة في حضرة ثقافة بلد النور، تلخص سلمى فلسفتها في المكان بتلك العبارات الرشيقة الموجعة «المكان يفقد بعضاً من ألقه ورونقه عندما يهجره ويتخلى عنه الزمان بتجلياته، بأشخاصه الذين صاغوا روح الأمكنة باللون، النغم، الوجدان، الإلهام، البهجة، والأسى فالمكان هو أيضاً زمان يعمره، ليس الحجر فحسب ولكن أيضاً البشر، ناس وأحداث».

 


وبدأت سلمى قاسم بالحديث عن فترة إسكندرية التي تناولتها في الكتاب، مؤكدة أن هذه الفترة اشتهرت بالتنوع والثراء والتعددية في مصر، وكذلك منطقة جزيرة الزمالك، لافتة إلى أنها مرت في كتابتها على الفترات التي كانت بها متعة من الممكن أن يتحكم فيها الفرد.
كما ذكرت أن محمد عبد الوهاب أزال الفوارق بين الطبقات، ونجح في تحقيق رقي الجمال والأخلاق، ففي فترته كانت بعض الظواهر التي انتشرت في الوقت الحالي غير موجودة مثل ظاهرة التحرش، ولفتت إلى أن هناك شخصيات أثرت فيها، مثل يوسف السباعي، حيث إنها كنت محظوظة بالجلوس مع هذه الشخصيات، التي جعلتها مطلعة على الثقافة منذ الصغر، وكذلك بعض الأماكن، التي كانت لها حكايات معها.

وأكدت أن يوسف السباعي كان متسامحا ومتجاوزا، وكان يتجاوز كل النقد الذي كان يوجه إليه من اليسار.

 


سلمى قاسم جودة صحفية وكاتبة، كان أبوها أحمد قاسم جودة نجمًا في نجوم الصحافة في زمانه، وكان هو أول مَن نشر رواية ليوسف السباعي في صحيفة عندما كان رئيسًا للتحرير، وحين رحل في 1965 كانت هي طفلة لا تزال تحبو، ومن يومها وهى تحاول تجميع ملامح صورته في خيالها، فلا تنجح في ذلك إلا قليلًا.

ورثت سلمى عن أبيها القدرة على تذوق الكلمة، ثم القدرة على نقل ذلك إلى القارئ، ولا شيء أقوى عندها من المهارة في السرد، فكأنها تنسج ثوبًا، بينما الخيوط في يديها سهلة طيعة، أو كأنها «دنلوب»، التي عرفناها في الأسطورة اليونانية، والتي كانت تجد متعة في نسج فستان كان في يديها، وهذا أيضًا ما تجده سلمى وهى تغزل الكلمات ببراعة ممتدة بين فصول الكتاب.

مقالات مشابهة

  • طرق سحرية لحل مشكلة امتلاء ذاكرة الموبايل.. اتبع هذه الخطوات
  • أزمة جديدة بالكرة المصرية.. مواجهة الغرق والفيوم "منسية" بكأس مصر
  • الرواية.. بين الانتصار للحقوق وإملاءات الجوائز
  • هاشم: اذا لم تستح فقل ما تشاء كأن ذاكرة الناس قد محيت
  • مبابي يستعيد «ذاكرة التهديف» على «جناح الريال»!
  • “كمين عيترون”: الرواية الكاملة للكمين القاتل على لسان جندي صهيوني مشارك
  • شهادة حية عن السجون الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر.. قراءة في ذاكرة الجدران المعتمة
  • هل تجد صعوبة في الحفاظ على وزنك؟ "ذاكرة" السمنة لدى الخلايا الدهنية قد تكون السبب في ذلك
  • كمين عيترون: الرواية الكاملة للكمين القاتل على لسان جندي صهيوني مشارك
  • بحضور أروى جودة.. مكتبة مصر العامة بالدقي تناقش كتاب «ذاكرة المتعة» لسلمى قاسم|صور