بوابة الوفد:
2025-04-16@20:22:22 GMT

أحمد حسن يرمم «ذاكرة منسية»

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

(ما من ذهاب أو إياب/ ما من مسير غير أحزان تسافر عبر أودية الضباب/ من الصقيع إلى السراب/ حيث البدايات اغتراب/ حيث النهايات انتحاب).

هكذا ينشد بأسى الشاعر الموهوب أحمد حسن عوض فى قصيدته الفاتنة (لا غير أنت) المنشورة فى ديوانه الجديد (ذاكرة منسية) الصادر هذا العام عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

قبل الولوج فى بستان هذا الديوان العامر بالقصائد اليانعة، علينا الاعتراف بأن الرواية العربية خطفت الاهتمام الجماهيرى والنقدى فى ربع القرن الأخير، بل يمكن القول إنها طردت دواوين الشعر من فوق أرفف المكتبات، إذ غدونا نلمح ازدهار الرواية بشكل لافت، لا من حيث الجوائز السخية التى تخصصها مؤسسات مرموقة فحسب، وإنما من خلال الإقبال الكبير على اقتنائها من قبل القرّاء العرب هنا وهناك.

المثير أن كثيرًا من الشعراء، الموهوبين وأنصاف الموهبين، قد هجروا أبيات القصيدة، وقرروا الإقامة فى قصور الرواية لأسباب متنوعة ليس الآن مكان ذكرها، الأمر الذى جعل العثور على ديوان جميل متفرد يعيد للشعر بهاءه القديم أمرًا بالغ الصعوبة.

من هنا يجب أن نحتفى ونحتفل بديوان (ذاكرة منسية)، ذلك أن الشاعر أحمد حسن عوض استطاع عبر 26 قصيدة أن يعقد مصالحة لطيفة بين القصيدة وبين القارئ المحروم من الشعر وحلاوته، وأن يثبت للقارئ الظمآن للقصيدة العذبة أن الشعر الجميل قادر على التألق إذا صادف شاعرًا موهوبًا مدججًا بثلاثة أسلحة فنية هى: رؤية شاملة للعالم المتوتر الذى نعيش فيه، ومهارات لغوية متنوعة، أما السلاح الفنى الثالث، فهو خيال خصب قادر على ابتكار تراكيب لغوية جديدة تعبر عن حال الإنسان فى هذا الزمن المشاغب.

اقرأ معى (متاهات الغياب) وهى قصيدة قصيرة. يقول أحمد: (سيمعن فى الغياب ولا يجىء/ كذاكرة من الزمن الخبىء/ تسافر فوق أشرعة الليالى دخانا يحتوى القمر المضيء/ لهذا الغيم أفئدة حيارى وللتعساء حلم لا يفىء/ أما من بارق يجتاح عينى ويخلع ذلك الجسد الصديء/ لتولد فوق أفق الله روحى وتحسو قطرة النور الدفيء/ أم أن الليل حين طوى فضائى وأرخى ستره الكابى القمىء/ توغل فى ضلوع الكون نصل وأزهق روح إحساس برىء).

يواصل شاعرنا المتدفق جولاته وصولاته فى حدائق الشعر المقطر، فيكتب لنا عن (الخلود) قائلاً: (من أين يتبعك الخلود وأنت سارٍ فى تفاصيل المدينة بين بين/ نهر تفيض بك المتاهة كلما شارفت معنى الضفتين/ أرق السؤال ووردتان تهاجران إلى الرؤى المستعصيات على التجسيد فى يقين المقلتين/ الآن... أين/ تمضى إلى جسد الرحيل وتنطفى بلحاظ عين/ وتعيد ترتيل الغواية... تنتشى... عند اشتجار حقيقتين/ هى خفقة أولى أطلت فى فضائك عندما بُعث السؤال على يديك مقطرًا بغمامتين).

أحمد حسن عوض شاعر جاد موهوب، عرف كيف يطوّع اللغة الفصحى لضرورات الشعر وعذوبته فى القرن الحادى والعشرين، وها هو يقدم لنا فى (ذاكرة منسية) مائدة عامرة بما لذ وطاب للعقل والروح والوجدان.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ناصر عراق الجماهيري الرواية العربية أحمد حسن

إقرأ أيضاً:

حسن عبدالله القرشي.. شاعر البسمات الملونة (2/2)

ويمتلك الأستاذ الشاعر حسن عبدالله قرشي ثقافة واسعة هي نتاج قراءاته، ومصدر عطائه الشعري حيث حفظ الكثير من الشعر القديم وشعر المعلقات وأُعجب بالعديد من الشعراء في العصر الأموي والعباسي، وأعجب أكثر بالموسيقى الشعرية التي تترقرق في شعر البحتري، ويعتبره من أساتذة الموسيقى الشعرية، وأحد روادها، كما إعجب بشعر أبي الطيب المتنبي، وحفظ معظم ديوانه، وبشعر تلميذه المخلص لمدرسته “الشريف الرضي” ، كما قرأ لشعراء العصور المتأخرة، والصوفيين منهم، وعلى الأخص: عمر بن الوردي وعمر بن الفارض والبوصيري. وهو إلى جانب قراءته للشعر القديم، قرأ لكثير من الشعراء والأدباء المعاصرين، يأتي في المقدمة منهم أمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم وخليل مطران والأخطل الصغير وعمر أبي ريشة والرصافي والجواهري، كما قرأ لشعراء المهجر جبران وإيليا أبي ماضي والقروي وفوزي المعلوف ونعيمة، واطلع على أعمال العقاد والمازني والزيات وعلي محمود طه واحمد رامي وإبراهيم ناجي وغيرهم.
وكانت تربطه كما يقول في كتابه: [تجربتي الشعرية]، علاقات صداقة وثيقة بعدد منهم، وكان معجباً بشعر صديقه الشاعر محمود حسن إسماعيل وأبي القاسم الشابي. وعند قراءتك لشعر القرشي، يستوقفك نضوج الروح وجمال الموقف الإنساني وعذوبته والقدرة المكتملة على التعبير الدقيق عن تجربة روحية تنساب كلماتها في سلاسة محكمة يسكن الشعر داخلها، وتبدو فيها روحه صافية تتطلع من موقع إنساني ممتاز إلى الحياة والكون، وقد برع شاعرنا القرشي في طرق أبواب الشعر العربي المختلفة، شأنه شان الكثيرين من أدبائنا الرواد، غير أن الغزل يبدو واضحاً في كثير مما نشر من قصائد في الصحف المحلية وفي العديد من المجلات العربية ومنها مجلة الرسالة ومجلة الثقافة المصرية ومجلة الآداب البيروتية.
وعن نتاجه الشعري والأدبي، كتب عدد من كبار النقاد العرب وفي مقدمتهم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وأحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرساله والفيتوري وصالح جودت وغيرهم. وخلال مسيرتة الأدبية الثرية، صدر للأستاذ حسن عبدالله القرشي نحو ستة عشر ديواناً أولها ديوانه البسمات الملونة الذي صدر في عام 1366 هـ. ثم تبعته دوواينه الشعرية الأخرى : مواكب الذكريات ..الأمس الضائع .. سوزان ..ألحان منتحرة .. نداء الدم..النغم الأزرق.. بحيرة العطش ..لن يضيع الغد .. فلسطين وكبرياء الجرح.. وزخارف فوق أطلال عصر المجون ..وبالإضافة إلى دواوينه، أصدر رحمه الله سيرة ذاتية بعنوان (تجربتي الشعرية)، وله أيضا مجموعتان قصصيتان هما: (أنات الساقية) و(حب في الظلام)، وله من الدراسات الأدبية (فارس بني عبس) و(أنا والناس).
أما بالنسبة لمسار حياتة الوظيفية، فقد التحق الأستاذ القرشي في بداية عمله محرراً بديوان الأوراق في وزارة المالية، ومنها انتقل إلى الإذاعة السعودية عند تأسيسها عام 1368هـ، ثم ارسل لمدة عام للدراسة الفنية الإذاعية في مصر ليعود بعد ذلك للعمل في وزارة المالية مديراً لمكتب وكيل الوزارة للشؤون الاقتصادية، فمديراً عاماً مساعداً، ثم سكرتيراً مالياً، فمساعداً لمدير المكتب الخاص ثم مديراً عاماً لمكتب الوزير قبل أن تنقل خدماته للعمل في وزارة الخارجية بمرتبة سفير حيث عمل سفيراً للمملكة في موريتانيا ثم السودان. وقد حظي الأستاذ القرشي بتقدير العديد من المؤسسات الثقافية العربية والأجنبية وترجمت بعض قصائده إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية، وكان عضوا بمجمع اللغة العربية بالقاهره ومنح وسام الجمهورية والوسام الثقافي من تونس ومنحه اتحاد أدباء السودان عضويتة الشرفية، كما منحته جامعة أريزونا الأمريكية درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب تقديرا لجهوده الأدبية.
توفي الأستاذ الشاعر حسن القرشي عام سنة 2004م رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

مقالات مشابهة

  • ذاكرة الجاذبية.. علماء يبحثون عن نبوءة آينشتاين المفقودة
  • بين الرواية الرسمية وإنكار الإخوان.. مغردون: ماذا يحدث بالأردن؟
  • سامح قاسم يكتب | زين العابدين فؤاد.. أبجدية الغضب والحنان
  • هدنة 1949: وثيقة منسية تعود إلى واجهة الاهتمام اللبناني... فما هي؟ وهل توافق إسرائيل عليها؟
  • حسن عبدالله القرشي.. شاعر البسمات الملونة (2/2)
  • تجسد محطات من ذاكرة الثورة السورية… توقيع رواية “بين ساعتين” في مديرية الثقافة بحمص
  • كيفية العناية بالشعر المصبوغ والمجعد
  • حين تكتب الحرب ذاكرة شعب- في مأساة المثقف السوداني ومعقولية الخراب
  • عواقب بيئية منسية وخيمة في الحرب الكارثية
  • حكيلي معرض من ذاكرة الحرب الأهلية اللبنانية