لجريدة عمان:
2024-11-26@04:50:37 GMT

المرضى والأطباء ليسوا أهدافا عسكرية

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

ترجمة ـ قاسم مكي -

«ما قيمة الناس في حروب اليوم؟ إنهم سلع قابلة للاستهلاك. لا فرق في ذلك بين أن يكونوا أحياء أو أمواتا. (في حروب اليوم) الأطباء والمرضى أهداف مشروعة. النساء والأطفال والمرضى والجرحى ومن يقدمون لهم الرعاية محكوم عليهم بالإعدام. أوقفوا هذه الهجمات!»

بهذه الكلمات تحدثت أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مايو 2016 بصفتي رئيسة منظمة «أطباء بلا حدود».

قوبل خطابي بالتصفيق.

بعد سنوات لاحقا وفيما يجد عاملو الرعاية الصحية والمرضى أنفسَهم تحت حصار الحروب مرة أخرى في غزة وأوكرانيا، أتساءل إذا كان العالم ينصت حقا.

في الساعات الأولى من يوم 3 أكتوبر 2015 أصابت خمس ضربات جوية مركز معالجة الإصابات البليغة الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود في قندوز بأفغانستان. لم يتوافر الوقت للمرضى والعاملين في المركز للفرار. ومات الجرحى والعاجزون عن الحركة في أسِرَّتهم حرقا وهم أحياء.

في رئاسة المنظمة عبرنا عن صدمتنا وغضبنا من خلال المطالبة بإجراء تحقيق مستقل. تحملت الولايات المتحدة المسؤولية وتوصلت إلى أن ذلك القصف حدث عن طريق الخطأ بسبب «ضباب» الحرب. طالبنا ومعنا آخرون المجتمع الدولي بإدراك أن الحروب يجب أن تقف عند أبواب المشافي.

بعد عام لاحق أجاز مجلس الأمن القرار رقم 2286 بالإجماع. أدان القرار الهجمات على المرضى والمصابين والعاملين في تقديم الخدمات الصحية والإنسانية ووسائل النقل (سيارات الإسعاف) والمعدات الطبية والمشافي والبنية الأساسية الصحية وفقا للقانون الإنساني الدولي.

لكن «لحظة التآخي» هذه لم تستمر طويلا. الآن وفي عام 2023 بدا كل ذلك المجهود والغضب والعمل بلا معنى. فالهجمات على مقدمي الرعاية الصحية أصبحت مرة أخرى حدثا عاديا أثناء الحرب في أوكرانيا وفي حرب غزة. وفي حين تختلف كل حالة عن الحالات الأخرى إلا أن استهداف المرضى ومن يقدمون لهم الرعاية الطبية يجب أن يكون خطا أحمر.

في أثناء كتابتي لهذا المقال يتعرض العاملون في الحقل الطبي وأولئك الذين يحتاجون إلى مساعدتهم لهجمات لا تتوقف في أرجاء قطاع غزة. فهنالك قصف متواصل حول مجمع مستشفى الشفاء وهو أكبر مؤسسة طبية في غزة.

في يوم 5 نوفمبر دخلت القوات الإسرائيلية المستشفى خلال تواجد أفراد الطاقم الطبي و600 مريض بالداخل بمن فيهم مواليد خدَّج في حاضنات.

أرسل جراح من منظمة أطباء بلا حدود هذه الرسالة «ليست لدينا كهرباء. لا يوجد ماء في المستشفى. لا يوجد طعام. الناس سيموتون خلال ساعات قليلة مع عدم وجود أجهزة تنفس عاملة. أمام البوابة هنالك العديد من الجثث. ويوجد مرضى أيضا. نحن لا نستطيع إدخالهم إلى المستشفى».

خرج مئات المرضى من مستشفى الشفاء يوم 18 نوفمبر بعد أن طلب منهم المسؤولون الإسرائيليون الذهاب إلى «منطقة آمنة» في جنوب غرب قطاع غزة. وفي نفس اليوم مات قريب أحد أفراد «منظمة أطباء بلا حدود» وجرح آخر في هجوم على قافلة للمنظمة كانت تحاول إجلاء 137 شخصًا من مبانيها القريبة من المستشفى.

تعللت السلطات الإسرائيلية سابقا بعمليات لحماس في الشفاء كسبب لدخول المستشفى. ليست لدى العاملين أو المرضى في مستشفى الشفاء أية معلومات مباشرة عن مثل هذا الوجود. ونحن نجدد نداءنا لاحترام وحماية المؤسسات الصحية وعاملي الرعاية الصحية. يجب حماية المشافي دائما وفي كل الأوقات.

قواعد الحرب واضحة جدا. فالمدنيون يجب الحفاظ على حياتهم. وعلى الدول التي تشن الحرب مسؤولية الضبط السليم لأعمالها الحربية. هذا يعني تجنب مهاجمة المشافي وأولئك الذين يحتاجون بشدة لخدماتها. كما تقع عليها أيضا مسؤولية تيسير عمليات الإخلاء الطبي عند الحاجة. فمثل هذه العمليات يستحيل على الأطباء الموجودين على الأرض تنسيقها عندما يكون المرضى مصابين بجراح أو غير قادرين على المغادرة أو عند حصار المشافي وقصف سيارات الإسعاف مما يعني عدم وجود وسائل لوجستية أو ضمانات أمنية للإخلاء الآمن. يجب عدم تحويل المشافي عمدا إلى مكان للقتل.

في أية حرب يجب حماية الطاقم الطبي وتمكينه من علاج المرضى دون أي قيد. أطباء غزة الآن منهكون تماما ويعملون فوق طاقتهم. لكنهم يستمرون دون كلل أو ملل في تقديم الرعاية لمرضى إصاباتهم بليغة على الرغم من افتقارهم للموارد الضرورية وقلقهم على سلامتهم الشخصية.

في أواخر أكتوبر أرسل لي طبيب طوارئ من منظمة أطباء بلا حدود صورة لوحة بيضاء من مستشفى العودة. كانت اللوحة (التي تُسجَّل فيها العمليات الجراحية الحالية والقادمة) خالية تماما من أية كتابة وبها فقط هذه الرسالة « لقد فعلنا ما بوسعنا. تذكرونا».

سبق لي أن عملت كطبيبة في مناطق الحروب. وأعلم أنه في أثناء الفوضى التي تكتنف شن الحرب كثيرا ما تكون المشافي آخر شيء «إنساني» يكون متاحا. لذلك حرمان المدنيين من الحصول على الرعاية الصحية عندما تشتد حاجتهم إليها يطفئ آخر ومضة أمل في عالم من الدمار والتقتيل.

يجب أن يحافظ المجتمع الدولي على قواعد الحرب وألا يسمح لأي أحد يؤذي المدنيين العزّل بالإفلات من المحاسبة. إنسانيتنا المشتركة يجب أن تنتصر. وأنا أضم صوتي إلى العديدين الذين ينادون الآن بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.

لا يمكنني تصديق أنني احتاج مرة أخرى إلى كتابة الكلمات التالية: أوقفوا هذه الهجمات!.

جوان ليو أستاذة بمدرسة السكان والصحة العالمية في جامعة ماكجيل والرئيسة الدولية سابقا لمنظمة أطباء بلا حدود.

ترجمة خاصة لـ عمان عن الفاينانشال تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: منظمة أطباء بلا حدود الرعایة الصحیة یجب أن

إقرأ أيضاً:

النبراوي يفتتح مشروع الرعاية الصحية للمهندسين وأسرهم لعام 2025

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

افتتح المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين، اليوم الأحد 24 نوفمبر 2024، مشروع الرعاية الصحية للمهندسين وأسرهم لعام 2025، يرافقه الدكتور المهندس سعد مكرم، أمين الصندوق المساعد، والمهندس الاستشاري محمد ناصر- عضو المجلس الأعلى، والمهندس سمير أبو الفتوح- وكيل لجنة الرعاية الصحية.
 

وأكد نقيب المهندسين أن المشروع يعد الأفضل على مستوى النقابات المهنية، وتحرص النقابة على تطويره بشكل دائم، لتقديم أفضل الخدمات الصحية للمهندسين، كما تسعى النقابة لتقديم الخدمة لأعضائها بصورة تنظيمية جيدة تليق بهم وبأسرهم.


جدير بالذكر أن باب التجديد والاشتراك بمشروع الرعاية الصحية للمهندسين وأسرهم ممتد حتى 31 مارس 2025، علمًا بأنه قد تمت زيادة الحد الأقصى لمساهمة المشروع للمهندس وأسرته بمبلغ (5000) جنيه ليصبح الحد الأقصى (35000) جنيه، بخلاف (10000) جنيه للأمراض المستعصية طبقًا لنسب المساهمة المتعارف عليها في الدليل.

مقالات مشابهة

  • إحالة أربعة أطباء وعامل خدمات وممرض خلال حملات مفاجئة على الوحدات الصحية بمركزى منفلوط وأسيوط
  • وزارة الصحة: افتتاح 8 عيادات تخصصية جديدة في عدد من مراكز الرعاية الصحية الأولية
  • النبراوي يفتتح مشروع الرعاية الصحية للمهندسين وأسرهم لعام 2025
  • نقيب المهندسين يفتتح مشروع الرعاية الصحية لعام 2025
  • المقاومة اللبنانية تهاجم بالمسيرات الانقضاضية أهدافاً عسكرية للعدو الإسرائيلي
  • الوزراء: تحقيق الرعاية الصحية جزء أساسي في استراتيجية التحول الرقمي
  • معلومات الوزراء يستعرض تحليلاً جديداً حول "الرعاية الصحية الرقمية"
  • معلومات الوزراء: الرعاية الصحية الرقمية من أبرز الابتكارات في مجال الطب الحديث
  • الأضخم في تاريخ النقابة .. المهندسين تفتح مشروع الرعاية الصحية غدا
  • بسبب نقص الرعاية الصحية.. مرض غامض ومرعب يصيب "أبو صابر" في غزة