المرضى والأطباء ليسوا أهدافا عسكرية
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
ترجمة ـ قاسم مكي -
«ما قيمة الناس في حروب اليوم؟ إنهم سلع قابلة للاستهلاك. لا فرق في ذلك بين أن يكونوا أحياء أو أمواتا. (في حروب اليوم) الأطباء والمرضى أهداف مشروعة. النساء والأطفال والمرضى والجرحى ومن يقدمون لهم الرعاية محكوم عليهم بالإعدام. أوقفوا هذه الهجمات!»
بهذه الكلمات تحدثت أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مايو 2016 بصفتي رئيسة منظمة «أطباء بلا حدود».
بعد سنوات لاحقا وفيما يجد عاملو الرعاية الصحية والمرضى أنفسَهم تحت حصار الحروب مرة أخرى في غزة وأوكرانيا، أتساءل إذا كان العالم ينصت حقا.
في الساعات الأولى من يوم 3 أكتوبر 2015 أصابت خمس ضربات جوية مركز معالجة الإصابات البليغة الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود في قندوز بأفغانستان. لم يتوافر الوقت للمرضى والعاملين في المركز للفرار. ومات الجرحى والعاجزون عن الحركة في أسِرَّتهم حرقا وهم أحياء.
في رئاسة المنظمة عبرنا عن صدمتنا وغضبنا من خلال المطالبة بإجراء تحقيق مستقل. تحملت الولايات المتحدة المسؤولية وتوصلت إلى أن ذلك القصف حدث عن طريق الخطأ بسبب «ضباب» الحرب. طالبنا ومعنا آخرون المجتمع الدولي بإدراك أن الحروب يجب أن تقف عند أبواب المشافي.
بعد عام لاحق أجاز مجلس الأمن القرار رقم 2286 بالإجماع. أدان القرار الهجمات على المرضى والمصابين والعاملين في تقديم الخدمات الصحية والإنسانية ووسائل النقل (سيارات الإسعاف) والمعدات الطبية والمشافي والبنية الأساسية الصحية وفقا للقانون الإنساني الدولي.
لكن «لحظة التآخي» هذه لم تستمر طويلا. الآن وفي عام 2023 بدا كل ذلك المجهود والغضب والعمل بلا معنى. فالهجمات على مقدمي الرعاية الصحية أصبحت مرة أخرى حدثا عاديا أثناء الحرب في أوكرانيا وفي حرب غزة. وفي حين تختلف كل حالة عن الحالات الأخرى إلا أن استهداف المرضى ومن يقدمون لهم الرعاية الطبية يجب أن يكون خطا أحمر.
في أثناء كتابتي لهذا المقال يتعرض العاملون في الحقل الطبي وأولئك الذين يحتاجون إلى مساعدتهم لهجمات لا تتوقف في أرجاء قطاع غزة. فهنالك قصف متواصل حول مجمع مستشفى الشفاء وهو أكبر مؤسسة طبية في غزة.
في يوم 5 نوفمبر دخلت القوات الإسرائيلية المستشفى خلال تواجد أفراد الطاقم الطبي و600 مريض بالداخل بمن فيهم مواليد خدَّج في حاضنات.
أرسل جراح من منظمة أطباء بلا حدود هذه الرسالة «ليست لدينا كهرباء. لا يوجد ماء في المستشفى. لا يوجد طعام. الناس سيموتون خلال ساعات قليلة مع عدم وجود أجهزة تنفس عاملة. أمام البوابة هنالك العديد من الجثث. ويوجد مرضى أيضا. نحن لا نستطيع إدخالهم إلى المستشفى».
خرج مئات المرضى من مستشفى الشفاء يوم 18 نوفمبر بعد أن طلب منهم المسؤولون الإسرائيليون الذهاب إلى «منطقة آمنة» في جنوب غرب قطاع غزة. وفي نفس اليوم مات قريب أحد أفراد «منظمة أطباء بلا حدود» وجرح آخر في هجوم على قافلة للمنظمة كانت تحاول إجلاء 137 شخصًا من مبانيها القريبة من المستشفى.
تعللت السلطات الإسرائيلية سابقا بعمليات لحماس في الشفاء كسبب لدخول المستشفى. ليست لدى العاملين أو المرضى في مستشفى الشفاء أية معلومات مباشرة عن مثل هذا الوجود. ونحن نجدد نداءنا لاحترام وحماية المؤسسات الصحية وعاملي الرعاية الصحية. يجب حماية المشافي دائما وفي كل الأوقات.
قواعد الحرب واضحة جدا. فالمدنيون يجب الحفاظ على حياتهم. وعلى الدول التي تشن الحرب مسؤولية الضبط السليم لأعمالها الحربية. هذا يعني تجنب مهاجمة المشافي وأولئك الذين يحتاجون بشدة لخدماتها. كما تقع عليها أيضا مسؤولية تيسير عمليات الإخلاء الطبي عند الحاجة. فمثل هذه العمليات يستحيل على الأطباء الموجودين على الأرض تنسيقها عندما يكون المرضى مصابين بجراح أو غير قادرين على المغادرة أو عند حصار المشافي وقصف سيارات الإسعاف مما يعني عدم وجود وسائل لوجستية أو ضمانات أمنية للإخلاء الآمن. يجب عدم تحويل المشافي عمدا إلى مكان للقتل.
في أية حرب يجب حماية الطاقم الطبي وتمكينه من علاج المرضى دون أي قيد. أطباء غزة الآن منهكون تماما ويعملون فوق طاقتهم. لكنهم يستمرون دون كلل أو ملل في تقديم الرعاية لمرضى إصاباتهم بليغة على الرغم من افتقارهم للموارد الضرورية وقلقهم على سلامتهم الشخصية.
في أواخر أكتوبر أرسل لي طبيب طوارئ من منظمة أطباء بلا حدود صورة لوحة بيضاء من مستشفى العودة. كانت اللوحة (التي تُسجَّل فيها العمليات الجراحية الحالية والقادمة) خالية تماما من أية كتابة وبها فقط هذه الرسالة « لقد فعلنا ما بوسعنا. تذكرونا».
سبق لي أن عملت كطبيبة في مناطق الحروب. وأعلم أنه في أثناء الفوضى التي تكتنف شن الحرب كثيرا ما تكون المشافي آخر شيء «إنساني» يكون متاحا. لذلك حرمان المدنيين من الحصول على الرعاية الصحية عندما تشتد حاجتهم إليها يطفئ آخر ومضة أمل في عالم من الدمار والتقتيل.
يجب أن يحافظ المجتمع الدولي على قواعد الحرب وألا يسمح لأي أحد يؤذي المدنيين العزّل بالإفلات من المحاسبة. إنسانيتنا المشتركة يجب أن تنتصر. وأنا أضم صوتي إلى العديدين الذين ينادون الآن بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.
لا يمكنني تصديق أنني احتاج مرة أخرى إلى كتابة الكلمات التالية: أوقفوا هذه الهجمات!.
جوان ليو أستاذة بمدرسة السكان والصحة العالمية في جامعة ماكجيل والرئيسة الدولية سابقا لمنظمة أطباء بلا حدود.
ترجمة خاصة لـ عمان عن الفاينانشال تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: منظمة أطباء بلا حدود الرعایة الصحیة یجب أن
إقرأ أيضاً:
«الرقابة والاعتماد» تبحث مع «الشراء الموحد» دعم جودة واستدامة الرعاية الصحية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عقد الدكتور أحمد طه، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، اجتماعا موسعا مع الدكتور هشام ستيت، رئيس الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك، وتنسيق الجهود بما يحقق التكامل بين نظم الاعتماد وفقا للمعايير الوطنية وآليات التوريد والتكنولوجيا الطبية، بهدف ضمان جودة وكفاءة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
تطوير وتعزيز كفاءة النظام الصحي المصرييأتي ذلك في إطار التعاون المؤسسي وتكامل الأدوار بين الجهات المعنية بهدف تطوير وتعزيز كفاءة النظام الصحي المصري، وتقديم خدمات صحية متكاملة وآمنة وفقا لأعلى مستويات الجودة الدولية، وبما يتماشى مع توجهات الدولة لتحقيق رؤية مصر 2030 في مجال الرعاية الصحية الشاملة.
وخلال الاجتماع، أكد رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية حرص الهيئة على دعم وتطوير المنشآت الصحية لتكون مجهزة وفقا لأفضل الإمكانيات والمواصفات العالمية، بما يجعلها قادرة على تلبية احتياجات المرضى وتقديم خدمات صحية آمنة وفعالة، وذلك من خلال إطار مؤسسي يهدف إلى توحيد الجهود، وتبادل الخبرات، وتنسيق السياسات والإجراءات، بما يعزز من فاعلية المنظومة الصحية ويسرع خطوات الوصول إلى رعاية صحية متكاملة ومستدامة.
ترشيد الإنفاق الحكومي في القطاع الصحيوأوضح د.أحمد طه، ضرورة دعم جهود ترشيد الإنفاق الحكومي في القطاع الصحي، من خلال توحيد المعايير الفنية للأجهزة الطبية، وتطبيق سياسات شراء مبنية على احتياجات فعلية ومعايير جودة دقيقة.
وأشاد د.أحمد طه، رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، بالدور الحيوي الذي تقوم به هيئة الشراء الموحد في توفير الأجهزة والمستلزمات الطبية للمنظومة الصحية بكفاءة عالية، مؤكدا أن هذا التعاون يأتي في إطار تحقيق رؤية الدولة نحو بناء نظام صحي متكامل يرتكز على معايير جودة وطنية معتمدة دوليا.
توحيد معايير الأجهزة الطبيةومن جانبه، رحب د.هشام ستيت، رئيس الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية، بهذا التعاون المثمر، مؤكدا أن توحيد معايير الأجهزة الطبية سيسهم في دعم عمليات الشراء المؤسسي، وضمان مطابقة التجهيزات الطبية للمواصفات المعتمدة وتعظيم الاستفادة منها، بما يعزز كفاءة الأداء داخل المؤسسات الصحية.
وأكد د.هشام ستيت على أهمية تعزيز مفاهيم اقتصاديات الصحة بما يساهم في تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد المتاحة، ويرفع كفاءة استخدام التكنولوجيا الطبية، بما يحقق التوازن بين الجودة والتكلفة، ويدعم استدامة التمويل الصحي في إطار خطط الدولة لتطوير القطاع الصحي.
شارك بالاجتماع من جانب الهيئة المصرية للشراء الموحد والامداد والتموين الطبي، د.هشام بدر، د.عمرو جاد، نائبا رئيس الهيئة المصرية للشراء الموحد والامداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية، عميد مهندس/ أحمد صلاح، مستشار رئيس الهيئة، عقيد مهندس/ محمد إبراهيم عامر، رئيس الإدارة المركزية لنظم المعلومات والتحول الرقمي، د.فاطمة مميش، رئيس الإدارة المركزية لمكتب رئيس الهيئة ، د.أم كلثوم السيد بدوي، مدير إدارة التخطيط الاستراتيجي ودعم اتخاذ القرار
كما حضر من جانب الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية: د.سيد العقدة، ود.وائل الدرندلي أعضاء مجلس إدارة الهيئة ، د.رانيا مدحت،مدير عام المكتب الفني، د.لمياء بركات، مسئول المركز الاعلامي، د.محمد الطحاوي، مدير الاتصال السياسي، د.مروة عيسوي، عضو لجنة معايير دليل التجهيزات الطبية للمنشآت الصحية