لجريدة عمان:
2024-12-29@04:15:05 GMT

المرضى والأطباء ليسوا أهدافا عسكرية

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

ترجمة ـ قاسم مكي -

«ما قيمة الناس في حروب اليوم؟ إنهم سلع قابلة للاستهلاك. لا فرق في ذلك بين أن يكونوا أحياء أو أمواتا. (في حروب اليوم) الأطباء والمرضى أهداف مشروعة. النساء والأطفال والمرضى والجرحى ومن يقدمون لهم الرعاية محكوم عليهم بالإعدام. أوقفوا هذه الهجمات!»

بهذه الكلمات تحدثت أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مايو 2016 بصفتي رئيسة منظمة «أطباء بلا حدود».

قوبل خطابي بالتصفيق.

بعد سنوات لاحقا وفيما يجد عاملو الرعاية الصحية والمرضى أنفسَهم تحت حصار الحروب مرة أخرى في غزة وأوكرانيا، أتساءل إذا كان العالم ينصت حقا.

في الساعات الأولى من يوم 3 أكتوبر 2015 أصابت خمس ضربات جوية مركز معالجة الإصابات البليغة الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود في قندوز بأفغانستان. لم يتوافر الوقت للمرضى والعاملين في المركز للفرار. ومات الجرحى والعاجزون عن الحركة في أسِرَّتهم حرقا وهم أحياء.

في رئاسة المنظمة عبرنا عن صدمتنا وغضبنا من خلال المطالبة بإجراء تحقيق مستقل. تحملت الولايات المتحدة المسؤولية وتوصلت إلى أن ذلك القصف حدث عن طريق الخطأ بسبب «ضباب» الحرب. طالبنا ومعنا آخرون المجتمع الدولي بإدراك أن الحروب يجب أن تقف عند أبواب المشافي.

بعد عام لاحق أجاز مجلس الأمن القرار رقم 2286 بالإجماع. أدان القرار الهجمات على المرضى والمصابين والعاملين في تقديم الخدمات الصحية والإنسانية ووسائل النقل (سيارات الإسعاف) والمعدات الطبية والمشافي والبنية الأساسية الصحية وفقا للقانون الإنساني الدولي.

لكن «لحظة التآخي» هذه لم تستمر طويلا. الآن وفي عام 2023 بدا كل ذلك المجهود والغضب والعمل بلا معنى. فالهجمات على مقدمي الرعاية الصحية أصبحت مرة أخرى حدثا عاديا أثناء الحرب في أوكرانيا وفي حرب غزة. وفي حين تختلف كل حالة عن الحالات الأخرى إلا أن استهداف المرضى ومن يقدمون لهم الرعاية الطبية يجب أن يكون خطا أحمر.

في أثناء كتابتي لهذا المقال يتعرض العاملون في الحقل الطبي وأولئك الذين يحتاجون إلى مساعدتهم لهجمات لا تتوقف في أرجاء قطاع غزة. فهنالك قصف متواصل حول مجمع مستشفى الشفاء وهو أكبر مؤسسة طبية في غزة.

في يوم 5 نوفمبر دخلت القوات الإسرائيلية المستشفى خلال تواجد أفراد الطاقم الطبي و600 مريض بالداخل بمن فيهم مواليد خدَّج في حاضنات.

أرسل جراح من منظمة أطباء بلا حدود هذه الرسالة «ليست لدينا كهرباء. لا يوجد ماء في المستشفى. لا يوجد طعام. الناس سيموتون خلال ساعات قليلة مع عدم وجود أجهزة تنفس عاملة. أمام البوابة هنالك العديد من الجثث. ويوجد مرضى أيضا. نحن لا نستطيع إدخالهم إلى المستشفى».

خرج مئات المرضى من مستشفى الشفاء يوم 18 نوفمبر بعد أن طلب منهم المسؤولون الإسرائيليون الذهاب إلى «منطقة آمنة» في جنوب غرب قطاع غزة. وفي نفس اليوم مات قريب أحد أفراد «منظمة أطباء بلا حدود» وجرح آخر في هجوم على قافلة للمنظمة كانت تحاول إجلاء 137 شخصًا من مبانيها القريبة من المستشفى.

تعللت السلطات الإسرائيلية سابقا بعمليات لحماس في الشفاء كسبب لدخول المستشفى. ليست لدى العاملين أو المرضى في مستشفى الشفاء أية معلومات مباشرة عن مثل هذا الوجود. ونحن نجدد نداءنا لاحترام وحماية المؤسسات الصحية وعاملي الرعاية الصحية. يجب حماية المشافي دائما وفي كل الأوقات.

قواعد الحرب واضحة جدا. فالمدنيون يجب الحفاظ على حياتهم. وعلى الدول التي تشن الحرب مسؤولية الضبط السليم لأعمالها الحربية. هذا يعني تجنب مهاجمة المشافي وأولئك الذين يحتاجون بشدة لخدماتها. كما تقع عليها أيضا مسؤولية تيسير عمليات الإخلاء الطبي عند الحاجة. فمثل هذه العمليات يستحيل على الأطباء الموجودين على الأرض تنسيقها عندما يكون المرضى مصابين بجراح أو غير قادرين على المغادرة أو عند حصار المشافي وقصف سيارات الإسعاف مما يعني عدم وجود وسائل لوجستية أو ضمانات أمنية للإخلاء الآمن. يجب عدم تحويل المشافي عمدا إلى مكان للقتل.

في أية حرب يجب حماية الطاقم الطبي وتمكينه من علاج المرضى دون أي قيد. أطباء غزة الآن منهكون تماما ويعملون فوق طاقتهم. لكنهم يستمرون دون كلل أو ملل في تقديم الرعاية لمرضى إصاباتهم بليغة على الرغم من افتقارهم للموارد الضرورية وقلقهم على سلامتهم الشخصية.

في أواخر أكتوبر أرسل لي طبيب طوارئ من منظمة أطباء بلا حدود صورة لوحة بيضاء من مستشفى العودة. كانت اللوحة (التي تُسجَّل فيها العمليات الجراحية الحالية والقادمة) خالية تماما من أية كتابة وبها فقط هذه الرسالة « لقد فعلنا ما بوسعنا. تذكرونا».

سبق لي أن عملت كطبيبة في مناطق الحروب. وأعلم أنه في أثناء الفوضى التي تكتنف شن الحرب كثيرا ما تكون المشافي آخر شيء «إنساني» يكون متاحا. لذلك حرمان المدنيين من الحصول على الرعاية الصحية عندما تشتد حاجتهم إليها يطفئ آخر ومضة أمل في عالم من الدمار والتقتيل.

يجب أن يحافظ المجتمع الدولي على قواعد الحرب وألا يسمح لأي أحد يؤذي المدنيين العزّل بالإفلات من المحاسبة. إنسانيتنا المشتركة يجب أن تنتصر. وأنا أضم صوتي إلى العديدين الذين ينادون الآن بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.

لا يمكنني تصديق أنني احتاج مرة أخرى إلى كتابة الكلمات التالية: أوقفوا هذه الهجمات!.

جوان ليو أستاذة بمدرسة السكان والصحة العالمية في جامعة ماكجيل والرئيسة الدولية سابقا لمنظمة أطباء بلا حدود.

ترجمة خاصة لـ عمان عن الفاينانشال تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: منظمة أطباء بلا حدود الرعایة الصحیة یجب أن

إقرأ أيضاً:

محافظ القليوبية يتفقد الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين بالمستشفيات

قام المهندس أيمن عطية، محافظ القليوبية، بجولة تفقدية موسعة بـ 3 مستشفيات رئيسية بمدينتي بنها وشبرا الخيمة وذلك في إطار حرصه على الارتقاء بالمنظومة الصحية وتوفير أفضل الخدمات للمواطنين.


بدأت الجولة التفقدية بمستشفى النيل للتأمين الصحي حيث اطلع المحافظ على سير العمل في أقسام الاستقبال، ورعاية القلب، ووحدة قسطرة القلب، ووحدة رعاية السكتة الدماغية. وخلال جولته، حرص المحافظ على التواصل المباشر مع المرضى، مستمعًا إلى ملاحظاتهم واقتراحاتهم، مؤكدًا على ضرورة تقديم الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة لجميع المواطنين.


ووجه  بتوفير كافة الاحتياجات من أدوية ومستلزمات طبية، كما شدد على أهمية حسن معاملة المرضى وتقديم الدعم النفسي لهم. وأمر المحافظ بتخصيص منطقة استراحة مريحة لأهالي المرضى، وتكثيف الجهود لتقوية جسور التواصل بين الإدارة الطبية والمرضى.


كما تابع المحافظ أعمال تطوير قسم الكلى بالمستشفى، حيث وجه الشركة المنفذة بضرورة الانتهاء من الأعمال في أسرع وقت ممكن، وذلك لتلبية احتياجات المرضى وتقديم الخدمة بأعلى مستوى من الجودة والكفاءة.
كما وجه المحافظ برصف الشارع المجاور للمستشفى، وتجميله بالإنترلوك، وإزالة كافة التشوهات البصرية، وذلك بهدف تحسين المظهر العام للمنطقة وتوفير بيئة صحية وآمنة للمرضى والزوار.


وتابع المحافظ جولته التفقدية متوجهًا إلى مستشفى ناصر التخصصي حيث تفقد أقسام الاستقبال، والعمليات، والرعاية المركزة، والحضانات، والأشعة، وبنك الدم. وأكد المحافظ على ضرورة توفير كافة الإمكانيات اللازمة لتقديم خدمات طبية متميزة، مشددًا على أهمية الاهتمام بالنظافة والتعقيم.


وخلال زيارته لمستشفى ناصر، وجه المحافظ بتوفير أماكن مبيت لائقة للأطباء والتمريض، وذلك تقديرًا لجهودهم المبذولة في خدمة المواطنين.


وشملت الجولة التفقدية أيضًا مستشفى بنها للتأمين الصحي بمدينة بنها، حيث اطلع المحافظ على سير العمل في مختلف الأقسام، واستمع إلى تقارير الإدارات الطبية حول الخدمات المقدمة وأبرز التحديات التي تواجههم.


وفي ختام جولته التفقدية، أكد محافظ القليوبية على أهمية الارتقاء بالخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، مشيرًا إلى أن تطوير المنظومة الصحية يأتي في صدارة أولويات المحافظة. كما وجه بتكثيف الجهود لتوفير كافة الإمكانيات اللازمة لتحقيق هذا الهدف.

مقالات مشابهة

  • حصاد عمل الاعتماد والرقابة الصحية في 2024 .. بناء وتحسين نظم جودة الرعاية بالقطاع
  • مسؤول أممي لـ«الاتحاد»: 50% من نظام الرعاية الصحية في سوريا خارج الخدمة
  • 4 ملايين خدمة طبية وعلاجية في مجمع الإسماعيلية الطبي قدمتها الرعاية الصحية
  • تفاصيل وقرارات اجتماع هيئة الرعاية الصحية رقم 81
  • غزة.. مبادرات فردية تطوف بين خيام النازحين لتقديم الرعاية الطبية للجرحى
  • حلول مبتكرة تعزز كفاءة وجودة الرعاية الصحية
  • الرعاية الصحية: إنشاء أول مركز في علوم الطب الاتصالي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • الرعاية الصحية: إنشاء أول مركز متخصص في علوم الطب الاتصالي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • «الرعاية الصحية»: تقديم خدمات طبية مجانيّة للحجاج المنتفعين من التأمين الصحي الشامل
  • محافظ القليوبية يتفقد الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين بالمستشفيات