كلام فنون: الموسيقى بين الأمير محمد القمندان ومحمد جمعة خان «2»
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
جميع المشاريع الموسيقية الإبداعية لها منطلقات وأهداف مختلفة ومتنوعة كما سنرى في هذه المقالات تحت العنوان أعلاه وآمل منها الفائدة المعرفية والتطبيقية لمن يعمل على مشروعه الموسيقي الذاتي، والمهتمين برعاية الإبداع الموسيقي في بلادنا العزيزة. والحديث لا يزال مستمرًا عن أثر الأمير القمندان في الغناء اللحجي واليمن والجزيرة العربية.
وفي هذه المناسبة، أشار الكاتب جابر في تحليل تجربة الأمير القمندان إلى نقطة مهمة جدا وهي إنه «أعد أغانيه الجديدة لغرض الاستماع الفني وهو أمر يختلف تماما عن الأغاني الشعبية» التي تندر فيها الآلات الوترية وتكثر فيها الآلات الإيقاعية والزامرة. لذلك كانت الآلات الوترية على قلتها هي العمود الأساسي لفرقته الموسيقية الطربية. ولكن من الملاحظ أن معظم المطربين اليمنيين تخلوا عن أداء ألحان الموشحات اليمنية حسب أصولها الفنية، وهي غير معروفة خارج اليمن والقليل من الناس الذين سمعوا بها وإذا سمعوها لا يميزونها، والسبب في اعتقادي يعود إلى غياب الرعاية الأكاديمية الموسيقية والمؤسسات الثقافية وضعفها إن وجدت، وطغيان حفلات السمر على حفلات الاستماع والمتعة الثقافية، فحوّلوا تلك الموشحات إلى أغان عادية تؤدى في مختلف المناسبات كما يظهر في موشح «سلام مني عليكم يا حبائب» الذي نشرت نَصّه في المقال السابق كأغنية، وهذا هو النوع الفني الأكثر شهرة في الغناء اللحجي في الوقت الحاضر. وهنا أمر آخر أعتقد إنه على درجة معينة من الأهمية، وهو أن الموشح اليمني سهل تجزئة تركيبته اللحنية وتفكيكها وأداء أحد أجزائه منفصلا وحذف الآخر حسب الحاجة، كما لاحظنا في «موشح سلام مني عليكم»، علاوة على أن نوع القالب الأدبي وتركيبته الشعرية والعروضية هو الأساس عندهم حتى يعتبر الموشح موشحا وليس القالب اللحني وأسلوب بناء الجمل اللحنية. والحقيقة أن الموشح قالب شعري وكذلك قالب غنائي، وهذا الأخير يمكنه تطويع أي نص مناسب لتركيبته الفنية اللحنية والإيقاعية.
الأغاني القمندانية كثيرة وتؤدي في جميع أنحاء الجزيرة العربية، أما موشحاته فقد اختفت للأسباب التي ذكرت، ومن أغانيه الشهيرة جدا: «يا منيتي يا سلا خاطري» التي أداها معظم المطربين في هذه المنطقة. علما أن الذين غنوا هذه الأغنية لا يتفقون على صيغة واحدة لكلماتها، ومعظمهم إما أضاف إلى مطلعها نصا جديدا، أو اختصر النص، أو حذف بعض الكلمات الواردة فيه ومنها الهندية التي لا شك عندي أنها من أصل النص بسبب الحضور الثقافي الهندي في مدينة عدن المستعمرة البريطانية المجاورة لمدينة الحوطة عاصمة سلطنة لحج في ذلك الوقت. وقد اعتمدت في محاولتي تجميع شتات نص هذه الأغنية الشهيرة على ما غناه المطرب فيصل علوي وما ورد في موسوعة الأغاني اليمنية الإلكترونية، وبعض المطربين اليمنيين. ولعله بهذه الصورة يبدو الأقرب إلى الأصل:
يا منيتي يا سلا خاطري وأنا أحبك يا سلام
ليش الجفاء ليش تجرحني وأنا..
وأنا أحبك يا سلام
يترنم على البانه، عشية قُمري الروضة على غصن السلام
يذكرني بأحبابي، وبكّاني الغرام
وأنا أحبك يا سلام
جبينه لك بيضاء هلاليه وجعد أسود
هنيدي رام رام
وأحنا عبيدك في الهوى جُملة
وأنا أحبك يا سلام
لك عنق الظِّبى يا سيدي، وعين المها لك وتغريد الحمام
وانت مَظْلَمَةْ يا سيدي عبدك ارحمه، وأنا أحبك يا سلام
بين الرمادة والحُسيني فاح عرف الفل والكاذي والبشام
يمسي يلاعب في الهوى هاجسي
وأنا أحبك يا سلام
يا هركلي غنّي بالباكري ثم من خلف الكدام
حيث الصفا حيث سعدك والمُنى، وأنا أحبك يا سلام
**
أما المطرب والملحن الحضرمي محمد جمعة خان كان موسيقيا عازفا وملحنا في فرقة السلطان القعيطي العسكرية بالمكلا، حيث كانت تلك الفرقة العسكرية تضم عددا من العازفين من مواطني القارة الهندية (الهند وباكستان) وكان هو واحد منهم، وأسس تجربته الغنائية الإبداعية وفق رؤية ومسار مختلف تماما عن رؤية القمندان..
وللمقال بقية..
مسلم الكثيري موسيقي وباحث
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد العظام ويحفظ تاريخًا يمتد إلى 14 قرنًا
امتد مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية ليضم مسجد العظام في محافظة العلا بالمدينة المنورة الذي يعود تاريخه إلى عهد النبوة، إذ يرجّح أن النبي صلى الله عليه وسلم هو من حدد قبلته بعظام، وذلك أثناء طريقه إلى غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة، حيث يعود سبب تسميته إلى هذه القصة، ليحافظ المشروع على تاريخ هذا المسجد وإرثه الإسلامي، الذي يعود لأكثر من 14 قرنًا ويوفر سبل العناية به.
وسيجدد مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية مسجد العظام – ” https://goo.gl/maps/PR4XCjBD3TxSaGBE8 ” – على الطراز التراثي للمدينة المنورة، على مساحة 773.34 م2، وعند طاقة استيعابية تكفي 580 مصليًا، حيث سيعيد المشروع بناءه باستخدام المواد الطبيعية من الطين والحجارة وأخشاب الأشجار المحلية، فقد بُني المسجد بالحجارة وجدرانه الداخلية مليسة بالطين، وقد مرت عمارة المسجد بعدة مراحل، إلى عهدنا الحاضر.
ويتميز بناء المسجد بأنه عمارة آخِذَةٌ بالتطور وقادرة على التكيف مع المعطيات المناخية والطبيعية، وتستخدم الحجارة المقطوعة بتشكيلاتها وأحجامها المختلفة والمبنية بمونة الطين، إضافة إلى توظيف مكونات النخيل في بناء الأسقف كطبقة حاملة وعازلة، حيث سيعمل المشروع على توظيف هذه المواد، وتطوير الواجهات في المسجد.
ويعمل مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية على تحقيق التوازن بين معايير البناء القديمة والحديثة بطريقة تمنح مكونات المساجد درجة مناسبة من الاستدامة، وتدمج تأثيرات التطوير بمجموعة من الخصائص التراثية والتاريخية، في حين تجري عملية تطويرها من قبل شركات سعودية متخصصة في المباني التراثية وذات خبرة في مجالها.
اقرأ أيضاًالمجتمعأمير المنطقة الشرقية يرعى الحفل السنوي لجمعية البر
ويأتي مسجد العظام ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية التي شملت 30 مسجدًا في جميع مناطق المملكة الـ13، بواقع 6 مساجد لمنطقة الرياض، و5 مساجد في منطقة مكة المكرمة، و4 مساجد في منطقة المدينة المنورة، و3 مساجد في منطقة عسير، ومسجدين في المنطقة الشرقية، ومثلهما في كل من الجوف وجازان، ومسجد واحد في كل من الحدود الشمالية، تبوك، الباحة، نجران، حائل، والقصيم.
يذكر أن إطلاق المرحلة الثانية من مشروع تطوير المساجد التاريخية جاء بعد الانتهاء من المرحلة الأولى التي شملت إعادة تأهيل وترميم 30 مسجدًا تاريخيًا في 10 مناطق.
وينطلق المشروع من أربعة أهداف إستراتيجية، تتلخص بتأهيل المساجد التاريخية للعبادة والصلاة، واستعادة الأصالة العمرانية للمساجد التاريخية، وتعزيز المكانة الدينية والثقافية للمساجد التاريخية، ويسهم في إبراز البُعد الثقافي والحضاري للمملكة الذي تركز عليه رؤية 2030 عبر المحافظة على الخصائص العمرانية الأصيلة والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة.