عدن الغد:
2024-07-04@04:53:48 GMT

الأجنحة (قصة)

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

الأجنحة (قصة)

بقلم / عصام مريسي

نما جسمه وبدت عليه علامات الذكورة وبدا كغصن يانع يشع رجولة وفتوة .. قد ملأ مخيلتها باحلام فارسها المنقوش في مخيلتها هكذا كانت ترسم  اوصافه لابد ان يكون شبيه بوالدها الذي لم يعد منذ خروجه في الغزو نحو مدن الشمال البعيدة وتضاربت الاخبار حول وجوده وموته .مرت السنوات حتى اصبحت ملامحه جزء من شخصيتها فطالما تمنت ان تكون ذكرا وطالما تشبهت بحركاته وسكناته  لكنها في ذات الوقت تحنو لتلبس الفطرة التي خلقت عليها انثى تحن الى الجلوس الى كرسي التسريحة الموجود في غرفة نوم والدتها وتمتد أناملها نحو اصابع الحمرة وفرشاة تزيين الخدود فتمرغ وجهها بالالوان حتى تبدو كاحسن عروس لكنها سرعان ما تعمد الى حوض الغسيل وتمحي كل تلك العلامات التي تعبر عن أنوثتها قبل ان يراها احد
ولطالما تكرر صراخ امها.

.
من الذي يعبث بادوات تسريحتي 
تستمر في الصراخ

معللة ..
لو كنت اعلم انك تحبين المكياج لقلت انت..
تنصرف الام الغاضبة نحو شان من شؤون المنزل وتقف الفتاة نحو نافذة غرفتها المطلة على الشارع فاذا به يمر وفي هذه المرة يقترب اكثر  ولاول مرة تلحظ شيء في خطواته كسر  احد اجنحة احلامها التي كانت تحلق بها كلما رأته عن فارسها المنشود وهي تحدث نفسها وتنظر اليه بتدقيق نظرها نحو حركة قدمية التي تبدو انه يجرهم جرا فيمشي معتمدا على مقدمة اصابع قدميه فتظهر حركة اقدامه  كانه يهوي نحو السقوط تضع الشال على رأسها تغادر غرفتها يتردد صوت امها..
الى اين تذهبين 
بصوت وعبارات غير مفهومه..
س ساعود حالا
تقف على عتبة الباب بعينين فاحصتين   تنظر اليه وكأنه هو ملامح وجهه المستدير تزينه لحيته السوداء متجعدة   وناصيته العريضة تشع بهاء وشاربه الكث يغطي شفتيه الغليظتين وعينيه الواسعتين السوداوتين وكلما اقترب سقطت ريشة من جناحيها التي طالما حلقت بهما في فضاء احلامها كلما لمحت صورته من بعيد .
تسارعت نبضات قلبها كلما اقترب منها حتى تقطعت انفاسها وتحشرج الاكسجين في قصبتها الهوائية حتى باتت تشعر بوزنه الكيميائي وتصبب العرق من بين خصلات شعرها المتناثر على جبينها وهي  تجتاز قيود الخجل وترفع نظرها توجهه صوب عينيه الغائرتين بياضهما يتجاوز السواد وهما تتقلبان في جميع الجهات من حول بهما فلا يضع عينيه على شيء والا وانتقال الى أخر دون تركيز.
يقف امامها يفتح فمه بعبارات غير مفهومة متلعثمة النبرة..
هل ش شهادتي اجنحتي الورقية ف في مكان ما
تستقر نبضات قلبها وهي تودع اخر ريشة في جناح احلامها تهوي على الارض فقد ايقنت ان الفتى الذي طالما شغل احلامها وقاربت ملامحه من صفات والدها المفقود هو شاب غير سوي يعاني من علة خلقية وعيب في عقله  هكذا تردد صوت في نفسها..
انه يعاني من التوحد
لا يستطيع الثبات اذا وقف فحركته المستمرة غير إرادية 
تستفيق من  سبات احلامها الذي تكسرت فيه أجنحتها الوردية وتناثر ريشهما ريشة ريشة على صخرة الواقع .تقترب منه  وتخبره..
اذا حضرت غدا سأحضر لك جناحي من البلاستيك تطير بهما
بصوت متلعثم ..
ااننت ص صادقة في فيما ت تقولين
بصوت منكسر يعبر عن أسفها بعد ضياع احلامها ومعرفة ان فارس احلامها لم يكن سوى دمية بشرية جوفاء من الفهم والمشاعر رجل في قالب طفولي . تنسحب تعود نحو غرفتها تنظر من شرفة الغرفة المطلة على الشارع وهو يغادر تتهاوى خطاه يمنة ويسرة ومع كل خطوة تتهاوى احلامها وتتلاشى أجنحتها التي طالما حملتها الى افق بعيدة نحو فارس يعيدها على أجنحته نحو فطرتها الانثوية .

 


اقصوصة 
عصام مريسي

المصدر: عدن الغد

إقرأ أيضاً:

رسائل إلى الحكومة «الجديدة»

أدى وزراء الحكومة الجديدة ونوابهم والمحافظون الجدد، اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهناك الكثير من الآمال المعقودة ليشعر المواطن بأي تغيير أو معالجة للمشكلات الموجودة، بالطبع لا يوجد بلد في مجرة «درب التبانة» بدون مشكلات، حتى أمريكا التي تصف نفسها بأنها أقوى دولة في العالم، تعاني من انتشار الجريمة والفقر والبطالة في بعض المدن والولايات!

ولكن ولأن مصر «أم الدنيا» وبلد عريق، بل وتُعتبر «المحروسة» أقدم حضارة على وجه الأرض، فإننا يجب أن نجعل منها دائما بلدًا عظيمًا وقويًا خاليًا من العيوب والمشكلات، قدر المستطاع، ويجب أن نضع أنفسنا دائما تحت «جهاز الأشعة» لنحدد طبيعة الكسور، ومن ثَم نعالجها.

إن الشفافية وتوفير المعلومات للمواطنين مفتاح الثقة وضمان جودة العلاقة بين الشعب والحكومة، كما أنها تغلق الأبواب أمام مروجي الشائعات و«المجتهدين» والمتربصين، فلا يجب ترك أسئلة مثل «ما الذي يحدث؟» أو «ما تفاصيل.. ما حقيقة كذا؟» دون تقديم إجابات كافية شافية، وهذه هي الشفافية.

يجب وضع رفاهية ورضا المواطنين فوق كل اعتبار، وتجنب أي قرارات من شأنها اختبار المزيد من صبر الناس الذي أوشك على النفاد، متأثرا بموجة الغلاء العالمية التي لم تغادر أحدا، نحن ندرك أننا جميعا في قارب واحد، إنما للصبر حدود!

الاهتمام بالتعليم وتطويره بما يناسب سوق العمل والمعايير العالمية، حتى نخرج جيلا نابها واعيا، قادرا على الارتقاء بالمجتمع، فما اهتمت دولة بالتعليم إلا ونهضت وازدهرت، والأمثلة كثيرة، أما المناهج الدراسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي أرهقت أدمغة وجيوب التلاميذ وأولياء الأمور، وأصبحت بمثابة «تذكرة» للحصول على المؤهل الدراسي، فالله الغني عنها.

الاهتمام بتقويم سلوك المواطنين وتهذيب نفوسهم، وهذا دور وزارة الأوقاف والمؤسسات الدينية والتعليمية وأيضا الصحية، فإصلاح الخلل المجتمعي والنفسي من شأنه أن يقلل معدل الجريمة والتطرف، فلا يخرج من بيننا سفاح ولا إرهابي!

الضرب بيد من حديد على المحتكرين ومافيا السوق السوداء الذين أرهقوا ونهبوا الجميع، وتسببوا في الغلاء الفاحش الذي أصبح يلتهم جيوب ورواتب المواطنين مهما كانت الزيادات والعلاوات!

كفالة حرية الرأي والتعبير، طالما أنها تلتزم بالقانون وبتقاليد المجتمع ولا تسب ولا تطعن أحدا، ولا تحرض أحدا على أحد، ففي النهاية كلنا بشر.. نصيب ونخطئ، ونحتاج إلى من يقوِّمنا، ومن يقوِّمنا ليس بالضرورة كارهًا أو عدوا لنا، بل قد يكون ناصحا أمينا، مثل الرجل الذي «جاء من أقصى المدينة يسعى» لينصح قومه باتباع المرسلين!

الرسائل كثيرة، والنصائح لن تنتهي، ولكن بالتأكيد المشكلات قد تنتهي أو تقل تدريجيا إذا استمعنا إلى النصائح وشعرنا بالناس وأحسسنا بآلامهم، وكما يقولون «الإحساس نعمة»، أسأل الله ألا يحرمني وإياكم منها.

مقالات مشابهة

  • رسائل إلى الحكومة «الجديدة»
  • طالما استمرت حرب غزة.. هكذا قلّل مستشرق إسرائيلي من فرص التطبيع مع السعودية
  • أمي.. ظل لا يغيب
  • العودة إلى الرواقية
  • بالفيديو.. وفاة لاعب صيني خلال مباراة كرة ريشة
  • حمام دم قادم بصنعاء وانفجار وشيك لصراع الأجنحة بجماعة الحوثي.. ومصدر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة
  • واشنطن بوست: قطاع غزة لن يشهد انفراجة طالما نتنياهو في السلطة
  • أسئلة غزة المحرمة
  • وفاة لاعب كرة ريشة صيني بشكل مفاجئ
  • إسرائيل البديل التقتيل