بقلم / عصام مريسي
نما جسمه وبدت عليه علامات الذكورة وبدا كغصن يانع يشع رجولة وفتوة .. قد ملأ مخيلتها باحلام فارسها المنقوش في مخيلتها هكذا كانت ترسم اوصافه لابد ان يكون شبيه بوالدها الذي لم يعد منذ خروجه في الغزو نحو مدن الشمال البعيدة وتضاربت الاخبار حول وجوده وموته .مرت السنوات حتى اصبحت ملامحه جزء من شخصيتها فطالما تمنت ان تكون ذكرا وطالما تشبهت بحركاته وسكناته لكنها في ذات الوقت تحنو لتلبس الفطرة التي خلقت عليها انثى تحن الى الجلوس الى كرسي التسريحة الموجود في غرفة نوم والدتها وتمتد أناملها نحو اصابع الحمرة وفرشاة تزيين الخدود فتمرغ وجهها بالالوان حتى تبدو كاحسن عروس لكنها سرعان ما تعمد الى حوض الغسيل وتمحي كل تلك العلامات التي تعبر عن أنوثتها قبل ان يراها احد
ولطالما تكرر صراخ امها.
من الذي يعبث بادوات تسريحتي
تستمر في الصراخ
معللة ..
لو كنت اعلم انك تحبين المكياج لقلت انت..
تنصرف الام الغاضبة نحو شان من شؤون المنزل وتقف الفتاة نحو نافذة غرفتها المطلة على الشارع فاذا به يمر وفي هذه المرة يقترب اكثر ولاول مرة تلحظ شيء في خطواته كسر احد اجنحة احلامها التي كانت تحلق بها كلما رأته عن فارسها المنشود وهي تحدث نفسها وتنظر اليه بتدقيق نظرها نحو حركة قدمية التي تبدو انه يجرهم جرا فيمشي معتمدا على مقدمة اصابع قدميه فتظهر حركة اقدامه كانه يهوي نحو السقوط تضع الشال على رأسها تغادر غرفتها يتردد صوت امها..
الى اين تذهبين
بصوت وعبارات غير مفهومه..
س ساعود حالا
تقف على عتبة الباب بعينين فاحصتين تنظر اليه وكأنه هو ملامح وجهه المستدير تزينه لحيته السوداء متجعدة وناصيته العريضة تشع بهاء وشاربه الكث يغطي شفتيه الغليظتين وعينيه الواسعتين السوداوتين وكلما اقترب سقطت ريشة من جناحيها التي طالما حلقت بهما في فضاء احلامها كلما لمحت صورته من بعيد .
تسارعت نبضات قلبها كلما اقترب منها حتى تقطعت انفاسها وتحشرج الاكسجين في قصبتها الهوائية حتى باتت تشعر بوزنه الكيميائي وتصبب العرق من بين خصلات شعرها المتناثر على جبينها وهي تجتاز قيود الخجل وترفع نظرها توجهه صوب عينيه الغائرتين بياضهما يتجاوز السواد وهما تتقلبان في جميع الجهات من حول بهما فلا يضع عينيه على شيء والا وانتقال الى أخر دون تركيز.
يقف امامها يفتح فمه بعبارات غير مفهومة متلعثمة النبرة..
هل ش شهادتي اجنحتي الورقية ف في مكان ما
تستقر نبضات قلبها وهي تودع اخر ريشة في جناح احلامها تهوي على الارض فقد ايقنت ان الفتى الذي طالما شغل احلامها وقاربت ملامحه من صفات والدها المفقود هو شاب غير سوي يعاني من علة خلقية وعيب في عقله هكذا تردد صوت في نفسها..
انه يعاني من التوحد
لا يستطيع الثبات اذا وقف فحركته المستمرة غير إرادية
تستفيق من سبات احلامها الذي تكسرت فيه أجنحتها الوردية وتناثر ريشهما ريشة ريشة على صخرة الواقع .تقترب منه وتخبره..
اذا حضرت غدا سأحضر لك جناحي من البلاستيك تطير بهما
بصوت متلعثم ..
ااننت ص صادقة في فيما ت تقولين
بصوت منكسر يعبر عن أسفها بعد ضياع احلامها ومعرفة ان فارس احلامها لم يكن سوى دمية بشرية جوفاء من الفهم والمشاعر رجل في قالب طفولي . تنسحب تعود نحو غرفتها تنظر من شرفة الغرفة المطلة على الشارع وهو يغادر تتهاوى خطاه يمنة ويسرة ومع كل خطوة تتهاوى احلامها وتتلاشى أجنحتها التي طالما حملتها الى افق بعيدة نحو فارس يعيدها على أجنحته نحو فطرتها الانثوية .
اقصوصة
عصام مريسي
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
(في أمر جلل يهز العالم والإنسانية: 93,3% نعم و 6,7% لا. فنطبق على العالم حكم %6,7 !!!)
هل عرف العالم إفلاسا أكثر من هذا للمنظومة الدولية، أخلاقيا وفكريا وديمقراطيا وقانونيا، عندما يعارض طرف واحد إجماع 14 عضوا في مجلس "الأمن" قرارا إنسانيا بالدرجة الأولى لوقف الإبادة الجماعية لشعب أعزل، إلا من قوة إرادته على الصمود والثبات في أرضه ومنازلته للمحتل بأقصى مما جاد الله عليه من ذكاء ووسائل إصرار وتوفيق في التصويب والتنكيل بالعدو!؟
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.
إذن سموه ما شئتم إلا أن يكون مجلس "أمن" ! أين الأمن للضعفاء وللمحرومين وللمضطهدين! هذا مجلس تواطؤ ومجلس شرعنة قانون الغاب ومجلس تكريس منطق دوس القيم وكل المثل الانسانية من أجل شهوة متعطشين لسفك الدماء! ينبغي لأحرار العالم من دول ومنظمات وهيآت دولية ومجتمعية الثورة على هذا المنطق الاستعماري الذي تكوى به الانسانية منذ عقود من الزمن!
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.ويدل هذا التصويت على الإفلاس الفكري للمنظومة الحداثية الغربية التي صدعت العالم لعشرات السنين، بعد الحرب العالمية الثانية بمشروعها "المبشر" بإنقاذ البشرية من التخلف ومن الكراهية ومن القمع والاستبداد ومن الإرهاب، فإذا هي تكشف عن حقيقتها بالدوس على ذلك كله، وإستدعاء عمقها الصليبي الاستعماري بتوظيف القوة، كل أنواع القوة المادية والاستخباراتية والابتزازية وغيرها من أجل التنكيل الممنهج بكل مطالب بحقه في الحرية وفي الانعتاق من الظلم والاستغلال والاحتلال.
كما يدل هذا التصويت على الإفلاس الديمقراطي السياسي، إذ كيف تتحكم نسبة 6,7% تمثلها الإدارة الأميركية في مصير شعب بأكمله تحت الإبادة الجماعية المستمرة وترفض إيقاف الحرب ونتجاهل 93,3% من أصوات ممثلي باقي دول العالم التي صوتت لإيقاف الحرب!!
كما يعبر هذا التصويت عن الإفلاس القانوني للمنظومة الدولية حين تعطل المحاكم الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ومهام المقررين الأمميين من أجل نزوات استعلائية تسلطية استعمارية موروثة من عهد بائد سيء الذكر، لخمسة من دول العالم، ويتم تجاهل رأي 188 دولة أخرى من بين 193 دولة عضوة الآن في الأمم المتحدة.
وإنك لتعجب أشد العجب وأنت تفتح الموقع الرئيس للأمم المتحدة على الأنترنيت وتجد التقديم التالي بالأحرف الكبيرة:
"الأمم المتحدة: السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة.
تعريف بنا: مكان واحد حيث يمكن لدول العالم أن تجتمع معا، وتناقش المشكلات الشائعة
و تجد حلولا مشتركة".
﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ٧ ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ٨ وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ ٩ وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ ١٠ ٱلَّذِینَ طَغَوۡا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ١١ فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ ١٢ فَصَبَّ عَلَیۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ ١٣ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ ١٤﴾ [الفجر ]
*مسؤول مكتب العلاقات الخارجية بجماعة العدل والإحسان/ المغرب