أكد مفتى الجمهورية فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام ان صحيح البخاري عمدة المسلمين بعد القرآن، والمعين الذي لا ينضب على مر الدهور فلم تقتصر قراءته على العلماء وطلاب العلم، بل اجتمع العوام له، فقرءوه تعلُّمًا، وقرءوه تبركًا، بل وصل الحال بتعظيمه في القلوب أن أقسموا به كما الحال في ديارنا المصريَّة.


‎وتابع موضحًا أن علم الحديث في مدينةِ بُخارى ليس قاصرًا على الإمام البخاريِّ؛ بل إنَّ عدد البخاريين الذين شاركوا في عملية التوثيق للسنة النبوية كثير وواضح بجلاء لمن يقرأ كتب الطبقات والتاريخ الإسلامي.

لافت مفتى الجمهورية  خلال إلقائه الكلمة الرئيسية في افتتاح أعمال المؤتمر الدولي للإدارة الدينية لمسلمي أوزبكستان، المنعقد تحت عنوان: "مكانة بخارى الخالدة في الحضارة الإسلامية"، أن عملية التوثيق ليست هي دائرةل اهتمام هذه المدينة العامرة، بل ضرب البخاريُّون بسهم في ما يأتي بعد مرحلة التوثيق للنصِّ وهو الفهم، المتمثل في الأصلين: علمي أصول الدين وأصول الفقه وكذلك علم الفقه..

اشار مفتى الجمهوري  الى ان المدرسة البخارية مدرسة أصيلة من مدارس الماتريدية أحد جناحي مذهب أهل السنة والجماعة، وعلماء مدينة بخارى في الفقه والأصول علامات مضيئة في تاريخ هذه العلوم، فأبو زيد الدبوسي الحنفي بخاري، وأبو طاهر البزدوي الحنفي بخاري بل إن أبا عبد الله الحليمي من أصحاب الوجوه في مذهب السادة الشافعية بخاري أيضًا وغيرهم كثير.

 

عطاء مدينة بخارى غير متوقف عند العلوم النقلية


‎أوضح مفتى الجمهورية أنَّ عطاء مدينة بخارى غير متوقف عند العلوم النقلية مثل الفقه والحديث، وأن بذلها وعظمتها منحصرة في بناء الحضارة الإسلامية، لكنَّ التاريخ الإنساني يسجل لهذه المدينة أن ساهمت في تشكيل الحضارة الإنسانية وتطورها، وحفلت بأعظم العقول على مر التاريخ الإنساني، فالشَّيخ الرَّئيس أبو علي ابنُ سينا ذلك العَلَم البارزُ في تاريخ الفلسفة النظرية والعملية، صاحب الشفاء والإشارات والتنبيهات، وصاحب القانون في الطبِّ، بخاريٌّ، فهو- والعبارة للذَّهبيِّ في سير أعلام النبلاء: أبو علي، الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، البلخيُّ ثم البخاريُّ، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق.

‎وأضاف مفتى الجمهورية أن نتاج هذه المدينة لهو أمر مبهر للعقول، ولشرف عظيم يجعل من هذه المدينة -مدينةَ بُخارَى- عاليةَ القدر، محفوظةَ المكانة في وجدان كل مسلم، بل في وجدان كل إنسان، بعطائها الزاهر للتاريخ والحضارة.


وتابع "لئن كنا نستذكر اليوم بقعة قد شرَّفها الله تعالى بالعِلم، فإننا لا ننسى بقعةً شرفها الله تعالى بذكرها في كتابه، وجعلها مسرى نبيه ومنطلق معراجه، فلسطين الغالية التي هي قضية المسلمين الأولى منذ الاحتلال الغاشم عام 1948، والذي تمادى في ظلمه وبغيه وإفساده في الأرض، فلم يرقبوا في الضعفاء والأطفال والنساء والشيوخ إلًّا ولا ذمة، ورموا بالقانون الدولي عرض الحائط".


واشار مفتى الجمهورية الى ان مدينة بُخارى، زاحمت حواضر الخلافة ومدنها، وساهمت بشكل فعال في أبرز ما تفردت به الحضارة الإسلاميَّة وهو الاهتمام بالتوثيق وعلوم التوثيق، وعلى رأس هذه العلوم بالطَّبع علم الحديث، فقد كان لمدينة بخارى السبقُ الذي لا يضاهى، والشَّرفُ الذي لا يبارى، أن كان منها أعظم علماء الحديث وأجلهم وأميرهم على الإطلاق الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزبه الجُعفي البخاري، وهو العَلَم الأبرز لهذه المدينة بكتابه العظيم «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه» والمعروف اختصارًا بـ «صحيح البخاري»، مشيرًا إلى أن الإمام البخاري بذل في هذا المؤلف العظيم جهده وعمره، حتى بلغ في ثبوته وتوثيقه أن كان أصحَّ كتابٍ بعد كتاب الله سبحانه وتعالى، واشتهر في حياة مؤلِّفه حتى قال الفِرَبرِيُّ راويه أنه قد سمعَ صحيحَ البخاري تسعون ألف نفسٍ، والفِرَبرِيُّ بخاريٌّ أيضًا.

وأضاف مفتى الجمهورية أن مدينة بُخارَى لم تكن فقط شاهدة على ما للحضارة الإسلامية من مآثر وجولات في الفكر الإنساني، بل كانت مع هذا الشهود الحضاري مشاركة وبقوة في صناعة هذه الحضارة، وعاملًا في الحفاظ عليها والدفاع عنها، إننا اليوم في مدينة بخارى، ذلك الاسم الذي ما من مسلم له أدنى قدر من الثقافة والتعليم الإسلامي، إلا وذِكر مدينة بخارى يتنبه له وجدانه وقلبه، ويُوقظ ذهنه وعقله، ويشدُّ انتباهه وفكره، ولا عجب فـ «بُخارى» اسمٌ خالدٌ محفور بحروف من نورٍ في تاريخ الأمة الإسلامية وثقافتها.


أوضح مفتى الجمهورية أن المسلمون اهتموا بالصَّحيح لا من جانب رجاله فقط، بل اهتموا بلغته فصُحِّح على مستوى الحركةِ، وتفرَّغ لتلك المهمة إمام اللغة العربية جمال الدين ابن مالك الطائي الجياني صاحب الألفية والتسهيل رحمه الله، واهتمُّوا به كذلك في تراجم أبوابه وفقه مؤلفه الإمام البخاري، واهتموا بغير ذلك مما يدور حول صحيح البخاري من قريب أو بعيد، والرسائل العلميَّة في الجامعات والمؤلفات حول الصحيح التي تبلغ المئات شاهدة على ذلك الاهتمام، ف

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية صحيح البخاري عمدة المسلمين القرآن صحیح البخاری هذه المدینة مدینة ب

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: الحوار والوحدة الإسلامية السبيل لعودة الأمة إلى ريادتها ومكانتها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية إن هذه الأمة التي شرفنا الله تعالى بالانتساب إليها تواجه اليوم تحديًا كبيرًا لتحقيق وحدتها والمحافظة على كيانها، هذا التحدي يكمن في مواجهة الأفكار الدخيلة التي تسعى لتفتيت أوصالها وتمزيق صفوفها، فالاتحاد قوة، وهو السبيل لعودة الأمة إلى ريادتها ومكانتها التي فقدتها، وقد جاء رسولنا الكريم ﷺ ليقيم دعائم هذه الوحدة ويُفعل مبدأ الأخوة الإسلامية، حيث كانت الأخوة الإسلامية، متى خلصت النوايا وصفت، أشد وثوقًا من أخوة النسب والدنيا، وإذا تأملنا رحلة نبينا ﷺ من مكة إلى المدينة، نجد أنه أراد من خلالها إقامة دولة تصنع الحضارة وتنهض بالأمة.

وأضاف فضيلته خلال ندوة نظمها جَنَاح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، بعنوان «نحو حوار إسلامي إسلامي»، اليوم الثلاثاء، أنه من أجل هذه الأخوة الإسلامية عمدَ رسولنا ﷺ إلى ثلاث خطوات أساسية: إقامة العلاقة الإيجابية بين العبد وربه، وقد بدأ النبي ﷺ ببناء المسجد ليكون مكانًا لتجمع المسلمين وللارتقاء بهم ويعزز تماسكهم، والأمر الثاني: تفعيل مبدأ المؤاخاة بين المسلمين، حيث آخى ﷺ بين المهاجرين والأنصار، ومحا عصبيات الجاهلية، وأسّس علاقات قائمة على الحب والرحمة والتكافل، والأمر الثالث: تنظيم العلاقات الدولية، حيث عمل النبي ﷺ على صياغة وثيقة المدينة التي حددت الحقوق والواجبات بين سكانها من المسلمين وغيرهم، مما أسس لعلاقات قائمة على العدل واحترام العهود.

وأكد مفتي الجمهورية أن هذه الجهود النبوية تسعى لتحقيق مبدأ الأخوة الإنسانية، حيث شبه رسولنا الكريم ﷺ المؤمنين بالجسد الواحد والبنيان المرصوص، ومن هنا ندرك أهمية الوحدة في مواجهة التحديات العالمية. فالأمة الإسلامية، متى اجتمعت كلمتها واتحدت صفوفها، استطاعت أن تقف بثبات، كما كان الحال في العصور الأولى عندما امتد الإسلام في زمن وجيز من إسبانيا إلى الصين، لكن العصبية المقيتة والتعصب للمدارس الفكرية والعلمية اليوم يمثل أحد أبرز العوائق أمام تحقيق الوحدة المنشودة، والشريعة الإسلامية قد نبذت هذه العصبيات وحذرت منها، لأنها تؤدي إلى التنازع والتفرقة. يقول الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}، ويقول أيضًا: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}.

وأشار فضيلته إلى أن المؤسسات الدينية والعلمية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، قد خطت خطوات إيجابية في مجال الحوار الإسلامي الإسلامي، وعليها دور كبير في هذا الشأن، ولعلنا بعد أسابيع قليلة نكون أمام الطرح الذي عرض في مؤتمر البحرين «حوار الشرق والغرب»، والذي قدّمه فضيلة مولانا الإمام الأكبر تحت رؤية الحوار الإسلامي، وهو حوار يجمع بين المدارس السنية والمدارس الشيعية وغيرها من أصحاب المذاهب الأخرى كالزيدية والإباضية وغيرهما.

وأضاف فضيلته أن النقطة الثانية هي أن هذه الخطوة لا بد أن تظهر في آثار عملية، وبالتالي يمكن القول بأن هذا المؤتمر قد يكون مقدمة لجملة من الآثار العملية، مثل إنشاء مراكز علمية تجمع بين المدارس الإسلامية على اختلاف توجهاتها، وطرح قضايا الخلاف والعمل على دراستها، ثم الخروج برأي موحّد. كما ينبغي ونحن نتحدث عن حوار إسلامي إسلامي ونسعى لإعلاء المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، أن نتجاوز تلك القضايا التي تؤدي إلى توسيع الفجوة بين المدارس الفكرية. وبالتالي، ينبغي التركيز على آلية تحقق الوحدة، بعيدًا عن القضايا العقدية التي فرّقت الأمة ومزّقت وحدتها.

وفي ختام حديثه، شدد فضيلة مفتي الجمهورية على أمر مهم، وهو احترام العقيدة واحترام ما عليه الآخر، مع عدم المساس بمكانة الأنبياء والصحابة وما يتعلق بأمهات المؤمنين، باعتبار ذلك من معتقد أهل السنة والجماعة، فلا يجوز التطاول عليهم أو التعرض لهم، لأن ذلك يؤذي مشاعر المؤمنين والمؤمنات. وأخيرًا، أرى أن لقاء كبار رجالات هذه المدارس قد يصحح الكثير من المفاهيم ويقرب البعيد.

مقالات مشابهة

  • نهاية مأساوية لـ سلوان موميكا العراقي الذي أشعل غضب المسلمين بحرق المصحف.. فيديو
  • مفتي الجمهورية: مصر تتميز بمؤسسات دينية راسخة تعمل على نشر الفتوى الوسطية
  • مفتي الجمهورية: دار الإفتاء تقدِّم في معرض الكتاب هذا العام منصَّة تفاعلية
  • مفتي الجمهورية يستقبل الرئيس التنفيذي لمؤسسة تريندز للبحوث
  • مفتي الجمهورية: المسلمون كانوا يضعون قدما في إسبانيا وأخرى بالصين
  • مفتي الجمهورية: الحوار والوحدة الإسلامية السبيل لعودة الأمة إلى ريادتها ومكانتها
  • مفتي الجمهورية: الحوار والوحدة الإسلامية السبيل لعودة الأمة إلى ريادتها
  • معرض الكتاب يستضيف مفتي الجمهورية في لقاء حول الفتوى الرقمية
  • خاص| أول تعليق من مفتي الجمهورية على قرار إضافة الدين للمجموع
  • غدًا.. انعقاد مجلس الحديث الـ31 لقراءة “صحيح البخاري” من مسجد الإمام الحسين