عربي21:
2025-04-29@21:34:35 GMT

موسم الرياض السياسي

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

في منتصف الشهر الحالي وفي زحمة انشغال العالم بالعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، أُعيد النقاش في ملف اليمن الذي دخل مرحلة جمود لا تحركه سوى المناوشات والاشتباكات الدائرة عند خطوط التماس في الجبهات، من خلال لقاء أجراه وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وبحث على وجه الخصوص "التعاون والتنسيق بشأن خارطة الطريق بين الأطراف اليمنية، للتوصل إلى حل سياسي شامل لإنهاء الأزمة اليمنية تحت إشراف الأمم المتحدة".



يثير الاهتمام هذا المستوى المنخفض من التعاطي السعودي مع القادة اليمنيين، فقبل لقاء الأمير مع مجلس القيادة كان السفير السعودي محمد آل جابر قد وضع، في اجتماع مطول، رئيس وأعضاء المجلس أمام ما تريد السعودية إمضاءه خلال المرحلة المقبلة، ويتركز تحديداً حول تفاهمات تنهي الصفة الحربية للتدخل السعودي في اليمن وتدفع الأطراف إلى حوار تديره الأمم المتحدة، وليس له سقف زمني ولا يحتكم إلى ضوابط رادعة. وهي استراتيجية يعمل الحوثيون في الجانب الآخر على استغلالها بكل ما أوتوا من قوة وبإسناد إيراني كامل، وهم على يقين بأن هذه اللحظة ينبغي ألا ترسم فقط النهاية السعيدة للتدخل السعودي، بل ينبغي أيضاً أن تحقق نتيجة مجيدة للانقلاب الحوثي الذي يتصل اليوم بواحدة من أقدس المعارك العربية والإسلامية وهي معركة طوفان الأقصى.

يثير الاهتمام هذا المستوى المنخفض من التعاطي السعودي مع القادة اليمنيين، فقبل لقاء الأمير مع مجلس القيادة كان السفير السعودي محمد آل جابر قد وضع، في اجتماع مطول، رئيس وأعضاء المجلس أمام ما تريد السعودية إمضاءه خلال المرحلة المقبلة، ويتركز تحديداً حول تفاهمات تنهي الصفة الحربية للتدخل السعودي في اليمن وتدفع الأطراف إلى حوار تديره الأمم المتحدة، وليس له سقف زمني ولا يحتكم إلى ضوابط رادعة
بدا الحدث اليمني، على أهميته، وكأنه فقرة هامشية في "موسم الرياض" الذي احتشد فيه زعماء الدول الأفريقية والإسلامية والعربية ليحيوا بعض الفقرات السياسية، ويعقدوا اجتماعات هدف إحداها استكشاف مجال النفوذ السعودي في القارة الأفريقية، وهو جزء من طموح كبير لولي العهد السعودي لتحويل بلاده إلى محرك للسوق العالمية، فيما لم تنتج القمة العربية الإسلامية التي انعقدت في الحادي عشر من هذا الشهر وبمشاركة (57) دولة، موقفاً حاسماً ورادعاً للعدوان الصهيوني على قطاع غزة والضفة الغربية، يليق بمكانة وتأثير هذه الدول.

كما لم تنجح الرياض في استثمار ثقلها الجيوسياسي والاقتصادي والديني في إنتاج حلول حقيقية وفعالة لقضايا المنطقة، وفي المقدمة منها قضية فلسطين وحرب اليمن والأزمات المستديمة في كل من سوريا وليبيا ولبنان، بقدر ما انشغل منظموها في إبراز قدرة الرياض على تنظيم قمم بمعايير دولية، وخدمات لوجستية وفندقية ممتازة.

وفيما بدا أنه تفاعل مع التطورات التي أعلن عنها في الرياض بشأن التفاهمات اليمنية، أقر الحوثيون وعلى لسان أحد قادتهم بأن اتفاقاً مبدئياً قد تم بالفعل مع الرياض، ويتكون من شق إنساني وآخر اقتصادي، وأنه سيفضي إلى مرحلة سياسية جديدة ستحتم على اليمنيين الذهاب إلى حوار ندّي دون وصاية من أي طرف خارجي، على نحو يشي بأن جهود تنشيط محادثات السلام اليمنية تأسيساً على خطوات بناء الثقة الإنسانية والاقتصادية؛ لا تزال تعترضها عقباتٌ أهمها أن الحوثيين مصرون على الذهاب إلى هذه المحادثات بثقلهم العسكري والمادي وبمكاسبهم المعنوية الآتية من انخراطهم المثير للجدل في معركة طوفان الأقصى، وليست لديهم أية نية لتقديم تنازلات تبرهن على استعدادهم الحقيقي للقبول بإرادة الشعب اليمني.

يبدو أن موضوع صرف المرتبات بات أمراً محسوماً، وسيكون بوسع الحوثيين وبقية المليشيات التي تتقاسم، تحت رعاية التحالف، السيطرة على الجغرافيا اليمنية تأمين نفقاتها التشغيلية من المواراد السيادية، التي ستكون سيطرة السلطة الشرعية عليها سيطرة رمزية لا أكثر، فيما يندفع الجميع نحو تأسيس واقع جديد، تتعاظم فيه فرص جر البلاد إلى التقسيم وإلى المزيد من الفوضى، خصوصاً أن الالتزامات الأخرى كرفع الحصار على المدن وإعادة توحيد العملة، وتوحيد الرسوم الجمركية؛ ليس هناك ضمانات لإنفاذها، ما يعني أننا أمام تحدي الرسوخ القهري لنفوذ المليشيات وسطوتها على اليمنيين لفترة غير محددة.

ها هي السعودية تنهي هذا التدخل بنتائج تعمق أزمة اليمن وتوسع خطوط الصدع بين المشاريع السياسية المصطنعة وتطلق العنان للطموحات الطائفية لبعض أسوأ اللاعبين الداخليين، لتنصرف هي كما تزعم إلى الانشغال بطموحاتها الاقتصادية وتعزيز مكانتها الدولية، وهي لعمري وصفة تفتقد إلى الحس الاستراتيجي وترسخ الاعتقاد بطغيان الضغينة العشائرية على سلوكها السياسي كدولة
قد تبدو السعودية أكثر استعداداً من ذي قبل لنقل الملف السياسي إلى الأمم المتحدة، والتحلل من تبعات تدخلها العسكري، مع الإبقاء على قوة نفوها على الداخل اليمني الذي ستمارسه دونما حاجة إلى نوع من الالتزامات المعلنة، لكن لا يزال الحوثيون يحشرون الجانب السعودي في زاوية ضيقة من خلال إعادة فرض مسألة التعويضات، كثمنٍ مناسبٍ لتحولهم إلى مجرد وسيط في الأزمة اليمنية، وهو توجه ينطوي على قناعة بأن هذه الجماعة هي من يسيطر على اليمن المفيد وهي لهذا السبب ستكون المعنية حتماً بجلب هذه التعويضات واستخدامها وإعادة توجيهها، وليس أي طرف آخر.

لقد أحاطت السعودية تدخلها العسكري على رأس حلف عربي بقدر كبير من الغموض، ويكفي أن الحكومة الشرعية لم تكن تمتلك طيلة السنوات الماضية من زمن الحرب، ترف التأثير على حلفائها أو توجيه طاقاتهم العسكرية نحو الأهداف التي تعهدت السلطة بتحقيقها، وفي المقدمة منها دحر الانقلاب واستعادة الدولة وإعادة فرض الدستور والقانون. وها هي السعودية تنهي هذا التدخل بنتائج تعمق أزمة اليمن وتوسع خطوط الصدع بين المشاريع السياسية المصطنعة وتطلق العنان للطموحات الطائفية لبعض أسوأ اللاعبين الداخليين، لتنصرف هي كما تزعم إلى الانشغال بطموحاتها الاقتصادية وتعزيز مكانتها الدولية، وهي لعمري وصفة تفتقد إلى الحس الاستراتيجي وترسخ الاعتقاد بطغيان الضغينة العشائرية على سلوكها السياسي كدولة.

twitter.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمن السعودية الحوثيين المليشيات السعودية اليمن الحوثيين مليشيات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمم المتحدة السعودی فی

إقرأ أيضاً:

برؤية السعودية 2030.. ميلانو تستضيف منتدى الأعمال الإيطالي السعودي حول الصادرات

ناقش المنتدى التجاري السعودي الإيطالي الذي نظمته اليوم في ميلانو جمعية الشركات الإيطالية "أسولومباردا" ومجلس الأعمال السعودي الإيطالي واتحاد غرف التجارة السعودية فرص نمو التجارة الاستثمار الجديدة والالتزام المشترك برؤية السعودية 2030 

افتتحت وكيلة وزارة الخارجية ماريا تريبودي، منتدى التجارة السعودي الإيطالي نيابة عن وزير الخارجية أنطونيو تاياني، نائب رئيسة الوزراء الإيطالية.

علاقات ممتازة ومتنامية بين السعودية وإيطاليا 

 وأكدت تريبودي أن "العلاقات بين إيطاليا والمملكة العربية السعودية ممتازة ومتنامية باستمرار، مع إمكانات كبيرة لمزيد من التعزيز من حيث الاستثمارات والتجارة"، مذكّرة بأنه بفضل الزيارة الأخيرة التي قامت بها إلى العلا رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني "تم رفع العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مع التعاون المنظم في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك". 

وأكدت وكيلة الوزارة أيضًا أن "الحكومة الإيطالية ملتزمة بقوة بدعم تدويل شركاتنا"، من خلال خطة التصدير الجديدة، والتي "تلعب المملكة العربية السعودية دورًا رائدًا فيها". وفي الواقع، من المتوقع أن تتجاوز الصادرات الإيطالية إلى المملكة 6 مليارات يورو في عام 2024، بزيادة قدرها 27,9 في المائة مقارنة بالعام السابق.

شراكات دولية

وأثناء الفعاليات، أكدت فيرونيكا سكوينزي نائبة رئيس جمعية رجال الأعمال الإيطاليين، على "الفرص التي ظهرت بعد زيارة الرئيسة ميلوني إلى المملكة العربية السعودية"، مشيرة إلى أن "هذه التطورات تسلط الضوء على إمكانات الشركات الإيطالية للمساهمة في رؤية السعودية 2030، وتحويل اقتصاد المملكة وتطوير قطاعات رئيسية مثل الرعاية الصحية والسياحة والتعليم والرياضة".

وأكدت سكوينزي على دور جمعية أسولومباردا ونظام الاتحاد العام الإيطالي للصناعات (كونفيندوستريا) في "تسهيل إنشاء شراكات دولية" من خلال شبكة موحدة من العلاقات الاقتصادية والمؤسسية. 

وبحسب بيانات نشرتها جمعية "أسولومباردا"، بلغت قيمة الصادرات الإيطالية إلى السعودية 6,2 مليار يورو في عام 2024، منها ملياران من لومباردي وحدها. وشهدت صادرات لومباردي إلى المملكة نمواً بنسبة 95 بالمئة بين عامي 2021 و2024، مدفوعة بشكل رئيسي بالقطاع الميكانيكي والمعادن.

فرص استثمارية "هائلة"

وفي رسالة فيديو إلى المنتدى، أكد الرئيس التنفيذي لصندوق الودائع والقروض داريو سكانبيكو أن إيطاليا تعد حاليا "سادس أكبر مورد للمملكة العربية السعودية" وأن هناك "فرصا استثمارية هائلة لمجتمعي الأعمال في كلا البلدين". 

وأشار سكانابيكو إلى أن صندوق الودائع والقروض مستعد "لتقديم تمويل متوسط الطول لصالح المشترين السعوديين" ووصف الشركاء السعوديين بأنهم "حلفاء رئيسيون لتسريع التحول الأخضر وتعزيز المرونة الاقتصادية وتعزيز تنمية القطاع الخاص في أفريقيا". كما تم إيلاء اهتمام خاص للقطاع الصناعي.

تعاون قائم على 3 ركائز

وأوضح بياجيو مازوتا رئيس مجلس إدارة شركة فينكانتيري أن التزام المجموعة تجاه المملكة العربية السعودية يرتكز على ثلاثة ركائز أساسية هي: "الاستثمار في النمو المتبادل، والشراكة الاستراتيجية والتوطين، والابتكار والاستدامة". وبحسب مازوتا، فإن "التحول الرقمي وتبني التقنيات المتقدمة أمران ضروريان للقدرة التنافسية والامتثال البيئي"، وهي المجالات التي تعتزم فينكانتيري أن تلعب فيها دوراً رائداً في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.

كما أكد وكيل وزارة الخارجية جورج سيلي اهتمام إيطاليا القوي بدعم مسار التنوع الاقتصادي في المملكة، مضيفًا: "نرى إمكانات كبيرة في استراتيجية التنمية في المملكة العربية السعودية، التي تركز على الاستدامة والطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والبنية التحتية المتقدمة".

وبحسب سيلي، فإن مشاريع الطاقة المستقبلية مثل نيوم لا تعمل على إعادة تشكيل المنطقة فحسب، بل إنها تضع معايير عالمية جديدة للابتكار والمسؤولية البيئية. وأكد وكيل الوزارة أن "هذه رحلة ترغب إيطاليا في أن تكون جزءًا منها كشريك استراتيجي". 

وأشار سيلي إلى أن إيطاليا مستثمر ملتزم وتساهم بشكل فعال في الرؤية السعودية، التي تهدف إلى بناء اقتصاد عالمي أكثر ترابطًا ومرونة وتوجهًا نحو المستقبل. واختتم حديثه قائلاً: "نحن مستعدون للمساهمة بشكل كبير في تحقيق الأهداف التي حددتها المملكة".

مكتب للبعثات التجارية

في غضون ذلك، افتتح السفير الإيطالي لدى المملكة العربية السعودية، روبرتو بالدوتشي مكتباً في مركز التأشيرة الإيطالية بالرياض مخصصاً لجميع البعثات التجارية التابعة للاتحاد السعودي للغرف التجارية والصناعية وأعضائه في إيطاليا، بحسب مذكرة رسمية للسفارة الإيطالية في الرياض، نشرتها وكالة نوفا.

ومن المقرر افتتاح مكاتب مماثلة مخصصة للاتحاد السعودي بحلول شهر مايو في جدة والدمام في يونيو، في مراكز التأشيرات الإيطالية المعنية. 

وصرّح الدبلوماسي الإيطالي أن "هذه خطوة مهمة، من شأنها أن تُسهم بشكل متزايد في تعزيز العلاقات المتميزة بين قطاع الأعمال الإيطالي والسعودي، لا سيما في إطار الشراكة الاستراتيجية. إنها بادرة ملموسة تهدف إلى مواكبة توسيع التبادلات الاقتصادية والتجارية بين إيطاليا والمملكة العربية السعودية، في أعقاب الاهتمام المتزايد الذي تبلور أيضًا عقب زيارة رئيس الوزراء والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى استراتيجي. سيحظى رجال وسيدات الأعمال في الاتحاد بفرصة سريعة للقدوم إلى إيطاليا، لأن هذه هي الرسالة التي ننوي إيصالها تحديدًا: علينا أن نتحرك".

طباعة شارك المنتدى التجاري السعودي أخبار السعودية رؤية السعودية

مقالات مشابهة

  • مجلس التعاون يُجدد موقفه الداعم لوحدة اليمن وجهود الحل السياسي
  • من هم الذين ستطالهم “العقوبات السعودية” في موسم الحج هذا العام 
  • السعودية تفرض عقوبات قاسية على المخالفين في موسم الحج
  • جيسوس يعلن نهاية موسم نجم الهلال السعودي رسميا
  • برؤية السعودية 2030.. ميلانو تستضيف منتدى الأعمال الإيطالي السعودي حول الصادرات
  • انطلاق أعمال الملتقى الصناعي السعودي المصري في الرياض
  • ترتيبات مع طيران اليمنية لنقل حجاج اليمن بما في ذلك وضع تسعيرة مناسبة للتذاكر
  • مسرحية " ألف تيتة وتيتة" لأكرم حسني في جدة بعد نجاح ساحق بموسم الرياض
  • بعد النجاح بموسم الرياض.. مسرحية ألف تيتة وتيتة لأكرم حسني في جدة
  • علامة HONOR في السعودية توسع وجودها في المملكة من خلال متجرها الراقي الجديد في الرياض