كيف وافق نتانياهو على صفقة تبادل الأسرى؟
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
تشعر عشرات العائلات الإسرائيلية بالفرح والبهجة مطلع هذا الأسبوع، في تطغى المرارة على أخرى. وسيشعر ببنيامين نتانياهو بأحاسيس متفاوتة، إذ سيود اعتقاد أنه سينسب الفضل لنفسه في عودة 50 رهينة إلى عائلاتهم، لكنه لن يفعل لأن صفقة تبادل الأسرى لم تحظَ بتأييد بعض ناخبي حزبه اليميني.
وستختلط قصص الإسرائيليين الفرحين بعودتهم بقصص المعاناة التي عاشوها وبقيت دليلاً على الفشل الأمن لنتانياهو، حسب غريغ كارلستروم، مراسل "إيكونوميست" في الشرق الأوسط ومؤلف كتاب "إلى متى ستصمد إسرائيل؟"نتنياهو وهوس السلطة
وقال كارلستروم في موقع "UnHerd" البريطاني: "هناك ثابتتان طيلة الفترة التي شغلَ فيها نتنياهو منصبه، وهما تردده الشهير، خاصةً في الشؤون العسكرية والأمنية، وهوسه بالبقاء في السلطة".
وبرز الأمران في التعامل مع دبلوماسية الرهائن، والحرب في غزة عموماً. فقد بدأ الاتفاق بين إسرائيل وحماس صباح الجمعة بهدنةٍ لمدة أربعة أيام. واتُّفِقَ على أن تطلق حماس بعد ظهر كل يوم 10 رهائن. وفي مقابل كل رهينة إسرائيلية، تطلق إسرائيل سراح 3 فلسطينيين من سجونها.
وبعد الاتفاق الأول الذي سيستمر 4 أيام، يصبح لحماس خيار إطلاق سراح أسرى إضافيين. وعن 10 أسرى تحررهم حماس تمدد الهدنة 24 ساعة.
Netanyahu wasn't in favor of the hostage deal. Until he was. The Israeli prime minister is notoriously indecisive even at the best of times, and now he presides over an unprecedented, fateful situation at a time when he is consumed with political survival. https://t.co/nDxzN4Kfpu
— Gregg Carlstrom (@glcarlstrom) November 25, 2023استغرق الأمر أسابيع من المفاوضات وصولاً إلى هذه المرحلة. في البداية، اقترحَ قادة حماس صفقة مبادلة الأسرى الإسرائيليين بالأسرى الفلسطينيين جميعاً، عددهم قبل الحرب كاننحو 5200 أسير. وفي 20 أكتوبر(تشرين الأول)، أفرجت حماس عن أمٍ وابنتها تحملان الجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية بضغط من أمريكا على قطر. وبعد ثلاثة أيام، أفرجت عن إسرائيليتين مسنتين في بادرةٍ إنسانية منها.
وبعد ذلك شنت إسرائيل هجومها البري، وتبدلت المفاوضات، فبدل صفقة "الكل مقابل الكل"، أرادت حماس مقايضة الرهائن بهدنة. وتقبلت إسرائيل الفكرة، لكن شرط الإفراج عن 100 رهينة على الأقل.
وأراد يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، الإفراج عن عددٍ أقل، ورفض المقترح، فوقعت خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية.
وأراد عضوان وسطيان في الحكومة، بيني غانتس، وغادي غزينكوت، مواصلة التفاوض على عددٍ أقل من الرهائن، وكذلك فعل رئيس الموساد ديفيد برنيع.
وعلى الجانب الآخر، عارضَ يوآف غالانت، وزير الدفاع، وقادة الجيش، والشاباك مواصلة المفاوضات، ونزعوا إلى مواصلة الأعمال القتالية، زعماً منهم أن الحملة العسكرية ستعزز موقفهم على طاولة المفاوضات.
أما نتانياهو، فقرر ألّ يتخذ قراراً. فقد كان هناك اتفاق مماثل على الطاولة في الأسبوع الماضي، لكن رئيس الوزراء قرر ألا يطرحه للتصويت في مجلس الوزراء. ولم يتغير الموقف إلا بعد الضغوط الأمريكية وضغوط بعض عائلات الأسرى.
انتقدت تلك العائلات منذ البداية قلة اكتراث حكومة نتانياهو. فالأماكن التي تعرضت للهجوم في 7 أكتوبر ليست موطناً لكثير من ناخبي نتانياهو. ورغم أن الكيبوتسات لم تَعدُ معاقل اشتراكية كما في الماضي، لكنها لا تزال تميل إلى اليسار. وحصل حزب الليكود في قرية ناحال عوز على حدود غزة، على 10% فقط من أصوات المقترعين في انتخابات العام الماضي.
عندما زار بايدن إسرائيل في الشهر الماضي، تعجب بعض الإسرائيليين من المشهد. فقد قطعَ رئيس أمريكي مُسن مسافةً كبيرة، وأبدى تعاطفاً مع عائلات الرهائن، أكثر من رئيس وزرائهم.
وبدا منسق صفقة تبادل الرهائن الذي عينه نتانياهو، غال هيرش، وهو جنرال في الجيش أُجبرَ على الاستقالة في 2006 لإخفاقاته في الحرب على لبنان، صلباً أكثر من بايدن.
ولم يؤهله شيء للمنصب سوى عضويته في الليكود وصداقته مع نتنياهو. وفي اجتماع مع دبلوماسيين أجانب في الشهر الماضي، وبخهم لدعمهم اتفاقات أوسلو، واتهمهم بالتواطؤ مع حماس صارخاً بأعلى صوته
ولذلك، لم تكن لعائلات الأسرى الإسرائيليين حيلة إلا الضغط على المسؤولين والقادة الأجانب. جنّدت تلك العائلات ديفيد ميدان، الضابط السابق في الموساد الذي تفاوض على صفقة الرهائن مع حماس في 2011، مُستشاراً غير رسمي، ونظمت مسيرات احتجاج في تل أبيب والقدس للضغط على الحكومة.
وتردد نتانياهو أيضاً في الموافقة على هجومٍ بري، رغم أن الجيش استدعى 360 ألف جندي احتياط، ما أدى إلى تعطل الاقتصاد الإسرائيلي. وانتظر هؤلاء الجنود على حدود غزة أياماً، حتى أن الضباط تذمروا لأنهم لا يستطيعون إبقاء الجنود في حالة تأهب قصوى فترةٍ أطول، فأجابهم مُعسكر نتانياهو بأن الجيش يود بذلك إلقاء الجنود في أتون معارك حرب الشوارع، قبل أن يتمكن سلاح الجو من دك شمال غزة. والرسالة المبطنة في هذا الرد، هي أن نتانياهو يهتم بحياة الجنود، على عكس جنرالات الجيش. تراجع شعبية نتنياهو
غير أن الجمهور الإسرائيلي لم يقتنع بهذه الحجة. ففي استطلاع للآراء للمعهد الإسرائيلي للديموقراطية، جاء أن 55% من الإسرائيليين يثقون في إدارة الجيش، لا نتنياهو، للحرب، فيما صرحَ 7% فقط بتأييدهم لإدارة نتانياهو لدفة الأمور.
وقال الكاتب: "من الصعب أن نرى كيف سينجو نتانياهو في الانتخابات المقبلة. فبعد عام من الاضطرابات السياسية بسبب جهوده المثيرة للجدل لعرقلة المحكمة العليا، أظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "معاريف" الجمعة، أن حزب الليكود سيفوز بـ 18 مقعداً فقط، متراجعاً 32 مقعداً عن انتخابات العام الماضي".
ومن ناحية أخرى، ستزيد حصة حزب غانتس من يمين الوسط من 12 إلى 43 مقعداً. قد تبدو النتيجة النهائية مختلفة، وقد ينتهي الأمر بتصويت بعض الإسرائيلين لمرشحين آخرين مثل نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الأسبق. إذ لا أحد يستطيع التنبؤ بمزاج الناخبين في المستقبل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
لابيد وليبرمان يهاجمان نتنياهو: حكومته غير شرعية ويحاول إفشال صفقة التبادل
شن زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" هجوما على بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، واتهماه بتعطيل صفقة تبادل الأسرى لأهداف شخصية.
وقال لابيد، الأحد، إن نتنياهو يخشى سقوط حكومته حال انتهاء حرب غزة لأن اعتباراته سياسية، ولا يكترث بشأن "الرهائن"، في إشارة إلى الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.
وقال لابيد: "لا يوجد ما نفعله في غزة أكثر ويجب وقف الحرب وإعادة الرهائن، يجب إعادة مخطوفينا من غزة وليس إجراء لقاءات صحفية لتخريب إمكانية التوصل لصفقة". وفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية.
بدوره، هاجم أفيغدور ليبرمان؛ نتنياهو واتهمه بالتصرف لضمان الحفاظ على ائتلافه الحكومي دون الاكتراث بـ"الرهائن".
ونقلت "معاريف" عن ليبرمان قوله: "الحكومة التي تروج للتهرب من الخدمة العسكرية وتعارض إنشاء لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر هي غير شرعية".
هل الصفقة وشيكة؟
مع تزايد الأحاديث الإسرائيلية عن قرب إبرام صفقة التبادل مع حماس، قدرت مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات أن الصفقة أصبحت قريبة، ورغم بقاء جدل بين الطرفين حول هوية الأسرى وعددهم، فإن هناك اتفاقا على إطلاق سراح النساء والأطفال والمسنّين، ويبقى الآن تحديد عدد الشباب الذين سيتم تعريفهم بأنهم مرضى، مع خلافات أخرى حول هوية الأسرى الفلسطينيين الكبار الذين سيضطر الاحتلال لإطلاق سراحهم، وأين سيتم نقلهم.
ونقل رونين بيرغمان، خبير الشؤون الاستخبارية بصحيفة يديعوت أحرونوت، عن مسؤول إسرائيلي كبير مطلع على مفاوضات صفقة التبادل مع حماس، قوله إن "الجانبين أقرب من أي وقت مضى للاتفاق، لأن كليهما يتصرف بموجب موعد نهائي، وهو دخول الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض، ما يعني أن القاسم المشترك لجميع الأطراف المعنية هو أن الوقت قد حان، ويجب أن ينتهي".
وأضاف في مقال بيديعوت أحرنوت، ترجمته "عربي21"، أنه "رغم هذه التفاهمات، فلا تزال خلافات صعبة تتعلق بشكل رئيسي بهوية المختطفين، وعددهم لدى حماس، والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ما يجعل التوقعات تتجاوز الأيام، إلى بضعة أسابيع على الأقل، وعند التوقيع على الصفقة، سيقول كل جانب إن الآخر تراجع، مع أنه ينبغي التذكير بأنهما كانا قريبين للغاية من التوصل لاتفاق محتمل في 3 يوليو الماضي عند تسليم الخطوط العريضة المقدمة من قطر".
وأوضح أن "التغيرات الإقليمية اليوم، وعزلة حماس، والصعود المرتقب لترامب، كلها تطورات غيّرت الوضع، بجانب تعرّض قيادة حماس لضغوط قطر ومصر، ما يدفع الحركة للحديث عن تخفيف الضغوط الدولية عليها، وبالتالي أن تتحلى بالمرونة، تمهيدا لوقف إطلاق النار المستدام، والتوقيع على الجزء الثاني من الصفقة، فيما النقاش الجوهري المعقد للغاية يتعلق بالأسرى الفلسطينيين، وفئات المفرج عنهم".
كما كشف أن "رئيس جهاز الشاباك رونان بار، المسؤول بنفسه عن قنوات الاتصال للمفاوضات، ينخرط منذ أسابيع في تحليل وإعداد قوائم الأسرى الفلسطينيين المحتملين للإفراج عنهم، فيما تُعرب مختلف أجهزة الأمن عن رأيها بشأن خطورة الأمر، ويبقى السؤال عن تواجدهم بعد إطلاق سراحهم، سواء بقاؤهم في الضفة الغربية، أو منطقة أخرى، مع احتفاظ الاحتلال بحق النقض تجاه عدد معين من كبار الأسرى، مع العلم أن نظرة للوراء تشير إلى أن الاحتلال وافق على إطلاق سراح أسرى "أيديهم ملطخة بالدماء"، وفق التعريف الإسرائيلي".
وختم قائلا، إن "الصياغة الغامضة المتعمدة في مسودة الاتفاق المتبلور حالياً، يشير لرغبة جميع الأطراف في المضي قدمًا، ما قد يجلب إمكانية التغيير في الصفقة نفسها".