الكنيسة تبدأ صوم الميلاد المجيد
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
طقوس الأقباط فى استقبال ذكرى ميلاد السيد المسيح
أحداث تاريخية وراء صوم 43 يوماً
أسباب عقائدية فى تناول «الأسماك» أثناء الصوم
تبدأ الكنيسة الأرثوذكسية اليوم الأحد، فعاليات صوم الميلاد المجيد، إحدى أبرز الفترات الروحية التى يعيشها الأقباط خلال العام ويستغرق 43 يوماً، ويُمتنع فيه عن تناول اللحوم والألبان وتشهد الكثير من المراسم الخاصة التى تعكس مدى سعادة وفرحة الكنائس بذكرى مولد مخلص الأمة وتستمر حتى 7 يناير وقت احتفالية عيد الميلاد حسب التقويم القبطى.
كغيرها من المناسبات الروحية التى تحتفل بها الكنائس القبطية، وتشهد طقوساً خاصة ومذاقاً متفرداً عن غيرها من ذات المذاهب والطوائف المختلفة التى قد بدأت صومها فى هذه المناسبة قبل أسبوع، كما تحتفل بعيد الميلاد قبل أسبوع من احتفال الكنيسة المصرية حسب حسابات خاصة تعود لأسباب جغرافية واختلاف التوقيت بين كنائس الشرق والغرب.
يبدأ الأقباط صوم الميلاد هذا العام الذى جاء بتاريخ 26 نوفمبر لأسباب تُلقبها الكنيسة بأنها «سنة كبيسة» لذا تأخر بدء الصوم عن كل عام يوماً ليصبح 16 هاتور حسب التقويم القبطى.
ويُعد أحد أصوام الدرجة الثانية وهو ترتيب تضعه الكنيسة المصرية تقسم فيه العبادات والممارسات الدينية بالدرجات وتنسب أى مناسبة إلى السيد المسيح للدرجة الأولى السيدية، أما المناسبات التى سبقته أو غير مرتبطة بصورة مباشرة تُوضع فى الدرجة الثانية.
أسباب صوم الأقباط 43 يوماً
تُرجع مصادر التاريخ المسيحى هذه المناسبة إلى ما قبل ميلاد السيد المسيح، وتعود إلى نبى الله موسى، إذ كان عليه السلام يصوم 40 يوماً كما ورد فى سفر (خر 18: 24) وهو ينسب إلى فترة تسليم لوح الحجر لكلمة الله، وكان هذا الطقس يعرف حينها قبل مجىء يسوع المسيح، ومع مرور العصور واتباع الكثير لمخلص الأمة أضافت الكنيسة 3 أيام فيما بعد إلى الصوم وهى فترة معجزة نقل جبل المقطم فى عهد القديس سمعان الخراز، وهو أحد قديسى الكنيسة القبطية الذى كان يقطن منطقة بابليون «مصر القديمة حالياً»، وكان حينئذ الأنبا إبرآم السريانى بابا الكنيسة المرقسية الـ62 من بابوات البطريركية القبطية، وتزامنت هذه الفترة مع دخول الدولة الفاطمية، ومنذ هذه الواقعة أصبح الصوم 43 يوماً.
أسباب اختلاف الطوائف المسيحية
على الرغم من اختلاف المذاهب المسيحية فى العديد من الطقوس لأسباب متنوعة إلا أنهم يتحدون فى الكثير من المناسبات الروحية التى يكون فيها المسيح أساسها ويكون ترابطهم كالأعضاء فى جسد المسيح، حسبما يقول المعلم بولس الرسول «أنتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَاداً» (١كو ١٢: ٢٧)، وفى رسالة أفسس أيضاً (أف ٥: ٣٠)، ويكمن السبب وراء اختلافات الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية فى موعد بدء الصوم والفترات المتبعة إلا أنهم يختمون الصوم باحتفالية مولد المسيح وظهور مُخلص الأمة من الاضطهاد والظلم السائد فى المجتمعات اليهودية آنذاك.
الصوم بالكنائس القبطية
وتحتضن الكنائس خلال فترات الصوم فعاليات متنوعة ونهضة روحية خاصة تضم إقامة القداسات الإلهية والتسابيح وصلوات باكر وعشية بالعظات والدروس.
أطعمة يمتنع الأقباط عن تناولها
يمتنع الأقباط خلال صوم الميلاد عن تناول اللحوم والألبان ويُسمح فيه بتناول الأطعمة النباتية والأسماك والمأكولات البحرية، ما عدا يومى الأربعاء والجمعة اللذين يمتنع خلالهما الصائمون عن الأسماك أيضاً، على خلاف الصوم الكبير باعتباره يعد صوماً من أصوام الدرجة الأولى وينتهى بعيد القيامة، وخلاله يمتنع فيه تناول الأسماك تماماً.
ويذكر التاريخ المسيحى أن الكنيسة لم تكن تسمح بتناول الأسماك إلا بعد فترات طويلة فسمحت بتناولها خلال أصوام الدرجة الثانية فقط لعدة أسباب من بينها هدف التخفيف عن الأقباط بسبب كثرة أيام الصوم واحتياجهم للبروتين الحيوانى.
تتعدد فوائد الصيام فى مختلف الجوانب باعتباره وسيلة تهذيب النفس ودليلاً إيمانياً يعكس تقدير الإنسان لنعم الله كما يعتبر بمثابة درس روحى يُعلم الإنسان كيفية التأدب مع الفقراء والشعور بحاجتهم، كما يعتبر خطوة فى سبيل التوبة، كما ورد فى بعض الكتب الإيمانية حول توبة أهل نينوى الذين عادوا من حياة الشر، عن طريق العبور فى طريق التوبة بصوم ونسك شديدين حتى تاب عليهم الله.
أسباب روحية وراء تفضيل «الأسماك» فى الصوم
يعثر الكثير من باحثى الشئون الدينية عن أسباب علمية وأخرى روحية وراء تناول الأسماك فى صوم الميلاد، ويرجعها، حسبما ذكرت الكتب القبطية، إلى المعنى الجوهرى واللغوى فى اللغة اليونانية التى تعرف بـ«أخسوس» وهى تجمع حروف (ايسوس وبخرستوس ثيؤس ايوس سوتير) وتعنى يسوع المخلص، كما اشتهر رمز «الأسماك» فى العديد من المراجع المسيحية التى تعود إلى القرون الأولى باعتبارها علامة تمكنهم من معرفة وتحديد بعضهم البعض وما زالت علامة مجلس كنائس الشرق الأوسط حتى الآن.
وتعتبر أيضاً حسب المفاهيم المسيحية من «أنقى» الكائنات الحية، وتتمتع بخصوصية كبيرة كما ذكر فى عدة مرات عن معجزات السيد المسيح ولعل أبرزها ما يعرف بـ«معجزة صيد السمك مع بطرس وإشباع الجموع».
ومن جانب آخر يفسر الأقباط «السمك» أنه نوع اللحوم الوحيد الذى ذكرته الكتب المقدسة وتناولها المسيح فى العديد من المواقف، كما يحمل قيمة غذائية ومتعدد الفوائد المشبعة والمفيدة فى آن واحد.
ألقاب عرفها الأقباط
عادة ما تعرف هذه الفترة بـ«صوم الميلاد» بسبب اقترانه بمولد المسيح ولكنه يتخذ أيضاً عدة ألقاب كنسية وهى «الصوم الصغير» وهو أحد فترات الصيام فى الديانة المسيحية يعتبره الكثير فترة تجهيز وتنقيه للنفس.
صوم الميلاد فى العصور المسيحية الأولى
لم تذكر الكنيسة القبطية أى مصدر تاريخى حول اتباع المسيحيين الأوائل طقس الصوم السابق لعيد الميلاد، إلا أن ما تم العثور عليه من مراجع أظهرت وجوده بين القرن الرابع والقرن السادس الميلادى، ثم بدأ فى الانتشار والحديث عن صوم يسبق الاحتفال بمولد المسيح، وقد كانت مدته أربعين يوما، ويعرف بـ«أربعينية الميلاد» ويكون الصوم فيه ثلاثة أيام فى الأسبوع منقطعين عن الطعام خلال أيام الاثنين والأربعاء والجمعة.
واستمر على هذا المنوال لعصور بعد ارتفاع أصوات المؤمنين فى أوروبا فقررت الكنائس الغربية الصوم، أما عن نظيرتها الشرقية فلم تتبع هذا الطقس وفرضه كونه صوماً أساسياً إلا فى عهد البابا خريستوذولس البطريرك الـ66 من بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حيث وضعه فى قوانينه التى حدد بها الأصوام المفروضة، ونظراً لعدد من الأحداث التاريخية التى تناول خلالها البطاركة مدة هذا الصوم التى بدأت فى أول الأمر 28 يوماً حتى وصلت إلى 43 يوماً.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صوم الميلاد المجيد التقويم القبطى السيد المسيح السید المسیح صوم المیلاد
إقرأ أيضاً:
"إخفاقات يسوع".. كتاب يعرض وجهات نظر جديدة وغير تقليدية عن حياة المسيح وتعاليمه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهد دير الآباء الدومنيكان حفل توقيع كتاب “إخفاقات يسوع” للأب جون نيكولا درويل، الكتاب أثار الكثير من الجدل والاهتمام، يعرض وجهات نظر جديدة وغير تقليدية عن حياة المسيح وتعاليمه، وبحث في نقاط قد تُعتبر “إخفاقات” في مسار حياته، مما يثير تساؤلات حول التفسير التقليدي للشخصية الدينية الأكثر تأثيرًا في التاريخ.
وتناول الأب درويل في كتابه عدداً من الحوادث والتحديات التي واجهها المسيح خلال حياته على الأرض، ويناقش كيف أن هذه “الإخفاقات” لا تضعف من رسالته، بل قد تُعزز من إنسانيتها وواقعيّتها.
وسلط الضوء على مفاهيم مثل الفشل، التضحية، والإحباط، التي قد تكون جزءًا من التجربة الإنسانية الكبرى التي عاشها المسيح، وهذا ما يعكس العمق الروحي والفكري الذي قد يعيد النظر في بعض المفاهيم التقليدية حول شخصية يسوع.
حفل التوقيع كان فرصة لمناقشة الأفكار التي يتناولها الكتاب، والتي ستُثير بلا شك حوارًا بين الحضور حول العلاقة بين الدين والفلسفة، وكيفية فهم تجارب المسيح في سياق العصر الحالي.
وحضر هذا الحدث مجموعة من المهتمين بالدراسات الدينية والفلسفية، وكذلك الباحثون والمثقفون الذين يبحثون في العلاقة بين الإيمان والعقل.
الكتاب يعد إضافة مثيرة في عالم الأدب الديني، ويهدف إلى تحفيز قراءه على إعادة التفكير في بعض من أعمق قضايا الإيمان المسيحي، ويدعوهم لتطوير فهم أوسع وأكثر شمولية لشخصية يسوع.
تحليل عميق
كتاب “إخفاقات يسوع” للأب جون نيكولا درويل عملاً فكريًا وجريئًا يسعى إلى إعادة النظر في التصورات التقليدية عن حياة يسوع المسيح. في هذا الكتاب، يتناول الأب درويل مفهوم الإخفاقات التي قد ترافق حياة المسيح بحسب بعض القراءات التاريخية والدينية، في محاولة لتقديم تأملات جديدة حول معاني الفشل والتحديات التي مر بها يسوع.
بين الإيمان والواقع
يعرض الكتاب تساؤلات حيوية حول صورة يسوع التي يتم تداولها في الثقافة الدينية التقليدية وفي العديد من التقاليد المسيحية، يُعتبر يسوع مثالاً للكمال الإلهي، الشخص الذي لم يخطئ ولم يعاني من الفشل. لكن الأب درويل يتحدى هذه الفكرة ويقول إن بعض التجارب التي مر بها يسوع قد تبدو كإخفاقات من منظور بشري، مثل اللحظات التي اختبر فيها العزلة، الخيانة، والهزيمة الظاهرة في محطات من حياته، مثل خيانة يهوذا، ورفض الشعب له، وصلبه.
الرؤية الفلسفية
من خلال تأملاته العميقة، يعيد الأب درويل التفكير في مفهوم الفشل كجزء من التجربة البشرية ويطرح الكتاب فكرة أن إخفاقات يسوع ليست ناتجة عن خطأ أو قصور، بل هي جزء من رسالته الإنسانية، التي تهدف إلى تقديم نموذج عن الصبر والتضحية والتواضع. من خلال تعرضه لهذه “الإخفاقات”، يظهر الكتاب كيف أن يسوع لم يكن مجرد شخصية مثالية محصنة ضد الألم والمعاناة، بل كان بشريًا مثلنا، يواجه التحديات والظروف الصعبة.
إخفاقات أم دروس؟
على الرغم من أن الكتاب يناقش إخفاقات يسوع، إلا أنه لا يعرضها من زاوية سلبية، بل على العكس، يعيد تفسيرها كدروس روحية. يعتقد الأب درويل أن هذه “الإخفاقات” تساهم في تقديم صورة أكثر واقعية عن الإيمان المسيحي، وتساعد على فهم أعمق للطبيعة الإلهية والإنسانية معًا. يسعى الكتاب إلى تقديم رسالة مفادها أن الفشل في بعض الأحيان ليس نهاية، بل بداية لفهم أعمق عن الحياة والإيمان، ويُظهر كيف أن إخفاقات يسوع لم تمنع رسالته من أن تكون أكثر تأثيرًا في العالم.
محطات رئيسية
خيانة يهوذا: ينظر الكتاب إلى هذه الخيانة ليس فقط كحادثة تاريخية بل كنموذج لكيفية التعامل مع الخيانة والغدر، وكيف أن يسوع قبل بها كجزء من خطته الإلهية.
صلب يسوع: يعرض الكتاب فكرة أن الصلب قد يُفهم كإخفاق في تحقيق العدالة على الأرض، ولكنه في الوقت نفسه كان خطوة نحو الخلاص والفداء للبشرية.
رفض الشعب
يناقش كيف أن رفض الشعب لرسالة يسوع قد يبدو فشلًا على مستوى بشري، لكنه في حقيقة الأمر كان جزءًا من تحقيق النبوات وتجسيد إرادة الله.
اللحظات الإنسانية الضعيفة يتناول الكتاب المواقف التي أظهر فيها يسوع مشاعر من الحزن والتعب، مثل صلاته في بستان جثسيماني، التي توضح الصراع الداخلي بين الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية.
تحدي التقليد الديني
يُعد الكتاب بمثابة دعوة لتحدي المفاهيم السائدة في الفكر المسيحي التقليدي التي تصور يسوع ككائن مثالي خالي من العيوب. ويؤكد الأب درويل على أهمية الاعتراف بالجوانب الإنسانية للمسيح، وهو ما يسهم في تعزيز العلاقة الشخصية مع الإيمان. إن الكتاب يسعى إلى جعل القارئ يرى في يسوع شخصًا يمكنه أن يتعامل مع تحديات الحياة، بما في ذلك الفشل والألم، مما يجعله أكثر قربًا من البشر.
من خلال “إخفاقات يسوع”، قدم الأب جون نيكولا درويل رؤية جديدة ومعمقة لشخصية يسوع من خلال عدسة إنسانية وفلسفية. الكتاب لا يهدف إلى التقليل من مكانة يسوع الدينية، بل إلى إظهار كيف أن تجاربه الإنسانية، بما في ذلك لحظات الإخفاق، تشكل جزءًا لا يتجزأ من رسالته وقوته الروحية. بتقديم هذا التفسير المبتكر، يدعو الكتاب القراء إلى إعادة تقييم رؤيتهم عن الإيمان والتجربة الإنسانية، والتفكير في كيفية تأثير هذه الإخفاقات على حياتنا اليومية وفهمنا للعلاقات الإنسانية والإلهية.
والجدير ان الأب جون نيكولا درويل باحث وكاتب مسيحي ذو اهتمامات فلسفية ودينية عميقة، وقد كتب العديد من الأعمال التي تتناول قضايا الإيمان، والروحانية، والإنسانية، والطبيعة الإلهية. يجمع بين التحليل اللاهوتي والفلسفي، ويعتمد على منهج نقدي يحاول التفاعل مع المفاهيم الدينية التقليدية في ضوء الأسئلة المعاصرة.
أبرز أعمال الأب جون نيكولا درويل
إخفاقات يسوع
كما تم ذكره سابقًا، يُعد كتاب “إخفاقات يسوع” من أهم أعمال الأب درويل، حيث يطرح تساؤلات فلسفية ودينية حول جوانب من حياة المسيح قد يُنظر إليها على أنها إخفاقات من منظور بشري. هذا الكتاب يعكس منهج الأب درويل في التعامل مع النصوص الدينية بحذر وتأمل، دون الانسياق بسهولة وراء التفسير التقليدي. ينطلق من فكرة أن الإيمان المسيحي يجب أن يتعامل مع الواقع البشري بكافة تعقيداته، بما في ذلك الفشل والألم.
التجربة الإلهية: بين الروح والمادة”:
في هذا الكتاب، يتناول الأب درويل التوتر بين الروح والمادة في الحياة الدينية، مُستعرضًا التحديات الفلسفية التي يواجهها المؤمنون في التعامل مع هذا التناقض. يُعتبر الكتاب دعوة للتفكير في دور الروحانية في عالم يتزايد فيه الاهتمام بالماديات والتكنولوجيا. يعرض درويل كيف يمكن للروحانية أن تظل قوية ومؤثرة في العصر الحديث، دون أن تصبح منفصلة عن الواقع المادي.
الصلاة والفكر: تأملات في حياة الصلاة المسيحية”:
هذا الكتاب يعد إضافة قيمة في مجال الفكر الروحي المسيحي، حيث يستعرض فيه الأب درويل التأملات الفلسفية حول الصلاة وأثرها العميق على الروح البشرية. كما يشرح العلاقة بين العقل والإيمان، ويطرح تساؤلات حول كيف يمكن للصلاة أن تكون وسيلة للتواصل مع الله بطرق عقلانية وفلسفية. الكتاب يوجه انتقادًا للأشكال السطحية للصلاة ويشجع على عمق التجربة الروحية.
العدالة الإلهية والمأساة البشرية”:
يناقش الأب درويل في هذا الكتاب موضوعات العدالة الإلهية والمأساة البشرية من منظور لاهوتي وفلسفي. يسعى إلى فهم العلاقة بين المعاناة البشرية والمفاهيم الدينية للعدالة، ويعرض أسئلة تتعلق بكيفية تفسير الفشل والمصاعب في الحياة من خلال منظور إيماني. يبحث الكتاب في إشكالية الظلم والموت في العالم، وكيف يمكن للإيمان أن يظل ثابتًا في مواجهة هذه الأسئلة الكبرى.
الحرية والمصير: دراسة في علاقة الإنسان بالإرادة الإلهية”:
يعتبر هذا العمل تحليلًا معمقًا لمسألة الحرية البشرية مقابل الإرادة الإلهية. يناقش الأب درويل كيف يمكن للإنسان أن يظل حرًا في اختياراته في ظل الإرادة الإلهية التي تحدد مصير البشر، وهل هناك تعارض بين الاثنين. يهدف الكتاب إلى تقديم رؤية متوازنة حول مفهوم الحرية، وكيف أن الإنسان مطالب بالمسئولية في قراراته، رغم وجود خطة إلهية كبرى.
المسيح والتجربة الإنسانية: قراءة جديدة في الكتاب المقدس”:
في هذا الكتاب، يقدم الأب درويل تفسيرًا غير تقليدي للعديد من القصص الكتابية، حيث يعيد النظر في تجارب المسيح الإنسانية. يركز على اللحظات التي يظهر فيها المسيح معاناة أو شكوكًا أو تساؤلات، معتبراً إياها كجزء من الواقع الإنساني الذي يجب أن يُحترم ويفهم بعمق. الكتاب يشجع القراء على التفاعل مع الكتاب المقدس ليس فقط على مستوى روحي، بل أيضًا على مستوى فكري ونقدي.
المنهج الفلسفي واللاهوتي للأب درويل:
الأب جون نيكولا درويل يُعتبر مفكرًا ذا توجه نقدي ولاهوتي في آن واحد. يعتمد في تحليلاته على الجمع بين الفلسفة وعلم اللاهوت، مستندًا إلى تقاليد فكرية من المدرسة الدومنيكانية التي تؤكد على العقلانية والتفكير النقدي في مسائل الإيمان.
الفكر العقلاني: يميل درويل إلى استخدام العقل كأداة لفهم الدين، وهو يتجنب التصوف المفرط أو التفسير الحرفي للنصوص الدينية. يعتقد أن الإيمان يجب أن يكون موجهًا بالوعي العقلي، مع التأكيد على أهمية البحث والتساؤل.
التركيز على الإنسان: تُعتبر التجربة الإنسانية عنصرًا أساسيًا في جميع أعماله. يعتقد أن المسيحية لا تتجاهل معاناة الإنسان، بل تشاركها وتعمل على تقديم حلول عملية وروحية لهذه المعاناة.
إعادة تفسير الرموز الدينية: يُعيد درويل تفسير العديد من الرموز والأحداث الدينية البارزة في المسيحية، بحيث يراها ضمن سياق الزمن الحالي. من خلال هذا التفسير الحديث، يسعى الكتاب إلى إعادة إحياء الأبعاد الروحية للنصوص الدينية.
الحوار بين الأديان والفلسفات: يشارك الأب درويل في حوار مستمر مع الفلسفات والأديان الأخرى، بما في ذلك الإسلام والفكر الغربي المعاصر، مما يساهم في إثراء النقاشات الدينية والفكرية.
كتاباته تمثل تحديًا للمفاهيم التقليدية للإيمان والمسيحية، حيث يسعى دائمًا إلى خلق جسر بين الفهم الروحي التقليدي والمتطلبات الفلسفية والنقدية للإنسان المعاصر. من خلال مزج الفكر العقلاني مع البحث الروحي، يقدم الأب درويل تفسيرًا معاصرًا للأديان الكبرى ويحفز قراءه على التفكير العميق في جوانب إيمانهم وحياتهم اليومية.