نشرت صحيفة "التايمز" تحليلا لمايكل كلارك، استاذ الدراسات الدفاعية الزائر بكلية كينغز كوليج جامعة لندن والزميل بالمعهد الملكي للدراسات المتحدة، قال فيه إن  إسرائيل فقدت السيطرة على الحرب في غزة، وكلما طال أمد وقف إطلاق النار، كلما زاد الضغط على حكومة الحرب الإسرائيلية لمواصلة تبادل الأسرى مع حركة حماس.



وذكر كلارك، "أن وقف إطلاق النار المؤقت والإفراج عن الأسرى كان بمثابة راحة للطرفين في نزاع غزة بعد 50 يوما شرسة، ورغم الأخبار الإيجابية، فالطريقة التي عالجت فيها إسرائيل أزمة الأسرى تشير إلى مخاطر خسارتها للحرب".

وتابع، "ففي اليوم الثاني من النزاع فعّلت إسرائيل البند 40 من قانونها الأساسي وأعلنت رسميا أنها في حالة حرب مع حماس ما سمح لها باستدعاء الإحتياط، وحسب الحسابات الإسرائيلية فقد حشدت قوة من 550.000 جنديا، وهي عشرين ضعفا لـ 25،000 مقاتلا لحماس وهذا رقم متفوق لكي تشن الحرب".



ورغم هذا، فقد فقدت إسرائيل السيطرة على الأحداث، فالأسرى منحوا حماس سوطا، وهي ماهرة باستخدامه، فقد أعطت حكومة الحرب الإسرائيلية، الأولوية لاستعادة الأسرى بدلا من تحقيق أهداف الحرب.

ومن المتوقع أن تتلاعب حماس بعواطف كل واحد وتجادل بكل تفصيل وتؤخر وتعتم وتضغط من أجل الحصول على ميزة سياسية، وسينظر قادة حماس مثل بقية العالم إلى حكومة الحرب الإسرائيلية بأنها خضعت للضغوط الأمريكية.

وعندما زار جو بايدن إسرائيل في 18 تشرين الأول/أكتوبر والتقى مع نتنياهو كان متشككا من أن تحرير الرهائن سيتم من خلال استخدام القوة المفرطة ضد حماس. 

وعندما أطلقت الأخيرة أسيرتين أمريكيتين في 25 تشرين الأول/أكتوبر، وافقت الولايات المتحدة على المقترح القطري للتفاوض مع حماس للإفراج عن عدد أكبر من الرهائن وإدخال قوافل الإغاثة حالة تمت الموافقة على وقف إطلاق نار مؤقت.

وأنشأ المبعوث الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك خلية في واشنطن نسقت بشكل مكثف مع مكتب رئيس الوزراء القطري بالدوحة للدفع بإطار صفقة بدأت يوم الجمعة.

ولم تكن إسرائيل اللاعب الأهم بالدفع للصفقة، وحاول نتنياهو وبضغط من عائلات الرهائن الحصول على نفوذ من خلال هدنة خمسة أيام مقابل الإفراج عن 50 أسيرا، وفق الكاتب.

ونشرت إسرائيل أسماء عدد آخر من الفلسطينيين الذين يمكن الإفراج عنهم لو تم تمديد الصفقة، على أمل جلب عدد آخر من الأسرى للضغط على قادة حماس. 



ولو تم الإفراج عن  100 من 230 أسيرا خلال تسعة أيام من وقف إطلاق النار، فإن هذا قد يخفف من الغضب العام في إسرائيل ضد نتنياهو التي  أصبحت سياسته الأمنية وعلى مدى 14 عاما من حكمه حطاما.

وأضاف كلارك، "وفي وقت الهدنة، ستحاول القوات الإسرائيلية إعادة نشر قواتها، وزيادة الإمدادات العسكرية وجمع المعلومات الأمنية من أجل المرحلة المقبلة، وستفعل حماس نفس الأمر، وكلما طال أمد وقف إطلاق النار، كلما زادت الضغوط على حكومة الحرب في تل أبيب لتمديدها من أجل مواصلة التبادل، وستكون إسرائيل بدون شك أسيرة  لرهائنها الذين لدى حماس ومبادلة العسكريين، الذين سيكونوا آخر من سيفرج عنهم". 

ويعتقد أن حماس لديها 20 أسيرا أمريكيا، وستواصل وضع بايدن في نفس الفخ وتعمل على تأخير المرحلة الثانية للعملية العسكرية. 

وزعمت إسرائيل أنها قتلت 4.000 مقاتلا من حماس إلى جانب ألف مقاتل خسرتهم حماس في هجومها الأول في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهذا يعني 5.000 من مقاتلي النخبة قتلوا من بين 25.000 مقاتلا.

ويمكن الإفتراض أن البقية التي لم تقاتل كثيرا في الشمال انسحب أفرادها نحو الجنوب، ولن يكون الجيش الإسرائيلي قادرا على التقدم بثلاث أو أربع فرق مدرعة إلى الجنوب الذي يحتشد فيه أكثر من مليوني شخص، وبنفس الطريقة التي فعلها في الشمال.

ويرى الكاتب أن الردود المرتجلة عندما وصلت مستشفى الشفا كانت دليلا على فقر التخطيط لدى الجيش الإسرائيلي للعمليات في المراكز المدنية.

وأردف، "بدون خطة سياسية من حكومة الحرب، فقد كان الجيش يتصرف مثل الأعمى، وستكون مشاكله في الجنوب أعظم، وفي الأسبوع الماضي نصح الجيش السكان بالتحرك نحو المواصي، وهي منطقة في آخر القطاع، ولا تزيد مساحتها عن 14 كيلومترا، كخطوة للتحرك نحو خان يونس ورفح.

وقالت منظمات الأمم المتحدة إن هذا ليس مرغوبا فقط بل مستحيلا، وفي مواجهة كثافة سكانية في وادي غزة الذي يعيش فيه 9.000 نسمة لكل كيلوميتر، أي بنسبة 40بالمئة أعلى من لندن الكبرى، فمن غير المحتمل أن تكون القوات الإسرائيلية ستدفع بقوات المشاة كما فعلت في الشمال.

ولو استئنفت العمليات القتالية، فمن الأرجح أن يخوض الجيش الإسرائيلي حملة غير مباشرة، وعمليات للقوات الخاصة وتوغلات سريعة لاستهداف منشآت حماس ومحاولات أخرى لاغتيال قادة حماس مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف.

وستؤدي حملات الغارات الجوية الجديدة إلى غضب دولي، خاصة بعد الهدنة المؤقتة التي خففت من أوضاع المدنيين وأدت للإفراج عن الأسرى، بحسب كلارك. 

والحقيقة القاسية في تل أبيب أن الحرب التي أعلنتها تسير في طريق خاطئ وبعدة طرق، إذ يمكن القول إن حكومة الحرب أضعفت من قدرة حماس ولكنها لم تدمرها بعد. 

ويعرف الجيش الإسرائيلي أن العملية ستكون طويلة، لكن حكومة الحرب تعرف أن الرأي العام سيتحرك متعاطفا مع معاناة غزة ويصبح رعب 7 تشرين الأول/أكتوبر ذكرى بعيدة. 



وتغيرت أولويات نتنياهو بسبب القوى الخارجية، فبدلا من الدفع بالعملية العسكرية أصبح التركيز على الإفراج عن الأسرى وتخفيف المعاناة الإنسانية. 

وربما تبين أن ترحيل السكان إلى الجنوب لتدمير الشمال، كان خطأ استراتيجيا، وربما وصل نتنياهو إلى نهاية زقاقه الأعمى بحيث لا يستطيع  تحقيق هدفه العسكري الأول.

وكان الوضع سيكون مختلفا، لو اتسمت عملية القصف في البداية بالإنضباط ولو  تعاملت إسرائيل بطريقة أقل تعسفا مع البنى التحتية لغزة ولو طلب من الجيش الإسرائيلي إعداد خطة إنسانية شاملة تطبقها مع تقدمها في غزة.

وكل هذا يعتمد على نتنياهو وحكومة حربه لتقديم خطة "لليوم التالي" بعد القتال، وهو أمر لم يفعلوه خلال سبعة أسابيع من الحرب المعلنة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة حماس الهدنة حماس غزة الاحتلال الهدنة صفقة التبادل صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حکومة الحرب الإسرائیلیة تشرین الأول أکتوبر الجیش الإسرائیلی وقف إطلاق النار الإفراج عن

إقرأ أيضاً:

اللواء الدويري: حكومة نتنياهو لا تريد الهدنة وتسعى لاستمرار الحرب حتى عودة ترامب

قال اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب مدير المركز المصري للدراسات، إن حكومة بنيامين نتنياهو ليست جادة بشأن الهدنة، لا سيما وأن نتنياهو يعلم بأن أي اتفاق لا يرضي اليمين الإسرائيلي سيفضي إلى سقوط حكومته، وهو ما يعني أن نتنياهو قد لا يعود مرة أخرى إلى الحكم.

نتنياهو يريد عودة الجمهوريين لحكم أمريكا

وأضاف «الدويري»، خلال لقاء خاص ببرنامج «عن قرب»، مع الإعلامية أمل الحناوي، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حريص على استمرار حالة الحرب في غزة حتى يعود الجمهوريين لمقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية من جديد من خلال فوز ترامب في الانتخابات. 

وأوضح، نائب مدير المركز المصري للدراسات، أنه على الرغم من أن الإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية أعطت نتنياهو ما لم يكن يحلم له سياسيا وعسكرياً، لا سيما وأن إدارة بايدن منحت إسرائيل إمدادات عسكرية بكميات غير مسبوقة، فإن نتنياهو يرغب في عودة ترامب لنواحي لا تتعلق فقط بالدعم السياسي والعسكري، ولكن لأن ترامب قدم لنتنياهو الضفة الغربية على طبق من فضة لالتهامها في إطار ما يسمى بصفقة القرن.

مقالات مشابهة

  • حماس: لن يرى الأسرى النور إن لم يُضغط على نتنياهو
  • إسرائيل تتخلى عن اسراها لدى حماس: لن ننتحر جماعيا من اجل المحتجزين
  • إطالة الحرب هدية نتنياهو لترامب
  • غضب في إسرائيل.. انقسامات واستقالات عسكرية تهدد حكومة نتنياهو
  • خبير استراتيجي: عمر حكومة نتنياهو قصير ومصر تتعامل مع المخطط الإسرائيلي بحكمة
  • اللواء الدويري: حكومة نتنياهو لا تريد الهدنة وتسعى لاستمرار الحرب حتى عودة ترامب
  • مسؤول أمني إسرائيلي يكشف سر تمسك نتنياهو بفيلادلفيا .. “كان”: الجيش الإسرائيلي يُغيّر طبيعة القتال في أنفاق غزة
  • كان: الجيش الإسرائيلي يُغيّر طبيعة القتال في أنفاق غزة
  • تشاؤم من فرص نجاح المفاوضات.. هيئة البث الإسرائيلية: لا صفقة تلوح في الأفق
  • حماس: نطالب المؤسسات الدولية بتوثيق الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى