التايمز: هل فقدت حكومة الحرب الإسرائيلية المبادرة في حرب غزة؟
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
نشرت صحيفة "التايمز" تحليلا لمايكل كلارك، استاذ الدراسات الدفاعية الزائر بكلية كينغز كوليج جامعة لندن والزميل بالمعهد الملكي للدراسات المتحدة، قال فيه إن إسرائيل فقدت السيطرة على الحرب في غزة، وكلما طال أمد وقف إطلاق النار، كلما زاد الضغط على حكومة الحرب الإسرائيلية لمواصلة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
وذكر كلارك، "أن وقف إطلاق النار المؤقت والإفراج عن الأسرى كان بمثابة راحة للطرفين في نزاع غزة بعد 50 يوما شرسة، ورغم الأخبار الإيجابية، فالطريقة التي عالجت فيها إسرائيل أزمة الأسرى تشير إلى مخاطر خسارتها للحرب".
وتابع، "ففي اليوم الثاني من النزاع فعّلت إسرائيل البند 40 من قانونها الأساسي وأعلنت رسميا أنها في حالة حرب مع حماس ما سمح لها باستدعاء الإحتياط، وحسب الحسابات الإسرائيلية فقد حشدت قوة من 550.000 جنديا، وهي عشرين ضعفا لـ 25،000 مقاتلا لحماس وهذا رقم متفوق لكي تشن الحرب".
ورغم هذا، فقد فقدت إسرائيل السيطرة على الأحداث، فالأسرى منحوا حماس سوطا، وهي ماهرة باستخدامه، فقد أعطت حكومة الحرب الإسرائيلية، الأولوية لاستعادة الأسرى بدلا من تحقيق أهداف الحرب.
ومن المتوقع أن تتلاعب حماس بعواطف كل واحد وتجادل بكل تفصيل وتؤخر وتعتم وتضغط من أجل الحصول على ميزة سياسية، وسينظر قادة حماس مثل بقية العالم إلى حكومة الحرب الإسرائيلية بأنها خضعت للضغوط الأمريكية.
وعندما زار جو بايدن إسرائيل في 18 تشرين الأول/أكتوبر والتقى مع نتنياهو كان متشككا من أن تحرير الرهائن سيتم من خلال استخدام القوة المفرطة ضد حماس.
وعندما أطلقت الأخيرة أسيرتين أمريكيتين في 25 تشرين الأول/أكتوبر، وافقت الولايات المتحدة على المقترح القطري للتفاوض مع حماس للإفراج عن عدد أكبر من الرهائن وإدخال قوافل الإغاثة حالة تمت الموافقة على وقف إطلاق نار مؤقت.
وأنشأ المبعوث الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك خلية في واشنطن نسقت بشكل مكثف مع مكتب رئيس الوزراء القطري بالدوحة للدفع بإطار صفقة بدأت يوم الجمعة.
ولم تكن إسرائيل اللاعب الأهم بالدفع للصفقة، وحاول نتنياهو وبضغط من عائلات الرهائن الحصول على نفوذ من خلال هدنة خمسة أيام مقابل الإفراج عن 50 أسيرا، وفق الكاتب.
ونشرت إسرائيل أسماء عدد آخر من الفلسطينيين الذين يمكن الإفراج عنهم لو تم تمديد الصفقة، على أمل جلب عدد آخر من الأسرى للضغط على قادة حماس.
ولو تم الإفراج عن 100 من 230 أسيرا خلال تسعة أيام من وقف إطلاق النار، فإن هذا قد يخفف من الغضب العام في إسرائيل ضد نتنياهو التي أصبحت سياسته الأمنية وعلى مدى 14 عاما من حكمه حطاما.
وأضاف كلارك، "وفي وقت الهدنة، ستحاول القوات الإسرائيلية إعادة نشر قواتها، وزيادة الإمدادات العسكرية وجمع المعلومات الأمنية من أجل المرحلة المقبلة، وستفعل حماس نفس الأمر، وكلما طال أمد وقف إطلاق النار، كلما زادت الضغوط على حكومة الحرب في تل أبيب لتمديدها من أجل مواصلة التبادل، وستكون إسرائيل بدون شك أسيرة لرهائنها الذين لدى حماس ومبادلة العسكريين، الذين سيكونوا آخر من سيفرج عنهم".
ويعتقد أن حماس لديها 20 أسيرا أمريكيا، وستواصل وضع بايدن في نفس الفخ وتعمل على تأخير المرحلة الثانية للعملية العسكرية.
وزعمت إسرائيل أنها قتلت 4.000 مقاتلا من حماس إلى جانب ألف مقاتل خسرتهم حماس في هجومها الأول في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهذا يعني 5.000 من مقاتلي النخبة قتلوا من بين 25.000 مقاتلا.
ويمكن الإفتراض أن البقية التي لم تقاتل كثيرا في الشمال انسحب أفرادها نحو الجنوب، ولن يكون الجيش الإسرائيلي قادرا على التقدم بثلاث أو أربع فرق مدرعة إلى الجنوب الذي يحتشد فيه أكثر من مليوني شخص، وبنفس الطريقة التي فعلها في الشمال.
ويرى الكاتب أن الردود المرتجلة عندما وصلت مستشفى الشفا كانت دليلا على فقر التخطيط لدى الجيش الإسرائيلي للعمليات في المراكز المدنية.
وأردف، "بدون خطة سياسية من حكومة الحرب، فقد كان الجيش يتصرف مثل الأعمى، وستكون مشاكله في الجنوب أعظم، وفي الأسبوع الماضي نصح الجيش السكان بالتحرك نحو المواصي، وهي منطقة في آخر القطاع، ولا تزيد مساحتها عن 14 كيلومترا، كخطوة للتحرك نحو خان يونس ورفح.
وقالت منظمات الأمم المتحدة إن هذا ليس مرغوبا فقط بل مستحيلا، وفي مواجهة كثافة سكانية في وادي غزة الذي يعيش فيه 9.000 نسمة لكل كيلوميتر، أي بنسبة 40بالمئة أعلى من لندن الكبرى، فمن غير المحتمل أن تكون القوات الإسرائيلية ستدفع بقوات المشاة كما فعلت في الشمال.
ولو استئنفت العمليات القتالية، فمن الأرجح أن يخوض الجيش الإسرائيلي حملة غير مباشرة، وعمليات للقوات الخاصة وتوغلات سريعة لاستهداف منشآت حماس ومحاولات أخرى لاغتيال قادة حماس مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف.
وستؤدي حملات الغارات الجوية الجديدة إلى غضب دولي، خاصة بعد الهدنة المؤقتة التي خففت من أوضاع المدنيين وأدت للإفراج عن الأسرى، بحسب كلارك.
والحقيقة القاسية في تل أبيب أن الحرب التي أعلنتها تسير في طريق خاطئ وبعدة طرق، إذ يمكن القول إن حكومة الحرب أضعفت من قدرة حماس ولكنها لم تدمرها بعد.
ويعرف الجيش الإسرائيلي أن العملية ستكون طويلة، لكن حكومة الحرب تعرف أن الرأي العام سيتحرك متعاطفا مع معاناة غزة ويصبح رعب 7 تشرين الأول/أكتوبر ذكرى بعيدة.
وتغيرت أولويات نتنياهو بسبب القوى الخارجية، فبدلا من الدفع بالعملية العسكرية أصبح التركيز على الإفراج عن الأسرى وتخفيف المعاناة الإنسانية.
وربما تبين أن ترحيل السكان إلى الجنوب لتدمير الشمال، كان خطأ استراتيجيا، وربما وصل نتنياهو إلى نهاية زقاقه الأعمى بحيث لا يستطيع تحقيق هدفه العسكري الأول.
وكان الوضع سيكون مختلفا، لو اتسمت عملية القصف في البداية بالإنضباط ولو تعاملت إسرائيل بطريقة أقل تعسفا مع البنى التحتية لغزة ولو طلب من الجيش الإسرائيلي إعداد خطة إنسانية شاملة تطبقها مع تقدمها في غزة.
وكل هذا يعتمد على نتنياهو وحكومة حربه لتقديم خطة "لليوم التالي" بعد القتال، وهو أمر لم يفعلوه خلال سبعة أسابيع من الحرب المعلنة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة حماس الهدنة حماس غزة الاحتلال الهدنة صفقة التبادل صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حکومة الحرب الإسرائیلیة تشرین الأول أکتوبر الجیش الإسرائیلی وقف إطلاق النار الإفراج عن
إقرأ أيضاً:
أخيرًا.. نتنياهو يجثو على ركبتيه!
بعد 15 شهرا كاملا من المكابرة والعناد والغطرسة، جثا نتنياهو أخيرًا على ركبتيه، كما توعّده أبو عبيدة في أكتوبر 2023، وقبِل صاغرًا وقف الحرب، وعقد صفقة تبادل أسرى وفق أغلب شروط المقاومة.
طيلة 15 شهرا، ظلّ مجرم الحرب نتنياهو يهرب إلى الأمام، ويصرّ على مواصلة الحرب وارتكاب المجازر، وتجويع الفلسطينيين، والتدمير المنهجي لغزة، أملا في تحقيق “النصر المطلق”، وتحرير أسراه بالقوة، والقضاء على المقاومة، وإسقاط حكم حماس، وتهجير سكان القطاع إلى سيناء في خطوة كبيرة لتصفية القضية الفلسطينية وحسم الصراع لصالح الاحتلال نهائيّا.
وحينما فشل في مخطط التطهير العرقي والتهجير الشامل، حاول تنفيذ تهجير جزئي لشمال غزة وطرد سكانها إلى الجنوب، وإعادة استيطانه، وشرع في تنفيذ “خطة الجنرالات” منذ أزيد من 100 يوم، ارتكب خلالها مجازر مروِّعة ونسف جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا من الوجود، لكنّ الخطة فشلت؛ فعشراتُ الآلاف من السكان أصروا على البقاء في منازلهم المهدَّمة رغم الجوع والقصف، والمقاومة صمدت وزاد لهيبُها في الأسابيع الأخيرة، وخسائر الاحتلال تراكمت، فتوصّل نتنياهو في الأخير إلى قناعة بضرورة وقف الحرب عند هذا الحدّ والقبول بخطة بايدن التي رفضها في أواخر ماي الماضي.
خلال هذه المدة الطويلة من الحرب، قصف الاحتلال غزة بنحو 100 ألف طن من القنابل والمتفجِّرات (100 مليون كلغ)، أي ما يعادل خمس قنابل نووية، وغزا القطاع بـ360 ألف جندي ومرتزق، ومع ذلك صمدت المقاومة وبقيت تقاتل وتوجّه ضربات موجعة للعدوّ حتى آخر لحظة، ولو استمرّت الحرب لبقيت المقاومة صامدة رغم اختلال التوازن العسكري كلّيا لصالح العدوّ، وهذا في حدّ ذاته إعجازٌ حربيٌّ سيخلّده التاريخ بالكثير من الإعجاب والذّهول.
إنّ قراءة سريعة في نصّ اتفاق وقف إطلاق النار تُظهر بوضوح لأيِّ متتبّع منصف أنّ المقاومة قد فرضت أغلب شروطها المتعلقة بوقف الحرب وانسحاب جيش الاحتلال، ولو مرحليًّا، وعودة السكان إلى أحيائهم في الشمال بلا قيود، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بلا عراقيل، وعقد صفقة تبادل تحرِّر بموجبها 1737 أسير فلسطيني في المرحلة الأولى وقد تحرِّر أكثر من هذا العدد في المرحلة الثانية مقابل جنود العدوّ وهم أكثر أهمية من المدنيين..
صحيحٌ أنّ المقاومة لم تحقِّق شرطها بتبييض سجون العدوّ، لكن ليس بالإمكان أفضل ممّا كان؛ إذ طال أمدُ هذه الحرب وحان الوقت ليتوقف نزَفُ دم سكان غزة، ويستريحوا من أهوالها، ويلتقطوا أنفاسهم، ويعودوا إلى ديارهم ولو كانت مهدَّمة، ويشرعوا في تضميد جراحهم، واستئناف حياتهم، بعد 15 شهرا كاملا من الموت والتشرّد والجوع والمعاناة…
وهنا لا بدّ أن يهبَّ مليارَا مسلم، وفي مقدّمتهم 46 مليون جزائري، لنجدة إخوانهم في غزة بما يستطيعون تقديمه من أغذية وأدوية وأفرشة وأغطية وبيوت جاهزة وخيم ومواد إغاثية أخرى… فالحدود مفتوحة ولا يُقبل منهم أيُّ تقاعس أو عدم اكتراث منذ الآن، لأنّ معركة أخرى بدأت وهي الضّغط على حماس وابتزازها بالمساعدات الإنسانية وملفّ إعادة الإعمار لترك حكم غزّة لعملاء الاحتلال.
نبارك للمقاومة الفلسطينية نصرها التاريخي على الاحتلال وكسر شوكته وإجباره على وقف الحرب بشروطها، ونبارك لـ2.2 مليون فلسطيني بغزة صمودهم الأسطوري في أراضيهم وإفشال مخطط العدوّ لتهجيرهم.. لقد انتصرت المقاومة بشهادات بلينكن وثلاثة وزراء من حكومة الاحتلال وهم جدعون ساعر، وبن غفير، وسموتريتش، وكذا رئيس الموساد السابق تامير باردو، وصاحب “خطة الجنرالات” المشؤومة غيورا آيلاند، وعدد كبير من المحللين الصهاينة، في حين يصرّ المرجفون العرب على أنّ حماس هي التي خسرت بقياس فاسد وهو الخسائر البشريّة الكبيرة والدّمار الكبير الحاصل في غزة، وكأنّ الثورات التي انتصرت في التاريخ على المستعمِرين لم تدفع تضحياتٍ جسيمة.
نتنياهو جثا على ركبتيه أخيرا، ومشروعه القائم على تغيير الشرق الأوسط، تبخّر، وقريبًا ستنتهي حياته السياسية ويحاكَم ويُسجَن بتهم فساد سابقة، أو يبقى مطارَدًا من المحكمة الجنائية الدولية، وجيشُه هُزم، وعددٌ من وزرائه بكوا في جلسة الحكومة للتّصديق على اتفاق وقف إطلاق النار، ما يدلّ على مدى وقع الهزيمة في نفوسهم، أما سكّانُ غزة فقد احتفلوا طويلا بالنصر على حرب الإبادة والتهجير، وردّدوا نشيد “سوف نبقى هنا” وتكبيراتِ العيد وكأنّه يوم عيد، كما انتشرت شرطة حماس في عموم أنحاء القطاع، في رسالةٍ واضحة تؤكّد أنّ “اليوم التالي” للحرب، هو بقاء حكم حماس ورسوخه أكثر، ولا عزاء للصّهاينة وحلفائهم المتصهينين الذين كانوا يتداعون إلى دخول قوّات عربية ودولية لحكم غزّة بعد نهاية الحرب.
الشروق الجزائرية