جريدة الوطن:
2025-04-02@08:17:05 GMT

نبض المجتمع : مستقبل المقاطعة

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

نبض المجتمع : مستقبل المقاطعة

شكَّلت أحداث غزَّة دليلًا على أنَّ العرب والمُسلِمين بصورة عامَّة لَمْ ولَنْ ينسوا قضيَّتهم الأزليَّة، والَّتي رغم أنَّنا في فترة من الفترات ظنَّنا أنَّ أجيالًا منَّا قَدْ نسيَتِ القضيَّة نتيجة أساليب التغريب الَّتي مورست ضدَّها وبطُرق ممنهجة، إلَّا أنَّ الواقع أثبت عكس ذلك. فالجيل الَّذي كُنَّا نصفُه بجيل الببجي أثبتَ أنَّه جيل لا يقلُّ وعيًا وإدراكًا بأهمِّية هذه القضيَّة عن غيره من الأجيال السَّابقة، فوجدنا الجميع يحاول بكُلِّ الطُّرق أن يقدِّمَ ما يستطيع لخدمة القضيَّة وفق إمكاناته وخبراته ووضعه.


لقَدْ كان سلاح المقاطعة أحد أبرز الرهانات الَّتي عمل عَلَيْها الجميع، ذلك أنَّه السِّلاح الَّذي يستطيعون استخدامه بسهولة ودُونَ عناءٍ، وكذلك حجم تأثيره على العدوِّ وبصورة مباشرة وسريعة في نَفْس الوقت مع أشخاص ودوَل لا همَّ لَهُمْ في هذه الحياة سوى المال. من هنا بدأت الأمور تأخذ مسارها الصحيح، حيث هو السِّلاح النَّاجع بالفعل والَّذي لا يكلف أدنى شيء، ولكنَّه سلاح مُهمٌّ ورادع في نَفْس الوقت. لقَدْ كانت القضيَّة هي محور المقاطعة هنا، فلا محرِّك غيرها، والهدف واضح ولا لبس فيه، والمثبِّطون لا يُمكِنهم ممارسة هوايتهم المعهودة، فالأمْرُ لا يحتاج لمزيدٍ من الشرح والتوضيح والتفسير، فانبرى الجميع في وقفة رجُل واحد للقيام بهذا الأمْرِ وتنفيذ الخطَّة إدراكًا مِنْهم بأهمِّية ما يقومون به ومدى تأثيره.
لقَدْ أثبتت الأيام فاعليَّة هذا السِّلاح الَّذي يستطيع كُلٌّ مِنَّا أن يمارسَه، وشاهدنا الجميع على اختلاف الأجيال يذكِّر كُلٌّ مِنْهما الآخر بضرورة الاستمرار، وشاهدنا الإعلانات المُحذِّرة من مسألة التراخي والفتور في هذا الجانب، وقَدْ أثبتت التجربة نجاعة الأمْرِ.
ورغم معرفتنا المسبقة بأهمِّية المقاطعة، خصوصًا في الجانب الاقتصادي ولدَيْنا ممارسات سابقة أكثر نجاحًا، سواء على المستوى المحلِّي أو الدولي. ففي كثير من الدوَل عِندما يرتفع سعر سلعة ما، يكُونُ الحلُّ في المقاطعة فتعيد هذه المقاطعة الوضع إلى طبيعته والأمثلة كثيرة ومُتعدِّدة، إلَّا أنَّ السؤال الَّذي نطرحه هنا: هل لا بُدَّ من وجود قضيَّة وأحداث دمويَّة لكَيْ نمارسَ المقاطعة الاقتصاديَّة؟ أمَّا أنَّنا بعد ما شاهدنا بأنْفُسنا أهمِّية ذلك ومدى نجاحه فيُمكِننا أن نستخدمَ هذا السِّلاح لكبح جماح جشع الكثير من التجَّار والَّذين لا همَّ لَهُمْ سوى تحقيق أرباح فلكيَّة مقابل نهب جيوب المستهلكين، وهنا أتحدَّث عن سلع يبالغ أصحابها في رفع أسعارها ولا همَّ لَهُمْ سوى زيادة نسبة أرباحهم بصورة غير منطقيَّة، فهل لنَا القدرة على ذلك؟
لقَدْ أثبتت هذه الأحداث وما نتج عَنْها في ما يخصُّ موضوع المقاطعة أنَّنا كمُجتمع قادرون على إحداث التغيير وتوجيه البوصلة كيفما نريد، كما أنَّنا أيضًا بحاجة لجمعيَّات تحمي المستهلك وتوجِّه مسارات الشِّراء عِنده وفق قاعدة لا ضرر ولا ضرار. فأيُّ مُجتمع يريد أن يستخدمَ هذا السِّلاح لا بُدَّ أن يكُونَ منظمًا من مختلف الجوانب بحيث لا تكُونُ الأضرار منصبَّة على المستهلكين فقط ولا على التجَّار، بل يتمُّ تقاسمها في نَفْس الوقت، وقَدْ كتبتُ منذ حوالي خمس عشرة سنةً مقالًا يوضِّح أهمِّية وجود هذه الجهة الَّتي تُمثِّل المستهلكين بحيث تضْمن حقوقهم كما هو الحال في بقيَّة بعض دوَل العالَم.
وإذا كانت المقاطعة الحاليَّة تحرِّكها العاطفة فإنَّ المقاطعة الَّتي أقصدها يحرِّكها المنطق والعقل. فهنالك سلع من الضروري أن يُعادَ تقييم أسعارها في ظلِّ الوضع الاقتصادي المتأزم عالَميًّا ومحليًّا. وعِندما أقول يُعاد فأنا لا أقصد أنَّ التاجر يبيع سلعته بسعر يعرِّضه للخسارة، ولكن بسعر يناسب مستوى المعيشة ويُحقِّق له الربح المناسب. ففي مقارنة لكثير من السِّلع وبنَفْس العلامات مع دوَل قريبة مِنَّا وبمستوى معيشي أفضل نجدها في سعر أقلَّ وعروض أفضل، وإذا كان المُبرِّر أنَّنا نستوردها من مصدر آخر غير مصدرها الأصلي فما الَّذي يمنعُنا من استيرادها مباشرة وتخفيض سعرها، أم أنَّنا ننتظر مقاطعة جديدة؟

د. خصيب بن عبدالله القريني
kaseeb222@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

جرائم تكشفها الصدفة.. رسالة سرية فى كتاب تكشف جريمة نسيها الجميع

في عالم الجرائم، هناك قضايا تُحَلُّ عبر الأدلة والبراهين، وأخرى تبقى لغزًا محيرًا لسنوات طويلة، لكن هناك نوعًا مختلفًا تمامًا… جرائم لم يكن ليُكشف عنها الستار لولا الصدفة البحتة!

في شهر رمضان المبارك، حيث تتغير إيقاعات الحياة وتمتلئ الأجواء بالتأمل والروحانية، نقدم لكم يوميًا على مدار 30 يومًا سلسلة "جرائم تكشفها الصدفة"، حيث نستعرض أغرب القضايا الحقيقية التي كُشفت بطرق غير متوقعة – من أخطاء الجناة، إلى اكتشافات عرضية قلبت مسار التحقيقات رأسًا على عقب.

انتظرونا كل ليلة مع قصة جديدة، وتفاصيل مثيرة عن جرائم لم يكن ليعرفها أحد لولا لمسة من الحظ أو موقف عابر كشف الحقيقة!

الحلقة الثلاثون –رسالة سرية في كتاب تكشف جريمة نسيها الجميع

في عام 2022، اشترى رجل من لندن كتابًا قديمًا من متجر للكتب المستعملة، وعند تصفحه وجد ورقة مخبأة بين الصفحات مكتوب عليها: "اعثروا على حقيبتي، فيها الدليل".

أثار الأمر فضوله، فبحث عن اسم الكاتب المدون في الورقة، ليكتشف أنه رجل مفقود منذ 1982.

بعد إبلاغ الشرطة، تم البحث عن الحقيبة المذكورة، وبعد العثور عليها في منزل مهجور، وُجد بداخلها دليل دامغ يربط أحد الأشخاص بالجريمة.

وبفضل رسالة منسية داخل كتاب، تم الكشف عن جريمة بقيت غامضة لعقود.

 

 

 







مشاركة

مقالات مشابهة

  • تحقيقات قانونية بشأن حملات المقاطعة في إسطنبول
  • فتح تحقيق ضد زعيم المعارضة أوزغور أوزيل بسبب دعوات المقاطعة: وزير التجارة يحذر من العواقب القانونية
  • النيابة العامة التركية تتحرك ضد دعوات المقاطعة
  • المقاطعة الأوروبية لأميركا تمتد إلى السياحة
  • إيرادات الأفلام.. عصام عمر وطه دسوقي يتفوقان على الجميع
  • لماذا تزايدت مقاطعة الفرنسيين للمنتجات الأميركية؟ وكيف علق مغردون؟
  • مستقبل وطن بالإسكندرية ينظم حفلا للأيتام ويوزع هدايا العيد
  • الشرع: الحكومة راعت تنوع سوريا ولا يمكن إرضاء الجميع
  • حسام موافي: يجب استغلال عيد الفطر في نشر المحبة والتسامح بين الجميع
  • جرائم تكشفها الصدفة.. رسالة سرية فى كتاب تكشف جريمة نسيها الجميع