" لن يكسرنا هذا العدو الغاشم.. ولن يكسر عزيمتنا". جملة وجهتها الأسيرة الفلسطينية عطاف جرادات (50) عاما لعائلتها من داخل سجون الاحتلال.

عامان قضتهما عطاف جرادات في سجون الاحتلال حتى اليوم. فتهمة تنفيذ عملية إطلاق النار، والتي باتت معتادة للكيان وُجهت لها، ليتم اقتيادها مكبلة ومعصوبة العينين إلى سجن "الدامون" شمال الأراضي المحتلة.

 

عطاف جرادات.. على موعد مع الحرية ، لتعانق عائلتها من جديد، بفضل صفقة تبادل الأسرى التي أبرمتها المقاومة في غزة مع قوات الاحتلال. 

عطاف الأسيرة.. وأم الأسرى.. وشقيقة الأسير.. من تكون؟ 


  ليلة الحادثة 

 في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2021، وقرب مستوطنة "حومش" شمال غربي مدينة نابلس،  قُتل مستوطن، فاتهمت عطاف بتنفيذ هذه العملية لتبدأ من تاريخه رحلة الأسر والقيد في سجون مظلمة تفتقد لأبسط حقوق الإنسان. 

الاحتلال فوق ذلك، ودون أي إفصاحات، وتوضيحات، زعم وجود " ملف سري" خاص بها لديه. 

داهمن قوات الكيان منزلها في بلدة السيلة الحارثية غرب جنين. ليلة الحادثة، وحاصروه بالقوات الخاصة، ثم تم اقتحامه بأكثر من 100 جندي مدججين بالسلاح والكلاب البوليسية، قبل أن يلقوا داخله قنابل صوت، وتحطيم كافة مقتنياته وأثاثه. 

احتجز الاحتلال جميع أفراد عائلتها ليلتها، وتم التحقيق معهم وسط ظروف ترهيبية.

منذ تاريخه وعطاف جرادات موقوفة للمحاكمة دون أن يصدر حكم نهائي بحقها. 

أم أسرى وشقيقة أسير

حادثة إطلاق نار أخرى، قتل فيها مستوطن وأصيب آخرون، في منتصف ديسمبر/ كانون الأول نفسه الذي تم توجيه الاتهام فيه لعطاف،اتهم فيها هذه المرة أولادها عمر (22 عامًا)، وغيث (19 عامًا)، ليقتادهما الاحتلال إلى سجن " مجدو" في منطقة مرج بني عامر.

منذ تاريخه لم يصدر حكم نهائي بحق عمر وغيث، وأحكام السجن المؤبد تهدد حياتهم. 

وفي سجن جلبوع الشهير، في شهر مارس/ آذار 2022 ،عاد الاحتلال ليعتقل ابن عطاف جرادات منتصر (34 عامًا)، ليدخل في دائرة الأسرى هو الآخر مع والدته وشقيقه. 


وفي سجن " حومش" يقضي منذ 10 سنوات، شقيق عطاف، الشيخ محمد جرادات (71 عاما)، بالإضافة إلى 8 أفراد من عائلتها موزعين على سجون الاحتلال. 


تحدي الاحتلال بالكلمة 

على الرغم من القيد، والتغييب والتضييق الذي يمارسه الاحتلال على الأسيرة الجرادات، وعلى عائلتها، إلا أنها لا تتوقف عن إرسال الرسائل بين وقت وآخر رسائل للعالم، متحدية بذلك السجان. 

ففي رسالتها لعائلتها بعد هدم منزلها في مارس/ آذار عام 2021 كتبت: "نحن في سجون الاحتلال نستمد القوة والعزة والثبات من صمودكم وتكاتفكم، ولن يكسرنا هذا العدو الغاشم، ولن يكسر عزيمتنا، ولن تُرفع للظالمين راية، ولن تحقق لهم غاية، وستبقى كلمة الله هي العليا، أهلي وإخوتي وأبنائي ووطني وشعبي اعتصموا بحبل الله جميعًا”.

وأضافت"على الرغم من الألم كنت أتمنى أن أكون بين أبنائي وأهلي، والوقفة المشرفة التي شاهدناها من أبناء شعبنا في كل المناطق رفعت عزيمتي وصمودي وصبري، والحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه، وبإذن الله لن يتوقف هذا الصمود والجهاد حتى تحرير الأقصى، ورفع راية الإسلام".

 

أسر لا يعترف بالإنسانية

نقلت الأسيرة عطاف جرادات إلى سجن الرملة، لتعيش داخل غرفة صغيرة جدا، دون وجود متنفس أو نافذ. 

الزنزانة التي تعيش فيها،لا يوجد بها سرير، فعطاف تنام على كرسي، ما سبب لها آلاما حادة في الظهر والرقبة. 

عطاف جرادات تعيش داخل سجن الرملة مرافقة للأسيرة فاطمة شاهين التي تعرضت لإطلاق نار من جيش الاحتلال عند اعتقالها، ما أدى إلى إصابتها بالشلل، وما زالت تعاني من آلام حادة. وانتفاخ مكان الإصابة يسبب لها أوجاعا حادة تجعلها مستيقظة طوال الليل.

كما تفرض عليها إدارة السجون عقوبات إضافية، فهي محرومة من زيارة أهلها أو التواصل معهم عبر الهاتف العمومي، إضافة إلى أن ساحة الفورة سيئة جدا ومتسخة، وهناك صعوبة في الوصول إليها. 

 حرية تقترب بجهود المقاومة

يوم الجمعة الماضي، تحول إلى بصيص أمل للعديد من العائلات الفلسطينية، فالهدنة التي دخلت حيز التنفيذ، تنص على إخراج 100 أسيرا فلسطينيا، متوقع أن تكون عطاف جرادات من ضمنهم. 

فبعد إسراء جعابيص، التي رأت نور الحرية يوم أمس، تقف جرادات في طابور الإفراج الحر، لتعلن أن لا يمكن للاحتلال أن يكسر من عزيمة الأسرى، والمقاومة، وشعب يعيش منذ عشرات السنين تحت قيد الاحتلال ولم يرضخ. 

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: الأسرى الفلسطينيين الحرب في غزة قطاع غزة الضفة الغربية سجون الاحتلال

إقرأ أيضاً:

عربي21 ترصد حكايات وشهادات موجعة من معاناة الأسرى الفلسطينيين (شاهد)

"غزة الشهداء والأبطال.. غزة هي فلسطين، دمائها سالت من أجل فلسطين والمسجد الأقصى، فتحية لغزة وأطفال غزة ونساء غزة وشهداء غزة" هكذا عبّر الأسير المحرّر، أحمد بديع، عن سعادته بمُعانقة الحرية، فيما ذرفت عينيه الدموع ألما.

وبكثير من الفرحة الممزوجة بفيض من الألم، وبالرّغبة الملحّة للبكاء الطويل، كشف أسرى كُثر، بعضهم قبع في سجون الاحتلال الإسرائيلية لقرابة نصف قرن، فأفرج عنهم ضمن صفقة التبادل، جرّاء وقف إطلاق النار على غزة، عن جُملة ممّا واجهوه من تحدّيات نفسية واجتماعية وأيضا اقتصادية، كانت قاسية.



في هذا التقرير، رصدت "عربي21" عدّة مقاطع فيديو، توثّق بالصوت والصورة اللحظات الأولى  التي عانق فيها الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم، لشمس الحرية في غزة والضفة الغربية.


حكايات موجعة
مشاهد كثيرة، تسارع تداولها على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، تميط اللّثام عن وجع فلسطيني آخر، ظلّ خامدا، يرتبط بالأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وما عايشوه من آلام، قد لا تعبّر عنها الكلمات؛ فيما تصرخ نظراتهم بالكثير من الوجع على الرغم من الابتسامة البادية على شفاههم.

عزمي نفاع، هو أسير جريح محرّر من سجن عوفر، لم يكن يتوقّع أن يتنفس هواء الحرية مرة أخرى خارج سجون الاحتلال الإسرائيلي، يروي لحظة الإفراج عنه، بصوت حزين يختلط فيه البكاء: "نادى عليا السجان، قُلت له نعم؟ وأنا ظننت أنه بسبب الأكل، لكن بعد أن تأكدت من خروجي شعرت براحة نسبية، لأننا كنا نترقّب الأخبار داخل السجن وكان لدينا أمل في إنهاء الحرب في غزة".

"ما شاء الله عنه كان قد الحمل وقد الإصابة، أهم اشي إني ألمسه إلي 9 سنين وأربع شهور مش لامسته".

- والدة الأسير عزمي نفاع، في انتظار ابنها.
يذكر أنه تم إعلان اعتقاله مصاباً بإصابة خطيرة بعد نفي ارتقائه في عام 2015، ليحكم عليه بالسجن 20 عاماً، وقد تعرض للإهمال الطبي طوال فترة أسره pic.twitter.com/KLDXKmaSCj — ق.ض ???? (@qadeyah_) January 25, 2025
وعلى خلفية أصوات المستقبلين، الصّادحين بقول: "الله أكبر"، تابع الأسير الفلسطيني المُفرج عنه: "أخرجوا الناس المحكوم عليهم بالمؤبد يوم الأربعاء الماضي، وفي تمام الساعة الخامسة صباحا كنت مستيقظا، وأشعر أن اسمي موجود معهم بالقائمة".

وأوضح نفاع، وهو يرتعش بين الفرحة والحزن البادي على محياه: "كل أسير منّا لديه دائما شعور بالخوف من ألاّ يفرج عنه، وأنا أتمنى أن تنتهي الحرب وينتهي الحصار ويعيش أهل غزة في أمن واستقرار".

"نمت بغرفة ستي.. صحيت الصبح وشفت الشمس، شعرت إني بحلم وصاحي على العدد"

-المحرر عزمي نفاع من جنين يروي مشاعر أول ليلة في أحضان عائلته بعد قضائه 10 أعوام في سجون الاحتــلال. pic.twitter.com/3Q6tdk4XNE — ق.ض ???? (@qadeyah_) January 27, 2025
"جوّعونا بس احنا شبعانين"
عقب سنوات طويلة من الأسر، وما يُصاحبه من تعذيب والكثير من الانتهاكات الماسّة بحقوق الإنسان التي تُمارس على الأسرى الفلسطينيين داخل أسوار سجون الإحتلال الإسرائيلي، تأتي لحظة الإفراج، لتفيض معها كافة الأوجاع الدّفينة. وترسم معها أيضا ملامح عرس وطني في المدن والقرى الفلسطينية. 

يقول الأسير المحرر، ناجي بشارات: "جوّعونا بس إحنا شبعانين بعزتنا وكرامتنا"، مردفا: "علينا أن نترحم على شهدائنا الذين سقطوا على هذه الأرض، ولن ننسى شهدائنا وعلينا الدعاء لهم دائما لأنهم ضحوا بأرواحهم من أجلنا".

"يا ريت فقدت روحي ولا فقدت قائدي الســـنوار"..

كلماتُ المُحرر ناجي بشارات (كان محكوماً بـ3 مؤبدات)، لكن المقاومة حررته بصفقة التبادل. pic.twitter.com/Y4fBv4Qblv — شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) January 25, 2025
من جهته، يكشف الأسير المحرّر، أحمد موسى، بنبرة حزينة: "نرسل قبلة على جبين كل أم شهيد فلسطيني ضحى من أجل هذه اللحظة التاريخية، وتحية لكل شهيد ولبحر ورمال غزة".

موسى، الذي قضى خلف القضبان 13 عاما، من أصل 27 عاما كان محكوما بها في سجون الاحتلال، شدّد على ضرورة توحيد الصفوف والجهود والتجمع حول القضية الفلسطينية، وأن يسأل الجميع الله سبحانه وتعالى لتحرير كامل الأرض الفلسطينية لأهلها.

#صور قبل وبعد الاعتقال ..
صور توضح ماذا فعل الاحتلال الصهيوني بملامح الأسرى الجميلة بكل وحشية.
"الأسير عزمي نفاع ، و الأسيرة إسراء الجعابيص والفتى الجريح محمد التميمي " pic.twitter.com/4ztZIfGzTt — عزيز | Aziz (@bdlksa) October 15, 2018 ????حشد كبير من الأهالي في استقبال الأسرى المحررين في #رام_الله ضمن صفقة التبادل المبرمة مع المقاومة الفلسطينية.

????الأسير #سائد_فايد من #قلقيلية يلتقي نجله بعد 20 عام من الاعتقال في سجون الاحتلال.#طوفان_الأحرار #فلسطین pic.twitter.com/j4nhYO7H6v — Ahmad Farhat | أحمد فرحات (@AhmadAc7890) February 1, 2025
رسائل صمود وإقبال على الحياة
رغم بكائه المُستفيض ألما، على فُقدانه لزوجته وابنته، جلس أسير محرّر على الرّصيف طلبا من الله الصّبر والرّضا؛ في مشهد انتشر كالنار في الهشيم على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وخلّف دعما معنوي واسع مع وجع الأسرى المحررين بعد سنوات طوال.

أسرى غزة يُطلق سراحهم ولا يجدون من يستقبلهم.
في هذا المشهد، يخبر الأب ابنه الأسير المحرر باستشهاد جميع أفراد أسرته.
كثير من أسرى غزة حالتهم مشابهة، والله إن القلب ليفجع .

حتى فرحة الحرية حرمنا منها. . pic.twitter.com/4fufrmLhqn — Tamer | تامر (@tamerqdh) February 1, 2025 "من العزل.. من نصف متر.. إلى الحرية وإلى السماء".. المحرر محمد العارضة. pic.twitter.com/RJmx2kHamH — ق.ض ???? (@qadeyah_) January 29, 2025
أما والدة الأسير محمد العارضة، قد احتلّت السعادة وجهها بإطلاق سراح نجلها المقيد حريته في سجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة 24 عاما، تقول: "أنتظره كل يوم منذ 24 سنة، وكنت أموت وأسمع صوته".

في خضمّ مشاهد الأسى ارتسمت الفرحة على وجوه الأسرى ومستقبليهم، في صورة جسّدت ما يوصف بـ"الصمود الفلسطيني"، وفي إشارات صارخة للإقبال على الحياة واستمرار النضال والمُقاومة حتى التحرر الكامل.


وفي سياق متصل، وثّقت مقاطع فيديو، مُختلفة، خلال الأيام القليلة الماضية، بأنامل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، من قلب شمال غزة، لما آل إليه الوضع في الشمال، بعد ما وصف بـ"العودة المصغّرة" لأهله، ممّن كانوا قد هجّروا سلفا.

ومن المقاطع التي حظيت باهتمام رواد التواصل الاجتماعي، ومن قلب غزة وصلت للعالم، ما أظهرت لصمود شباب غزة، وهم يزيحون الرّكام عن منازلهم التي وجدوها قد سوّيت بالأرض. بوسائل بسيطة وبقبضة رجل واحد، أزيح البعض من الركام، لتوضع الخيام، إعلانا للإصرار عن الحياة، والحق في البقاء.

مقالات مشابهة

  • عاجل| أول رسالة من أربيل يهود بعد الإفراج عنها ومغادرة قطاع غزة
  • جحيم سجون الاحتلال.. شهادات جديدة من معتقلي غزة
  • الأردن يرفض استقبال الأسيرة أحلام التميمي ويخيّر حماس بين ترحيلها أو تسليمها لواشنطن
  • عربي21 ترصد حكايات وشهادات موجعة من معاناة الأسرى الفلسطينيين (شاهد)
  • قبور للأحياء.. المرصد الأورومتوسطي يكشف الأوضاع داخل سجون الاحتلال
  • “قبور للأحياء”: الحالة الصحية التي يخرج بها المعتقلون الفلسطينيون من سجون إسرائيل تعكس تعذيبًا وتجويعًا ممنهجًا
  • دفعة جديدة من الفلسطينيين المُفرج عنهم من سجون الاحتلال يصلون إلى بيتونيا
  • حماس: خروج أسرانا من سجون الاحتلال إلى المستشفيات يؤكد بشاعة ما يتعرضون له
  • الاحتلال يفرج عن الأسير الأردني علي نزال / فيديو
  • “حماس” تعلن الإفراج عن 183 أسيرا من سجون الاحتلال ضمن الدفعة الرابعة السبت