بعد ما حدث بين حماس وإسرائيل.. ما هي الهدنة ومتى تُطلب؟
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
الهدنة هي مصطلح يستخدم لوصف اتفاق مؤقت بين الأطراف المتحاربة لتعليق الأعمال العدائية، يمكن أن تكون الهدنة طويلة أو قصيرة الأمد وتستخدم لتحقيق أهداف معينة، مثل تبادل الأسرى، أو تقديم المساعدة الإنسانية، أو إعطاء الفرصة للدبلوماسية لحل النزاع، حيث تأتي أهمية الهدنة بدورها الحاسم في تقليل حدة العنف وتوفير الفرص لحل النزاعات كما يمكنها تحسين ظروف المدنيين المتأثرين بالنزاع.
وترصد بوابة "الفجر" في السطور التالية جوانب الهدنة ومتى يتم طلبها كالآتي:
قانون الحرب البرية
يعرف «قانون الحرب البرية» للجيش الأمريكي، الصادر سنة 1956، الهدنة وما يجب أن تغطيه من مواضيع. فبحسب «قانون الحرب البرية» «الهدنة (أو وقف إطلاق النار، كما تدعى أحيانًا) هي توقف القتال الفعلي لفترة تتفق الدول المتحاربة عليها، إنها ليست سلامًا جزئيًا أو مؤقتًا؛ إنها فقط توقف العمليات العسكرية إلى المدة التي تتفق الأطراف عليها»، حيث اكتسبت الهدنة في العقود الأخيرة أهمية اتفاقية دولية لأنه لم يعقبها في معظم الحالات اتفاقية سلام كما كانت العادة سابقًا، لأنها بقت الاتفاق الأخير الذي يضع حدا للاقتتال بين الأطراف المتنزعة.
متى يتم طلب الهدنة؟
يقوم أحد أطراف المتحاربة بالتقدم بطلب هدنة إلى الطرف المضاد في النزاع وبعد عدة مفاوضات ولقاءات يتم التوقيع على الهدنة من قبل الأطراف المتنازعة التي قامت بالتفاوض، ولا يهدف الطلب إلى وضح حد إلى الحرب ولكن لوقف العمليات الاقتتالية ويسمح للطرف الذي طلب الهدنة لتجنب الإذلال من الطرف الآخر، وقد تكون الهدنة في الواقع مذلة جدا للخاسر إذا يمكن الهدنة أن تجبر الطرف الأضعف على التخل عن جزء من أرضه أو دفع تعويضات للإضرار التي أحدثها خلال الحرب.
ما هي جوانب الهدنة؟
سريان الهدنة: كان من المعتاد في الماضي مدة سريان الهدنة ولكن في العصور الحديثة لم يعد يحدد مدى سريان الهدنة، ويفترض هوارد ليفي، إنه ذلك يفسر بسبب افتراض أن هناك اتفاقية سلام وشيكة في الأفق. في حال لم تحدد اتفاقية الهدنة فترة سريانها فإنها تظل سارية إلى أن يشجبها أحد الأطراف، ورغم عدم وجود قانون يتطلب الشجب، فمن المؤكد توقع إعلان أن الشجب سيكون نافذًا فقط بعد فترة محددة من الزمن أو في زمن مستقبلي محدد، وليس عندما يصل القذف المدفعي.
المنطقة الحرام: يعتبر هوارد ليفي أن تضمين بند يحدد خط فاصل أو منطقة محرمة رغم عدم وجود أي شرط محدد في أية اتفاقية حول قانون الحرب يتعلق بضرورة وجود خط فاصل أو منطقة محايدة (يشار إلى الأخيرة أحيانًا بأنها «no-man's land المنطقة الحرام»)، سيكون مفيدًا لتجنب حوادث قد تنتج عن إهمال أو دون قصد وتؤدي إلى استئناف القتال.
التعامل مع سكان الطرف الآخر: في كل هدنة تقريبًا، تكون أراضي أحد الأطراف المتنازعة محتلة من قبل الطرف الآخر مما يؤدي إلى تواجد مدنيين تحت سلطة الطرف المعادي. في حالة عدم وجود أي بند في اتفاقية الهدنة يحدد هذا الموضوع فإن «وجيز الحرب البرية» للجيش الأمريكي ينص على أن تظل هذه علاقات السلطة مع السكان كما هي ويضيف أن كل دولة محاربة «تستمر في ممارسة الحقوق نفسها كما من قبل، بما فيها حق منع أو تقييد أي اتصال بالسكان الذين يعيشون ضمن خطوطها وبالأشخاص الموجودين ضمن خطوط العدو».
الأعمال المحظورة: لا يحدد أطراف النزاع في اتفاقيات الهدنة ما ل يجب أن يقوم به الطرف الآخر إلا فيما يخص بالعمليات العسكرية كما أن الأطراف المتنازعة تحاول تجنب الأعمال التي قد تغضب الطرف الآخر. ولكن يقع كل عمل قد يشكل انتهاكا للهدنة في إطار ما عرّف بأنه «عمل محظور»، فعلى سبيل المثال فرغم عدم الأعمال المحظورة في اتفاقية الهدنة الكورية، فإن إنزال قوات كوماندو تابعة لكروريا الشمالية في كوريا الجنوبية للقيام يمهمات خاصة كمحاولة اغتيال رئيس الجمهورية الكورية أو انتهاكات للمنطقة منزوعة السلا تتعتبر من الأعمال المحظورة.
أسرى الحرب: يجيز القانون الدولي «العودة الطوعية إلى لوطن» ويعود حق العودة الطوغية إلى الحرب الكورية إذ شكل موضوع أسرى الحرب أصعب المشاكل التي واجهت المتفاوضين أثناء المفاوضات حول اتفاقية الهدنة الكورية، واستغرق حلها أكثر من عام. فقد أصرت قيادة الأمم المتحدة على «العودة الطوعية إلى الوطن»، مما يعنى أن أسير الحرب حر في العودة إلى الجيش الذي خدم فيه عند أسره، أو الذهاب إلى مكان آخر إذا أراد ذلك، وطرح هذا الموضوع بسبب تجنيد الكوريون الشماليون كل الكوريين الجنوبيين الذين كانوا في عمر الجندية عند احتلالهم للنصف الجنوبي ولكن تم أسر جزء منهم من قبل الجيش الكوري الجنوبي وقام جزء آخر بالاستسلام إلى الجيش ولم يرغبوا بـ «العودة» إلى كوريا الشمالية.
الآلية الاستشارية: تشكل خلال الهدنة لجان تقوم بمراقبة اتفاقيات الهدنة، ففي خلال الحرب الكورية تم تشكيل «لجنة الدول المحايدة للعودة إلى الوطن»، للإشراف أسرى الحرب كما شكلت «لجنة الهدنة العسكرية» (بفرق مراقبين مشتركة) للإشراف على تطبيق الهدنة نفسها كما كانت مهمة «لجنة الدول المحايدة للرقابة» (بفرق تفتيشها الخاصة) ضمان الالتزام بأحكام معينة في اتفاقية الهدنة.
المسائل العسكرية والسياسية متفرق: قد يكون أطراف التفاوض عسكريون كما يمكن أن يكونوا ديبلوماسيون فعلى سبيل المثال، تم التفاوض على اتفاقية الهدنة الكورية من قبل ضباط عسكريين، بينما تم التفاوض على «اتفاقية وقف الأعمال العدائية» في فيتنام من قبل دبلوماسيين، فيخول للمتفاوضون العسكريين في بعض الأحيان من قبل حكوماتهم مناقشة الأمور السياسية، فعلى سبيل المثال أصر «وفد قيادة الأمم المتحدة المفاوض» على مناقشة أمور عسكرية وليس سياسية، فقد شملت المادة الرابعة من اتفاقية الهدنة الكورية شرطًا يوصى القادة العسكريون فيه الحكومتين بأن يعقد الطرفان، خلال ثلاثة أشهر من توقيع الاتفاقية، مؤتمرًا سياسيًا للبت في مسائل معينة أبعد من صلاحيات القادة العسكريين.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: حماس وإسرائيل الحرب البرية الهدنة الهدنة بين إسرائيل وحماس تبادل الاسرى قانون الحرب الطرف الآخر من قبل
إقرأ أيضاً:
رغم الهدنة.. الأوكرانيون لا يعولون على أميركا ويتوقعون الأسوأ
كييف – شكَّل الاجتماع الأوكراني الأميركي في مدينة جدة بالسعودية منعطفا هاما قبل أيام، ففيه "أصغى" الأميركيون لمطالب الأوكرانيين، كمال قالوا، واستأنفت واشنطن بعده دعم كييف بالمال والسلاح، بعد أيام من مشادة حادة وخلافات بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
لكن الأهم من ذلك، كان مقترحا أميركيا يقضي بـ"هدنة مؤقتة"، يتوقف خلالها إطلاق النار بين الروس والأوكرانيين مدة 30 يوما، الأمر الذي لم يطرح له مثيل منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022.
تشاؤم "مبرر"وسارع الأوكرانيون للموافقة، وقالوا إنهم "أكثر من يريد وقف الحرب وإحلال السلام"، وإن "فلاديمير بوتين وُضع في زاوية اختبار الجدية"، أو أن "الكرة في ملعب روسيا"، حسب قول الأميركيين.
من جانبها، رحبَّت موسكو بالمقترح -من حيث المبدأ-، لكنها أبدت "تفاؤلا حذرا" بشأن التوصل إلى اتفاق، لاسيما مع وجود "خلافات حول قضايا جوهرية".
ولذا، اعتبر زيلينسكي أن "روسيا تسعى لمواصلة الحرب، وستحاول تعطيل السلام قدر الإمكان"، داعيا الولايات المتحدة لممارسة "ضغط كاف" يجبر بوتين على إنهاء الحرب.
وسرعان ما تبدد ذاك التفاؤل، بعد تصريح زيلينسكي، خاصة وأنه أُتبع بكثير من الآراء ووجهات النظر التحليلية التي برَّر خلالها الخبراء صعوبة تطبيق الهدنة المؤقتة بسهولة.
إعلان
واستعرض خبراء أوكرانيون جملة من الأسباب حول ذلك، أهمها:
مخالفة المصلحة الروسية: يقول الخبير فولوديمير فيسينكو، رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" إن "اجتماع جدة كان بمصلحة أوكرانيا، لأنه منحها أكثر مما توقع الروس وتوقعنا جميعا في حقيقة الأمر(الإصغاء الأميركي واستئناف الدعم ومقترح الهدنة).
وأضاف فيسينكو للجزيرة نت "موسكو ستعطل الهدنة، لأنها تعتبرها فترة تحتاجها كييف أكثر للراحة وإعادة الحسابات وترتيب الأوراق، ولهذا تشترط أمورا معينة، كوقف عمليات التسليح والتعبئة والتدريب، التي تعني بالضرورة زخما أكبر للعمليات القتالية فيما بعد، وهذا ليس في صالح الروس".
شروط روسية مستحيلة وسلام غير عادل: تحت هذا البند، يعلق الخبير كونستانتين إليسيف، مدير مركز "الحلول الجديدة"، على هذه الشروط، ويقول للجزيرة نت "يريد الكرملين هدنة تحمل طابع الاستسلام بالنسبة للأوكرانيين"، بمعنى "تخلوا عن الاستعداد لاستئناف القتال بينما أفعل أنا ذلك بكل قوة".
ويضيف أن "قبول شروط روسيا يؤسس لتنازلات إستراتيجية أكبر لاحقا، تتعلق بشكل السلام الدائم الذي تريده روسيا، وهو سلام غير عادل، يجردنا من السلاح وحق استرجاع الأراضي وعضوية الناتو".
ويتابع إليسيف أن اجتماع جدة "ربما كان ناجحا إلى حد ما بعد أسبوعين من التوتر مع واشنطن، لكنه لم يحرز أي تقدم فيما يتعلق بالضمانات الأمنية التي تضمن السيادة، ولم يكشف عن صورة السلام النهائية التي يرسمها ترامب".
لا ثقة بترامب والأميركيين: وهذا السبب أساسه ما حملته الأسابيع الماضية من توترات، ويقول عنه السياسي رومان بيزسميرتني، وهو سفير أوكرانيا السابق لدى بيلاروسيا، في حديث لموقع "نوفا فريميا"، إن "الأميركيين غير موثوق بهم اليوم، علينا أن ننسى كلمة إستراتيجية في التعامل مع ترامب".
وحسب بيزسميرتني، فإن ترامب يستخدم في الحياة وفي الأعمال التجارية مبدأ "السرقة والهروب"، ويريد "القفز سريعا من سفينة الحرب"، في إشارة إلى سعي ترامب "لإنهاء الحرب -بأي شكل- حتى لو كان مرفوضا من جميع الأطراف، والخروج منها بعقود تجارية ضخمة لصالح بلاده".
إعلاناستحالة التطبيق على الأرض: وسواء قبل الروس الهدنة أم لم يفعلوا، لأن خطوط المواجهات -وفق الخبير فيسينكو- غير ثابتة، وهي تمتد أكثر من 1200كلم وتتغير كل يوم، ناهيك عن اعتبار روسيا أن معظم تلك الخطوط يقع ضمن أراض أوكرانية احتلتها ثم ضمتها وباتت تعتبرها جزءا من الأراضي الروسية.
سيناريوهات
وأمام ما سبق، استبعد كثيرون تطبيق الهدنة، وإن تمت بشكل أو بآخر، لا يرى فيها آخرون أساسا يُمهِّد لنهاية الحرب.
ويقول الخبير إليسيف "لم يوافق بوتين ولم يرفض، في المعجم الدبلوماسي، عندما تقول (نعم) ثم تقول (لكن)، فإن كل ما يأتي قبل (لكن) لا يهم، مطلقا، الروس لا يريدون وقف إطلاق النار".
ويضيف أن ما يحدث الآن "بداية طريق طويل نحو فكرة وقف إطلاق النار. من الواضح أن لدى الأميركيين أدوات معينة للضغط على بوتين، وهذا ما لمّحوا إليه فعلا".
ويعتقد الخبير إليسيف أن الهدنة قد تكون هشَّة، ولن تكون بداية لنهاية الحرب، وأن "أوكرانيا تقف أمام 3 سيناريوهات، إذا تمت الهدنة فعلا، أولها وأفضلها أن تُدفع روسيا نحو الهدنة والسلام المقبولين بتشديد العقوبات، وأن تُعزَّز أوكرانيا بإمداد ضخم من الأسلحة والصواريخ بعيدة المدى والتمويل، وما إلى ذلك، إذا كانت الهدنة ضعيفة فعلا".
أما السيناريو الأخير، وهو الأسوأ بالنسبة للأوكرانيين وفق مدير مركز "الحلول الجديدة"، فيتمثل بأن تمارس الولايات المتحدة الضغط على أوكرانيا بدلا من روسيا لإرضائها، وبهذا "نُدفع نحن نحو هدنة ونهاية للحرب لا تناسب إلا الروس".