الجزيرة:
2024-07-03@13:12:50 GMT

مركبات دوائية من نفايات الخشب.. السر في اللجنين

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

مركبات دوائية من نفايات الخشب.. السر في اللجنين

الحديث عن الاستخدام المستدام لنفايات الخشب، ينصرف عادة إلى الاستفادة من مركب "اللجنين" الموجود بها لإنتاج الوقود الحيوي، ولكن فريقا بحثيا هولنديا ألمانيا مشتركا أوجد لها استخداما جديدا، وهو إنتاج مكونات دوائية بالإعتماد على نفس المركب، وأُعلن عن هذا الاستخدام الجديد في العدد الأخير من دورية " أنجيواندتي كيمي إنترناشيونال إديشن".

و "اللجنين" بوليمر معقد، ويمثل إلى جانب السليلوز والهيميسيلولوز مكونات الخشب، وتبدأ أي محاولات لتوظيفه صناعيا بعمليتين، هما فصله من الخشب، ثم تحطيم البنية المعقدة له لإنتاج مركبات أبسط يمكن معالجتها وتحويلها إلى منتجات قيمة، وهي العملية التي تعرف باسم "إزالة البلمرة".

يشكل اللجنين في المتوسط نحو 20-30% من الوزن الجاف للخشب (شترستوك) فصل اللجنين وإزالة بلمرته

وتناولت أكثر من دراسة منذ الثمانينيات آلية عملية الفصل التي تتم باستخدام واحدة من ثلاث طرق:

التحلل المائي الحمضي؛ باستخدام مواد حمضية لتحطيم الجزيئات المعقدة إلى مكونات أبسط عن طريق شق روابطها الكيميائية. انفجار البخار؛ وهو معالجة ميكانيكية حرارية تستخدم لتحطيم الكتلة الحيوية. المعالجة الإنزيمية؛ باستخدام إنزيمات لتحطيم مركبات معينة في مادة بيولوجية.

أما إزالة البلمرة، فقد رصدتها أيضا عدة دراسات تحدثت عن 5 طرق، هي:

استخدام الهيدروجين تحت ظروف محددة مع مادة محفزة لكسر روابط المركب. استخدام عوامل مؤكسدة أو محفزات لتكسيره. استخدام مذيبات يمكنها إذابة اللجنين بشكل فعال. توظيف إنزيمات لها القدرة على تحليل اللجنين عن طريق كسر روابطه، مثل الليغنيناز الذي تنتجه بعض الفطريات. استخدام محفزات مختلفة -مثل الجسيمات النانوية المعدنية المدعومة- لتسهيل إزالة بلمرة اللجنين.

وبينما يُوظف اللجنين بعد هاتين المرحلتين في إنتاج منتجات عالية القيمة مثل الوقود الحيوي أو المواد الكيميائية الدقيقة، وسبق الإعلان عن تفاصيل عملية الإنتاج في دراسات سابقة، فإن الفريق البحثي بقيادة آنا هيرش من معهد هيلمهولتز للأبحاث الصيدلانية بألمانيا، وكاتالين بارتا من معهد ستراتينغ للكيمياء بجامعة غرونينغن بهولندا، أثبتا بنجاح أيضا في دراسة جديدة، أنه من الممكن استخدامه لإنتاج مكونات صيدلانية نشطة في عملية صديقة للبيئة.

استخلاص اللجنين الصالح لإنتاج مركبات دوائية من الأخشاب يتضمن تحديات نجح الباحثون في تجاوزها (شترستوك) نقطة البداية نحو الإنجاز

وكانت نقطة البداية للفريق البحثي نحو هذا الإنجاز، هي النجاح في ابتكار عملية فعالة لتحويل اللجنين بعد إزالة بلمرته إلى مادة أولية مناسبة استُخدمت بشكل مثالي لإنتاج مجموعة من المكونات النشطة المحتملة، حيث أنشأ الباحثون 4 فئات مختلفة من المواد، ولكل منها مشتقات متعددة.

وكانت الميزة الحاسمة في ذلك، أنه بالإضافة إلى إنتاج مادة أولية مبتكرة، فقد تم استخدام مذيبات غير ضارة وقابلة للتحلل الحيوي في هذه العملية، وبالتالي، فإن هذه المنصة القائمة توفر إمكانية الإنتاج المستدام والأخضر للمواد الأولية النشطة لتطوير الأدوية، وهو أمر نادر حتى الآن في صناعة الأدوية.

وبعد نجاح تحويل اللجنين إلى فئات مختلفة من المواد الفعالة المحتملة، فحصها الباحثون لمعرفة نشاطها البيولوجي، حيث اختبر قدرتها على التأثير على نمو أنواع مختلفة من البكتيريا، أو حتى الخلايا السرطانية.

وكانت المفاجأة السارة التي صادفت الباحثين هي أن العديد من المواد التي أُنتجت أظهرت نشاطا ممتازا، حتى ضد الجراثيم التي غالبا ما تُظهر مقاومة للمضادات الحيوية الشائعة في سياق سريري وبالتالي تسبب مشاكل كبيرة، وهذا يوضح أن الإستراتيجية الجديدة قادرة على تلبية الحاجة إلى مركبات جديدة.

التحول إلى الموارد المتجددة من شأنه أن يسهم إسهاما هاما في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري (شترستوك) اختبار يرقات عثة الشمع

واختبر الفريق البحثي بالفعل أحد المركبات الواعدة على يرقات عثة الشمع (وهي من أكثر الآفات الحشرية خطورة على شمع نحل العسل). وبالمقارنة مع اليرقات غير المعالجة، نجت أعداد أكبر بكثير من اليرقات من العدوى بالمكورات الرئوية العقدية عندما عولجت في الوقت نفسه بالمركب الذي أنتجه الباحثون، وهذه العدوى بالمكورات الرئوية يمكن أن تصيب البشر أيضا وتسبب التهابا رئويا حادا.

وتقول كاتالين بارتا أستاذ الكيمياء العضوية الحيوية والباحثة الرئيسية، في بيان صحفي نشره الموقع الإلكتروني لمعهد هيلمهولتز للأبحاث الصيدلانية بألمانيا بالتزامن مع نشر الدراسة: "تؤكد هذه النتائج فعالية المركبات التي أتاحتها تقنيتنا، والتي كان يصعب الوصول إليها بطريقة أخرى، وباستخدام مادة تعتبر في العادة نفايات".

وتضيف: "نحن على يقين بأن عمليات الإنتاج في المستقبل يجب أن تكون خضراء ومستدامة، واليوم هناك بالفعل نقص حاد في الموارد في بعض أجزاء إنتاج الأدوية، لذلك، إذا تمكنا من تقديم بديل مجدٍ اقتصاديا بالاعتماد على اللجنين، فهذا من شأنه أن يعالج مشكلتين في وقت واحد".

وبما أن إنتاج المكونات النشطة يستخدم في كثير من الأحيان مواد بترولية، فإن التحول إلى الموارد المتجددة من شأنه أن يسهم إسهاما هاما في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، كما تؤكد بارتا. وتقول: "نخطط خلال الدراسات القادمة لإجراء مزيد من البحث من أجل تحسين هذه المركبات الواعدة".

تجهيز اللجنين للاستخدامات الصناعية يبدأ بفصله من الخشب ثم إزاله بلمرته (شترستوك) تحدي الإنتاج التجاري

ومن جانبه، يبدي محمد صفوت الباحث بقسم الصيدلانيات بكلية الصيدلة بجامعة جنوب الوادي في مصر، إعجابا بما توصلت له نتائج البحث، كونها عالجت مجموعة من أبرز التحديات التي واجهت الباحثين في محاولات سابقة لتوظيف اللجنين في إنتاج مكونات دوائية.

ويقول صفوت في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت": "من بين التحديات، كان هيكل اللجنين المعقد وغير المنتظم، والذي صعّب من مهمة التعامل معه كيميائيا وتعديله إلى مركبات صيدلانية محددة، ولكن الباحثين أعلنوا أنهم نجحوا في تفكيكه إلى جزيئات أصغر ومفيدة مع الاحتفاظ بالخصائص المرغوبة لتخليق المركبات الدوائية، كما كانت المواد التي تستخدم في عملية استخلاص اللجنين تحدث تغييرا في تركيبه الكيميائي يؤثر بشكل كبير على مدى ملاءمته للاستخدام الدوائي، ولكن الباحثين أعلنوا أنهم استخدموا مذيبات غير ضارة، وقطعوا خطوة أبعد باختبار فعالية تلك المركبات معمليا في تجارب كان نجاحها تأكيدا على قدرتهم على مواجهة هذه التحديات".

ويظل هناك تحديان آخران ينبغي أن يعمل الباحثون عليهما إن أرادوا أن يكتب لفكرتهم النجاح والتحول من النطاق المعملي إلى التطبيق الصناعي. ويوضح صفوت، أن الباحثين بحاجة إلى إجراء مزيد من الدراسات للتأكد من أن المركبات الجديدة التي تم إنتاجها لا تظهر أي نشاط بيولوجي غير مرغوب فيه عند استخدامها أو تحمل أي نسبة سمية، وهذا أمر بالغ الأهمية قبل نقلها إلى التجارب السريرية، وإذا تأكد ذلك، سيتبقى إثبات أن الإنتاج الاقتصادي الواسع النطاق للمركبات الدوائية من اللجنين قابل للتطوير وفعال من حيث الكلفة.

ويتوقع صفوت أن يفتح نجاح الباحثين في إثبات أمان مركّباتهم، الطريق نحو الإنتاج الاقتصادي الذي سيكون التحدي الأيسر والأسهل في تقديره، بسبب الحجم الكبير للمخلفات التي يتم التخلص منها سنويا، والتي تحتوي على مركب اللجنين.

ويشكل اللجنين في المتوسط نحو 20-30% من الوزن الجاف للخشب، وتوجد مليارات الأمتار المكعبة من نفايات الخشب المتولدة سنويا من الاستخدامات المختلفة لتلك الخامة، لذلك فإن الإنتاج السنوي المحتمل من اللجنين يمكن أن يصل إلى ملايين الأطنان على مستوى العالم، وهو ما يجعلنا أمام أكبر مصدر متجدد لإنتاج المركبات الكيميائية على الكوكب، كما وصفه الباحثون في دراستهم.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

هوكشتاين في باريس اليوم لإقناع الفرنسيين.. ماذا عن الاتفاق السرّي لمنع التصعيد؟!

خلال زيارة كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين الأخيرة الى لبنان والمنطقة في 17 و18 و19 حزيران الفائت، كان يُفترض أن تتواصل لتُصبح "جولات مكوكية" بين لبنان والعدو الاسرائيلي. أمّا الهدف الأساسي منها فهو منع التصعيد جنوباً، وعدم الانجرار الى حرب موسّعة قد تتحوّل الى حرب إقليمية، وربما الى حرب عالمية ثالثة.
وكتبت دوللي بشعلاني في" الديار": يبدو، على ما تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة، أنّ هوكشتاين لم يتمكّن من إقناع الإسرائيليين بضرورة التراجع عن فكرة شنّ حرب موسّعة على لبنان، أو على الأقلّ الإعلان عن ذلك، في ظلّ التهديدات المتواصلة التي تؤكّد حصول "الضربة"، وأنّ المسألة لا تتعلّق سوى بالتوقيت. ولهذا فهوكشتاين لم يملّ، وهو لا يهدأ ولن يستكين، قبل أن يتمكّن من التوصّل الى إنجاز "إتفاق برّي" بين لبنان واسرائيل على غرار الاتفاق السابق لترسيم الحدود البحرية.
وتتجه الأنظار الى الوجهة الجديدة للوسيط الأميركي وهي باريس، حيث سيلتقي اليوم الأربعاء الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان ومسؤولين آخرين، على أن يكون الملف اللبناني بشقّيه الرئاسي والحدودي حاضراً على الطاولة... وكان لودريان قد أطلق كلاماً خطراً خلال زيارته الأخيرة الى بيروت، عن أنّ "لبنان السياسي سينتهي، إذا بقيت الأزمة على حالها ومن دون رئيس للجمهورية، ولن يبقى سوى لبنان الجغرافي".
وكشفت الأوساط نفسها، أنّ الرجلين سيبحثان ما يُسمّى بـ "الورقة المشتركة" الأميركية- الفرنسية، والتي هي عبارة عن اقتراحات مقدّمة من البلدين، تحت عنوان "اليوم التالي للحرب". وتنصّ بنودها على ضرورة خفض التصعيد عند الجبهة الجنوبية، والذهاب الى حلّ ديبلوماسي يهدف الى وقف إطلاق النار جنوباً، ومن ثمّ التوافق على الترتيبات السياسية والأمنية المتعلّقة بالحدود البريّة، أي مواصلة المفاوضات غير المباشرة حول حلّ النقاط الـ 13 المتحفّظ عليها لبنان عند الخط الأزرق، وتطبيق القرار 1701. في الوقت الذي يواصل فيه البلدان السعي الى خفض التوتّر على الحدود، لا سيما بعد التصعيد الأخير، لا سيما الغارة "الإسرائيلية" التي طالت جنوب لبنان وأدّت الى استشهاد طالب سامي عبدالله، أحد كبار المسؤولين في حزب الله، وجرى الردّ عليها بإطلاق مئات الصواريخ والمسيّرات بدون طيّار على إسرائيل لمدة ثلاثة أيّام.
وأكّدت الاوساط أنّ الاتفاق المبدئي لإنهاء الأعمال العدائية، مشروط بوقف إطلاق النار في غزّة. ولهذا يسعى هوكشتاين الى إقناع الفرنسيين بمناقشة الأمر مع حزب الله، بهدف مواصلة ما جناه في البحر. كما سيضعهم في إطار المحادثات التي أجراها خلال زيارته الأخيرة الى لبنان والمنطقة.
ويقول العارفون انّ اتفاقاً سريّاً مع هوكشتاين قد أنجز، سيما أنّ طهران قد وافقت عليه، كونها لا ترغب في حرب شاملة في المنطقة، كذلك إسرائيل تُهدّد لكنها تعلم أنّ الخروج من حرب موسّعة، لن يكون سهلاً بمقدار الدخول فيها. وتساءلت الأوساط الديبلوماسية ذاتها: لماذا يبقى الاتفاق سريّاً؟

أمّا مسألة انسحاب فرقة الرضوان مسافة 8 كيلومترات من جنوب الليطاني، فيرى حزب الله أنّ لا بدّ وأن يُقابله تراجع القوات "الإسرائيلية" الى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة بمسافة مماثلة، وإلّا فليس هناك أي اتفاق.
 

مقالات مشابهة

  • إيّاك أن تستحم مدة تزيد على 5 دقائق.. لهذا السبب الصادم
  • هوكشتاين في باريس اليوم لإقناع الفرنسيين.. ماذا عن الاتفاق السرّي لمنع التصعيد؟!
  • الإبهام الثالث.. ماذا يمكنك أن تفعل بإصبع إضافي في يدك؟
  • مسح لـ"بلومبرغ": إنتاج "أوبك" النفطي في يونيو يستقر للشهر الثالث
  • لأول مرة.. ثلاث مركبات فضائية مأهولة مختلفة تلتحم بالمحطة الفضائية الدولية
  • دراسة: النظام الغذائي للآباء يمكن أن يمنع السمنة لدى نسلهم
  • الذهب الأخضر
  • الطائف.. رفع 35 ألف طن نفايات ودعم المواقع السياحية بفرق وآليات
  • وزير الإنتاج الحربي يتابع تنفيذ أول محطة بمصر لإنتاج الطاقة الكهربائية من المخلفات
  • وزير الزراعة: شركات القطاع الخاص لديها تجارب تطبيقية ملموسة لإنتاج تقاوي البطاطس