صدر العدد الجديد من مجلة الفنون الشعبية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، متضمنًا مجموعة مختارة من دراسات ومقالات تغطي جميع جوانب ذلك الفن الذي عرفه قدماء المصريين من خلال الاحتفالات الدينية ووفاء النيل، ثم تغيرت أشكاله بتغير الحضارات التي مرت على البلاد

محتويات العدد الجديد من الثقافة الشعبية:

ويستهل العدد بتحليل للأديب الراحل يوسف إدريس عن حال المسرح المصري باحثًا عن فرادته وتميزه عن غيره؛ حيث إن للمسرح أشكالًا كثيرة متعددة موجودة في حياة كل شعب، وليس شكلًا واحدًا متمثلًا في المسرح الإغريقي، فقد مرَّ المصريون بتغيرات حضارية كبيرة، فعرفوا المسيحية ثم الإسلام وتعصبوا لهما، فخرجت ذكريات الحضارة القديمة على شكل إسلامي المظهر والمحتوى، فجاءت احتفالات رمضان، وحفلات الذكر، ووفاء النيل، وعادت مجالس القصاصين والحكائين، وازدهر خيال الظل والأراجوز.

أما عن المسرح المصري الحديث فيراه إدريس ولادة غير شرعية للمسرح الإغريقي؛ حيث اعتمد على الترجمة والاقتباس أولًا، والتمصير لاحقًا في مضمونه، لكن قالبه ظل مستوردًا. والمسرح- كأي فن- ظاهرة إنسانية اجتماعية لا بد لإنتاجها من بيئة معينة تتبع شعبًا معينًا، وتُنتج من أجل ذلك الشعب.

وينشر العدد دراسة للناقد الراحل عز الدين إسماعيل بعنوان "توظيف التراث في المسرح"، تناولت مسرحيات تزيد قليلًا عن الثلاثين، خلصت إلى تحديد شكلين عامّين للمسرحية المرتبطة بالتراث؛ أولهما يتمثل في ارتباط الكاتب بالتاريخ، أي بالتجربة التاريخية، زمانًا ومكانًا، والثاني يمزج فيه الكاتب مزجًا واضحًا ومتعمدًا بين التاريخ والواقع، فيتداخلان على نحو يصنع منهما بنية موحدة.

ويلاحظ إسماعيل ميل الكُتّاب للعودة إلى التراث الشعبي، متمثلًا في السّيَر الشعبية، وفي حكايات "ألف ليلة وليلة"، وفي حكايات الشطار والفُتّاك والصعاليك، وحكايات البيئات الشعبية المحلية وأغانيها. ويفسر هذا الميل بأن التراث الشعبي أكثر تمثيلًا لروح الشعب ومنطقه وطرز تفكيره ومعاييره في تقدير الأمور. والمسرح- أساسًا- مؤسسة جماهيرية شعبية، يُخاطب فيها الكاتب جمهوره، بل إنه يُؤلف ما يؤلف من خلاله.

وفي باب "نصوص شعبية" يتضمن العدد ستة نصوص منها: الأراجوز المصري، وهي: نمرة "البربري" للاعب محمد كريمة، وسُجّلت في مولد السيدة فاطمة النبوية (2005). النصوص الستة ضمن مجموعة الباحث الأكاديمي نبيل بهجت.

وفي باب الشهادات، يتضمن العدد اثنتي عشرة شهادة، من بينها "تجربتي في المسرح الشعبي.. كشف أثري" للكاتب المسرحي الراحل أبو العلا السلاموني، و"رحلة مع الأسئلة الأولية" للمخرج أحمد إسماعيل، و"شهادات المخرج" للمخرج حسن الجريتلي، و"استلهام التراث في مسرحنا المصري" للمخرج حسن الوزير، و"الموروث الشعبي.. شهادة على تجربة في الكتابة" لدرويش الأسيوطي.

وعن رحلة أقدم فرقة مسرحية مصرية كوّنها اللبناني "سليمان قرداحي" في الإسكندرية، ينشر العدد دراسة للناقد الأكاديمي سيد علي إسماعيل بعنوان "مسرح الفنون الشعبية المصرية في باريس 1889"، حيث بدأت عروض تلك الفرقة في الأوبرا الخديوية عام 1882، ثم كان آخر ذكر لها في الصحافة المصرية عام 1889. ويجد الباحث إشارات غامضة في مذكرات "عمر وصفي" إلى أن الفرقة سافرت إلى باريس.

وفي مقالة لـ"دولت أبيض" فإن عروض الفرقة في باريس أساءت إلى مصر وإلى الممثلين، حيث حوى إعلانها الذي صمّمه الإنجليزي سيمور واد، مدير المسرح، رسمًا كبيرًا لامرأة شرقية ترقص بملابس كاشفة كتب فيه أن الفرقة هي فرقة الأوبرا الخديوية، وهو ما وصل إلى الخديو وأثاره ضد قرداحي. وبعد أن قدّم له دعمًا قبل السفر إلى فرنسا، وسمح له باستخدام ما ضمته الأوبرا الخديوية من ملابس وديكورات، منعه من العودة إلى مصر.

ويتضمن العدد دراسة عن "الحكاية الشعبية في مسرح نجيب سرور" للباحث الأكاديمي عبد الكريم الحجراوي، تركز على أربعة نصوص مسرحية كتبها سرور بالعامية، واستلهم مادتها من حكايتين شعبيتين، هما: "ياسين وبهية" و"حسن ونعيمة"، وكان له يد السبق في استلهام هذه الحكايات مسرحيًا.

أما "استلهام التراث في المسرح الشعبي" فنجده في دراسة للناقد المسرحي أحمد عبد الرزاق أبو العلا عن المولد في ثلاث مسرحيات للكاتب أبو العلا السلاموني، وهي: "مولد يا بلد"، و"المليم بأربعة"، و"ملاعيب عنتر"، وتُجيب الدراسة عن كيفية معالجة الكاتب لموضوع المولد في هذه المسرحيات.

وفي مقال بعنوان "مسرحة التراث الشعبي إلى أين؟"، يطرح الناقد المسرحي أحمد خميس الحكيم تساؤله، فيرى أن مسألة تناول التراث الشعبي في أعمال كثير من الكُتّاب والمخرجين الجدد أصبحت شحيحة للغاية، بل تدور في أفلاك فكرية وجمالية متشابهة أو بسيطة التكوين, من دون محاولة جادة لكشف مناطق بكر أو تناول ذكي يُعطي الحكايات المتناولة وجاهةً وتجددًا.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الفنون الشعبية هيئة الكتاب الهيئة العامة للكتاب الثقافة التراث الشعبی فی المسرح

إقرأ أيضاً:

«المهن التمثيلية» تتدخل لإخماد فتنة «كان يا مكان»

نجوم الفن: يجب متابعة الأعمال قبل عرضها لتفادى التجاهل
عادل عوض لـ«الوفد»: ما حدث جريمة فنية وتاريخية لا يمكن السكوت عنها

 

حالة من الجدل أثارها كليب أغنية «كان يا مكان»، الذى قدمه الفنان تامر حسنى خلال حفل افتتاح الدورة الثامنة لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصرى، جدلاً واسعاً داخل الوسط الفنى والجماهيرى، بعد أن لاحظ كثيرون تجاهل ذكر عدد من رواد المسرح الكبار الذين أسهموا فى تأسيس تاريخه وصناعة مجده.
ورغم أن الكليب يهدف إلى تحية رمزية للفن المصرى ورواده، إلا أن ردود الفعل كانت قوية، خاصة من أسرة الفنان الراحل محمد عوض وبعض رموز الوسط الفنى، معتبرين أن الكليب لم يعطِ التقدير الكافى لرموز أساسية صنعت المسرح المصرى وخلدت اسمه فى الذاكرة الفنية.
أكد المخرج عادل عوض، نجل الفنان الراحل محمد عوض خلال تصريحاته لـ«الوفد»، بأن الكليب يعكس تجاهلاً فادحاً وغير مبرر لتاريخ والده، قائلاً: «لا يوجد أى اعتذار حقيقى فى بيان النقابة، مجرد تقدير للمشاعر، وهذا كلام تسويف يؤكد الظلم ولا يرفعه».
وأضاف: «كنت سعيداً فى البداية بظهور أسماء كبيرة مثل محمد صبحى ويعقوب صنوع وفؤاد المهندس، لكن صدمت بانتهاء الكليب دون أى إشارة لوالدى، الرجل الذى أفنى عمره فى خدمة المسرح وقدم أكثر من مائة عمل تُدرس حتى اليوم فى معاهد الفنون».
عادل عوض استعرض أهم أعمال والده التى أصبحت كلاسيكيات خالدة فى المسرح المصرى والعربى، منها: «القاهرة 80، ثرثرة فوق النيل، المهزلة الأرضية، يا طالع الشجرة، جولدفان هانم، شهرزاد، كنت فين يا على، نمرة 2 يكسب، راسب مع مرتبة الشرف، الكلمة التالتة، مركب بلا صياد، وأخلص زوج فى العالم».
كما أشار إلى أن والده أسس فرقة «الكوميدى المصرية»، التى ضمت نخبة من نجوم المسرح المصرى مثل نبيلة عبيد وشويكار وميمى جمال وخيرية أحمد والمنتصر بالله ووحيد سيف وثراء يونس ونسرين ومحمد صبحى، لكنه رفض أن تحمل اسمه رغم النجاح الكبير للفرقة.
ووجه عادل عوض رسالة حادة لإدارة المهرجان، قائلاً: «ما حدث جريمة فنية وتاريخية لا يمكن السكوت عنها، من أعطى تامر حسنى الحق فى تغيير خريطة المسرح المصرى؟ وأين المشرفون الذين سمحوا بعرض هذا العمل أمام الجمهور؟».
كما لفت إلى تجاهل أسماء أخرى مهمة، مثل: محمد رضا، توفيق الدقن، خيرية أحمد، أمين الهنيدى، وثلاثى أضواء المسرح، فيما شملت اللقطات فنانين محدودى الخبرة المسرحية، مما أثار استياء واسعاً.
عبرت الفنانة صفاء أبوالسعود عن صدمتها من غياب اسم محمد عوض، قائلة: «كنت أتمنى أن يجمعنى به تجربة مسرحية، لكنه لم يسعفنى الحظ، لاحظت أيضاً غياب عدد من عمالقة المسرح المصرى والعربى، من بينهم محمد رضا وخيرية أحمد وأمين الهنيدى وتوفيق الدقن».
وأكدت أنه كان من الواجب مراجعة الأسماء قبل عرض الفيديو، لكنها أبدت تفهمها لاحتمال حدوث الخطأ، مشيرة إلى إمكانية تصحيحه بسهولة بإضافة كوبليه جديد يضم هؤلاء العمالقة.
الفنانة سميرة أحمد شددت على ضرورة وجود إدارة دقيقة فى أى مهرجان فنى لمتابعة الأعمال قبل عرضها، حفاظاً على حقوق الفنانين وتاريخهم الفنى، وقالت: «التكريم الحقيقى يكون بالحفاظ على ذكرى هؤلاء العظماء واحترام تاريخهم».
من جانبها، الفنانة آمال رمزى أعربت عن استيائها، واصفة ما حدث بـ«الاستهتار»، مؤكدة أن محمد عوض من أهم نجوم المسرح الذين كان يجب أن يُدرج اسمه فى الكليب نظراً لإسهاماته الكبيرة.
الفنان أحمد نبيل رفض إثارة مشاكل، لكنه أعرب عن أسفه لتجاهل الإشارة إليه فى الفيديو، مشيداً بالتكريمات التى حصل عليها من الدولة ومن الجمهور، وقال: «الفنان محمد عوض تاريخ كبير وفنان عظيم، ومينفعش يتم تجاهله».
فى المقابل، أكدت نقابة المهن التمثيلية أن الأغنية كانت عملاً رمزياً تعبيرياً لا يحمل صفة التوثيق أو الحصر، وأن اختيار الأسماء جاء وفق اعتبارات فنية ورمزية بسبب قصر مدة الأغنية التى لا تتجاوز دقيقتين.
وأوضحت النقابة أن تامر حسنى لم يكن مسئولاً عن اختيار الصور أو الأسماء، بل كانت هناك جهة إنتاجية وشاعر كاتب الأغنية توليا المسئولية الفنية والتنفيذية، كما أعلنت النقابة أنها ستصدر نسخة جديدة من الأغنية تتضمن مشاهد إضافية لتكريم عدد أكبر من رموز الفن المصرى الراحلين، سعياً لتوسيع مساحة التقدير والوفاء لكل الأجيال التى أسهمت فى بناء الحركة الفنية.
وأشارت إلى أن النقابة بيت لكل الفنانين وأبنائهم، وأن رسالتها قائمة على الاعتراف والوفاء لكل من خدم الفن المصرى العظيم، دون تفرقة أو نسيان.
من جانبه، علق تامر حسنى على الكليب قائلاً: «تشرفت بتقديم كان يا ما كان لتكريم عظماء المسرح والفن المصرى، الأغنية من كلمات طارق على، وألحان كريم نيازى، وتوزيع مؤمن ياسر، وتحمل طابعاً درامياً مؤثراً يحتفى بتاريخ المسرح المصرى العريق.

مقالات مشابهة

  • «المهن التمثيلية» تتدخل لإخماد فتنة «كان يا مكان»
  • بحضور مستشار الرئيس ومحافظ أسوان.. الفنون الشعبية تزين أسوان في ديفيليه تعامد الشمس
  • الفنون الشعبية تزين أسوان في ديفيليه مهرجان تعامد الشمس
  • شهيرة خليل من معرض الزمالك.. المسرح والكوميكس يصنعان وعي الطفل
  • قصور الثقافة تطلق بعثة ميدانية لتوثيق التراث الشعبي في مطروح
  • جامعة قنا تحتفي باعتماد اسمها الجديد.. وعكاوي: يُعبر عن هوية الإقليم
  • فرقة الموت.. يوسف عمر يكشف تفاصيل أعماله وحقيقة تقديم جزء جديد من كامل العدد
  • 18 أكتوبر.. ختام فعاليات مهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري
  • مواصلة أعمال تطوير وتجميل الإسماعيلية استعدادًا لمهرجان الفنون الشعبية
  • اختتام مشاهدات الموسم الجديد لنوادي المسرح بثقافة أسوان بـ 4 عروض متميزة