احذر من الشماتة في الموت.. تعرف على عواقبها
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
الاستقامة على منهج الله من اسباب حسن الخاتمة وقالت دار الافتاء المصرية لا يجوز شرعًا للإنسان أن يَشْمَت في نزول المصائب على أحد سواء في الموت أو غيره من المصائب؛ فإنها خَصلةٌ ذَميمة، تأْبَاهَا النفوس المستقيمةُ، ويترفَّع عنها أصحاب المُروءات؛ فإن المولى سبحانه تعالى لا يَرْضى عن هذه الفِعْلة، ومن المعلوم أن الإنسان لا يثبت على حال واحدة؛ فإنَّه يعيش الحياة يومًا حزينًا، ويومًا مسرورًا؛ وقد يرحم المولى سبحانه وتعالى المُبتلَى ويبتلي الشامت رَغْمًا عن أنفه.
القول في تأويل قوله : كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ .
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: أن مصير هؤلاء المفترين على الله من اليهود، المكذبين برسوله، الذين وصف صفتهم، وأخبر عن جراءتهم على ربهم= ومصير غيرهم من جميع خلقه تعالى ذكره، ومرجع جميعهم، إليه. لأنه قد حَتم الموت على جميعهم، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: لا يحزنك تكذيبُ من كذبك، يا محمد، من هؤلاء اليهود وغيرهم، وافتراء من افترى عليَّ، فقد كُذِّب قبلك رسلٌ جاءوا من الآيات والحجج من أرسلوا إليه، بمثل الذي جئتَ من أرسلت إليه، فلك فيهم أسوة تتعزى بهم، ومصيرُ من كذَّبك وافترى عليّ وغيرهم ومرجعهم إليّ، فأوفّي كل نفس منهم جزاء عمله يوم القيامة، كما قال جل ثناؤه: " وإنما توفَّون أجوركم يوم القيامة "، يعني: أجور أعمالكم، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشر=" فمن زحزح عن النار "، يقول: فمن نُحِّي عن النار وأبعد منها " فقد فاز "، يقول: فقد نجا وظفر بحاجته.
* * *
يقال منه: " فاز فلان بطلبته، يفوز فوزًا ومفازًا ومفازة "، إذا ظفر بها.
وإنما معنى ذلك: فمن نُحِّي عن النار فأبعد منها وأدخل الجنة، فقد نجا وظفر بعظيم الكرامة=" وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور "، يقول: وما لذّات الدنيا وشهواتها وما فيها من زينتها وزخارفها=" إلا متاع الغرور "، يقول: إلا متعة يمتعكموها الغرور والخداع المضمحلّ الذي لا حقيقة له عند الامتحان، ولا صحة له عند الاختبار. فأنتم تلتذون بما متعكم الغرور من دنياكم، ثم هو عائد عليكم بالفجائع والمصائب والمكاره. يقول تعالى ذكره: ولا تركنوا إلى الدنيا فتسكنوا إليها، فإنما أنتم منها في غرور تمتَّعون، ثم أنتم عنها بعد قليل راحلون.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
ميثاق غليظ
أنيسة الهوتية
"ميثاق غليظ" مصطلح ورد في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع وقد ورد في سورة الأحزاب في الآية 7؛ حيث يقول الله تعالى: "وإذ أَخَذْنَا من النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا".
ويشار بهذا الميثاق الغليظ الأول إلى العهد العظيم الذي أخذه الله على الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم بتبليغ رسالاته إلى البشرية ببالغ المسؤولية التي تتطلب القوة والعزيمة والإخلاص، وأيضًا يتعين عليهم تحمل المشاق والصعاب، ومواجهة التحديات، والصبر على الأذى في سبيل إيصال الحق.
وورد في سورة النساء الآية 21: "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا". ويشار بهذا الميثاق الغليظ الثاني إلى عقد الزواج، وما يتضمنه من حقوق وواجبات بين الزوجين، وبأنَّه عهد قوي متين يصعب نقضه، ومهم الالتزام بمواثيقه.
وورد في سورة النساء الآية 154: "وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا". ويشار بهذا الميثاق الغليظ الثالث إلى العهد الذي أخذه الله تعالى من بني إسرائيل بالعمل بأحكام التوراة، وعدم تجاوز حدود الله.
أما الأول، فقد أتم الأنبياء والمرسلون ميثاقهم الغليظ مع الله على أكمل وجه، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في عدة مواضع. وفي الثالث، فإن بني إسرائيل لم يتموا ميثاقهم الغليظ مع الله تعالى، بل نقضوه مرارًا وتكرارًا. وقد ورد ذكر ذلك في القرآن الكريم في عدة مواضع.
أما الثاني، فهناك من التزم به، ومن لم يلتزم لأسباب! وبما أن الطلاق حلال وإن كان أبغضه، فإنه جائز، ولكن ليس بأن يتم الحكم على نقض الميثاق الغليظ نهائياً من أول "فلعة" تقع على رأس الزوجين. ولأنه ميثاق غليظ، فهو من غلظته غير قابل للنقض إلا بعد "فلعتين"، كما ذكر القرآن الكريم، بصريح العبارة وشدة الوضوح: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ" سورة البقرة الآية 229
وهنا الآية الكريمة تتحدث عن الطلاق الرجعي الذي يظهر فيه مبدأ رحمة الإسلام بإعطاء الزوجين فرصتين للمراجعة بعد إجراء كل عملية طلاق صحيحة الأركان لم تمر بالمنقضات. ولأهمية رابط الزواج في دين الإسلام تم وضع منقضات للطلاق، أربعة تخص المرأة وأربعة تخص الرجل.
ويستطيع الزوج استخدام الفرصتين لمراجعة زوجته خلال فترة العدة مرتين، في الطلقة الأولى والثانية، ولازال يستطيع إرجاعها بعد فترة العدة بعقد جديد إن رضيت، وهاتان الفرصتان للإرجاع عدل إلهي مطلق يُبين قيمة الرابط المقدس للحفاظ على اللبنة الأساسية للمجتمع وهي الأسرة.
والثالثة ثابتة بتحريم الرجوع إلا إذا تزوجت زوجاً غيره بنية الزواج دون التُحايل للتحليل، وانفصلت عنه أو توفي عنها.
وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن النَّاس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم" صحيح مسلم. ويُعتبر القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع في الإسلام، وتليه السنة النبوية الشريفة. والأحاديث المروية من "حبر الأمة" و"ترجمان القرآن" موثوقة.
لذلك أعتقد أنه آن الأوان أن يتم الاتفاق في أحكام الطلاق بين المذاهب كلها كما أمر الله تعالى سبحانه في محكم كتابه العزيز كمثل الاتفاق على أصول الدين الأساسية، وإعطاء كل زوجين فرصتهم المستحقة، خاصة في ظل الزواج من المذاهب المختلفة، وأيضًا منعًا لاستغلال فرصة تحليل المرأة.
رابط مختصر