سودانايل:
2024-07-02@03:15:31 GMT

أحلاهما … مُرٌّ (4) هذا التهميش والاستخفاف المستفز

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

(22)
لقد ختمنا حديثنا السابق، ونحن نتحدث عن هذه الحركة الدائرية العبثية للقيادات السياسية المدنية التي تتصدى لتحديات ملفي: وقف هذه الحرب ومعالجة أضرارها، ووضع الأسس لتأسيس الدولة الحديثة، بنصح أن لا تملأ كفيك بحصاد سعيهم ... فهو هباء !.
وبالتساؤل: لماذا هو رماد ؟!.
وما الحل البديل الذي يمكن أن يقود إلى مكان ما ؟؟.



(23)
لأن قيادات الأحزاب والتنظيمات التي قفزت لقاطرة الثورة قبل محطتها الأخيرة – وكانت تستعد لملاقاة وفد الكيزان لحوار وثبة جديد في أديس أببا – اختارت منذ خطوتها الأولى فور امساكها دفة القيادة، السير في الطريق الخطأ.
لقد جهرت أعينهم أضواء الكاميرات عشية الاحتفال بالنصر الذي لم يكتمل بعد وأعشت ابصارهم عن رؤية الأبطال الحقيقيون، النبلاء، الذين نجحوا بتضحياتهم في خلخلة قلعة الطغيان الحصينة واسقاط الطاغية عن عرشه، فغرهم بالشعب الغَرور ... (وما يزال !).

(24)
وكما هو متوقع بداهة، واجهوا العسكر بجناحيهم(الرسمي منهما وداعمه)، والفلول وميلشياتهم، وحركات الارتزاق المسلحة، وبعض الطفيليون ممن لا يستحون عن التظاهر تحريضاً على الانقلاب، حفاة، عراة، وأيدهم خاوية، لا يملكون من أدوات القوة ووسائل الضغط ما يواجهون به تنمر تحالف العسكر وتآمرهم.
فانقلب العسكر، – بدفع وتحريض ومشاركة مع حلفائهم الآخرين – على الوثيقة الدستورية، وتم تمزيق ورقة توت الشرعية التي كانت تغطي عورة تآمرهم وخيانتهم. ودقَّت الأقدار والمطامع عطر منشمٍ بينهم، وأن تفتنهم لينقلبوا على بعضهم البعض.
(وحدث ما حدث).

(25)
ولا أجد الآن مبرراً واحداً للتفاؤل الذي تبديه أبواق كل فريق من المتقاتلين في منصاتهم الاسفيرية، وحديثهم الباهت عن قرب حسم المعركة لصالحه. فكل المؤشرات تؤكد بأن انتهاء هذه الحرب لصالح أي منهما – انتصارا يحقق له حكم السودان – من رابعة المستحيلات. وكما كتبت من قبل فإنه: " لا البرهان متكئاً على حيطة الفلول المائلة يستطيع أن يحكم السودان... ولا حميدتي مستنداً على عصبيته القبلية يستطيع.
وبالتالي لا الفلول، ولا قحت تستطيعان"! (1).
بالطبع لن يستطيع أي من المكونات أعلاه أن يستوعب هذه الحقيقة ويبلعها أو أن يتصورها، فهم في غفلة عن القوى الجديدة التي تتمتع بثقل شرعية حق تقرير مستقبل السودان، لأنها هي من أحدث هذا التغيير الذي عجزت كل الأحزاب، يمينها ويسارها ووسطها، والحركات والمليشيات المسلحة ، ومنظمات المجتمع المدني عن إحداثه.

(26)
لماذا فشلت القوى السياسية الحزبية الكلاسيكية بكل توجهاتها الأيديولوجية في ايقاف الحرب إلى الآن ؟.
مهما تعددت الأسباب التي يمكن أن يسوقها لك "كبار" المفكرين والكُتَّاب والمحللين والمراقبين فإن السبب الأول/ الأساس هو ما ذكرناه: "تغييب" قوى الثورة الحية، بينما هي السلاح المُجَرَب في دحر ديكتاتورية المافيا الإسلاموية في الجولة الأولى من المواجهة التي أطاحت بحكومة البشير، حين كانت – الأخيرة – بعافيتها، وأسلحتها وقواها الأمنية والأيديولوجية متحدة.
وما يحيرك ويصيبك بالجنون، أن قوى الحرية والتغيير "المركزي" ورغم التجارب المريرة مع المكونين العسكريين المتصارعين – الجيش والدعم السريع – ونتائجه الماثلة في الواقع الآن على الأرض لا زالت تمارس تكرار نفس الخطأ: أن تتوهم أحزابها، بأنها منفردة – وبشعور وصائي وفوقية سلطوية أبوية – تستطيع أن توقف الحرب بين حلفاء الأمس، بل ووضع أسس بناء دولة المستقبل، بتسلط عنيد ولؤم إقصائي، لأصحاب الحق !! .

(27)
وإلا، لماذا تريد "قحت" منفردة الاجتماع والتفاوض مع البرهان وحميدتي لوقف الحرب، وقد طلبت من سلفاكير أن يتوسط لهما لعقد هذا اللقاء ؟!.
لماذا لم يفكروا في طرح مشروعهما الذي سيرفعونه لحكومة الجنوب على الشعب أولاً ؟!.
ما دافعهم؟.
لماذا يصرون على اتباع هذا النهج الاقصائي ؟!.
هل قوى الثورة الحية وعلى رأسها لجان مقاومة الأحياء وجماهير أحزابهم ذاتها، أقل شأناً من أن تتنازل وتتواضع قليلاً لتعرض عليهم ما ستقترحه على الخارج من "مشروعها الوطني" أولاً، وأن تعرض على هذه القوى أولاً – هي (صاحبة الجلد والراس – قبل أن تطرحه على "الوسطاء" ؟!!.
لماذا هذا التهميش المستفز والاستخفاف بهذه القوى ؟!!.

(2)
هذا الداء العضال لا تعاني منه حزمة أحزاب قوى الحرية والتغيير وحدها ولكنه فيروس يسكن جسد كل الأحزاب السياسية السودانية، وبلا استثناء (مركزية وغير مركزية). وكما قلت في موقع آخر بأنها ليست أحزاباً سياسية بالمعنى الحديث لهذا المفهوم، ولكنها أقرب إلى الكيانات الطائفية، بالمعنى التراثي في الاجتماع السياسي العربي والإسلامي في عصوره الوسيطة (أي عصور الانحطاط). (2)
فهي طوائف دينية من حيث بنيتها وآليات خطابها، بغض النظر عن ما تطرحه مضامينها الفكرية والأيديولوجية، وما ترفعه لافتاتها وشعاراتها السياسية .
وبالتالي فهي مغلقة الأفق والرؤى، ومنغلقة الأفكار والمواقف. بالتالي ممنوعة من الصرف في سوق التوافق، والحوار الديمقراطي المفتوح والمنفتح على الآخر.
::::::::::::::::::::::::::::
وتسأل: لماذا يفشلون دوماً ؟!!!.

(28)
طيب... والحل شنو ؟؟!.

مصادر وهوامش
1 – https://sudanile.com/%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A3%D9%86-%
قبل أن يُسدل الستار، موقع صحيفة سودانايل الرقمية، 24 May, .2023
ttps://sudanile.com
2 – راجع لكاتب المقال: فصل بعنوان "ولكن أين هي الأحزاب؟"، من كتاب: "متلازمة العصاب الأيديولوجي القهري: عبد الوهاب الأفندي نموذجاً"، نشر في الراكوبة يوم 20 / 12/ 2012.
- :و الرقصة الأخيرة قبل أذان الفجر (2)، صحيفة سودانايل الرقمية بتاريخ: 7 April, 2020
https://sudanile.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A3%D8%B0%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AC%D8%B1-2-%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85-%D8%B9%D8%B2%D8%A7

izzeddin9@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

بعض أساليب الحرب الناعمة

 

 

رغم امتلاك الصهاينة أحدث الأسلحة والتي يستخدمها لإبادة الأشقاء على أرض عزة وفلسطين ورغم أوامرهم للقادة والجنود بعدم الرأفة والرحمة بالضحايا سواء كانوا أطفالا أو نساء، إلا أنهم يدركون حقيقة أن هزيمة المقاومة من المستحيلات وفقاً لتصريحات القادة السياسيين أو المرجعيات اليهودية ذاتها -كبير حاخامات اليهود يقول: «العدو إسماعيل «أولاد إسماعيل» العرب، عدو لا يمكن هزيمته بالطرق العادية، وخطرهم أكبر، ولا سبيل لإيقافهم، بمعنى أنه ليست هناك طريقة منطقية لإيقاف أشخاص مستعدين للموت من أخل قضيتهم، ستهددهم بالموت» لا يهتمون لذلك والموت عند المسلمين شهادة لا يحسنها اليهود ولا النصارى، وهي افضل الطرق لنيل رضوان الله وامتثال أوامره والسير على منهج الأنبياء والمرسلين وذلك مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى « وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» آل عمران الآية (169)، وهو ذات المعنى الذي يؤكده الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي -رحمه الله- حينما قال: «الأمة التي لا تخاف الموت لا يوجد شيْ بيد الأعداء يهددونها به»، وهي ذات المعاني التي سبق أن أشار وأكد عليها الإمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين -عليهم السلام والرحمة والرضوان-: «من أحب الحياة عاش ذليلاً» ويؤكد -رضوان الله عليه- على أهمية الجهاد وعدم الاستكانة للظلم والظلمة – حيث قال: «والله ما كره قوم حر السيوف إلا ذلوا».
حاخام اليهود يخاف الموت، ويحب الحياة، والله سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين والعالم بدخائل النفوس أخبرنا عن طبيعة اليهود بقوله تعالى: «وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ» البقرة الآية(96)، وهم يقدسون المال، وهم جبناء عند اللقاء، لذلك يحتمون الأسوار العالية والمدافع والطائرات التي تضرب أهدافها عن بعد، ولا يواجهون أبداً لأنهم أحرص الناس على الحياة، فيحتمون بالدبابات الميركافا، والمدرعات وناقلات الجند، وغيرها مثل الأسوار والقلاع والحصون، ومع ذلك فهو يتهم النازيين بالجبن لأنهم يخافون عند مواجهة الموت، وعلى رأسهم هتلر الذي أنهى حياته بالانتحار خوفاً من العواقب التي ستؤول إليها الأمور بعد هزيمته.
إن قادة الكيان الصهيوني من سياسيين وعلمانيين ومتدينين يعلمون جيداً أن معركتهم مع المسلمين المؤمنين المجاهدين لن تؤدى إلى هزيمتهم، لكن السؤال هنا هو: لماذا حرب الإبادة والإجرام وتدمير المدن والقرى فوق ساكنيها حتى أنه تم تدمير أكثر من 90 % من المباني والعمارات في غزة ورفح؟، والجواب واضح وهو أن استخدام القوة العسكرية الغاشمة لهزيمة الجبناء والناس العاديين الذين لا يريدون الموت، وهو ما أكد عليه حاخام اليهود الذي أيد تصريح «أفخيم بيتال» «أن الخطر الإسماعيلي يستحيل هزيمته بالطرق والوسائل العسكرية التقليدية، ولا بالطرق السياسية البسيطة- التي قد تحقق شيئاً لكنها لا تستطيع أن تضمن النتائج».
لقد نجحت الصهيونية والصليبية في تدمير أرض غزة وجعلها غير صالحة للعيش فيها، بل إنها صارت عبارة عن جحيم من القتل والإجرام، وقتل وإبادة بالمجاعة والحصار، لكن الذي لم تستطع تحقيقه هو هزيمة رجال المقاومة وأبطالها، حيث هزمهم رجال غزة بإيمانهم واستبسالهم، وثقتهم بالله بعد أن تكالبت عليهم خنازير المجرمين من كل ارجاس الأمم، أما عن جوانب القوة لدى المقاومة وفقاً لرأيه فهي تكمن في (القوة الجسدية والروحية والثقة بالله) بخلاف اليهود- ولمواجهتهم لا بد من تطوير استراتيجية أكبر، لأنهم آخر وأصعب تهديد سيواجهه جيش إسرائيل مع بني إسماعيل).
تغلغل اليهود في الإعلام، وبعض إن لم يكن كل علماء السلطة الذين تم افساح المجال لهم للنيل من العقيدة الإسلامية الصحيحة والسليمة، وتحريف الحقائق وزرع الفتن وبث الشبهات بين أوساط الجماهير المسلمة، حتى وصل الحال بهم إلى الإشادة باليهود والثناء عليهم وتخوين المقاومة واتهامها بغير حق، وتحميلها المسؤولية عن اجرام اليهود، أما العلماء المؤمنون فقد تم الزج بهم في السجون وتلفيق التهم ضدهم وهي افتراءات كاذبة يعلمها الجميع.
وبينما تتم إبادة الأشقاء في ارض غزة ورفح وفلسطين عامة، يعمل خدام الصهاينة على تحطيم القوة الروحية والإيمانية التي يخشاها اليهود ويسعون جاهدين لنشر الرذيلة والتفسخ والانحلال، وإفراغ الشعائر الإسلامية من مقاصدها وغاياتها التي من أجلها شرعها الله لعباده، فالحشمة والعفة والطهارة اليوم تعاني وتشكو إلى الله ما حل بها من قبل سلطات المملكة السعودية والإمارات والبحرين وغيرها من دول الخليج والعالم العربي والإسلامي، وأصبحت العبادات كالصلاة طقوساً تؤدى، أما ثمارها وغاياتها فقد تم إلغاؤها، حتى أن «فيروس كورونا» دخل واستولى على المساجد والأماكن المقدسة، وغادر الحانات والمراقص والحفلات الماجنة، يقول الحاخام: «الإسماعيليون (العرب) هم الأكثر صعوبة، لأنهم الوحيدون من أعدائنا الذين يمتلكون قوة روحية إلى جانب القوة الجسدية، وعلى المدى الطويل القوة الروحية تهزم الجسدية».
إنهم «أي اليهود والنصارى» يدركون أهمية الإيمان بالله والثقة به، لذلك فإنهم يأمرون المتعاملين معهم بأن يعملوا جاهدين على إفراغ الجوانب الروحية والإيمانية بشتى الوسائل والطرق، حتى يسهل السيطرة عليهم وتحقيق النصر بأقل الخسائر وأقرب الطرق، وهو ما جعلهم ينشئون الحملات المنظمة على كل نشاط من شأنه تعزيز جوانب الإيمان، وأبرز مثال على ذلك الهجوم على المراكز الصيفية وحلقات تعليم القرآن الكريم في بلادنا، لأن فيها اجتماعاً على تعزيز روابط الإيمان، وهي حلقات بسيطة وصغيرة، فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بالملايين من جميع أنحاء العالم الإسلامي، كمؤتمر الحج الذي تمت مصادرة الأساس الذي فرض لأجله، فقد حولته السياسات المتصهينة إلى طقوس بعيدة عن خدمة قضايا الأمة، وما يترتب على ذلك من نتائج قد تقض مضاجع الصهيونية والصليبية، وأولها قضية تحرير الأقصى من دنس اليهود والحلف الصليبي.

مقالات مشابهة

  • لماذا ترفض الجزائر الحكم الذاتي للصحراء المغربية؟
  • خوري تبحث مع ممثلي التجمع الوطني التباوي التحديات التي تواجههم في التهميش السياسي
  • ستدفع إيران ثمن حرب صنعتها
  • بعض أساليب الحرب الناعمة
  • الناتو يستعد لحرب عالمية ثالثة … أوروبا تخزن الحبوب والسلاح
  • لماذا كل هذا الرهان على مفاوضات مسقط الإنسانية الاقتصادية؟!
  • لماذا تصبون الزيت على النار ؟
  • لماذا التردد في تسمية الحكومة في السودان؟
  • “غذاء العقل”… هذه فوائده
  • متحدياً إصابته… الجريح يوسف أسعد يؤسس مشروعاً لصناعة الحلويات بريف طرطوس