هل يجوز أن أتوسل إلى الله تعالى بأبنائي الرضع..وما أدلة جواز طلب الإجابة بالنبي؟
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
هل يجوز أن أتوسل إلى الله تعالى بأبنائي الرضع، قائلًا: "اللهم إني أسألك بحق أبنائي الرضع أن تشفيني" أو "بوالدي الركع أن تشفيني"؟ سؤال نجيب عنه من خلال التقرير التالي.
هل يجوز أن أتوسل إلى الله تعالى بأبنائي الرضع؟وقالت الإفتاء إن التوسل إلى الله تعالى بالصالحين من عباده، أو بصالح الأعمال، أو بجاه النبي صلى الله عليه وسلم جائز في مذهبنا ومذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة في المعتمد من كتبهم؛ لعموم قوله عز وجل: (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) المائدة/ 35.
وأضافت: ذلك لأن مقام النبي صلى الله عليه وسلم العظيم ومنزلته الرفيعة عند الله عز وجل ثابتة في الكتاب والسنة، ومن توسل بأمر ثابت فلا حرج عليه؛ كذلك التوسل بعباد الله الصالحين، كما ورد عن سيدنا عمر رضي الله عنه قال: (اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا) رواه البخاري.
واستدلت بحديث الثلاثة نفر الذين سد عليهم باب الغار مشهور بأفضلية التوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، ومن ذلك التوسل إلى الله تعالى على سبيل الاستشفاع إليه سبحانه وتعالى بالأطفال الرضع، وكذا الشيوخ الركع أو الوالدين، الذي هو في حقيقته توسل إلى الله بركوعهم له سبحانه.
جاء في [المهذب في فقة الإمام الشافعي1/231]: "ويستسقى بالشيوخ والصبيان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لولا صبيان رضع وبهائم رتع وعباد لله ركع لصب عليهم العذاب صبا)" انتهى فإذا كان الاستستقاء بهم جائزاً كما في الحديث، فكذلك التوسل؛ لأنه استشفاع بهم إلى الله عز وجل.
وشددت: مع ضرورة التنبيه إلى أن التوسل في حقيقته هو دعاء لله تعالى، وليس دعاء أو طلباً من المتوسل به، وأن المؤثر والمستجيب للدعاء هو الله تعالى وحده. والله تعالى أعلم.
التوسل بالنبي لقضاء الحوائج.. بـ6 صيغ استقبله واستشفع به صلى الله عليه وسلم التوسل بالنبي في الدعاء.. حكمه وهل يجوز إنشاد الأبيات التي فيها استغاثة بجنابه؟ حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلمقالت دار الإفتاء إن التَّوَسُّل: تَفَعُّلٌ من الوسيلة، والوسيلة في الأصل: ما يُتَوَصَّلُ به إلى الشيء ويُتَقَرَّبُ به، كما قال العلامة ابن الأثير في "النهاية" (5/ 185، ط. المكتبة العلمية).
وقد أجمع المسلمون أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم هو الوسيلة العظمى، واتفقت الأمة على التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم من غير خلاف من أحد يُعتَدُّ به.
وجاءت النصوص والأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة بمشروعية التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ذلك حاصل قبل مولده، وفي حياته الدنيوية، وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى ذلك اتفقت المذاهب الأربعة.
الأدلة من القرآن الكريم على جواز التوسل بالنبي عليه السلامومنه قوله تعالى يخبر عن حال أهل الكتاب قبل مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعثته: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: 89]؛ أخرج الإمام الطبري في "جامع البيان" عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يقول: "يستنصرون بخروج محمد صلى الله عليه وآله وسلم على مشركي العرب -يعني بذلك أهل الكتاب- فلما بعث الله محمدًا صلى الله وآله عليه وسلم ورأوه من غيرهم، كفروا به وحسدوه". وأخرجه الآجري في "الشريعة"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "دلائل النبوة" من طريق آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ: "كانت يهود خيبر تقاتل غطفان، فكلما التقوا هزمت اليهود فعاذت اليهود بهذا الدعاء، فقالوا: اللهم نسألك بحق محمد النبي الأمي، الذي وعدتنا أنك تخرجه لنا في آخر الزمان، إلا نصرتنا عليهم، قال: فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء، فهزموا غطفان، فلما بُعِث النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم كفروا به، فأنزل الله: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ﴾ بك يا محمد على الكافرين".
وقوله تعالى: ﴿ولو أَنَّهم إذ ظَلَمُوا أَنفُسَهم جاءوكَ فاستَغفَرُوا اللهَ واستَغفَرَ لهم الرسولُ لوَجَدُوا اللهَ تَوّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64]، وقد فهم الصحابة من هذه الآية العموم؛ فروى ابن جرير وابن المنذر في "التفسير"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والحاكم في "المستدرك" وصححه، والبيهقي في "الشعب" عن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "إنّ في النساء لخمسَ آياتٍ ما يَسُرُّني بهن الدنيا وما فيها، وقد علمتُ أن العلماء إذا مروا بها يعرفونها.. فذكر منها قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾. قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 12، ط. مكتبة القدسي): [رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح] اهـ.
فقد فهم سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه العمومَ من الآية؛ حيث حَدَّث بذلك التابعين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
بل ورد ما يدل صراحةً على أن هذه الآية عامة لكل المسلمين وجميع الأمة؛ فقد رواها معاوية بن قرة، عن ابن مسعود رضي الله عنه بلفظ: "خَيْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا" أخرجها الكلاباذي في "بحر الفوائد"، واللالكائي في "شرح السنة"، والتيمي في "الحجة"، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ثمان آيات في سورة النساء هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت" أخرجه ابن جرير والثعلبي في "التفسير"، والبيهقي" في "شعب الإيمان".
الأدلة من السنة النبوية على جواز التوسل بالنبي عليه السلامأما الأدلة من السنة النبوية المطهرة:
- فحديث الأعمى الذي علَّمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّد إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ» رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي وصححه جمع من الحفاظ، وفي بعض رواياته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «وَإِنْ كَانَ لَكَ حَاجَةٌ فَمِثْل ذَلِكَ»، وعند الطبراني وغيره أنَّ راوي الحديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه علَّم هذا الدعاء لمن طلب منه التوسط له في حاجة عند عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافته، وفي ذلك طلب صريح للمدد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
- وحديث الخروج إلى المسجد للصلاة: فعن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ؛ فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَأَقْبَلَ اللهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ» رواه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة، وهو حديثٌ صحيحٌ؛ أشار إلى صحته الحافظ ابن خزيمة عندما استدل به في العقائد؛ قال الحافظ البوصيري في "مصباح الزجاجة" (1/ 98، ط. دار العربية): [رواه ابن خزيمة في "صحيحه" من طريق فضيل بن مرزوق؛ فهو صحيح عنده] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: توسل الإفتاء القران الكريم النبی صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وسلم إلى الله تعالى رضی الله عنه عن سیدنا الله ب
إقرأ أيضاً:
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. حكم التكاسل عنهما
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. سؤال يشغل ذهن كثير من الناس، خاصة فيما يتعلق بسنن يوم الجمعة التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم.
ويوم الجمعة من خير أيام الأرض وأعظمها منزلة في الإسلام، فهو خير يوم طلعت عليه الشمس، وفيه ساعة إجابة لذلك نسلط في التقرير التالي الضوء على سؤال لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟، وكيف نتقرب إلى الله في هذا اليوم.
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة ؟كان مِن سُنَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة الصبح يوم الجمعة بسورتي السجدة والإنسان؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ».
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ السورتين كاملتين، ولم يكن يختار آية السجدة وما حولها من آيات كما يفعل بعض الناس اليوم، ولا أدري ما الذي جعل الناس تعتقد أن المراد بقراءة سورة السجدة هي آية السجدة تحديدًا! إنما السُّنَّة أن نقرأ سورة السجدة كاملة في الركعة الأولى، ثم نقرأ سورة الإنسان كاملة في الركعة الثانية، ولا حُجَّة لمن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يُطَوِّل في صلاته بالناس. لأن التطويل أو التخفيف أمر نسبي، والمعيار الدقيق له هو سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي في فجر الجمعة تكون كما وضَّحنا.
أما لماذا اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتين السورتين لفجر يوم الجمعة؟ فهذا لم تُصَرِّح به الأحاديث؛ ولعلَّه لأنه جاء في السورتين ذِكْرُ خَلْقِ الإنسان، وقيام الساعة، ودخول الجنة، وكلها أمور حدثت أو تحدث في يوم الجمعة؛ وذلك لما رواه مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ».
فلْنحرص على هذه السُّنَّة، وأن لا نلوم أو نعتب على مَنْ قرأ بالسورتين بدعوى أنه أطال؛ بل نُشَجِّعه وندعمه، ولْنتدبَّر في معانيهما؛ ففيهما من الخير الكثير.
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة ؟تقول دار الإفتاء المصرية في بيانها فضل سورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر يوم الجمعة ، إنها من السنن التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد ذلك في "الصحيحين"، بل وجاء في رواية الطبراني أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يُديم ذلك، وهذا يدفع اعتراض مَن ينكر المداومة على ذلك أو من يدعي أن من السنة ترك السنة؛ فإن هذا كلام غير صحيح على عمومه، ولو فُهِم على ظاهره لكان تناقضًا؛ إذ حقيقة المستحب والمندوب والسنة هو ما أُمِر بفعله أمرًا غير جازم؛ فهو مأمور به وليس بمستحبٍّ تركُه أصلًا، بل المستحبُّ تركُه إنما هو المكروه الذي نُهِيَ عن فعله نهيًا غير جازم، فصار تركُه لذلك مستحبًّا.
وتابعت الإفتاء أنه قد كان فعل الصحابة رضي الله عنهم على خلاف هذه المقولة؛ فكانوا يتعاملون مع المستحب والمندوب من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكَأَنّه واجب، فيداومون على فعله ويتلاومون على تركه؛ حرصًا منهم على التأسي بالحبيب صلى الله عليه وآله وسلم في كل صغيرة وكبيرة من أفعاله الشريفة، حتى كان بعضهم يتأسى بأفعاله الجِبِلِّيَّة صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد روى ابن أبي شيبة في "المصنَّف" عن الشعبي رحمه الله تعالى أنه قال: "ما شهدت ابن عباس قرأ يوم الجمعة إلا بـتنزيل وهل أتى".
وشددت: لعل مقصود من قال ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يترك بعض المستحبات خوفًا من أن تفرض على أمته، أو يظن الناس أنها واجب، وأن العالم والمقتدى به قد يفعل ذلك لنفس الغرض، وذلك من باب سد الذرائع، كما يقوله بعض العلماء من المالكية وغيرهم.
ولفتت إلى أن التحقيق أن التوسع في باب سد الذرائع غير مَرضِيٍّ، وقد يُتَصَوَّر هذا قبل استقرار الأحكام، أما بعد استقرارها وتميز المستحب من الواجب فلا مدخل لهذه المقولة، ولا مجال للأخذ بها، فضلًا عن أنَّ هذه السنة بخصوصها ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومة عليها، ولا يصح أن يُجعَل سدُّ الذرائع وأمثال هذه المقولات حاجزًا بين الناس وبين المواظبة على سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال أهل العلم: سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالاتباع على كل حال.