سرايا - "نخجل أن نفرح وفلسطين كلها جريحة"، تقول الأسيرة المحررة إسراء الجعابيص، عقب خروجها يوم أمس من سجون الاحتلال، والذي قضت بين جدرانها المليئة بالعتمة ثماني سنوات عانت فيها من اهمال، والوجع الجسدي، مع إصرار الاحتلال على عدم تخفيفه ومعاجتها، محملا إسراء أوجاعا إضافية فوق قيد الأسر.

الجعابيص كسرت قيد السجان، وعانقت الحرية، وطفلها الوحيد، الذي غادرته طفلا، ولاقته اليوم صبيا بلغ الرابعة عشر، بابتسامة خجولة، يتخللها حزن جلي، على ما يحدث في الجانب الآخر من الأراضي المحتلة، وتحديدا في قطاع غزة.



لم يكن الحادي عشر من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015، تاريخا عاديا وسهلا في حياة الأسيرة الفلسطينية إسراء الجعابيص( 37 عاما)، فانفجار عرضي لاسطوانة غاز كانت تقلها في سيارتها على الطريق الواصل بين مدينة القدس المحتلة ومدينة أريحا ذاك اليوم، كان كفيلا بتوجيه الاتهام لها بمحاولة قتل جندي من قوات الاحتلال بالقرب من حاجز الزعيم العسكري شرقي القدس.

اتهامات الاحتلال التي لم تستند للأدلة والمنطق حولت حياة إسراء إلى كارثة موجوعة، فقدت من وراءها أجزاء من جسدها، وحياتها الهانئة مع طفلها الوحيد الذي لم يستطع التعرف عليها بعد الحادثة، أثناء زيارته لها ذات مرة في سجن " هشارون" العسكري.

الحادثة تسببت بحروق عميقة، من الدرجة الثالثة، أذابت أصابع الأسيرة الجعابيص، ولم تبق إلا عقدة واحدة في كل من أصابعها الثلاثة المتبقية، وأذابت ما يقارب 50% من جسدها.

أذني الأسيرة احترقتا كذلك، فالتصقتا بعد أن ذابتا بفعل الحروق في الرأس، في الوقت الذي لم تعد تقوى فيه على رفع يديها إلى الأعلى بشكل كامل نتيجة التصاق الإبطين أيضا.

إسراء بحاجة إلى عملية لفصل ما تبقى من أصابع يديها الذائبة والملتصقة ببعضها البعض، فقد ذابت عقد الأصابع، وهي بحاجة لعملية أخرى لزراعة جلد ليغطي العظام المكشوفة.

الآلم في الظهر، واليدين، وحرقة في العين، وإحساس دائم بالدوار، وصعوبة الأكل والشرب بشكل طبيعي بعد أن ذوبت الحروق شفة الجعابيص السفلى، فالأكل يتساقط منها، وهي بحاجة لكأس مزودة أنبوب صغير تستطيع الشرب منها بأريحيّة، كلها أوجاع لا متناهية تترافق مع رفض الاحتلال استكمال علاجها.

الاحتلال حكم عليها بالسجن 11 عاما، ولم توفر لها إدارة السجن سوى مرهم لتبريد الحروق لا تزيد سعته على عشرين ملم يصرف لها كل ثلاثة أيام، وهي كمية غير كافية لتغطية كافة الحروق، وترفض الإدارة تغير البدلة الخاصة بعلاج الحروق وشد الجلد التي أحضرت لإسراء إلى واحدة أكبر تطابق مقاس جسدها.

ابتدعت إسراء طرقا للحياة، وأضاءت شعلة أمل وسط كل هذا الظلام، فابتكرت أساليب لخلق حياة أكثر سهولة. فعلى الرغم من صعوبة الكتابة وفق وضعها الصحي، تعلمت كيف تكتب، وكيف تمسك الإبرة بصورة لا تعرض فيها نفسها للأذى.

قد تستغرق في كتابة رسالة لأحدهم ثلاثة أيام، إلا أنها لا تتردد في ذلك، فهي لم تكف عن محاولة تحضير الهدايا لعائلتها قدر المستطاع، فتطرز حينا، وتصنع دما يدوية حينا لطفلها معتصم بمساعدة الأسيرات.

لم تتوقف الجعابيص عن نشر الفرح رغم الحزن داخل السجن، فكانت تقوم بدور المهرج وكتابة السيناريو المقترح وتقوم بتأديته، بالترافق مع اعراض سوء التركيز والحفظ الذين عانت منهما بسبب الظروف الصعبة التي عايشتها.

لم تتوقف الحملات و المطالبات بالإفراج عن الأسيرة إسراء الحعابيص، والنظر في وضعها الصحي الخطير، وتهيأة الظروف لاستكمال علاجها، واحترام الاحتلال القوانين والمواثيق الإنسانية.

فقبل عامين تصدر وسم أنقذوا " إسراء جعابيص " منصات التواصل الاجتماعي وتضمنت الحملة التي أطلقها نشطاء التعريف بالحالة الصحية التي تعيشها الأسيرة الجعابيص وكذلك ظروف اعتقالها بعدة لغات لتصل إلى العالم، إضافة لنشر صور تظهر حجم التشوهات التي تعاني منها.

ورغم كل المطالبات من المنظمات الحقوقية، وحملات الضغط على قوات الاحتلال، كانت ترفض قوات الاحتلال بشكل قاطع الافراج عنها، وتقديم المساعدة لها لتلقي علاجها وفق ظروف انسانية.

"ابنتي ليست أهم من أهل غزة"، يقول والد إسراء. فحرية الأسرى كان ثمنها شلال من الدم في القطاع.

فبعد عملية طوفان الأقصى التي أجرتها المقاومة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وأسرها لأكثر من مئتي مستوطن من مستوطنات غلاف غزة، شن الاحتلال عدوانا لا متناه في وحشيته على أهالي القطاع المحاصرين منذ سبع عشر عاما راح ضحيتها أكثر من عشرين ألف شهيد من ضمنهم أكثر من ثماني الاف طفل.

يوم الجمعة الماضية، تم الاتفاق على هدنة إنسانية مؤقتة، أحد شروطها كان الإفراج عن مئة من الأسرى الفلسطيين في سجون الاحتلال، وكانت إسراء من ضمنهم.

عانقت إسراء الحرية، واحتضنت طفلها الوحيد، لتسلك دربا جديدا من الحرية والصمود ورحلة استرداد الكرامة، في وجه احتلال لا يعترف بالقوانين الدولية الانسانية ولا يحترمها، قافزا على كل المواثيق والاتفاقيات الداعية لاحترام المدنيين في الحرب، والأسرى والموقوفين الفلسطينيين في سجونها، الذين وجهت لهم في غالب الأحيان، اتهامت باطلة، لا تستند لأي دليل أو منطق.

إسراء اليوم، بين أهلها، شاهدة على ظلم احتلال عمره خمسة وسبعين عاما.


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

هل نشر الصور والأخبار السعيدة على مواقع التواصل الاجتماعي يسبب الحسد ؟

يقوم كثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي سواء أشخاص عاديين أو من المشاهير بنشر صورهم واخبارهم السعيدة وانجازاتهم وحياتهم الشخصية على السوشيال ميديا، مما يعرض الكثير منهم للحسد، ولكن يجب على مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي أن يتجنبوا نشر كل ما يمس حياتهم الشخصية ويحتفظوا بقدر كبير بالخصوصية ولا تكن حياتهم معلومة لجميع متابعيه على مواقع التواصل الإجتماعي.

في هذا الصدد.. قال الدكتور سعيد عامر مساعد الأمين العام لمجمع الشئون الإسلامية لشئون الدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية أنه لا ينبغي ولا يصح على المسلم أن ينشر أسرار حياته وبيته على مواقع التواصل الاجتماعي لأن هذه تعد حرمات بيوت أمرنا الله بحفظها .

هل نشر الصور والأخبار السعيدة على مواقع التواصل يسبب الحسد ؟

وأضاف «عامر» خلال رده على سؤال “ما حكم تصوير الحياة المعيشية ونشرها على السوشيال ميديا ”، أن أية «أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» ليس معناه ان تصور طعامك وشرابك وملبسك وأدق تفاصيل حياتك وتنشرها للناس فهذا فهم خاطىء للأية الكريمة .

وأشار إلي أن وسائل التواصل الإجتماعي نعمة يجب على المسلم استخدامها في الخير وليس في الشر لأن هذه الأفعال تكسر قلوب الاخرين.

هل نشر البلوجرز واليوتيوبرز صورهم وحياتهم  على مواقع التواصل يسبب الحسد ؟

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة "اليوتيوبرز" الذين يقومون بنشر مقاطع فيديو مُصوَّرة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم. فما حكم ذلك؟

قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن بَثُّ ونَشرُ "اليوتيوبرز" المقاطع المصورة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم لزيادة التفاعل حولها، إن كان مما لا يجوز للغير الاطلاع عليه؛ لكونه مما يُعَيَّب به المرء، فنشره عَمَلٌ محرَّم شرعًا، ومُجَرَّم قانونًا؛ لما فيه من إشاعة الفاحشة في المجتمع.

وإن كان مما يصح إطلاع الغير عليه فلا مانع منه شرعًا.

مقالات مشابهة

  • نسبة الشبه بين المطربة همس فكري وشهد ليو حديث الجميع ..فيديو
  • الحكومة الأسترالية تتقدم بمشروع قانون للبرلمان لحظر مواقع التواصل للأطفال دون 16 عاما
  • أستراليا تحظر مواقع التواصل الاجتماعي على المراهقين
  • أول تعليق من وزارة التضامن على واقعة ضرب طفلة في حضانة بالغربية.. فيديو
  • ضبط 8 شركات سياحة غير مرخصة في المحافظات
  • غلق 8 شركات سياحية.. مالقصة
  • الفنانة مي عمر تشعل مواقع التواصل بفستان أحمر جريء (صور)
  • هل نشر الصور والأخبار السعيدة على مواقع التواصل الاجتماعي يسبب الحسد ؟
  • قعيد المجد يُعلن عن عمل ضخم مع شهد الشمراني .. فيديو
  • ضبط 5 شركات سياحة بتهمة النصب على المواطنين