مع إعلان كيان العدو قائمة الأسيرات المتوقع إطلاق سراحهن، طفا إلى السطح اسم الأسيرة الأيقونة “إسراء جعابيص”، التي أتت الحروق على أكثر من 60% من جسدها في حريق في أكتوبر عام 2015، قبيل اعتقالها، لتعاني منذ ذلك الحين من أوضاع صحية صعبة في الأسر، ودون علاج حقيقي.

الأسيرة إسراء جعابيص (36 عامًا) من مواليد جبل المكبر في مدينة القدس، اعتقلها الاحتلال عقب اندلاع حريق في مركبتها في 11 تشرين الأول عام 2015، نتيجة لانفجار بالون الهواء في المقود، بالقرب من حاجز الزعيّم شرق القدس المحتلة، في ذلك اليوم، احترق 60% من جسدها، ووجدت إسراء جعابيص نفسها أسيرة، تحاكم في محاكم الاحتلال، ومتهمة بـ”محاولة ارتكاب عملية دهس”.

كانت إسراء جعابيص، في يوم اعتقالها، متوجهة في طريقها من مدينة أريحا إلى مدينة القدس، وهي تحمل جزءًا من أغراض منزلها الجديد، ومن بينها أنبوبة غاز وجهاز تلفاز، وعندما وصلت على بعد 1500 مترًا من حاجز الزعيم، تعطلت سيارتها قرب مستوطنة معاليه أدوميم، ووقفت إلى جانب الطريق، وجاء شرطي إسرائيلي، وطلب منها فتح الشباك ليكلمها، فأجابته أنها لا تستطيع فتح النافذة، مضيفة: “أكاد أختنق من رائحة تنطلق من داخل السيارة”.

وبعد أن تمكنت إسراء جعابيص من الخروج وفتح باب السيارة، قام الشرطي برميها داخلها، وأطبق الباب على يدها الشمال، وفجأة اشتعلت النيران من داخل السيارة، وانفجرت الوسادة الهوائية بجانب المقود، وبينما حاولت إسراء جعابيص طلب سيارة الإسعاف، استنفرت شرطة الاحتلال وجنودهم، ولم يسمحوا بوصول الإسعاف لمساعدتها.

حتى بعد أن حصلت إسراء جعابيص على المساعدة، وتم نقلها إلى المستشفى، قيد جنود الاحتلال قدميها ويديها، كما لو أنها “مجرمة”، وتم بتر أصابعها بشكل شبه كامل، وروت شقيقة إسراء جعابيص، أن المستشفى أحضروا مجندة بأصابع جميلة ومطلية بالأحمر، وسألتها: “ما رأيك بأصابعي؟”، فأجابت إسراء جعابيص بأنها جميلة، فردت المجندة: “إنت ما عندك أصابع”، فلما أنكرت إسراء جعابيص هذا، وأجابت بأن لديها أصابع، حاولت النظر إلى أصابعها وهي مقيدة إلى السرير، في تلك اللحظة، قالت المجندة: “تستحقين بتر أصابعك”.

المحاكمة

وكانت شرطة الاحتلال قد أعلنت في البداية أنه حادث سير عادي، ولكن الإعلام العبري تناول الخبر على أنه استهدافٌ لجنود الاحتلال، ورغم اكتشاف المحققين للتلفاز مع أنبوبة الغاز الفارغة، الذي أكد أن الانفجار جاء من الوسادة الهوائية في السيارة، إلا أن المخابرات الإسرائيلية ادَّعَت أن إسراء جعابيص كانت في طريقها لتنفيذ عملية.

وعقدت لإسراء جعابيص عدة جلسات من داخل المستشفى؛ لصعوبة نقلها إلى المحكمة بسبب حالتها الصحية الحرجة، ووجهت لها لائحة اتهام بمحاولة تنفيذ عملية وقتل إسرائيليين، واستدلت نيابة الاحتلال لهذا ببعض العبارات المنشورة على صفحتها على فيسبوك.

وبعد مداولات ونقاشات داخل المحاكم الإسرائيلية استمرت لعام كامل، حُكم على إسراء جعابيص بالسجن مدة 11 عامًا، وغرامة مالية مقدارها 50 ألف شيكل، وصدر الحكم في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2016، وتم نقلها إلى سجن هشارون للأسيرات، ومنع الاحتلال زيارة عائلتها لها عدة مرات، ومن ذلك منع طفلها معتصم من زيارتها، الذي كان ابن 6 سنوات عند اعتقال والدته إسراء جعابيص.

كانت شرطة الاحتلال قد أعلنت في البداية أنه حادث سير عادي، ورغم اكتشاف المحققين للتلفاز مع أنبوبة الغاز الفارغة، الذي أكد أن الانفجار جاء من الوسادة الهوائية في السيارة، إلا أن المخابرات الإسرائيلية ادَّعَت أن إسراء جعابيص كانت في طريقها لتنفيذ عملية

الاحتلال يرفض علاج إسراء جعابيص

سحبت السلطات الصهيونية بطاقة التأمين الصحي من الأسيرة إسراء جعابيص، في اللحظة التي تم فيها إصدار قرار الحكم عليها. وامتنع الاحتلال عن إجراء العمليات الجراحية اللازمة للتخفيف من أوجاع إسراء جعابيص الشديدة لتتواصل معاناتها على مدار 8 سنوات بدون اكتراث. الأسيرة السابقة حلوة حمامرة قالت إنهم كانوا يستيقظون ليجدوا إسراء واقفة تحت الماء البارد من شدة الحر التي تشعر به، وأحيانًا يستيقظون على صوت أنينها من شدة الوجع.

وفي عام 2018، أطلقت عائلة إسراء جعابيص حملة “أنقذوا_إسراء” الإعلامية، للتذكير بمعاناة إسراء جعابيص ومحاولة الضغط على إدارة سجون الاحتلال لإدخال أدوات إلى إسراء في سجنها. آنذاك، قالت شقيقة إسراء جعابيص إنها لا تستطيع غسل أسنانها وارتداء ملابسها، أو الأكل دون مساعدة زميلاتها في الأسر، وأن إدارة سجون الاحتلال رفضت إدخال كأس زجاجي، ووافقت على إدخال كأس بلاستيك ورفضت استبداله على مدار سنتين ونصف.

وفي شهر يناير 2018، كانت إسراء جعابيص في جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية للنظر في استئناف على رفض المحكمة المركزية طلبًا للإفراج المبكر عنها بسبب وضعها الصحي، حينها سألها الصحفيون عن حالها، فأجابت إسراء جعابيص: “في أكثر من هيك وجع!.. وجعي مرئي”، “شغلتي طوّلت.. ولا علاج”، وكشفت عن كفّها وأصابعها المبتورة للكاميرا. وفي النهاية، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية الاستئناف وقررت مواصلة اعتقال إسراء جعابيص.

في هذا العام ذاته، ورغم الوجع الشديد وإصرار الاحتلال على مواصلة اعتقالها، تقدمت إسراء جعابيص من داخل السجن لامتحانات الثانوية العامة، وحصلت على معدل 70%.

وفي عام 2021، جددت عائلة إسراء جعابيص محاولتها لإحياء قضية ابنتها، وحينها ظهر معتصم، طفل إسراء جعابيص الوحيد، في مقطع فيديو مرتديًا قميصًا يحمل صورة والدته، وقال إن والدته تحتاج لإجراء 8 عمليات جراحية ضرورية كي تتمكن من مواصلة حياتها.

وفي عام 2022، رفضت المحكمة المركزية للاحتلال، الالتماس الذي قدمه “أطباء لحقوق الإنسان”، لإجراء عملية اعتبرها الأطباء ضرورة طبية، ثم رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية الاستئناف الذي تم تقديمه على قرار المحكمة المركزية.

وتزامن القرار القضائي بحرمان إسراء جعابيص من العملية مع رفض إدارة سجون الاحتلال دفع كلفة العملية الجراحية للتخلص من التبعات الصحية للحروق على جسدها، إذ أوصى أطباء إسراء جعابيص بإجراء سلسلة من العمليات في يدها وأنفها، ولكن بعد التوجّه إلى المحكمة، أعلنت إدارة السجون بأنها ستقوم بتمويل عمليتين في يدها، في حين رفضت تمويل عملية الأنف، رغم أنها متوفرة ضمن الإجراءات الصحية التي يحقّ للأسرى الحصول عليها، وبررت إدارة السجون  قرارها بأن “العملية تجميلية وليست ضرورية”.

من هي إسراء جعابيص؟

درست إسراء جعابيص في الكلية الأهلية في بلدة بيت حنينا شمالي القدس في تخصُّص التربية الخاصة، وكانت تعمل مع المسنِّين والأطفال، وكانت تحب المشاركة في الفعاليات الترفيهية في المدارس والمؤسسات، ولديها ابن واحد هو معتصم.

يعيش ابن إسراء جعابيص الوحيد معتصم مع جدته وخالاته في مدينة القدس، بعد تعرض زوجها لحادث سير أقعده على كرسي متحرك. والآن، أصبح معتصم ابن 14 سنة، وهو يعيش ساعات ترقب وأمل بالإفراج عن والدته إسراء جعابيص ليعانقها مرة أخرى.

وأصدرت إسراء جعابيص كتابًا من داخل سجنها عام 2023، بعنوان “موجوعة”، وأهدته إلى ابنها، وكتبت: “حين تعجز الخطوات عن الوصول وتكبر المسافات رغم صغرها، حين يمسي الليل نهاراً والنهار ليلاً؛ حينما تعزلك عن حضن أمك قضبان من حديد، حينما يصبح الضحية متهماً ثم أسيراً، هذا الكتاب هو باكورة أعمالي داخل الأسر. لعلّ صفحاته تنقل معاناة منعت من النشر”.

والآن، تأمل عائلة إسراء جعابيص أن تستطيع معانقة ابنتها مرة أخرى، بأن يتم الإفراج عنها في إطار صفقة التبادل المتوقع دخولها حيز التنفيذ يوم الجمعة 24 تشرين ثاني/نوفمبر، وأن يكون تحرر إسراء جعابيص المرتقب مدخلاً للبدء برحلة علاج قد تطول، على أمل أن تستطيع مواصلة حياتها لاحقًا.

المصدر: فلسطين الآن

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: إسراء جعابیص جعابیص ا من داخل

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: عملية كسر السيف تفرض على الاحتلال إعادة حساباته

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم الكريم الفلاحي، إن عملية "كسر السيف" التي نفذتها كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد قوة إسرائيلية في بيت حانون، تفرض على جيش الاحتلال إعادة حساباته في خططه العسكرية، وتؤثر سلباً على معنويات جنوده.

وأوضح -خلال فقرة التحليل العسكري- أن قيمة العملية العسكرية تكمن في تنفيذها بمنطقة مفتوحة، كان الاحتلال يسيطر عليها منذ نحو ستة أشهر، إذ توغلت فيها القوات الإسرائيلية منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، واعتبرتها "منطقة عازلة" مؤمنة تماما.

وكانت كتائب القسام قد بثت -اليوم الاثنين- مشاهد فيديو للكمين الذي نفذته عناصرها ضد قوة إسرائيلية ببيت حانون يوم السبت الماضي.

واستهدفت القسام في الكمين الذي أطلقت عليه "كسر السيف" جيبا عسكريا من نوع ستورم، أعقبه استهداف قوة الإسناد التي هرعت إلى المكان بعبوة تلفزيونية 3 مضادة للأفراد، ثم استهداف موقع مستحدث لجيش الاحتلال بـ4 قذائق آر بي جي وعدد من قذائف الهاون.

وظهر عناصر القسام وهم يعدون الكمين الذي وقع في شارع العودة شرق بيت حانون وينتظرون مرور القوة الإسرائيلية، ثم يستهدفون سيارة الجيب التي انقلبت وأجهزوا على جميع من كانوا فيها من جنود الاحتلال.

إعلان

ولفت الخبير العسكري إلى أن خروج المقاومة في هذا المكان يطرح كثيراً من علامات الاستفهام عن عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على السيطرة حتى على المناطق المفتوحة، "فما بالك عندما يكون التوغل في مناطق مأهولة؟".

بداية خسائر الاحتلال

وعن تزامن العملية مع تصريحات إسرائيلية بشأن توسيع العمليات العسكرية واحتلال 30% من قطاع غزة والوصول إلى 50% من مساحته خلال الفترة القادمة، أوضح الفلاحي أن خسائر الاحتلال بدأت ترتفع وبدأت العمليات النوعية تصور وتبث على الهواء، بما يعني أن الاحتلال لديه مشكلة حقيقية في إدارة المعارك.

وعن تأثير العملية على معنويات الجنود الإسرائيليين، أوضح الفلاحي، أن الخسائر التي تحدث في مثل هذه العمليات تؤثر على الروح المعنوية ليس بالقطاعات الموجودة على الأرض فقط، ولكن حتى على بقية القطاعات الأخرى، مشيراً إلى أن طول أمد المعركة أنهك الجيش الإسرائيلي كثيرا، وأصبح أداؤه متدنياً.

وأكد الخبير العسكري، أن عملية من هذا النوع تجعل القوات الإسرائيلية تتحسب كثيراً في مسألة التوغل إلى أي منطقة أخرى، خاصة مع مقتل جندي وإصابة خمسة آخرين، الأمر الذي يضيف خسائر، إضافة إلى الأسرى الموجودين لدى حماس.

ولفت الفلاحي إلى أن العملية تمت بـ"تخطيط دقيق"، إذ بدأت باستهداف جيب عسكري من نوع ستورم، ثم استهداف قوة الإسناد، وصولاً إلى قصف موقع مستحدث للاحتلال بقذائف آر بي جي والهاون، مشيراً إلى أن استخدام الهاون يهدف إلى إرباك جنود الاحتلال وتأمين انسحاب المنفذين.

وشدد الفلاحي على أن إظهار مثل هذه العمليات هو رسالة واضحة بأن فصائل المقاومة جاهزة للمنازلة بما امتلكت من إمكانيات ومقدرات، وأن تكتيكات المقاومة تدل على خبرة ميدانية في إدارة الكمائن وفي المواجهة المباشرة.

مقالات مشابهة

  • مقتل طالبة وإصابة 3 آخرين في عملية طعن داخل مدرسة غربي فرنسا
  • الرئيس الفلسطيني: أولوياتنا وقف حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة
  • هيئة البث الإسرائيلية: أزمة داخلية في حكومة الاحتلال يقودها سموتريتش
  • الدفاع المدني بغزة: حجم الغارات الإسرائيلية يفوق قدرتنا على الإغاثة
  • داخلية غزة تحذر من حملات التضليل الإسرائيلية وتدعو لفتح معبر رفح
  • المحكمة العليا الإسرائيلية.. قمة هرم قضاء الاحتلال
  • خبير عسكري: عملية كسر السيف تفرض على الاحتلال إعادة حساباته
  • رئيس الشاباك يواجه نتنياهو في المحكمة العليا لدى الاحتلال: طُلب مني التجسس على المحتجين 
  • هكذا تُموّل الامارات آلة الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين
  • رئيس الشاباك في مواجهة نتنياهو .. خلاف خطير داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية