المطبعون يرفضون المخاطرة.. هل تغير حرب غزة السياسة الخارجية للدول العربية؟
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
السومرية نيوز – دوليات
أثارت الحرب الإسرائيلية على غزة تساؤلات جدية حول مستقبل الشرق الأوسط، والطريقة التي يتفاعل بها مع القوى العالمية. ففي الوقت الذي ألقت فيه الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية دعمها غير المشروط خلف إسرائيل، وجدت بعض الدول العربية نفسها تحاول حماية مصالحها وتهدئة الغضب الشعبي في الوقت نفسه.
وأعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، السبت 18 نوفمبر/تشرين الثاني، أن وفداً من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة، التي عُقدت في الرياض مطلع الشهر الجاري، سيتوجه إلى عدة عواصم عالمية للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة. وكانت الصين هي الوجهة الأولى لتلك الجولة، ثم تلتها روسيا، وهو ما أثار تساؤلات حول إمكانية تحول الدول العربية نحو الشرق.
الدول العربية المطبِّعة مع إسرائيل ترفض المخاطرة بعلاقاتها معها
ويمارس عدد من الدول العربية الرئيسية "ألعاباً دبلوماسية" حذرة منذ اندلاع الحرب الأخيرة، كما يقول تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، ففي حين أصدرت جميع الدول العربية بيانات تدين الحرب الإسرائيلية في غزة، تبدو الدول التي وقّعت معاهدات السلام الأخيرة مع إسرائيل مهتمة إلى حد كبير بتأمين علاقاتها الجديدة معها.
إذ توسطت الولايات المتحدة في اتفاقيات أبراهام، التي نتج عنها إقامة إسرائيل علاقات دبلوماسية مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب. وقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان يُنظر إلى السعودية على أنها الدولة التالية، وربما الأهم، في مسار تطبيع العلاقات.
وقالت إلهام فخرو، الباحثة المساعدة في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، لموقع Middle East Eye: "السعودية اتخذت موقفاً قوياً نسبياً بتعليقها محادثات التطبيع مع إسرائيل". وأضافت: "لكن الدول العربية التي تربطها بالفعل علاقات مع إسرائيل رفضت، في الغالب، المخاطرة بهذه العلاقات".
وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني، قال البرلمان البحريني في بيان له إن المنامة استدعت سفيرها لدى إسرائيل، لكن تقارير إعلامية أخرى دحضت هذا الادعاء، ولم تُدلِ وزارة الخارجية في البلاد بأي تعليق.
ولم تتخذ الدول الأخرى التي شاركت في اتفاقيات أبراهام أي تحركات مماثلة. يقول طارق كيني الشوَّا، الباحث في السياسات الأمريكية في شبكة السياسات الفلسطينية "الشبكة"، إن هذا التقاعس النسبي لم يفاجئ الفلسطينيين كثيراً.
وقال لموقع Middle East Eye: "معظم الفلسطينيين يشعرون بخيبة أمل كبيرة إزاء استجابة، أو عدم استجابة، القادة العرب في المنطقة. ففي النهاية، يعرف الفلسطينيون أن الشعوب العربية تدعم قضيتهم بكل قوة، لكن القادة يكتفون بالحديث دون أن يتحركوا".
دول التطبيع لا تزال تفضّل الحفاظ على الدعم الذي تتلقاه من الغرب
مارست مصر والأردن، الدولتان المعروفتان بتطبيعهما مع إسرائيل قبل عقود من اتفاقيات إبراهام، ضغوطاً نسبية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صراحة أنه يعارض أي محاولات لتهجير سكان غزة إلى سيناء. لكن القاهرة تعرضت لانتقادات بسبب إحجامها عن فتح معبر رفح مع غزة بصورة طبيعية.
وفي المقابل، طرد الأردن السفير الإسرائيلي في عمّان، واستدعى سفيره. وانسحب أيضاً من اتفاق الطاقة مقابل المياه مع إسرائيل، جرّاء ضغوط داخلية.
وقال كيني الشوّا: "القادة العرب مثل السيسي والملك عبد الله ومحمد بن سلمان لديهم ورقة يمكنهم استخدامها للضغط على إسرائيل، مثل التهديد بالانسحاب من اتفاقيات التطبيع أو المفاوضات".
وأضاف أن هذه الدول لا تزال تفضّل الحفاظ على الدعم الذي تتلقاه من الدول الغربية، إلى جانب الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية التي تفيد منها. وتتفق إلهام فخرو مع ذلك بقولها إن الدول العربية لا تزال منقسمة حول المسار المناسب.
وأضافت: "هذا بالتأكيد بعيد كل البعد عن الوحدة التاريخية التي شهدناها خلال الحظر النفطي عام 1973 مثلاً".
فخلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، رداً على دعم الدول الغربية لإسرائيل، فرضت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بقيادة الملك السعودي آنذاك فيصل، حظراً نفطياً على العديد من الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة وهولندا وروديسيا، ودول أخرى.
وتضاعف سعر برميل النفط الواحد 4 مرات خلال فترة الحظر، وشهدت الولايات المتحدة نقصاً في الوقود على مستوى البلاد.
إلى متى يستمر هذا الوضع؟
والآن، في ظل استمرار حرب إسرائيل في غزة مع مجرد هدنة مؤقتة بوساطة قطرية، توحد العرب في المطالبة بوقف إطلاق النار، ودعت السعودية إلى وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل. لكن الخبراء يرون أن الدعم الأمريكي المستمر لحليفتها قد يؤثر في النهاية حتى على أقرب القادة العرب إليها.
ووفقاً لكيني الشوّا، فهذا من شأنه أن يوسّع الفجوة العالمية بين الشرق والغرب قليلاً. وقال: "الشعب العربي وقادته يرون مدى حماسة الولايات المتحدة في دعم القتل الجماعي لإخوانهم العرب، وهذا سيدفعهم نحو تعميق العلاقات مع القوى الأخرى مثل الصين".
ورغم أنه من غير المتوقع، بأي حال من الأحوال، أن تحل الصين محل الولايات المتحدة في المنطقة، فنهجها البنّاء نسبياً في التعامل مع صراعات الشرق الأوسط، الذي تعززه وساطتها في المصالحة السعودية الإيرانية، قد يزيد من أهمية دورها.
وترى إلهام فخرو أن "دول الخليج تعتبر دولاً مثل روسيا والصين شريكين مفيدين". ولو بات لدى دول الخليج بدلاء منافسون للولايات المتحدة، فقد يوفر لها ذلك نفوذاً متزايداً في واشنطن، خاصة إذا سلكت الأخيرة طريقاً غير مرغوب فيه.
على أن هذه المواقف تظل من منطلق المصلحة الشخصية، وليس الدعم الحقيقي للقضية الفلسطينية. ويقول كيني الشوا إن هذا هو العامل الرئيسي الذي يحدد المواقف الرسمية العربية من إسرائيل وفلسطين.
وقال: "ما دام العالم العربي يقوده مستبدون لا يبالون إلا بمصلحتهم الشخصية ومصممون على الحفاظ على سلطتهم مهما كان الثمن، فلا يتوقع منهم الفلسطينيون ممارسة ضغوط جدية على إسرائيل".
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: الدول الغربیة الدول العربیة مع إسرائیل من الدول
إقرأ أيضاً:
تقارير: أفريقيا تدفع أثقل أعباء تغير المناخ عالميا
تشير التقارير إلى أن أفريقيا تدفع أحد أعلى أثمان تغير المناخ عالميا، في حين أن القارة مسؤولة عن جزء ضئيل لا يتجاوز 4% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم.
وحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، تتحمل أفريقيا عبئا ثقيلا للغاية جراء تغير المناخ، وتكاليف باهظة بشكل غير متناسب للتكيف الأساسي مع تغير المناخ، وهي الأكثر تعرضا للظواهر المناخية المتطرفة، في وقت تفتقر فيه معظم دولها لنظم الإنذار المبكر الفعالة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الصين أم الغرب.. من المسؤول الأكبر عن تغير المناخ؟list 2 of 4ما علاقة الزلازل بالأنشطة البشرية والتغير المناخي؟list 3 of 4تغير المناخ يهدد زراعة الموز في أميركا اللاتينيةlist 4 of 4أزمة المناخ تشتد.. شهر مارس الأكثر حرا في تاريخ أوروباend of listوقالت المنظمة في آخر تقاريرها عن حالة مناخ أفريقيا إن القارة الأفريقية ارتفعت درجة حرارتها بشكل أسرع قليلا من المتوسط العالمي، حوالي 0.3 درجة مئوية لكل عقد بين عامي 1991 و2023.
وذكر تقرير المنظمة الدولية أن شمال أفريقيا شهدت أسرع ارتفاع في درجات الحرارة، ووصلت درجة الحرارة العظمى الجديدة في مدينة أكادير بالمغرب إلى 50.4 درجة مئوية في أغسطس/آب 2023، وشهدت بلدان أخرى هطول أمطار غزيرة أدت إلى حدوث فيضانات في عامي 2023 و2024.
وبشكل عام، تعد أفريقيا واحدة من أكثر مناطق العالم عرضة للظواهر المناخية المتطرفة، بما في ذلك الفيضانات والجفاف وموجات الحر والأعاصير المدارية والعواصف الشديدة والأمطار الغزيرة وحرائق الغابات. إذ لا يغطي 60% من السكان أي نظم للإنذار المبكر.
إعلانوفي سياق التقرير، قالت جوزيفا ليونيل كوريا ساكو، مفوضة الزراعة والتنمية الريفية والاقتصاد الأزرق والبيئة المستدامة في المفوضية الأفريقية: "تواجه أفريقيا عبئا كبيرا ومخاطر غير متناسبة ناجمة عن الأحداث الجوية والأنماط المرتبطة بتغير المناخ".
وأشارت ساكو إلى أن "هذه الأزمات تتسبب في أزمات إنسانية ضخمة ذات آثار سلبية على الزراعة والأمن الغذائي والتعليم والطاقة والبنية الأساسية والسلام والأمن والصحة العامة وموارد المياه والتنمية الاجتماعية والاقتصادية بشكل عام".
وتخسر الدول الأفريقية في المتوسط ما بين 2% و5% من ناتجها المحلي الإجمالي، ويُحول العديد منها ما يصل إلى 9% من ميزانياتها للاستجابة للظواهر المناخية المتطرفة.
وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تُقدر تكلفة التكيف بما يتراوح بين 30 و50 مليار دولار سنويا على مدى العقد المقبل، وهو يتراوح بين 2% و3% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة.
وتشير التقديرات أيضا إلى أنه ما لم تُتخّذ تدابير كافية للاستجابة، فإن ما يصل إلى 118 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع (ويعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم) سيتعرضون للجفاف والفيضانات والحرارة المتطرفة في أفريقيا بحلول عام 2030.
وأثرت الظواهر المناخية المتطرفة في معظم بلدان القارة، مما أدى إلى مخاطر كبيرة على الأمن الغذائي. وبلغ إنتاج شمال أفريقيا من الحبوب 33 مليون طن في عام 2023، وهو أقل بنحو 10% من متوسط السنوات الخمس الماضية، ويماثل محصول العام السابق الذي أصابه الجفاف بالفعل.
وتضع التغيرات المناخية أعباء إضافية على جهود التخفيف من حدة الفقر وتعرقل النمو بشدة، وهو ما يتطلب إجراءات للتأقلم مع تغيّر المناخ بما في ذلك استثمارات في البنية التحتية للأرصاد الجوية الهيدرولوجية ونظم الإنذار المبكر من أجل التأهب لتزايد الظواهر الخطرة والشديدة التأثير.
إعلانومن المنتظر أن تركز قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة "سي أو بي 30" (COP30)، التي تستضيفها البرازيل في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، على مدى مساهمة الدول الصناعية الغنية في مساعدة الدول الأكثر فقرا على التكيف مع تغير المناخ، وخاصة تعزيز حصة تمويل المناخ الموجهة إلى الدول الأفريقية.
وحسب البنك الأفريقي للتنمية، تتلقى أفريقيا ما بين 3% و4% فقط من تمويل المناخ العالمي رغم أنها تمثل 9 من أكثر 10 دول عرضة لتغير المناخ في العالم.
وفي مارس/آذار الماضي، قدر المشاركون في القمة العالمية الثانية للأعمال بشأن تغير المناخ في أفريقيا بالعاصمة الكينية نيروبي حاجة القارة السوداء لتمويلات تغير المناخ والتكيف بنحو 55 مليار دولار.