استطلاعات الرأي تصدم بايدن وتعزز موقف ترامب
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
تستمر أرقام استطلاعات الرأي للرئيس الأمريكي جو بايدن في التحول من سيئ إلى أسوأ.
معدل التأييد لأدائه، وهو أصلاً منخفض بشكل تاريخي لرئيس في هذه المرحلة
وكتب ستيفن شيبارد في مجلة "بوليتيكو" كيف بدأ نوفمبر (تشرين الثاني) مع إظهار استطلاع رأي لصحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا تقدم ترامب في أربع من الولايات المتأرجحة الست.
وبينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم التغير يأتي من ناخبين يتخلون عن بايدن – والذين قد يصبحون مترددين من دون أن يدعموا ترامب – فإن الرئيس الجمهوري السابق بدأ أيضاً باكتساب زخم. أصبحت حصة ترامب من الأصوات في متوسط الاستطلاعات الوطنية أعلى من أي وقت مضى خلال السنة الماضية.
A babbling, incoherent impaired Manchurian candidate is now the great hope of the degraded and declining Marxist Dems who’ve sold out America in every imaginable way!
The polls keep getting worse for Biden https://t.co/C9Okc0biVh via @politico
والبيانات على مستوى الولاية مذهلة بنفس المقدار: بالإضافة إلى استطلاعات الرأي التي أجرتها نيويورك تايمز/سيينا خلال الأيام العشرة الماضية، أظهرت استطلاعات أخرى تقدم ترامب بثماني نقاط في أريزونا وخمس نقاط في ميشيغان.
يمثل تراجع بايدن الأخير نقطة التقاء بين تسرب لدى فئات انتخابية ديمقراطية موثوق بها، مثل الناخبين الشباب واندلاع الحرب في الشرق الأوسط، وصعود مرشحين مستقلين أو من أحزاب ثالثة يمكنهم سحب الأصوات من كل من بايدن وترامب.
بيّن استطلاع "إن بي سي نيوز" هذا الأسبوع نتيجة مذهلة: تقدم ترامب على بايدن بين الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً، بنسبة 46 في المئة مقابل 42 في المئة.
ورغم أن ذلك كان ضمن هامش الخطأ المرتفع لمثل هذه المجموعة الفرعية الصغيرة، تظهر استطلاعات رأي أخرى أيضاً سباقاً متقارباً مع ما كان فئة انتخابية ديمقراطية موثوق بها. حصل بايدن على تقدم بخانة واحدة فقط بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً في استطلاعات الرأي هذا الشهر من مورنينغ كونسالت (بايدن +2)، وفوكس نيوز (بايدن +7) وجامعة كوينيبياك (بايدن +9). وتقدم ترامب على بايدن في جميع استطلاعات الرأي الأربعة بين جميع الناخبين.
تظهر استطلاعات قليلة فقط أن تقدم بايدن بين الناخبين الشباب يقترب من هوامشه في سنة 2020، لكنه الاستثناء لا القاعدة.
President Joe Biden’s poll numbers keep getting worse.https://t.co/0Z2VyW1E6J
— POLITICOEurope (@POLITICOEurope) November 25, 2023
أثار ذلك جدلاً عما إذا كان ترامب يحقق بالفعل اختراقات عميقة مع الناخبين الأصغر سناً، أو عما إذا كانت هذه الأرقام مجرد نوع من التحيز في الاستطلاعات. تتكهن إحدى النظريات الشائعة بأن الناخبين الليبراليين الشباب غير المتحمسين لبايدن وحزبه، بسبب دعم إدارته لإسرائيل في حربها مع حماس مثلاً، لا يشاركون في استطلاعات الرأي حالياً، حتى ولو كان كثر منهم سيصوتون له في نوفمبر المقبل.
لكن بايدن، أكبر رئيس في التاريخ، لم يحصل قط على نتائج جيدة بين الناخبين الأصغر سناً. والاستطلاعات الهاتفية – أجريت جميع الاستطلاعات الأربعة المذكورة أعلاه هاتفياً باستثناء استطلاع مورنينغ كونسالت – هي طريقة صعبة للوصول إلى الناخبين الأصغر سناً.
أولاً، إن معدل التأييد لأدائه، وهو أصلاً منخفض بشكل تاريخي لرئيس في هذه المرحلة من ولايته الأولى، تراجع معدل الموافقة على أداء بايدن إلى 38 بالمئة في وقت سابق من هذا الشهر، وهو أدنى مستوى منذ يوليو (تموز) 2022. وبالمثل، عندما وصل بايدن إلى 40 بالمئة في متوسط ريل كلير بوليتيكس هذا الشهر، كانت هذه أدنى قراءة له منذ أغسطس (آب) 2022.
في الوقت نفسه، أرقام ترامب آخذة في الارتفاع. لم يكتف ترامب بكسر نسبة 46 بالمئة في الموافقة على أدائه للمرة الأولى في وقت سابق من هذا الشهر وحسب، بل تجاوز هذا الأسبوع 47 بالمئة، وهو ما يعادل تقريباً حصته من الأصوات في انتخابات 2020.
إن غالبية استطلاعات الرأي التي تظهر فوز ترامب بمعظم الأصوات لا تشمل الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم، وهو قرار منهجي مشكوك فيه بما أن الانتخابات بعيدة نسبياً، خصوصاً في سباق افتراضي بين مرشحين لا يلقيان إعجاباً كبيراً لدى الناخبين. لكن حتى استطلاعات الرأي التي تشير إلى وجود ناخبين لم يحسموا أمرهم تظهر تقدم ترامب، مثل استطلاع فوكس نيوز (50 مقابل 46 في المئة). ليس الشرق الأوسط فقط من الشائع محاولة إرجاع أي تغيير في أرقام استطلاعات الرأي للرئيس إلى الأحداث الإخبارية الأخيرة مثل حرب إسرائيل مع حماس. لكن بالنسبة لبايدن، إن الواقع أكثر تعقيداً بعض الشيء.
يُظهر متوسط "فايف ثيرتي أيت" انخفاضاً ثابتاً إلى حد ما في تصنيف الموافقة على أداء بايدن والذي يعود تاريخه إلى مايو (أيار). يعود تاريخ بدء الانخفاض في ريل كلير بوليتيكس إلى أبريل (نيسان).
في الوقت نفسه، ارتفع متوسط التصنيف الإيجابي لترامب بشكل مطرد خلال الشهرين الماضيين: من 39 بالمئة في الأول من سبتمبر (أيلول) إلى 42 بالمئة اعتباراً من بعد ظهر الأربعاء، حسب موقع فايف ثيرتي أيت. الولايات المتأرجحة على المسار نفسه لا تقتصر الأخبار السيئة بالنسبة إلى بايدن على استطلاعات الرأي الوطنية. وذلك بالرغم من حملة إعلانية استمرت ثلاثة أشهر لتعزيز أرقام الرئيس.
منذ منتصف أغسطس (آب)، أنفق بايدن واللجنة الوطنية الديموقراطية نحو 12 مليون دولار على الإعلانات التلفزيونية الحكومية في الولايات المتأرجحة، حسب شركة التتبع آدإمباكت. في معظم فترات الخريف، أنفق بايدن نحو مليون دولار أسبوعياً، بالرغم من أن هذا المبلغ انخفض إلى النصف تقريباً خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وهذا الأمر لا يساعد. بالإضافة إلى استطلاعات الرأي التي أجرتها نيويورك تايمز/سيينا، والتي أظهرت تقدم ترامب على بايدن في أريزونا وجورجيا ونيفادا وبنسلفانيا، تقدم ترامب على بايدن في 6 من الولايات السبع المتأرجحة التي استطلعتها مورنينغ كونسالت وبلومبرغ نيوز.
كانت هناك أيضاً بعض النتائج المذهلة في الولايات الأخرى التي فاز بها بايدن في 2020. في أريزونا، تقدم ترامب بـ8 نقاط الأسبوع الماضي في استطلاع نوبل بريديكتيف إنسايتس وبـ5 نقاط في استطلاع إبيك أم آر أي. ماذا عن تأثير المرشحين الآخرين؟ أحد أكثر الأشياء إثارة للدهشة بشأن أرقام الاستطلاعات المروعة لبايدن هو أنها تأتي في منافسات مباشرة مع ترامب – ولا تشمل مرشحين من طرف ثالث يمكنهم سحب مزيد من الأصوات من الرئيس.
لا يدرج العديد من منظمي استطلاعات الرأي حتى الآن نتائج تنافس مع مرشحين مستقلين مثل روبرت إف كينيدي جونيور وكورنيل ويست أو مرشحة حزب الخضر جيل ستاين، لذلك ثمة القليل من الأدلة في الوقت الحالي لقياس تأثير ترشحهم. يكون تقدم ترامب على بايدن في معدلات ريل كلير بوليتيكس أصغر عندما تتم إضافة كينيدي، ولكنه أكبر قليلاً، عندما يتم تضمين ويست وستاين أيضاً. تعني هذه الإشارات المتضاربة أنه من السابق لأوانه القول بالضبط كيف سيغير المرشحون المستقلون ومرشحو الطرف الثالث الحسابات الانتخابية لبايدن وترامب.
لكن من الواضح أن تراجع بايدن ليس نتيجة لترشح مرشحين من أطراف ثالثة – أو أولئك الذين يحتمل أن يظهروا لاحقاً، مثل السيناتور المتقاعد جو مانشين (ديمقراطي من فرجينيا الغربية). وقد يزيدون من صعوبة تعافي بايدن، خصوصاً إذا استحوذ المرشحون المستقلون على حصص كبيرة من الدعم بين مجموعات مثل الناخبين الشباب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة بايدن استطلاعات الرأی التی الناخبین الشباب بین الناخبین فی استطلاع بالمئة فی هذا الشهر
إقرأ أيضاً:
ديمقراطية أميركا..من أيزنهاور إلى بايدن
هل باتت الديمقراطية الأمريكية في خطر من جراء مجمعين يكادان يطبقان عليها، لتخسر الولايات المتحدة، درَّة التاج، في تكوينها وجوهرها، منذ إعلان الاستقلال وحتى اليوم؟
لطالما فاخر وجاهر الأمريكيون بالنسق القيمي الليبرالي، الذي عُدَّت الديمقراطية فيه حجر الزاوية، وعليه قام هذا البناء الجمهوري الشاهق، غير أنه وخلال العقود الستة المنصرمة، بدت روح أمريكا في أزمة حقيقية، من جراء نشوء وارتقاء مجمعات أقل ما توصف به أنها ضد الديمقراطية.جاء خطاب وداع الرئيس جو بايدن ليعيد تذكير الأمة الأمريكية بالخطر الذي نبّه منه الرئيس دوايت أيزنهاور عام 1961، والمؤكد أن بايدن لم يذكّر الأمريكيين بالمجمع الصناعي العسكري، ذاك الذي لفت إليه أيزنهاور فحسب، بل وضعهم أمام استحقاقات مجمع جديد قادم بقوة كالتسونامي الهادر في الطريق، لا شيء يوقفه، وما من أحد قادر على التنبؤ بأبعاد سيطرته على مستقبل الديمقراطية في الداخل الأميركي.
في السابع عشر من يناير (كانون الثاني) من عام 1961 ألقى أيزنهاور خطاباً وداعيّاً متلفزاً من مكتبه الرسمي، وبطريقة لا تُنسى، حذَّر فيه من أن تتحول "الصناعة العسكرية المعقدة" في بلده إلى قوة عنيفة.
يومها قال جنرال السياسة الذي نجح في قيادة قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية إن "المؤسسة العسكرية الضخمة" مع "صناعة أسلحة هائلة" تعملان معاً سعياً وراء "نفوذ لا مبرر له" في "كل مدينة وكل مبنى تشريعي وكل مكتب عائد إلى الحكومة، مما قد يؤدي إلى كارثة تنبع من بروز قوة في غير محلها".
عبر ستة عقود ونيف بدا أن توقعات "الجنرال آيك" قد تحوّلت إلى واقعِ حال عبر تحالف ثلاثي الأطراف، اختصم في واقع الأمر الكثير من لمحات ومسحات الديمقراطية الأمريكية.
تمثلت أضلاع المثلث في أصحاب المصانع العسكرية الأمربكية، تلك التي تدرّ "لبناً وعسلاً وذهباً" على حَمَلة أسهمها، في السر والعلن، فيما الضلع الثاني مثَّله جنرالات وزارة الدفاع الأمريكية، الذين يقودون وعلى الدوام المعارك الأمريكية على الأرض، وغالباً ما يعودون لاحقاً بعد نهاية خدمتهم للعمل مستشارين برواتب هائلة في المؤسسات الصناعية العسكرية، بينما الجهة الثالثة يمثلها أعضاء الكونغرس، من الشيوخ والنواب، أولئك الذين يشرّعون قرارات الحروب، وعادةً ما يتلقون ملايين الدولارات تبرعات من الشركات العسكرية الكبرى، والعمل لها لاحقاً، بعد نهاية تمثيلهم التشريعي، أعضاء في مجالس إداراتها.
خلق هذا المجمع بلا شك روحاً جديدة في الداخل الأمريكي، باتت تمثل قوة ضاغطة على عملية صناعة القرار الأمريكي، وخصمت ولا شك من مساحات الديمقراطية الغنَّاء، وقدرة البروليتاريا الأمريكية العاملة المكافحة، وأقنان الأرض البؤساء، على تمثيل ذواتهم تمثيلاً عادلاً، فيما المحكمة العليا في البلاد أخفقت في حسم قضية التبرعات للمرشحين للمناصب الحكومية، من عند أصغر عمدة لمدينة أمريكية نائية على الحدود الجنوبية في تكساس، وصولاً إلى مقام الرئاسة.
جاء بايدن في خطاب تنصيبه ليشير إلى ما سمَّاه "المجمع الصناعي التقني"، الذي يبدو أنه لا يقل ضراوة عن العسكري، لا سيما أن بصماته تمتد عبر المحيطات إلى بقية أنحاء وأرجاء الكون الفسيح.
"بعد ستة عقود من الزمان ما زلت أشعر بنفس القدر من القلق إزاء الصعود المحتمل للمجمع الصناعي التكنولوجي الذي قد يشكل مخاطر حقيقية على بلدنا أيضاً"... هكذا تكلم بايدن.
بايدن لم يترك مجالاً للشك في أن الأمريكيين يُدفنون، وعلى حد تعبيره، تحت سيل من المعلومات المُضلّة والمضلِّلة، التي تُمكن من إساءة استخدام السلطة، فيما الصحافة الحرة تنهار، والمحررون يختفون، بينما وسائل التواصل الاجتماعي تتخلى عن التحقق من صحة الحقائق أو زيفها.
أظهر بايدن أن هناك مخاوف حقيقية تخيِّم فوق ديمقراطية أمريكا، من جراء تزاوج الثروة والسلطة، عبر أطراف المجمع الصناعي التقني، الذي بات يمثله رجالات من نوعية إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ وجيف بيزوس، ومجالس إدارات شركات مثل أبل وغوغل، وأساطين رجال أعمال يتعاطون مع قرابة التريليون دولار، مما يجعل فكرة الديمقراطية المختطَفة من القلة أمراً قائماً وليس جديداً.
هل الديمقراطية الأمريكية في خطر حقيقي وليس وهمياً؟
تركيز السلطة والثروة يؤدي مباشرةً إلى تآكل الشعور بالوحدة والغرض المشترك، ويقود إلى انعدام الثقة، وحينها تصبح فكرة الديمقراطية مرهِقة ومخيِّبة للآمال، ولا يشعر الناس فيها بأنهم يتمتعون بفرصة عادلة.
يقول الراوي إن روما القديمة قد أفل نجمها حين غابت روح الديمقراطية عن حناياها ومن ثناياها... ماذا عن روما العصر؟