الأزمة الاقتصادية تتفاقم.. إسرائيل تسجل التخلف عن سداد 117 ألف قرض
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
يعجز عشرات آلاف الإسرائيليين عن سداد قروضهم، نتيجة الحرب المتصاعدة في قطاع غزة، والمستمرة منذ 50 يوما، كأحدث مؤشرات تصدّع للاقتصاد الإسرائيلي تحت وطأة تكاليف الحرب.
قالت هيئة الرقابة المصرفية، إن إسرائيليين أرجأوا سداد المستحقات على ما يقرب من 3 مليارات شيكل (800 مليون دولار) من القروض في أكتوبر/تشرين الأول، نتيجة للحرب مع حركة حماس.
وقال بنك إسرائيل (البنك المركزي)، إنه تم تأجيل سداد أقساط نحو 117 ألف قرض، معظمها قروض عقارية وائتمانات استهلاكية أخرى، بقيمة إجمالية 2.7 مليار شيكل (727 مليون دولار) الشهر الماضي.
وأضاف أن بيانات تم جمعها في نوفمبر/تشرين الثاني، أظهرت أن ثلث أولئك الذين أجلوا سداد أقساط القروض الشهر الماضي، كانوا من العملاء الذين تأثروا بشكل مباشر بالأضرار الناجمة عن الحرب.
وأوضح البنك أن هؤلاء المتضررين هم من الذين يعيشون أو يمتلكون أعمالا على بعد أقل من 30 كيلومترا من حدود غزة، ومن تم إجلاؤهم من منازلهم ومن تم استدعاؤهم ضمن جنود الاحتياط والأقارب المباشرين للقتلى أو المختطفين أو المفقودين في أثناء الحرب.
وقالت وزارة العدل الإسرائيلية، من جهتها، إنه بسبب حالة الطوارئ والحرب "يسمح المفوض للمدينين تأجيل موعد تقديم التقارير الملزم تقديمها مرة كل شهرين حول الدخل والمصروفات الموجب عليهم تقديمها في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني.
اقرأ أيضاً
تقدر بـ5 مليارات دولار.. إسرائيل تبدأ صرف تعويضات الشركات جراء حرب غزة خلال أيام
وهذه الأنظمة هي للمدينين الأفراد (في كل أنحاء البلاد) في إجراءات العجز عن تسديد الديون المدارة من قبل المفوض".
وفي أعقاب الهجمات التي شنها مسلحو "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، واندلاع الحرب بعد ذلك، طلبت الهيئة المعنية بالإشراف المصرفي التابعة للبنك المركزي من البنوك السماح بتأجيل القروض وتخفيف الرسوم على الأسر والشركات المتضررة من الصراع.
وأشار محافظ بنك إسرائيل (البنك المركزي) أمير يارون، إلى أنه يعارض خفض أسعار الفائدة على القروض قصيرة الأجل خلال الحرب، لكن مثل تلك الخطوات التي اتخذتها البنوك كانت "في الممارسة العملية، للتيسير النقدي"، لأنها تستهدف أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها من دون زيادة المخاطر في الأسواق المالية.
من جانبه، يُقدّر الباحث في الشؤون الاقتصادية ومستشار المركز العربي للدراسات أبوبكر الديب، ما يمر به اقتصاد إسرائيل بأنه "أزمة كبيرة وطاحنة"، وأنه كلما اشتدت الحرب ستزيد خسائره.
وتعليقا على تأجيل سداد أقساط المقترضين، يوضّح الديب أنّ هذا "أمر طبيعي ومحصّلة طبيعية للخسائر المتوالية للاقتصاد الإسرائيلي في الشهر الثاني من الحرب".
ولن يقف الأمر في إسرائيل على التوقف عن سداد القروض، بل إنه من المقرر أن تصرف السلطات الإسرائيلية، خلال أيام، تعويضات الشركات عن انخفاض الإنتاج والأضرار التي لحقت بالأعمال التجارية جراء الحرب في غزة، والتي تصل إلى نحو 5 مليارات دولار.
اقرأ أيضاً
كبير الاقتصاديين بالمالية الإسرائيلية: حرب غزة تتجه بالنمو إلى الصفر
وحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فإن أكثر من 40 ألف شركة إسرائيلية تقدمت بطلبات إلى حكومة الاحتلال، للحصول على تعويضات، بسبب انخفاض الإنتاج والأضرار التي لحقت بالأعمال التجارية بسبب الحرب.
وتسببت الحرب في خسائر باهظة لمختلف الأنشطة الاقتصادية في إسرائيل. ووفق بيانات رسمية، أوردتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الأسبوع الماضي في تقرير منفصل، فإن حكومة الاحتلال تتوقع تراجعاً حاداً في الإيرادات العامة، وهو ما سيؤثر سلبا على مبالغ صرف التعويضات المقررة للمتضررين.
فيما تقول صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية العبرية، في تقرير سابق لها، إن نصف تكلفة الحرب على غزة ستذهب إلى نفقات الدفاع (نحو 25 مليار دولار)، بينما ستصل الخسائر على صعيد الإيرادات 16 مليار دولار، ونحو 5 مليارات دولار على شكل تعويضات للشركات، و5 مليارات دولار أخرى سيتكبدها الاحتلال بسبب إعادة التأهيل.
لمواجهة هذه التكلفة العالية للحرب وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية على دولة الاحتلال، اضطرت تل أبيب إلى استدانة ما بين 6 إلى 8 مليارات دولار، لتغطية عجز في الموازنة قُدّر بنحو 6 مليارات دولار خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي فقط، أي بزيادة تقارب 400% على أساس شهري.
وتخطط إسرائيل لاقتراض مزيد من الأموال خلال نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، لمواجهة عجز مالي ينتظر أن يتفاقم كثيرا في ظل حرص رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على "فتح الصنابير"، وفق تعبيره لتمويل تكاليف الحرب.
اقرأ أيضاً
انكماش حاد وديون متزايدة.. حرب غزة تستنزف اقتصاد إسرائيل
وتشير التقديرات إلى أن إسرائيل قد تتكبد خسائر ما بين 51 و60 مليار دولار، إذا طالت الحرب إلى ما بين 8 أشهر إلى سنة كاملة، وهو ما يمثل نحو 10% من الناتج المحلي لدولة الاحتلال.
هذا الوضع، دفع نتنياهو ووزير ماليته سموتريتش، إلى اقتراح تعديل على موازنة 2023، رغم أنه لم يتبق على نهايتها إلا بضعة أسابيع.
ويسمح هذا الاقتراح بمزيد من التمويل للحرب على غزة، وإن كان على حساب زيادة العجز في الموازنة بمبلغ يقدر بـ8 مليارات دولار.
وهذا العجز الكبير هو ما دفع البنك المركزي الإسرائيلي إلى التحذير من أن يؤدي تعميقه إلى توجيه ضربة قوية للاقتصاد الإسرائيلي، الذي خرّت قطاعاته الحيوية كثيرا، خاصة القطاع الصناعي وقطاعات السياحة والطيران والطاقة.
ولن يقف تأثير الحرب الحالية على موازنة العام الحالي، بل سيمتد ذلك إلى موازنة 2024، حيث توقعت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن يتضاعف هذا العجز المالي 3 مرات العام المقبل، مع ارتفاع حجم الإنفاق العسكري على حرب غزة، في حين تتوقع وكالة موديز أن يصل العجز إلى 7% من الناتج المحلي العام المقبل.
اقرأ أيضاً
محافظ البنك المركزي الإسرائيلي: الحرب مع حماس مثلت صدمة للاقتصاد
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: قروض إسرائيل سداد قروض الحرب أزمة اقتصادية أکتوبر تشرین الأول ملیارات دولار البنک المرکزی اقرأ أیضا حرب غزة
إقرأ أيضاً:
أوروبا تدعم مصر بـ4 مليارات يورو.. فرصة اقتصادية أم دعم مشروط؟
جاء إقرار البرلمان الأوروبي بصرف 4 مليارات يورو لمصر، هي الدفعة الثانية من حزمة مساعدات غربية بقيمة 7.4مليار يورو مقررة للقاهرة منذ العام الماضي، في توقيت لافت يعاني فيه اقتصاد البلد العربي الأكثر سكانا (107 ملايين نسمة) من أزمات بنيوية وهيكلية مزمنة.
وقال رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا متسولا، وعبر صفحتها بموقع "إكس"، إنه في الوقت الذي تُعزز فيه أوروبا السلام والاستقرار بالشرق الأوسط، أقر البرلمان الأوروبي، الثلاثاء، دعما ماليا بالغ الأهمية لمصر، والأردن، بقيمة 4 مليارات يورو، و500 مليون يورو على التوالي، واصفة إياهما بـ"الشركاء الاستراتيجيين".
وفي 15 آذار/ مارس 2024، وبعد رفع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لمستوى الشراكة الاستراتيجية ونظرا لوضع اقتصاد مصر، ودورها كقوة استقرار في ظل التوترات الجيوسياسية بمنطقة متقلبة، اقترحت المفوضية الأوروبية دعمها بمنح وقروض بقيمة 7.4 مليار يورو حتى نهاية 2027.
وجرى جرى تخصيص 5 مليارات يورو من المساعدات الأوروبية التي جرى صرف مليار دولار منها في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لمساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة، و1.8 مليار يورو ضمانات استثمار، و600 مليون يورو منح تنموية.
"توقيت هام وإطراء مصري"
ويشهد الاقتصاد المصري ضغوطا كبيرة بفعل التزامات ملحة بسداد ديون خارجية تصل نحو 9.3 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، وحوالي 5.8 مليار دولار بالنصف الثاني، ما يتزامن مع تراجع دخل البلاد من مرور التجارة العالمية بقناة السويس بحوالي 800 مليون دولار شهريا، وفق تصريح رسمي.
ولاقى اعتماد البرلمان الأوروبي صرف الشريحة الثانية بأغلبية 452 عضوا من بين 720 برلماني أوروبي الثلاثاء، ترحيبا مصريا واسعا، عبر بيان مطول لوزارة الخارجية يشيد بالقرار الأوروبي، المتزامن مع ما تعيشه المنطقة العربية من أزمة حرب غزة وملف تهجير الفلسطينيين لمصر، فيما تبعه بيان ثاني مشيد بالقرار الأوروبي صدر عن وزارة التعاون الدولي.
ووفق متحدثون سابقون لـ"عربي21"، فإن حزمة المساعدات الأوروبية لمصر تأتي في ظل الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، ودور القاهرة بحماية الشواطئ الجنوبية لأوروبا من موجات الهجرة غير الشرعية القادمة من قارة إفريقيا، وسط رغبة أوروبية في إنقاذ اقتصاد دولة تاريخية لها أدوارها الهامة بإقليم الشرق الأوسط الذي يموج بالصراعات.
وتنضم تلك الحزمة إلى الشريحة الرابعة من قرض المليارات الثمانية من صندوق النقد الدولي التي تقرر صرفها للقاهرة 10 آذار/ مارس الماضي، بقيمة 1.2 مليار دولار، بجانب 1.3 مليار دولار من برنامج المرونة والاستدامة، وجميعها تأتي وسط توقعات بفرض قرارات حكومية جديدة برفع أسعار الوقود في نيسان/ أبريل الجاري.
وبمقابل ذلك الدعم كشفت بيانات "البنك الدولي"، في كانون الثاني/ يناير الماضي، عن ضرورة سداد القاهرة نحو 43.2 مليار دولار التزامات خارجية بأول 9 أشهر من العام الحالي، بينها 5.9 مليار دولار فوائد، و37.3 مليار دولار أصل قروض، من حجم دين خارجي يفوق 160 مليار دولار.
وارتفع الدين العام بمصر بالربع الثالث من العام الماضي بنحو 6.5 بالمئة ليصل 13.3 تريليون جنيه بنهاية أيلول/ سبتمبر مقابل 12.5 تريليون جنيه بنهاية حزيران/ يونيو، بحسب بيانات وزارة التخطيط الصادرة في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وتشير التقديرات أن الدين العام تجاوز 17 تريليون جنيه خلال العام المالي الحالي، قد بلغت نسبته إلى الناتج المحلي حوالي 89.6 بالمئة بنهاية حزيران/ يونيو الماضي.
"دولة متسولة"
وينتقد معارضون وخبراء اقتصاد مصريون، ما آل إليه وضع الاقتصاد من تردي، واعتماد حكومة السيسي على القروض الخارجية والمنح والمساعدات والدعم الخليجي والغربي، وبيع أصول البلاد لسداد خدمة الديون وترقيع الموازنة العامة للدولة، مشيرين إلى أن لكل منها تبعاتها على القرار المصري وعلى مستقبل ثاني أكبر اقتصاد عربي وإفريقي.
وقدرت مصادر بالبنك المركزي المصري حجم الدعم الذي تلقته القاهرة من منح وقروض وودائع من دول الخليج السعودية والإمارات والكويت والبحرين، منذ ثورة 25 يناير 2011، بنحو 92 مليار دولار، بحسب "القبس" الكويتية في آذار/ مارس 2019.
وهو ما تلاه تعهد خليجي بتقديم 22 مليار دولار للقاهرة في نيسان/ أبريل 2022، ما قد يصل بإجمالي قيم مساعدات الخليج لـ 114 مليار دولار، حتى ذلك التاريخ.
لكنه وبحسب بيانات "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" بلغ إجمالي قيمة المساعدات الخليجية لمصر 47.5 مليار دولار بين 2011 و2022.
وفي آب/ أغسطس 2016، وبعد عامين فقط من تولي السيسي السلطة رسميا منتصف 2014، اعترف بأن "عجز الموازنة التي تعاني منه مصر يتم مواجهته بالاقتراض"، وهو التوجه الذي توسع فيه مع قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وهو ما تبعه سلسلة من القروض في 2020 بقيمة 2.77 مليار دولار، ثم اتفاق بقيمة 8 مليارات دولار في آذار/ مارس 2024.
وفي مقابل الدعم المالي الكبير للحكومة المصرية والقروض الخارجية، كشفت إحصاءات حكومية عن تفاقم معاناة المصريين مع الفقر والتضخم وتراجع نسب الدخل، حيث سجلت مصر معدل التضخم الأعلى عالميا بأسعار الغذاء عام 2023، بنسبة 60.5 بالمئة على أساس سنوي، وفقا لبيانات البنك الدولي.
كما ارتفعت نسبة الفقر في مصر إلى 35.7 بالمئة بما يقدر بنحو 37 مليون فقير، وبحسب دراسة للمستشارة بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هبة الليثي، وهي النسبة التي يصل بها البنك الدولي إلى 60 بالمئة من المصريين إما فقراء أو أكثر احتياجا وفق تقريره في أيار/ مايو 2019.
ولجأت الحكومة المصرية كثيرا إلى تقليص دعم الخدمات والسلع الرئيسية، لتقليل عجز موازناتها، ومواجهة أزمة شح الدولار، فرفعت منذ تموز/ يوليو الماضي أسعار البنزين والسولار وتذاكر القطارات ومترو الأنفاق والاتصالات، وكثير من السلع والخدمات الأخرى، وذلك قبل أن تخفض في آذار/ مارس الماضي قيمة الجنيه بنسبة 40 بالمئة.
السياسات الحكومية المعتمدة على الاقتراض والمساعدات الخارجية دفعت الأكاديمي والخبير الأمريكي روبرت سبرينغبورغ، لوصف مصر في 7 كانون الثاني/ يناير 2022، بأنها أصبحت بعهد السيسي "دولة متسولة"، واقتصادها يعتمد على الدعم الأجنبي، وخاصة القروض".
واتهم سبرينغبورغ، السيسي بأنه يدير "السياسة الاقتصادية كما لو كانت بلاده دولة ريعية غنية بالنفط مثل السعودية أو دولة تجارية ناجحة مثل الصين"، مشيرا إلى تضاعف إجمالي دينها القومي 4 مرات منذ 2010 وحتى 2022، محذرا من انهيار الاقتصاد وداعيا "أصدقاء مصر" لاتخاذ خطوات تصحيحية قبل أن يحدث ذلك.
وبجانب اعتماد حكومة السيسي على الاقتراض والحصول على معونات ومساعدات لجأت في السنوات الأخيرة لبيع الأصول العامة والشركات الحكومية الرابحة والأراضي الاستراتيجية، وأطلقت يد المستثمرين الأجانب في الاستحواذ والشراكة لقاء صفقات يشكك خبراء في تنفيذها بالأمر المباشر وبأقل من قيمها السوقية، والتي كان آخرها الحديث عن إجراءات بيع "بنك القاهرة" الحكومي لبنك الإمارات دبي الوطني.
وطالب الكاتب الصحفي مجدي أحمد حسين، بإقالة السيد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي والمجموعة الاقتصادية، قائلا عبر صفحته بـ"فيسبوك": "هذه وزارة بيع مصر وإغراق مصر بالديون لسداد الديون، حتى أننا سندفع هذا العام 55 مليار دولار ديون"، مشيرا إلى أن "الديون تمثل 96 بالمئة من الدخل القومي".
"إنعاش بسيولة مطلوبة"
وحول أهمية إقرار البرلمان الأوروبي حزمة تمويلية جديدة لمصر، ودورها في إنعاش الاقتصاد، ومدى علاقتها بما يجري من ضغوط وتجاذبات دولية وإقليمية في ملف غزة، تحدث السياسي المصري مجدي حمدان موسى، لـ"عربي21".
وقال إن "الحزمة التمويلية الجديدة لا شك تنعش الاقتصاد المصري وتوفر له المزيد من السيولة من النقد الأجنبي وخاصة مع النقص الشديد من الدولار الذي يتحرك سعر صرفه لأرقام غير مسبوقة (50.57 جنيه رسميا)".
وأكد أن الحزمة الأوروبية "تساهم في ملف الاستيراد من الخارج الذي يشمل سلعا استراتيجية كالقمح، وتساعد بشكل كبير في وقف تدهور الموازنة والنقص والعجز فيها، وتزيد حجم الثقة من المؤسسات المالية الدولية تجاه مصر ".
وتساءل القيادي في حزب المحافظين: "هل هذه المبالغ منح ومساعدات لا ترد أم أنها قروض في شكل منح مطالبون بسدادها؟".
لكنه أكد أن "أوروبا بإقرارها هذه المبالغ في هذا التوقيت تقف بجانب مصر الآن، ويبدو أنها ترى أن هناك مخطط خبيث له أبعاد كبيرة تقوده أمريكا وإسرائيل لإضعاف مصر، وتنفيذ مخطط التهجير القسري لأهل غزة، والتغول الإسرائيلي على الحدود المصرية والانتهاكات المستمرة في محور فيلادليفا".
ويعتقد موسى، أن "أوروبا متوائمة مع مصر في ملف فلسطين، ولهذا تحاول مساعدة القاهرة للوقوف على قدميها، وأيضا لدورها في منع الهجرة غير الشرعية لأوروبا، وهذا جزء من المساعدات لتصرف القاهرة على الجاليات المنتشرة بها وتقدم الخدمات المناسبة وتعاملهم كمواطنين".
"تدفقات بلا حل للمشكلة الهيكلية"
وفي قراءته، قال الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أحمد البهائي، لـ"عربي21": "دعونا نقرأ الحدث جيدا، بمفهومه ومعطياته الصحيحة بعيدا عن المؤامرة والمغزى التي هي حقيقية ولكن تحقيقها الآن سيضر كثيرا بدول الاتحاد الأوربي، فالاتفاق ليس له علاقة بما يجري من ضغوط وتجاذبات دولية أو إقليمية بما يتعلق بملف غزة".
وأضاف: "فالضغط على مصر من أجل فتح أراضيها لأهل غزة المتضرر منه دول الاتحاد الأوروبي، حيث ستصبح مصر أحد نقاط العبور الرئيسية للمهاجرين من غزة إلى سواحلها، والبرلمان الأوروبي على يقين من ذلك".
وتساءل: "هل الاتفاق يمثل بارقة أمل في إنعاش الاقتصاد المصري؟، مجيبا: "دعونا نقول إنه اقتصاد اعتماده الأساسي على قطاع الخدمات (السياحة، القطاع المالي والعقاري)، على حساب قطاع الصناعة والزراعة ليحتل القطاع الخدمي ما يفوق 55 بالمئة من الناتج المحلي المصري".
وأوضح أن "دخول هذا النوع من التدفقات دون روابط يساهم بشكل كبير في استمرار الدورة الاستهلاكية للاقتصاد الوطني؛ ودليل ذلك أنه منذ 2016 ومع استمرار تدفق رؤوس الأموال الأجنبية لم يتحسن القطاع الإنتاجي ويرتفع نصيب الناتج المحلى منه، بل زاد انخفاضا لحساب القطاع الخدمي".
ومضى يؤكد أن "هذا النوع من التدفقات لم يساهم في حل المشكلة الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني بل زاد من التبعية بجعله مدمن عليها، ونقول إن هذا النموذج التدفقي زاد من استمرارية تحرير حساب رأس المال المتواصل منذ سبعينيات القرن الماضي واتساع عجز مكوناته (انكشاف حساب رأس المال) لتزداد حدة المشاكل البنيوية بالاقتصاد الوطني".
"التثبيت الاقتصادي والتكيف الهيكلي"
ومن هنا يقول، البهائي: "لنعرف أن تلك الشريحة وسابقاتها من الدعم المالي المقدمة من الاتحاد الأوروبي مرتبطة ارتباطا وثيقا ببرنامج (التثبيت الاقتصادي) و(التكيف الهيكلي) الذي قدمه صندوق النقد والبنك الدوليين ويدخل ضمنهما".
ويرى أنه "ولكي يتحقق المرغوب والهدف من تلك الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون هناك بعض الإجراءات التنظيمية وترتيب أولي للأولويات، حيث تُعتبر تلك الشريحة (4 مليار دولار) من الدعم المالي (8 مليار دولار) المقدم من دول الاتحاد تدخل ضمن المرحلة الثانية (برنامج التكيف الهيكلي) تحت بند الإنعاش الاقتصادي استمرارا لدعم برنامج الإصلاحات الاقتصادية".
واستدرك قائلا: "إلا أن ما وقع فيه القائمين على برنامج الإصلاح الاقتصادي وعلى رأسهم الحكومة وصندوق النقد والبنك الدوليين من خطأ سوف يؤخر وقد يقلل من فاعلية هذا الدعم المالي، حيث تم دمج المرحلة الأولى والثانية، وتنفيذهما معا مباشرة، وفي وقت واحد من برامج الإصلاحات الاقتصادية التي تم إقرارها".
وتابع: "وذلك بالموافقة على بند الإنعاش الاقتصادي للمرحلة الثانية في إطار تسهيل التكيف الهيكلي المعزز المتمثل في اتفاق مع بعض الحكومات الأجنبية من تقديم منح وحزم مالية قد يكون البعض منها يدخل في إطار تسهيل الديون، وذلك في الوقت الذي كان من الواجب علية الإنتهاء أولا من تنفيذ بنود المرحلة الأولى قبل البدء بالمرحلة الثانية".
الخبير المصري لفت إلى أن "تلك البنود المتعلقة بوقف التدهور ومنع انهيـار البنـاء الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسي للمجتمع المصري والتي تقوم على تلك الاجراءات، وأولها: الحد من تفاقم معدلات التضخم السنوية، مع العلم نجدها ارتفعت من 14 بالمئة قبل إبرام الاتفاق مع الصندوق الى أن تعدت 32 بالمئة، فالهدف كان مكافحة التضخم الذي كان وقتها عند 12 بالمئة للهبوط به ما دون 7 بالمئة".
وأشار ثانيا، وثالثا، إلى "تحقيق الاستقرار في مستويات الأسعار المحلية، وتخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة، وتمويل العجز السنوي من مصادر حقيقية غير تضخمية، ووقف التدهور الحاصل في القوة الشرائية للعملة الوطنية".
وخلص للقول إن "هذا ما لم يتحقق حتى الآن، فالهدف من تلك الشرائح المالية قد لا يتحقق مادام بنود المرحلة الأولى لم تُصف بالنجاح".