سرايا - كانت زيارة أهلها بالنسبة لها أولوية فور دخول اتفاق الهدنة المؤقتة حيز التنفيذ، فمنذ شهرين لم تتمكن تغريد الخطيب من الوصول إليهم في مخيم الشابورة للاجئين بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وهي التي تسكن حي تل السلطان، وتبعد عنهم مسافة 10 دقائق بالسيارة فقط.

وحولت الحرب الإسرائيلية الضارية المسافات إلى "شواخص موت"، حيث تتربص آلة القتل بكل متحرك، وتركت أثرها القاتل والمدمر على كل متر مربع في القطاع الساحلي الصغير.



تقول تغريد للجزيرة نت "الحرب باعدت المسافات بيننا، وفرقت بين الأهل والأحبة بالقتل وبالتدمير، وباستهداف خدمات الاتصالات والإنترنت، وجعلت حياتنا بائسة، يسيطر علينا القلق ويقتلنا ببطء، كما تقتلنا الصواريخ فرادى وجماعات".

لقاء بعد غياب قسري

واستغل الغزيون الهدنة المؤقتة لاستعادة حياتهم الروتينية ولو جزئيا، رغم تداعيات الحرب الدموية المدمرة التي تركت آثارها الثقيلة في كل منزل وشارع وحارة.

كانت الهدنة المؤقتة فرصة لتغريد لزيارة أهلها، وهو حال كثيرين استغلوا الهدنة للتزاور وتفقد أحوال الأهل والأحباب، فيما انشغل آخرون بأمور أخرى كتفقّد الجرحى وقبور الشهداء، ودفن الكثيرين منهم بصورة "طبيعية" بدلا من قبورهم الطارئة تحت أنقاض منازلهم، والتزود باحتياجات تحسبا لتجدد الحرب، حيث يعتقدون أنها ستكون أشد عنفا بعد انتهاء أيام الهدنة الأربعة.

وبصبر وترقب كبيرين، انتظرت تغريد أول خيوط نهار أول أمس الجمعة، عندما دخلت الهدنة حيز التنفيذ عند السابعة صباحا، فحملت طفليها لزيارة أهلها، لكنها اصطدمت بأزمة العثور على سيارة أجرة، حيث إنها نادرة التواجد في شوارع القطاع منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، جراء مخاطر الحركة أو لنفاد الوقود.

وبعد طول انتظار يقترب من الساعة على قارعة الطريق، حالفها الحظ بسيارة قديمة، تغلب أصحابها على أزمة الوقود باستخدام زيت الطعام كبديل طارئ، تسبب في تلوث هائل وروائح كريهة.

كان لقاء تغريد وطفليها دلال (6 أعوام) ومحمود (3 أعوام) بعائلتها حارا بحسب وصفها، وكأنها عادت لتوها من رحلة سفر طويلة، فهي لم تتمكن خلال 49 يوما من الحرب من الاتصال بهم سوى مرتين أو ثلاثة، وشعرت في أحد أيامها بقلق أفقدها القدرة على النوم، بعدما علمت بقصف منزل مجاور لهم في الأسبوع الخامس من الحرب، ألحق أضرارا مادية بمنزل ذوي تغريد، لكنها لم تستطع الاطمئنان عليهم.

تقول تغريد، وهي معلمة أربعينية عايشت كل الحروب الإسرائيلية على غزة منذ العام 2008، إن "هذه الحرب مغايرة ومختلفة بكل تفاصيلها، وبمستوى الجرائم غير المسبوق. كل يوم نُصدم بأنها خطفت أرواح أقارب وأصدقاء، ولم تمنحنا مجرد فرصة لوداعهم".

نوم بلا ضجيج وانفجارات

كانت تغريد في شوق للولائم المعتادة لإكرام الزوار والضيوف، لكن هذا لم يعد متاحا بسبب شح الأسواق والمحال التجارية من السلع والمواد الغذائية، فشاركت والدتها في إعداد الباذنجان والبطاطا المقلية مع صحن السلطة الغزاوية الحارة، وهي أكلة الطفولة المفضلة لديها.

وبالنسبة للابنة فإن أي طعام مهما كان بسيطا، سيكون وليمة لذيذة برفقة الأهل والأحبة، إذا توافرت أجواء الألفة والمحبة والهدوء، بعيدا عن ضجيج الطائرات ورعب الانفجارات.

وبعد ضجيج المقاتلات الحربية الإسرائيلية والطائرات المسيرة التي لم تفارق أجواء القطاع على مدار الساعة، خاصة خلال في الليل، قضى الغزيون أكثر ليلة هادئة لم تعكرها غارة هنا أو هناك، ولم تنخر رؤوسهم أصوات المسيّرات (التي تسمى شعبيا الزنانة)، لما تحدثه من أصوات صاخبة ومتصلة تبث الرعب في الأرجاء.

يقول سعد صلاح للجزيرة نت، إنها أكثر ليلة ينام فيها نوما متصلا، دون أن ينتفض فزعا من غارة جوية أو قصف مدفعي، جعلت ليل الغزيين يتساوى مع نهارهم، بانفجارات لا تتوقف إلا قليلا.

استيقظ صلاح صباح يوم الهدنة، ليتابع حركة معبر رفح البري مع مصر، المنفذ الوحيد حاليا لدخول شاحنات المساعدات والوقود، من أجل التزود باحتياجات أساسية لأسرته المكونة من 6 أفراد، من المواد الغذائية والوقود وغاز الطهي، بعد أن اعتاشوا منذ عدة أسابيع على الزعتر وزيت الزيتون والقليل من الأغذية المعلبة، وحيث نفد غاز الطهي من منزله، وشحت السلع والمواد الغذائية في الأسواق، وتضاعفت الأسعار.

وتشرف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني على تسلم شاحنات المساعدات والوقود، بما فيهت غاز الطهي، الذي تسمح سلطات الاحتلال بتوريده لأول مرة منذ فرضها حصارا مطبقا على القطاع تزامنا مع الحرب.

عودة الحياة ولو مؤقتا

وأصبحت الهدنة فرصة لتمكين فرق الإسعاف والدفاع المدني من انتشال شهداء ظلوا عالقين تحت أنقاض منازلهم المدمرة، سواء بسبب مخاطر العمل في ظل كثافة النيران، أو لقلة الإمكانيات والضغط الشديد جراء الغارات المتتالية.

ففي مدينة رفح، انتشلت هذه الفرق جثمان الشهيد يوسف رائد أبو مذكور، بعدما ظلت جثته عالقة تحت أنقاض منزل أسرته الذي دمرته غارة جوية إسرائيلية في اليوم الثالث من الحرب.

وعادت الحياة لـ "ميدان النجمة" أحد أشهر معالم هذه المدينة الواقعة أقصى جنوب القطاع على الحدود مع مصر، بعدما اختفت منه طوال أيام الحرب، خاصة مع ساعات المساء، مشاهد لمجموعات متناثرة ومتجاورة لشبان يشربون القهوة التي نفدت أيضا من الأسواق والمحال التجارية منذ نحو 3 أسابيع، وشهدت أسعار الكمية الشحيحة منها لدى بعض المحال ارتفاعا هائلا.

وأسهمت عودة الاتصالات -لحد ما- في مناطق جنوب القطاع إلى انتعاش التواصل بين أهالي القطاع والخارج. وانتعشت الحركة في الشوارع، وكان لافتا رؤية الناس يتبادلون العناق والتهاني بالسلامة و"النجاة المؤقتة"، حسبما وصفها عدنان أبو حجر للجزيرة نت.

وقال هذا اللاجئ الأربعيني "نجونا مرة أخرى، وسنبقى نتمسك بالأمل وبحقنا في حياة أفضل".


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الهدنة المؤقتة

إقرأ أيضاً:

أستاذ بجامعة القدس لـ"البوابة نيوز": الاحتلال تهرب من تنفيذ بعض بنود الهدنة.. والموقف المصري بشأن تهجير الفلسطينيين "متقدم"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

د.أيمن الرقب:
تصريحات ترامب عملية تضليل كبيرة وعينه على «الضفة الغربية»
الاحتلال الإسرائيلي استخدم أسلوب التجويع بشكل وقح ضد الشعب الفلسطيني
قطاع غزة يعاني أزمة إنسانية خانقة.. وخبراء: ندعو المجتمع الدولى للمساهمة فى رفع الحصار عن غزة
العدوان الإسرائيلي أثر بشكل كبير على الحالة الصحية فى القطاع


بعد نجاح جهود الوساطة المصرية القطرية الأمريكية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، اتفقت الأطراف على صيغة مقبولة لوقف إطلاق النار الذي دام أكثر من ١٥ شهرًا ودمر البنية التحتية لقطاع غزة بالكامل، وهو الاتفاق الذي من شأنه أن يضع حدًا لاستهداف المدنيين العزل من أبناء قطاع غزة.

ويتضمن الاتفاق ثلاث مراحل رئيسية، المرحلة الأولى ومدتها ٤٢ يومًا، وتشمل وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وعودة النازحين داخليًا إلى أماكن سكناهم، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج، أما المرحلة الثانية فتشمل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة وتسليم باقي المحتجزين الإسرائيليين مقابل الإفراج عن عشرات الفلسطينيين، والمرحلة الثالثة تتضمن تخفيف الحصار عن غزة وبدء إعادة إعمار القطاع، وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تناولت تهجير نحو ١.٥ مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، أعادت الجدل حول مسألة التهجير القسري للفلسطينيين، وحل الدولتين، وأثارت ردود أفعال قوية من الأطراف الإقليمية والدولية، وسط اتهامات للإدارة الأمريكية بتجاهل الحلول السلمية والاعتماد على أسلوب "الصفقات"، خاصة أن هذه التصريحات جاءت بالتزامن مع اتفاقات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة إلى قطاع غزة، بموجب خطته، التي تقضي بـ"استيلاء" الولايات المتحدة على القطاع الفلسطيني، موضحًا أن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة، لأنهم سيحصلون على مساكن أفضل كثيرًا على حد وصفه، مجددًا خطته لسيطرة الولايات المتحدة على غزة وترحيل الفلسطينيين منها، قائلًا إنه ملتزم بشراء وامتلاك غزة، والتأكد من أن حماس لن تعود إليها.

“البوابة نيوز” تواصلت مع الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الذي أكد أن الهدنة تمر بظروف صعبة نتيجة محاولات الاحتلال التهرب من التزامه في بنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة أنه كان هناك من بين البنود إدخال غرف متنقلة وخيام ووقود وسلع غذائية، ولم يلتزم بالكميات التي تم الاتفاق عليها، وانقلب الاحتلال على الاتفاق المبرم.

وأضاف الرقب، في تصريحات خاصة لجريدة "البوابة نيوز"، أننا رأينا الاحتلال الإسرائيلي يمارس أسلوب التهرب من بنود الاتفاق، معتقدًا اكتمال المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة، مرجعًا ذلك لأن الاحتلال بحاجة لاكتمالها، أما عن المرحلة الثانية من الاتفاق، فقال الرقب إن بها عثرات منها تسليم عشرات الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بالمؤبدات مقابل كل أسير إسرائيلي من فئة الضباط والجنود، متابعًا أنه من الممكن أن يوافق الإسرائيليون لأنهم بحاجة إلى إطلاق سراح مزيد من أسراهم.

ردود فعل غاضبة

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، ردود فعل غاضبة من قبل الشارع المصري، وقد قلل المصريون من أهمية التهديدات بحجب المساعدات الأمريكية إذا رفض استقبال أهالي غزة.

ومن جانبها أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا شديد اللهجة، رفضت فيه أي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك "حق تقرير المصير، والبقاء على الأرض والاستقلال"، فيما شدد الرئيس عبدالفتاح السيسي على ضرورة بدء عمليات إعادة إعمار غزة بهدف أن يكون هذا القطاع قابلًا للحياة، دون تهجير سكانه الفلسطينيين، وأكد أن مصر ستواصل دعمها للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه المشروعة.

واستكمل الرقب حديثه في هذا الشأن، قائلًا "ما نخشاه أن يكون ترامب عينه على الضفة الغربية وليس غزة، وأن ما يصرح به تكون مجرد عملية تضليل كبيرة، وبالتالي قد تكون كل هذا فقط ليس إلا للتحريض"، مؤكدًا أن عملية تهجير الفلسطينيين ليست بهذه السهولة، وأن ترامب لن يجد في المقابل إلا الصمود من الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه واجه رفضا عربيا لهذا المشروع بشكل كامل، مما سيجعله يتراجع عنه مع الوقت.

وذكر الرقب، أن ترامب أصبح شغله الشاغل قطاع غزة منذ أن فاز في الانتخابات الرئاسية في ٢٤ ديسمبر الماضي، وهو يهدد القطاع يوميًا، متابعًا أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا خاصة أن تصريحات ترامب لا توثر على الشعب الفلسطيني ولا حتى على أصغر طفل في غزة، لأنهم يدركون أن كل هذه التهديدات بلا قيمة.

وأكد الرقب، أن الموقف المصري فيما يخص تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين، موقف متقدم لأن الوضع الجيوسياسي يفرض حضورا وتأثيرا بشكل كبير على المشهد، مضيفًا أن القاهرة رفضت منذ الأيام الأولى للحرب في غزة عملية التهجير القسري والطوعي، ثم جاءت تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي رفض كل أشكال التهجير مع تقديم مقترح بأننا قادرون على بناء غزة وسكانها بها دون تهجيرهم.

الأزمات الإنسانية في غزة

أما عن الأزمات الإنسانية في غزة، فلا يزال القطاع يعاني من أزمة إنسانية خانقة بعد الهدنة الأخيرة، فبالرغم من وقف إطلاق النار، إلا أن الحصار المفروض على القطاع لا يزال قائمًا، مما يمنع دخول الإمدادات الأساسية من غذاء وماء ودواء بشكل كاف.

ويعاني سكان غزة من نقص حاد في الغذاء، حيث تشير التقارير إلى أن العديد من العائلات لا تستطيع توفير وجبات الطعام الأساسية، وقد أدى هذا النقص إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما زاد من معاناة السكان.

إضافة إلى نقص الغذاء، تعاني غزة من تلوث حاد في مصادر المياه، وقد أدى هذا التلوث إلى انتشار الأمراض والأوبئة بين السكان، وخاصة الأطفال وكبار السن، وتبذل بعض المنظمات الدولية جهودًا لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، إلا أن هذه الجهود لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات السكان.

وتواجه المنظمات الإنسانية كمنظمة "الأونروا" صعوبات في إيصال المساعدات بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة في غزة، كما تعاني العديد من المنظمات الإنسانية من نقص في التمويل اللازم لتوفير المساعدات، واستمرار الحصار المفروض على غزة يعيق دخول المساعدات الإنسانية بشكل كاف.

ويرى خبراء، أن سكان غزة بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة لتلبية احتياجاتهم الأساسية من غذاء وماء ودواء، داعين المجتمع الدولي أن يضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل كاف، لأن الوضع الإنساني المأساوي في غزة يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا لإنقاذ حياة السكان وتلبية احتياجاتهم الأساسية.

تلوث مياه القطاع

أدّت الإجراءات الإسرائيلية والاعتداءات المتكرّرة على القطاع، إلى ضعف القدرات المائية لقطاع غزّة، كما أنّ عدم وجود مصادر مياه كافية، بسبب سرقة الاحتلال الإسرائيلي واستهلاكه للخزان الجوفي الخاص بغزّة، مما دفع السكان إلى مزيد من الضغط والاستنزاف للخزان الجوفي الساحلي، الذي نتج منه ارتفاع حاد وخطير في ملوحة المياه.

وتتواصل سياسات الاحتلال التي تضر بالمياه في قطاع غزة، فيما يغيب وجود حلول جذرية حيث أدت التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلى عدم القدرة على تطوير مصادر مائية جديدة، ما يتطلّب اقتراح بدائل تُساهم في حل الأزمة، وتقديمها إلى صانع القرار في السلطة الفلسطينية أو في الحكومة في قطاع غزّة، لتدارك انهيار القدرة المائية للقطاع.

سياسة التجويع

وأشار الرقب، إلى أنه داخل قطاع غزة كل شيء تلوث من تربة وماء نتيجة ما تتعرض له غزة من عدوان كبير جدًا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مضيفًا أن العدوان الإسرائيلي أثر بشكل كبير على الحالة الصحية في قطاع غزة، "ولكن ليس لدى الفلسطينيين في هذا الأمر إلا التحمل والصمود، لأن الخيارات الأخرى صفرية، وهم لن يتركوا غزة مهما كان الثمن".

وتابع بقوله إن الأثمان التي تدفع في غزة كبيرة، وعملية تلوث المياه وتلوث التربة، وانتشار الأوبئة والأمراض، نتيجة كل هذه التشوهات التي تمت في غزة، وبالتالي قد يكون هناك مزيد من انتشار الأوبئة داخل القطاع.

واستكمل الرقب حديثه أن جزءا كبيرا من المياه العزبة والكهرباء يأتي من الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي يتحكم الاحتلال في مصادر العيش الأساسية داخل القطاع، مردفًا أن المعابر الأساسية بين غزة والاحتلال متعددة، ولكن مع مصر معبر واحد، وكان في المعتاد هناك تبادل تجاري عالٍ بين غزة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، معربًا عن خوفه من استمرار الاحتلال في النهج الذي اتبعه منذ بداية الحرب على غزة أو إعادة قطع الكهرباء والماء مرة أخرى على القطاع.

واختتم الرقب حديثه قائلًا، إنه منذ الأيام الأولى للحرب وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، أن لا ماء ولا كهرباء ولا دواء، واستخدم أسلوب التجويع بشكل وقح ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن هذا الأسلوب يعبر عن همجية الاحتلال بشكل كبير، وقد يعود مرة أخرى لاستخدام نفس النهج.

منظمات دولية: وضع القطاع كارثي

تتفق جميع المنظمات الدولية على أن الوضع المائي والغذائي في غزة كارثي ويتطلب تدخلًا عاجلًا، وتدعو إلى ضرورة توفير الدعم المالي والفني لتحسين البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وضمان حصول جميع السكان على المياه النظيفة والآمنة.

ومن جانبها حذرت الأونروا "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى"، من أن الوضع المائي في غزة يتدهور بسرعة، حيث يعاني أكثر من ٧٠٪ من السكان من نقص حاد في المياه النظيفة، وأشارت إلى أن البنية التحتية للمياه والصرف الصحي تعاني من أضرار جسيمة بسبب النزاعات المتكررة، مما يزيد من تفاقم الأزمة.

وأكدت اليونيسف "منظمة الأمم المتحدة للطفولة"، أن الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي الآمن هو حق أساسي من حقوق الإنسان، لكن هذا الحق محروم منه العديد من الأطفال في غزة، وأشارت إلى أن تلوث المياه يشكل خطرًا كبيرًا على صحة الأطفال، حيث يتسبب في انتشار الأمراض مثل الإسهال وسوء التغذية.

أما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فأشار إلى أنه سلط الضوء على التحديات الهائلة التي تواجه قطاع المياه في غزة، بما في ذلك نقص الاستثمار في البنية التحتية، والقيود المفروضة على استيراد المواد اللازمة لإصلاح وصيانة المرافق، وأزمة الكهرباء التي تؤثر على تشغيل محطات الضخ والمعالجة.

وأعربت منظمة الصحة العالمية، عن قلقها إزاء تدهور جودة المياه في غزة، حيث أن معظم المياه المتوفرة غير صالحة للشرب بسبب ارتفاع نسبة الملوحة والتلوث، لافتة إلى أن هذا الوضع يزيد من خطر انتشار الأمراض المنقولة بالمياه.

وشددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن الوضع الإنساني في غزة يتدهور باستمرار، وأن أزمة المياه تعد واحدة من أبرز المشاكل التي تواجه السكان، ودعت إلى ضرورة توفير الموارد اللازمة لتحسين إمدادات المياه والصرف الصحي، أما منظمة "هيومن رايتس ووتش" انتقدت  القيود التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على دخول المواد والمعدات اللازمة لإصلاح البنية التحتية للمياه في غزة، واعتبرتها بمثابة عقاب جماعي للسكان المدنيين.

مصر تواصل دخول المساعدات إلى القطاع

وفيما يخص دخول المساعدات الى قطاع غزة، تواصل دخول دفعات جديدة من شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، حيث دخلت شاحنات من معبر رفح المصري في طريقها لمعبري العوجة وكرم أبوسالم، محملة بالمواد الغذائية والإغاثية، إلى جانب كميات من الوقود المخصص لتشغيل المرافق الحيوية في قطاع غزة، في ظل استمرار الأزمة الإنسانية التي يواجهها السكان.

كما تشمل القافلة خزانات وقود مخصصة للمستشفيات ومحطات توليد الكهرباء، التي تواجه تحديات تشغيلية منذ بداية الأزمة بسبب النقص الحاد في الإمدادات.

يأتي هذا التحرك ضمن جهود مصرية وعربية ودولية لتخفيف معاناة سكان غزة، حيث تستمر مصر في إرسال المساعدات بشكل يومي لضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان.

وأفادت مصادر ميدانية بأن القافلة الجديدة التي دخلت إلى القطاع تضم شاحنات محملة بمواد غذائية أساسية، بالإضافة إلى إمدادات طبية وإغاثية، لدعم المستشفيات والمراكز الصحية التي تعاني من نقص حاد في الموارد، كما تشمل القافلة خزانات وقود مخصصة للمستشفيات ومحطات توليد الكهرباء، التي تواجه تحديات تشغيلية منذ بداية الأزمة بسبب النقص الحاد في الإمدادات، يأتي هذا التحرك ضمن جهود مصرية وعربية ودولية لتخفيف معاناة سكان غزة، حيث تستمر مصر في إرسال المساعدات بشكل يومي لضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان.

من جهتها، أكدت حركة حماس، الاستمرار بتطبيق الاتفاق وفق ما تم التوقيع عليه بما في ذلك تبادل الأسرى وفق الجدول الزمني المحدد، مشيرة إلى إجراء مباحثات مع الوسطاء لبحث مجريات تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى خاصة بعد خروق الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضحت حماس، في بيان سابق لها، أن الاتصالات ركزت على تطبيق بنود الاتفاق خاصة ما يتعلق بتأمين إيواء الشعب الفلسطيني وإدخال البيوت الجاهزة بشكل عاجل، وإدخال الخيام والمعدات الثقيلة والمستلزمات الطبية والوقود واستمرار تدفق الإغاثة، مشيرة إلى أن المباحثات سادتها روح إيجابية والوسطاء في مصر وقطر أكدوا المتابعة لإزالة العقبات وسد الثغرات.

لا يزال الوضع في غزة معقدًا للغاية، حيث يواجه القطاع تحديات كبيرة على كل المستويات، وهناك حاجة ماسة إلى حل سياسي شامل يضمن إنهاء العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، ورفع حصار الاحتلال عن قطاع غزة، وإعادة إعمار البنية التحتية، وتحسين الأوضاع الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • الآبار المحلية التعاونية.. حل سكان شمال غزة لمواجهة أزمة المياه
  • «فتح»: الخوف يعتري أهل غزة من انقطاع الهدنة
  • فتح: الخوف يعتري أهل غزة من انقطاع الهدنة وعودة آلة الحرب الإسرائيلية
  • سيناريوهات انهيار الهدنة
  • حركة فتح: تخوفات في غزة من فشل الهدنة والعودة إلى الحرب
  • حركة فتح: الخوف يسيطر على أهل غزة من إلغاء الهدنة وعودة العدوان الإسرائيلي
  • دراسة: كمية المياه التي تفقدها الأنهار الجليدية تعادل ما يستهلكه سكان العالم في 3 عقود
  • «محمود»: نطالب بتوفير الأدوية اللازمة لاستكمال رحلتنا مع الحياة
  • مبعوث ترامب: لا لتهجير سكان غزة من القطاع
  • أستاذ بجامعة القدس لـ"البوابة نيوز": الاحتلال تهرب من تنفيذ بعض بنود الهدنة.. والموقف المصري بشأن تهجير الفلسطينيين "متقدم"