جنين- قرابة الساعة الواحدة ليلاً، وصلت المحررة فاطمة عمارنة إلى منزلها في بلدة يعبد جنوب غربي مدينة جنين، بعد الإفراج عنها من سجون الاحتلال الإسرائيلي مساء الجمعة، ضمن صفقة تبادل الأسرى التي عقدتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مع إسرائيل.

كان والدا فاطمة وأقاربها في انتظار وصولها، فيما منعت عائلتها أي مظاهر للاحتفال بخروجها حزنا على دماء الشهداء في غزة.

وفور وصولها قال والدها نصر عمارنة "الحمد لله رب العالمين، الله يرضى عليكِ، هذه رفيقة أبيها وأم أمها".

بكت والدة فاطمة بحرقة وهي تحتضنها، وقالت "هذا من فضل ربي علينا يا حبيبة قلبي يا ابنتي"، وكان مشهد لقاء المحررة فاطمة بأشقائها وأبنائهم مؤثرا ومبكيا لكل من حضر.

وصباح السبت، كانت فاطمة تستعد للحديث مع وسائل الإعلام، بعد أن تناولت وجبة إفطارها الأولى مع والديها لأول مرة منذ أكثر من 3 أشهر، وهي المدة التي قضتها موقوفة في معتقل "القشلة" بانتظار محاكمتها، بعد اتهامها بمحاولة تنفيذ عملية طعن في مدينة القدس المحتلة.

ضرب مبرح وتهديد

عن ظروف اعتقالها، تحدثت فاطمة للجزيرة نت وقالت "كان هذا أول اعتقال لي، وقد فوجئت به، حيث تعرضت في البداية للاعتداء من قبل جندي إسرائيلي في البلدة القديمة بالقدس، وبعد وقوعي على الأرض ركلني على رأسي وبدأ بضربي بشدة، ثم تجمع حولي عدد من جنود الاحتلال، وحاولوا نزع خماري عني، ثم سحبوني للاعتقال".

وتعرضت فاطمة من اللحظة الأولى لاعتقالها للتعذيب والضرب والاعتداء من قبل جنود الاحتلال، الذين حاولوا خنقها في سيارة الشرطة التي نقلتها إلى مركز التحقيق، بلف خمارها حول عنقها والشد عليه لينقطع نفسها، عدا عن التلفظ بألفاظ نابية ومعيبة، كما روت.

تقول فاطمة "شعرت بأني سأموت من شدة الضرب الذي تعرضت له في سيارة الشرطة، من اللحظة الأولى لاعتقالي وحتى الوصول إلى مركز التحقيق لم يتوقفوا عن ضربي ثانية واحدة".

وتشرح فاطمة بصوت متحشرج ظروف التحقيق التي عاشتها، والتي تشبه في مجملها معظم ظروف التحقيق التي تعيشها الأسيرات والأسرى في السجون الإسرائيلية حاليا، والتي تبدأ بالضرب المبرح منذ بدء التحقيق، والتهديد باعتقال العائلة والاغتصاب.

قالت "ضربني المحقق وحاول نزع ملابسي عني، وحين دافعت عن نفسي قال لي إنه سينهي أمر عائلتي باعتقالهم، هددني بوالديّ بحكم أنهما من كبار السن ولا يتحملان التعذيب والسجن".

المحررة فاطمة عمارنة تتوسط والدها (يمين) وشقيقها بعد الإفراج عنها أمس من سجون الاحتلال (الجزيرة) أوضاع صعبة

تقول فاطمة إن أوضاع الأسيرات في السجن صعبة جدا، وإنها زادت صعوبة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي (بعد بدء العدوان على غزة)، حيث إن عدد المعتقلات من الأسيرات والقاصرات كان في ازدياد مستمر، فيوميا كان يتم إحضار على الأقل 3 معتقلات جدد إلى غرف السجن التي كانت تشهد اكتظاظا كبيرا.

وتؤكد أن مسؤولي الأقسام في السجن كانوا يتعمدون وضع أعداد كبيرة من الأسيرات في غرف لا تتسع سوى لعدد محدود، فالغرفة التي تتسع لـ3 كان يوضع فيها من 5 إلى 7 أسيرات، وهكذا.

"وكانت في إحدى الغرف أسيرة مقعدة، والمفروض أن غرفتها لا تتسع سوى لها، ولأخرى ترافقها، لكنهم وضعوا في هذه الغرفة 5 أسيرات".

وتضيف "السجن قطعة من العذاب، لكن هذا العذاب زاد بعد 7 أكتوبر، التنكيل بالأسيرات كان بشكل شبه يومي، اقتحموا الأقسام وهاجموا بعضها بغاز الفلفل، قللوا كميات الطعام، مُنعنا من الخروج إلى الساحة الخارجية (الفورة)، فعليا لم نر الشمس منذ 49 يوما".

فرحة دون احتفال

إلى جانب ابنته كان الشيخ نصر عمارنة يمسك دموعه بصعوبة بالغة، فقد عانى طوال فترة اعتقالها من القلق الشديد عليها، ومن قلة النوم. وقال إنه كان يدعو الله أن تعود إليه فاطمة بأسرع وقت، فهو ووالدتها لا يطيقان العيش دونها، خصوصا أنها الوحيدة التي تعيش معهما من أبنائه حاليا، وهي من تقوم برعايتهما وبشؤون المنزل.

يقول الشيخ عمارنة إنه لا يمكن أن يفرح بشكل طبيعي وآلاف الشهداء سقطوا في غزة، ومئات العائلات تهجرت وتدمرت بيوتها. ويقول "أبكي يوميا على ما يحدث لأهلي في غزة، هؤلاء أهلي وأبناء ديني ووطني، حين أتناول طعامي أبكي، الوجع كبير، والاحتلال لا يرحم أحدا لا في الضفة ولا غزة، كل يوم يستشهد شباب في مدن الضفة أيضا".

يقول الشيخ عمارنة "لذا لا يمكن أن نحتفل بخروج فاطمة، أحمد الله أنها خرجت وهذا فضل الله علينا، لكن دون أي مظهر من مظاهر الفرح".

وكانت فاطمة عمارنة اعتقلت في مدينة القدس، بعد اتهامها بمحاولة طعن جندي إسرائيلي في البلدة القديمة من القدس، ووثقت مقاطع فيديو لحظة اعتداء شرطي إسرائيلي عليها وضربها بشكل مبرح قبل اعتقالها.

ومن لحظة اعتقالها قبل 3 أشهر، لم يصدر حكم بحقها، إلى أن أدرج اسمها في قوائم المفرج عنهم يوم الجمعة، بموجب الصفقة التي تمت بين المقاومة في غزة وإسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

العراق.. حُكم نهائي ضد والد الطفلة “ميار” بعد تعذيبها حتى الموت

أسدل القضاء العراقي، الستار على قضية الطفلة “ميار”، 9 أعوام، التي عذبها والدها على سطح المنزل تحت أشعة الشمس حتى الموت، رفقة زوجته الثانية.

وأصدر القضاء، حكماً نهائياً بإعدام والد الطفلة، بتهمة القتل العمد.

تفاصيل الجريمة

وأثارت قضية الطفلة “ميار”، جدلاً واسعاً في العراق، منذ 19 يوليو (تموز) الماضي، بعدما اعتدى عليها والدها بالضرب بعصا ماسحة مياه، وربطها على سطح المنزل تحت أشعة الشمس، حتى توفيت.

ولم يكتف الوالد بهذه الأفعال، بل قام بسكب الشاي عليها مسبباً حروق في جسدها، حيث ظهرت علامات التعذيب والحروق والضرب واضحة على جسدها، من رأسها إلى قدميها، وفق ما أعلنه الطب الشرعي.

في المقابل، تشير والدة الطفلة ميار، نور مظلوم، إلى أن زوجها طلقها قبل عامين من وقوع الحادث، وحرمها من رؤية ابنتها مدة عام قبل الحادث.
وقالت في حديثها للنيابة: “كل ما أطلبه هو أن يُقتل بالطريقة التي قتل بها ابنتي، أريده أن يموت بالإعدام ويعاقب، يجب أن يعاقب في الدنيا والآخرة”.

مقالات مشابهة

  • إلهام الفضالة تروي تفاصيل تعرضها للسرقة في لندن
  • تفاصيل التحقيق في مصرع شخص صدمته سيارة بالبساتين
  • زحام وآلام وصعوبات.. نازح غزي يتحدث للجزيرة خلال عودته إلى شمال القطاع
  • أسرى من الدفعة الثانية يتحدثون للجزيرة نت عن أشكال التعذيب بسجون الاحتلال
  • العراق.. حُكم نهائي ضد والد الطفلة “ميار” بعد تعذيبها حتى الموت
  • 6 شهور حد أقصى للإنتهاء من التحقيق في قضايا الندب.. تفاصيل يناقشها البرلمان غدا
  • عاجل | مصادر للجزيرة: قوات الاحتلال تقتحم منزل الأسير المحرر أيمن محمد علي بقرية جورة الشمعة جنوب بيت لحم
  • العراق.. حُكم نهائي ضد والد الطفلة "ميار" بعد تعذيبها حتى الموت
  • أسير محرر للجزيرة: الأسرى يعيشون ظروفا مأساوية وينتظرون تبييض السجون
  • سيناريو غزة يتكرر.. تفاصيل العدوان الإسرائيلي على جنين خلال 5 أيام