جدة – ياسر خليل

زادت في الفترة الأخيرة حالات الطلاق في المجتمع السعودي؛ إذ وصل عدد النساء المطلقات لـ350 ألف سيدة في تقرير هيئة الإحصاء لعام 2022م، ويعتبر مؤشرًا غيرَ صحي؛ لكونه يعد رقمًا مرتفعًا، وبحاجة إلى الدراسة المعمقة من قبل المختصّين في الجامعات من الناحية النفسية والاجتماعية؛ لمعرفة الأسباب وإيجاد الحلول العلمية لعلاج هذه المشكلة، وتفادي بلوغ حالات الطلاق إلى أرقام فلكية مخيفة.

بداية تقول الأخصائية الاجتماعية تغريد طلال: “للحفاظ على العلاقة بين الطرفين قبل وصولها إلى الطلاق، هناك بعض النصائح المهمة، التي يجب أن تحتويها علاقة الزوجين وهي: التواصل الفعّال؛ إذ يجب على الطرفين أن يتحدثا بصراحة وصدق، وأن يكونا مستعدين للاستماع إلى بعضهما البعض بدون انقطاع أو انزعاج، ويمكن استخدام تقنيات التواصل الفعّال؛ مثل الاستماع الفعّال والتعبير عن المشاعر بشكل صحيح، وأيضاً الاحترام والتقدير، حيث يجب أن يكون هناك احترام متبادل بين الطرفين، وتقدير للفروق الشخصية والرغبات. ويجب أن يحترم كل طرف حقوق الآخر، ويكون مهتمًا بمشاعره واحتياجاته ، وبالإضافة إلى ذلك العمل على حل المشاكل، وأن يكون الطرفان على استعداد للعمل معًا على حل المشاكل والصعوبات التي تواجههم. كما يمكن استخدام تقنيات حل المشاكل مثل الحوار البناء والتفكير الإيجابي؛ لإيجاد حلول مرضية للمشاكل”.

وتضيف تغريد أن من النصائح الاستمرار في الاهتمام بالعلاقة؛ إذ يجب على الطرفين أن يستثمرا الوقت والجهد في العلاقة، وعدم التقاعس عن الاهتمام بها. ويمكن تخصيص وقت مخصص للقاءات والأنشطة المشتركة لتعزيز الروابط وتعزيز العاطفة والمتعة في العلاقة ، وبجانب ذلك البحث عن المساعدة الخارجية ، ففي حالة عدم التوصل إلى تحسين العلاقة بشكل مستقل، يمكن اللجوء إلى المساعدة الخارجية مثل الاستشارة الزوجية أو العائلية. كما يمكن للمحترفين أن يقدموا نصائح وأدوات للتعامل مع التحديات وتعزيز العلاقة.

وأكدت تغريد أنه من الأهمية بمكان أن يكون هناك إرادة حقيقية من الطرفين للحفاظ على العلاقة والعمل على تحسينها، تحتاج العلاقات الناجحة إلى الاستثمار المستمر والتفاني لبناء روابط قوية ومستدامة.


وفي سياق متصل، تتناول الأخصائية الاجتماعية خلود الحمد دور مراكز الاستشارات الأسرية ومساهمتها في الحد من مشاكل الطلاق فتقول: “من الصعب تحديد بشكل دقيق إلى أي مدى أسهمت مراكز الاستشارات الأسرية في الحد من مشاكل الطلاق، حيث يعتمد ذلك على عدة عوامل. ومع ذلك، يمكن أن تكون لها دور هام في تعزيز الوعي وتقديم الدعم والإرشاد للأزواج الذين يواجهون صعوبات في العلاقة؛ إذ تعمل مراكز الاستشارات الأسرية على توفير بيئة آمنة ومحايدة حيث يمكن للأزواج التعبير عن مشاكلهم ومخاوفهم، ويمكن للمستشارين الاستماع بعناية وتقديم النصائح والتوجيه المهني للمساعدة في فهم المشكلات وتطوير استراتيجيات للتعامل معها.

وتوصل خلود: “مع ذلك، يجب أن نلاحظ أن نجاح مراكز الاستشارات الأسرية يعتمد أيضًا على استعداد الأزواج للتعاون والالتزام بعملية الاستشارة. قد يتطلب الحفاظ على العلاقة وتجنب الطلاق تحسين المهارات الاتصالية والتفاهم المتبادل والاستعانة بالموارد المتاحة”.

وخلصت خلود إلى القول: “بشكل عام، يمكن أن تساهم مراكز الاستشارات الأسرية في توفير الدعم النفسي والعاطفي وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على العلاقة الزوجية ، ومع ذلك، يجب أن يتم التعامل مع كل حالة على حدة وفقًا لظروفها الفردية”.

وعن أكثر الحالات التي يصل فيها الحل بين الطرفين إلى أبغض الحلال إلى الله، ويكون الأطفال الضحية، وكيفية تأهيل الأطفال بعد هذه المرحلة تقول الأخصائية الاجتماعية دلال العطاوي: “بعد مرحلة الطلاق التي قد تكون صعبة على الأطفال، يصبح من الضروري تأهيلهم ومساعدتهم على التكيف مع الوضع الجديد، ويتطلب ذلك جهودًا مشتركة من الوالدين والمحيط الاجتماعي للأطفال، وأولاً وقبل كل شيء، يجب على الوالدين التواصل بصدق مع الأطفال، ينبغي أن يشعروا بأنهم محبون ومدعومون من قبل الوالدين. يجب توضيح الأمور بشكل مناسب لعمر الأطفال والتحدث إليهم بصدق حول التغيرات التي ستحدث في حياتهم، أما النقطة الثانية، فهي مساعدة توفير بيئة مستقرة ومنتظمة على تهيئة الأطفال للتكيف، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء جدول زمني واضح وتوفير الاستقرار في المنزل، ويجب أن يعرف الأطفال ما يمكنهم توقعه في كل يوم وما هي المسؤوليات التي عليهم تحملها”.


وتواصل دلال أن النقطة الثالثة هي أهمية شعور الأطفال بالدعم والحب من قبل الوالدين؛ إذ يمكن توفير الدعم العاطفي من خلال الاستماع إلى مشاعرهم وتوجيههم للتعامل معها بشكل صحيح.

وأن يشعروا بأنهم ليسوا وحدهم وأن لديهم أشخاصًَا يهتمون بهم ويساندونهم، أما النقطة الرابعة فهي أنه في بعض الحالات، قد يكون من المفيد اللجوء إلى المساعدة الخارجية مثل الاستشارة النفسية أو الاجتماعية. ويمكن للمحترفين أن يقدموا الدعم والأدوات اللازمة للأطفال للتعامل مع التحديات التي يواجهونها ومساعدتهم على تجاوزها.

وأخيرًا، يجب التركيز على تعزيز استقلالية الأطفال وتطوير قدراتهم ومهاراتهم الشخصية. كما يمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيعهم على تحقيق أهدافهم الشخصية والتعبير عن ذواتهم بطرق إيجابية. يجب أن يشعروا بالقوة الشخصية والقدرة على التكيف مع التحديات.

وتختتم دلال حديثها بقولها: ” من المهم جدًا أن يكون هناك دعم مستمر ومتواصل من الوالدين والمحيط الاجتماعي للأطفال لمساعدتهم على تجاوز تأثيرات مرحلة الطلاق والتأقلم مع الحياة الجديدة. ويتطلب ذلك الصبر والتفهم والحب لمساعدة الأطفال على التعافي والنمو بشكل صحي”.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الطلاق على العلاقة للتعامل مع أن یکون یجب أن

إقرأ أيضاً:

الطفلة ريـتـاج.. الفلسطينية التي جلست بجوار الرئيس السيسي تحمل وجع غزة

لم تكن الطفلة الفلسطينية ريتاج محمد رياض جحا، تعلم أن القدر سيقودها من تحت أنقاض منزلها المدمر في غزة إلى مقعدٍ بجوار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في مشهد إنساني مؤثر خلال احتفالية وطن السلام التي أُقيمت في العاصمة الإدارية الجديدة.

تلك اللحظة التي التقطتها عدسات الكاميرات، عندما صافحت ريتاج الرئيس السيسي بابتسامة طفولية هادئة، وقام بتقبيلها على رأسها وأجلسها إلى جواره، لم تكن مجرد تصرف عابر، بل كانت لحظة تجسّد مأساة شعب بأكمله، ووجع الطفولة الفلسطينية التي فقدت الأمن والحنان تحت وطأة الحرب.

من هي ريتاج؟

ريتاج، التي وُلدت في 13 يوليو 2015، هي ابنة مدينة غزة التي لطالما شهدت فصولاً متكررة من الحروب والمعاناة. 

وكانت طفلة صغيرة في التاسعة من عمرها تعيش حياة بسيطة مع عائلتها، قبل أن تتحول أيامها الهادئة إلى جحيمٍ لا يُحتمل في 25 يناير 2023، حين قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزلهم بشكلٍ مفاجئ ودون سابق إنذار، لتُزهق أرواح والديها وإخوتها وكل من كان تحت سقف المنزل.

في تلك الليلة الدامية، كانت ريتاج تجلس في غرفتها مع إخوتها الصغار، عندما دوّى صوت الطائرات في السماء، تلاه انفجار هائل هزّ المكان كله. لم تدرك الطفلة ما الذي يجري، سوى أن الجدران بدأت تتصدع، والسقف ينهار، والأنقاض تتساقط فوقهم. حاولت أن تصرخ وتنادي على أمها، لكن الغبار والركام خنقا صوتها. 

وانهار كل شيء في ثوانٍ معدودة، لتُحتجز الطفلة الصغيرة تحت الأنقاض لساعات طويلة لا تعرف فيها سوى الظلام، وأنين الألم، وصدى أصوات بعيدة تحاول الوصول إليها.

بعد محاولات مضنية من فرق الإنقاذ، تمكّن المسعفون من العثور عليها وهي في حالة شبه غيبوبة، جسدها مغطى بالجروح، وقدمها اليسرى قد تهشمت بالكامل نتيجة سقوط الجدار عليها. نُقلت إلى المستشفى في حالة حرجة، وهناك بدأت مرحلة جديدة من الألم والمعاناة، فقد علمت بعد أيام أن كل عائلتها قد رحلت. لم يتبق أحد. كانت الناجية الوحيدة من بين 89 شخصًا من عائلتها، بينهم والداها وإخوتها وأقاربها.

تصف التقارير الفلسطينية قصة ريتاج بأنها واحدة من أكثر المآسي المؤلمة التي خلّفتها الحرب الإسرائيلية على غزة، تلك الحرب التي حوّلت بيوت المدنيين إلى ركام، وأحلام الأطفال إلى رماد. 

طفلة فقدت بيتها، وقدمها، وعائلتها، لكنها لم تفقد براءتها ولا قدرتها على التمسك بالحياة. بعد شهور من العلاج المكثف، استعادت بعضًا من صحتها، وأصبحت تستخدم عكازًا صغيرًا لمساعدتها على الحركة، رمزًا لصمودها وقدرتها على تجاوز المأساة.

ومع انتقالها إلى مصر ضمن عدد من الأطفال الفلسطينيين الذين يتلقون الرعاية، بدأت قصة ريتاج تأخذ بُعدًا جديدًا. حين ظهرت في احتفالية وطن السلام، لم تكن مجرّد طفلة تُكرَّم أو ضيفة شرف، بل كانت رمزًا للأمل وسط الألم. 

وعندما جلسَت بجوار الرئيس السيسي، بادرها بابتسامة دافئة واحتضان أبوي، ثم قبّلها على رأسها في مشهد مؤثر أبكى الحاضرين، لما حمله من رسالة إنسانية عميقة تعبّر عن تضامن مصر مع أطفال فلسطين.

وخلال الحفل، تحدث الرئيس السيسي عن ضرورة حسن معاملة الأطفال الفلسطينيين الموجودين في مصر، مؤكدًا أن ما تعرضوا له يستدعي أقصى درجات الدعم والرعاية النفسية والاجتماعية. وأشار إلى أن مصر كانت وستظل حضنًا آمنًا للفلسطينيين، وأن ما أصاب غزة هو مأساة إنسانية تتجاوز كل الاعتبارات السياسية. 

وكانت كلماته موجّهة ليس فقط إلى الحاضرين، بل إلى كل المصريين، الذين تفاعلوا بشدة مع قصة ريتاج، واعتبروها ابنتهم التي تمثل وجعهم جميعًا.

انتشرت صور ريتاج بجوار الرئيس على مواقع التواصل الاجتماعي بسرعة كبيرة، وانهالت التعليقات من المستخدمين الذين عبروا عن تأثرهم الشديد، وكتب كثيرون أن ابتسامتها رغم الألم هي أصدق تعبير عن شجاعة أطفال غزة، وأن نظرتها الصامتة تحمل أكثر مما يمكن للكلمات أن تقول.

ووفقًا لمواقع فلسطينية، فإن ريتاج لا تزال تتلقى العلاج الطبيعي والدعم النفسي بعد ما عاشته من صدمات، وهي تحاول اليوم أن تتأقلم مع حياتها الجديدة، وأن تبني مستقبلًا مختلفًا عن الماضي الذي انتُزع منها قسرًا. 

وتخضع لمتابعة خاصة من فرق إنسانية وطبية، تسعى إلى تأهيلها نفسيًا واجتماعيًا بعد فقدانها لعائلتها وجزء من جسدها.

تجربة ريتاج ليست حالة فردية، بل هي صورة تختصر مأساة آلاف الأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا ذويهم في الحروب المتكررة على غزة، لكنها تظلّ شاهدًا حيًا على قدرة هؤلاء الأطفال على الصمود، وإصرارهم على التمسك بالحياة رغم القهر.

وفي ختام المشهد، تبقى صورة ريتاج بجوار الرئيس السيسي واحدة من أكثر اللحظات الإنسانية عمقًا وتأثيرًا، إذ جمعت بين رمزية القيادة المصرية ومأساة الطفولة الفلسطينية في لقطةٍ واحدة، لتقول للعالم إن الإنسانية لا تُقاس بالكلمات، بل بالمواقف التي تُترجمها الأفعال. 

لقد فقدت ريتاج كل شيء، لكنها في المقابل كسبت تعاطف الملايين وحب المصريين، وأصبحت رمزًا للسلام الذي يولد من رحم الألم، وللطفولة التي لا تعرف الاستسلام مهما اشتدّت الحروب.

طباعة شارك ريتاج الطفلة الفلسطينية ريتاج السيسي غزة

مقالات مشابهة

  • على خطى اليمن.. السودان تطرد منظمة الغذاء العالمي لتورطها بأعمال تجسس
  • دينا أبو الخير: الأبناء يدفعون ثمن أخطاء الكبار بعد الطلاق
  • تشييع جثامين الأطفال الثلاثة ووالدتهم ضحايا جريمة فيصل لمثواهم الأخير.. صور
  • الأم وأطفالها .. تشييع جنازة ضحايا جريمة الهرم في جنازة مهيبة بالفيوم
  • النيابة تصرح بدفن جثامين الأطفال الثلاثة ضحايا جريمة اللبيني
  • تشريح ودفن.. قرار النيابة بشأن جثـ.ــامين أم وأطفالها الثلاثة ضحايا جريمة اللبيني
  • جدة الطفل المعذ.ب بدمياط.. الأب اعتاد على ضربه هو وإخوته بشكل عنيف
  • اليونيسيف: الأطفال تأثروا بحرب غزة بشكل بالغ ويعانون صدمات والمنازل دمرت
  • في محكمة غزة.. جرّاح: اضطررنا لإجراء عملية لطفل وتركنا آخر للموت
  • الطفلة ريـتـاج.. الفلسطينية التي جلست بجوار الرئيس السيسي تحمل وجع غزة