الثورة نت:
2024-10-05@16:12:05 GMT

سيلعنهم التاريخ

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

 

 

أكثر من عشرين ألف شهيد فلسطيني – حسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أمس – خلال أقل من خمسين يوماً، والضعف من ذلك مصابين، رقم مرعب يكشف حجم المأساة الإنسانية الذي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على أيدي عصابة متجردة من كل القيم.
فاجعة إنسانية بكل ما تعنيه الكلمة لا تقف مسؤوليتها على العدو الصهيوني وحسب وانما على المنظمات الدولية التي يفترض أنها راعية للإنسانية، وحامية القوانين والأعراف الدولية، ومنظِمة للعلاقات، في مقدمتها مجلس الأمن الذي انتهك بسلبيته – تجاه ما تعيشه الأراضي الفلسطينية المحتلة من بطش صهيوني – طبيعة وجوده.


صار الأكيد أن هذا المجلس أصبح أداة لتمرير رغبات المستكبرين والمتغطرسين، لا دور له إلا شرعنة طموحات الدول الكبرى في فرض الهيمنة وتقييد حركة الشعوب الطامحة للأمن والاستقرار، ومنذ فترة ليست بالقليلة صار طرح مراجعة واقع هذا المجلس على الطاولة حاجة ضرورية يفرضها هذا العبث الحاصل في حق الشعوب المستضعفة بأن تعيش على أرضها بأمان.
أكثر من شهر ونصف والتنكيل متواصل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وآلة البطش الصهيوأمريكية لا تتوقف عن سفك دماء الأطفال والنساء والعجزة والمرضى والنازحين، ولو لم يكن مجلس الأمن بهذه الوضعية المسلوبة، لما كان لهذا الكيان أن يبطش بهذا القدر من الحرية والأريحية.
معاناة ربما لا يمكن تخيلها، ويكفي أن نعرف أن جيش الاحتلال، منع عن الناس في غزة خلال أيام العدوان كل وسائل الحياة، وعلى رأسها الماء والدواء، والعالم من حول القطاع يشاهد ويتحسر ولا يفعل شيئا، وأمريكا ترسل المال والسلاح إلى جيش نتنياهو، وترسل البوارج وحاملات الطائرات إلى المنطقة لمنع أي تدخل حتى ينتهي الصهيوني من مهمته في إبادة الشعب الفلسطيني، أي أخلاق هذه التي صار عليها العالم اليوم؟!.
ثم يجري تحديد أربعة أيام فقط كهدنة، يسمونها إنسانية، منظمات “العفو الدولية” و”أطباء العالم” و”هانديكاب إنترناشونال” وأخرى، أكدت أنه خلال هذه الفترة ربما يتمكنون من إدخال الدواء لكنهم لن يجدوا الوقت لتوزيعه، فيما جيش الاحتلال يستعد لمعاودة العدوان بصورة أكبر وأبشع، كما أفاد بذلك متحدثه الرسمي أمس.
فهل يعقل ترك الصهاينة يواصلون ممارسة هوايتهم الدموية في قتل الأبرياء؟ وهل يعقل إلا يكون هناك رادع لهذا الكيان؟ ما هو حجم الكارثة المطلوب حتى يكون هناك تحرك عملي يفرض على هذا العدوان أن يتوقف؟.. الجميع يتحدث عن بشاعة ما يحدث وعن ضرورة توقف العدوان، والجميع يتحدث عن أن الوقت قد حان لإنهاء الاحتلال وأن يكون للفلسطينيين دولتهم، وإسرائيل تضرب بكل هذا الحديث عرض الحائط، دون أي اعتبار لأي قوانين ومواثيق، فمن ذا الذي يفترض به تحويل كل هذا الحديث إلى فعل؟..
برأيي أنه الوقت الذي يمكن فعلا لدول الصف الأول – اثبات تغيّر قطبية العالم الأمريكية، التي بات وأصبح معروفا أنها مظلة لكل الشر في العالم – لأن تتحرك وتفرض إرادتها في الانتصار للقيم الإنسانية وأن تسجل لنفسها حضورا ملموسا وسحب البساط من تحت الهيمنة الأمريكية التي تمثل خط الحماية الأوحد للكيان الصهيوني، وأن تخرج هذه الدول من دائرة الحديث.
ولعله من السذاجة أن تتوقع هذه الدول بأن تتراجع أمريكا خطوة للخلف لصالح ظهور هذه الدول ما لم تكن هي بمستوى أن تكون البديل عن واشنطن في فرض النظام على العالم بما يعنيه ذلك من العمل باستحقاقات هذا الطموح، وإلا فإنها ستظل تراوح في ذات المساحة من الحديث عن أن هناك نظاما عالميا جديدا يتخلق، ولا يظهر، وستظل أمريكا ترعى الظلم والجبروت والبطش بالإنسانية.
يمكن لهذه الدول التي قطعت مسافة كبيرة في الاستقلال وامتلاك أدوات المنافسة القوية أن تدعم على الأقل التحركات الهادفة لإصلاح مجلس الأمن، كحال ما تعرف بمجموعة العشر التابعة للاتحاد الأفريقي والمعنية بملف إصلاح مجلس الأمن، والتي بلغ رقم قممها الـ 15، ولا تزال بعيدة عن التأثير.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

أمم متحدة جديدة

عند تأسيس الأمم المتحدة عام 1954 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية على أنقاض عصبة الأمم المتحدة بمشاركة 50 دولة، كان مأمولاً أن تمنع نشوب حرب عالمية جديدة، وأن ينعم العالم بالأمن والسلام، وفقاً لديباجة ميثاقها الذي يقول: «نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف، وأن تؤكد من جديد إيمانها بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية».
ولتحقيق هذه الأهداف، تتعهد الأمم المتحدة «بحفظ الأمن والسلم الدوليين ومنع الأسباب التي تهدد السلم وتمنع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلام وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي».
منذ ذلك الحين، وقعت الأمم المتحدة ضحية الحرب الباردة بين المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي من جهة، والمعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة، وعجزت عن القيام بالدور المنوط بها في حفظ الأمن والسلام الدوليين، إذ نشبت حروب بالوكالة بين المعسكرين في أكثر من منطقة في العالم، وجرت استقطابات دولية في إطار الصراع بينهما، ووقعت حروب مباشرة في كوريا وفيتنام، كما شنت الولايات المتحدة العديد من الحروب في العالم كان أحدثها في أفغانستان والعراق.
ورغم أن الأمم المتحدة نجحت في تحقيق الأمن في العديد من المناطق المضطربة من خلال «قوات حفظ السلام»، وتحقيق إنجازات مهمة من خلال وكالاتها الصحية والإغاثية والاجتماعية والتنموية والثقافية، إلا أنها ظلت عاجزة عن تنفيذ القرارات التي تصدر عنها بشأن العديد من القضايا والأزمات الدولية، وخصوصاً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإلزام إسرائيل بتطبيق القرارات التي صدرت عنها، كما فشلت في مواجهة المخاطر الناجمة عن الحرب الروسية - الأوكرانية، والصراع القائم في شبه الجزيرة الكورية، بسب الخلل في بنية مجلس الأمن الدولي، وتفرُّد الولايات المتحدة بقيادة النظام الدولي، وعرقلتها تنفيذ أي قرار لا يلبي مصالحها الكونية، وخصوصاً ما يتعلق بحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وحربها الحالية على لبنان وما يمكن أن تؤدي إليه من صراع واسع يشمل المنطقة بأسرها.
إن حق «الفيتو» الذي تملكه الدول الخمس الكبرى، بات يمثل معضلة كبرى للأمم المتحدة، لأنه تحول إلى سلاح سياسي تمارسه هذه الدول لإحباط أي جهد دولي لتحقيق السلام والأمن في العالم، وبالتالي أدى إلى شلل المنظمة الدولية وعجزها عن أداء دورها المفترض، بل إلغاء سبب وجودها.
إن ما تدعو إليه المنظمة من تعزيز واحترام لحقوق الإنسان، والتزام بالقانون الدولي والإنساني، ورفض العدوان والاستعمار، واحترام شرعة الأمم المتحدة، وحماية المدنيين في الحروب يتم انتهاكه بشكل فاضح من جانب الدول الكبرى التي تمارس ازدواجية في المعايير، ومن جانب إسرائيل التي تعتبر نفسها فوق القوانين الدولية.
من خلال هذا الواقع، باتت الأمم المتحدة تمثل عجز المجتمع الدولي، وتشكل عبئاً على الدول والشعوب التي تحتاج إلى منظمة قادرة على فرض قوانينها، لأنها تحولت إلى ما يشبه عصبة الأمم المتحدة التي فشلت في الحؤول دون نشوب الحرب العالمية الثانية، حيث تطل حرب عالمية جديدة برأسها.

مقالات مشابهة

  • الريشة التي حركت ضمائر العالم
  • من هي الدول التي أجلت رعاياها من لبنان؟
  • "ما الذي ينمو في راحة يدكِ؟" يفوز بجائزة بمهرجان سلا لفيلم المرأة
  • دون إجلاء عسكري.. الدول التي تحركت لإخراج مواطنيها من لبنان
  • أمم متحدة جديدة
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • أحمد أبو زيد: المعركة الجوية بحرب أكتوبر كانت الأطول في التاريخ الحديث
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • عبر البحر والجو... ما الذي تفعله الدول لإجلاء رعاياها من لبنان؟
  • الرمان «يطرح» البهجة في أسيوط.. سعر الكرتونة وأشهر الدول التي تستورده