ينتاب الكثيرين من الأمريكيين الفلسطينيين المقيمين على بعد آلاف الأميال من غزة، أكثر من مجرد الشعور بالحزن تجاه ما يجري هناك من أعمال عنف دامية يشاهدونها عبر الشاشات. إنهم بشعرون بتأنيب الضمير أيضاً.

يقول أنيس، وهو موسيقي فلسطيني أمريكي يعيش في فيرجينيا: “أعتقد أن الشعور بتأنيب الضمير ينتاب الكثيرين من الفلسطينيين في الشتات، لأن كل فلسطيني يحمل فلسطين في قلبه، بصرف النظر عن المكان الذي يعيش فيه حالياً”.

لدى الشاب البالغ من العمر 31 عاماً، 1.7 مليون متابع على انستغرام، ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس استخدم منصته للحديث عن أهوال الحرب والدعوة لوقف إطلاق النار.

ويقول: “أعتقد إننا بطبيعتنا كفلسطينيين، نشعر بتأنيب الضمير عندما نرى الدمار وعمليات القتل، لأنه كان من الممكن أن نكون في مكان الضحايا”.

منذ أن هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وقتلت 1200 شخص واحتجزت حوالي 240 رهينة، شن الجيش الإسرائيلي حملة قصف مكثفة يقول إنها تستهدف حماس، لكن الأمم المتحدة تقول إنها “تقضي على عائلات وأحياء بأكملها”.

وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، قُتل أكثر من 14 ألف شخص فلسطيني منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة.

يقول الفلسطينيون الأمريكيون الذين تحدثوا إلى بي بي سي، إن مشاهدة ما يحدث في غزة على وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيون أمر مدمر عاطفيا.

يقول أنيس: “كل ما أتمتع به، من أصغر الأشياء إلى أكبرها، يدفعني للتفكير بالفلسطينيين في غزة، لأنهم محرومون من هذه الاشياء”.

“فانا ما زلت قادراً على الذهاب بأمان إلى محل البقالة وتناول العشاء في الخارج دون أدنى شعور بالخوف من أن أتعرض للقصف”.

سؤال الأمريكيين الفلسطينيين عن كيفية وسبب وجودهم في الولايات المتحدة يزيد من تعقيد المشاعر، فالعديد منهم هم بالأصل أبناء وأحفاد الفلسطينيين الذين فروا من الحروب السابقة.

وتقول جنان دينا، المولودة في ولاية أوهايو، وهي واحدة من بين سبعة ملايين فلسطيني حول العالم، إن جدتها كانت واحدة من بين 750 ألف فلسطيني فروا أو أجبروا على ترك منازلهم تحت تهديد السلاح في الحرب التي أعقبت قيام دولة إسرائيل عام 1948.

وتقول إن هذا التهجير الإجباري الذي يسميه الفلسطينيون اليوم بـ “النكبة”، دفع أجداد جنان إلى الرغبة في مغادرة البلاد.

واستقرت عائلتها لأول مرة في الضفة الغربية، حيث ولدت والدة جنان، قبل مجيئها إلى الولايات المتحدة في عام 1981.

“أحياناً أتساءل ماذا لو بقيت أمي هناك؟ لكنت قد ولدت وترعرعت هناك؟”.

قضت جنان، التي تبلغ من العمر 41 عاما، الكثير من عطلاتها الصيفية في الضفة الغربية، فضلاً عن إقامتها هناك لمدة عامين عندما كانت في سن المراهقة.

لكن، في نهاية المطاف، رجعت أسرتها إلى الولايات المتحدة لأنه “لم يكن من السهل علينا الانتقال من أمريكا للعيش تحت الاحتلال”.

وتقول إن الدبابات الإسرائيلية ونقاط التفتيش والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي هناك جزء اساسي من المشهد اليومي في الضفة الغربية.

“أفكر في هجرتنا، وأتساءل: هل هذا جبن؟ ما الذي يجعلني أفضل منهم؟” شعور الفلسطيني بتأنيب الضمير قوي للغاية”.

تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل مليارات الدولارات على شكل مساعدات عسكرية كل عام، وهناك مشروع قانون يلوح في الأفق عبر الكونغرس يقضي بإرسال المزيد.

تقول جنان: “أشعر بالذنب كأمريكية أيضاً، لأن أموال الضرائب التي أدفعها ستمول هذه الحرب الكبيرة”.

وقد أدى ارتفاع عدد القتلى إلى تفاقم القلق العاطفي لدى الأمريكيين الفلسطينيين. وقتل ما لا يقل عن 5600 طفل في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. والعدد في صعود كل يوم، “ليصبح القطاع مقبرة للأطفال”، بحسب ما قالته الأمم المتحدة.

تقول جنان: “أشعر بالعجز واليأس، لا أجد السعادة في أي شيء على الإطلاق”.

وتتفاقم مشاعر تأنيب الضمير أيضاً بسبب الأخبار عن الظروف المعيشية هناك. حيث حرم سكان غزة من الحصول على المياه بسبب الحصار الإسرائيلي، ويواجهون نقصاً شديداً في الغذاء ومياه الشرب، ويعانون من انتشار الأمراض.

وقال بعض سكان غزة لبي بي سي إنهم اضطروا لشرب مياه البحر.

ويتذكر مارسيل أفرام قائلا: “كنت أقوم بتعبئة الماء في وعاء كبير لسلق البطاطس وفجاة انفجرت بالبكاء”.

ويقول: “هنا، ببساطة أفتح الصنبور لملء الإناء بكمية كبيرة من الماء لسلق البطاطس، أكثر مما يستطيع شخص واحد في غزة الحصول عليه خلال أسبوع كامل الآن”.

ويقول مارسيل، وهو صاحب شركة متخصصة في تقديم الطعام في واشنطن العاصمة، إن الشعور بتأنيب الضمير دفعه إلى رفض العمل في وظائف لا علاقة لها بجمع التبرعات للقضية الفلسطينية.

ويضيف: “إذا لم أستخدم كل ما في وسعي للمساعدة، سأعيش مع عقدة الشعور بالذنب بقية حياتي”.

وهو شعور ردده أنيس أيضاً، الذي يقول إنه يستخدم منصته الآن فقط للحديث عن أخبار الحرب.

وتقول ستيفاني، مديرة مجموعة الفلسطينيين في بوسطن، والتي طلبت عدم استخدام اسمها الأخير، إنها تلقت رسائل تهديد على فيسبوك منذ أن أصبحت أكثر تأييدا للفلسطينيين على المنصة.

ستيفاني حامل بطفلها الأول، وقد منعها الغثيان الشديد والتعب من المشاركة في الاحتجاجات الأولية في بوسطن.

وتقول إنها بدلاً من ذلك حاولت أن تكون “ناشطة من المنزل”، وأجرت اتصالات مع نواب الولاية لحثهم على وقف إطلاق النار.

وتضيف: “أشعر بالحزن. كان جزء مني يقول: الناس يموتون، وأنت تشعرين بالمرض وتظلين في المنزل؟”

وفي نهاية المطاف، تقول إن شعورها “بالمسؤولية الشخصية” تجاه ما يحدث يفوق متاعب حملها.

لقد حضرت مسيرة مؤيدة لفلسطين في بوسطن في 22 أكتوبر/تشرين الأول، وكانت أكبر مسيرة شاركت فيها على الإطلاق في حياتها.

كان الأمر مؤثراً، وقد انتابها شعور لم تشعر به منذ فترة طويلة، إنه “الشعور بالأمل”.

“لقد جعلني ذلك أشعر بأنه ربما يمكننا إحداث فرق”.

المصدر: جريدة الحقيقة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة تقول إن فی غزة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يعلن تأجيل موعد الإفراج من الأسرى الفلسطينيين وحماس ترد

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، اليوم الأحد 23 فبراير 2025، أن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة سيتأجل "حتى تُنهي حماس المراسم المهينة" التي تُقيمها أثناء تسليم الرهائن الإسرائيليين.

وقال مكتب نتنياهو في بيان، إنه "في ضوء الانتهاكات المتكررة لحماس، خصوصاً المراسم المهينة التي تحط من كرامة رهائننا، والاستخدام الساخر للرهائن لأغراض دعائية، تقرر تأجيل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين الذي كان مخططا له أمس السبت حتى يتم ضمان إطلاق سراح الرهائن التالين، من دون مراسم مهينة".

ونظمت حماس الخميس مراسم لتسليم جثامين رهائن في توابيت، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة النطاق، بما في ذلك من الأمم المتحدة.

وقال فولكر تورك، مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن "عرض الجثامين كما جرى... هو أمر بغيض وقاسٍ ويتعارض مع القانون الدولي".

في وقت سابق السبت، قال مسؤولون إسرائيليون، إن إطلاق سراح أكثر من 600 معتقل فلسطيني قد يحدث فقط بعد أن يعقد نتنياهو مشاورات أمنية في وقت لاحق من اليوم نفسه.

وفي الأثناء، انتظرت عائلات في الضفة الغربية وقطاع غزة لساعات طويلة إطلاق سراح أحبائها من السجون الإسرائيلية.

من جهتها، اعتبرت حركة "حماس" على لسان المتحدث باسمها عبد اللطيف القانوع، أن "عدم التزام الاحتلال بالإفراج عن أسرى الدفعة السابعة من عملية التبادل في الموعد المتفق عليه يمثل خرقا فاضحا للاتفاق".

ودعت الحركة الوسطاء وضامني الاتفاق "لممارسة الضغط على الاحتلال لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار".

المصدر : وكالة سوا - صحيفة الشرق الاوسط اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين حصيلة شهداء غزة منذ 7 أكتوبر وفاة أسير محرر من صفقة التبادل إثر سقوطه عن علو بالقدس أبرز مخرجات اجتماع "ثوري فتح" في ختام دورته الـ 12 الأكثر قراءة سعر صرف الدولار والدينار مقابل الشيكل اليوم الأحد 16 فبراير طقس فلسطين اليوم: أجواء باردة وانخفاض على درجات الحرارة رغم الاتفاق.. نتنياهو يرفض إدخال كرفانات ومعدات ثقيلة إلى غزة غزة: تعقيب حكومي على رفض نتنياهو إدخال الكرفانات والمعدات الثقيلة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يقول إنه قد يضطر إلى توقيع اتفاقية معادن مع الولايات المتحدة مقابل استمرار المساعدات
  • سقي أراض فلاحية بمياه الصرف الصحي.. انعدام الضمير يهدد بكوارث صحية وطبيعية
  • الدغيم: اللجنة عدلت من برامجها بناءً على النقد، والاجتماع سيكون مع مختلف الشرائح وخاصة في المناطق الشرقية وسيكون هناك تمثيل لذوي الضحايا والجرحى والمعتقلين
  • نتنياهو يعلن تأجيل موعد الإفراج من الأسرى الفلسطينيين وحماس ترد
  • جندي صهيوني يقول: عمر شجرة الزيتون اكبر من عمر دولتنا (فيديو) 
  • العاصفة آدم تضرب 8 دول عربية وهذا موقف مصر | ماذا يحدث؟
  • الضمير الإيراني العامري: حكومة الشرع صهيونية أمريكية تركية يجب إسقاطها
  • خاص | «باحث أمريكي»: ترامب تراجع بسبب موقف مصر القوي والحاسم ضد تهجير الفلسطينيين
  • بالأرقام.. هل هناك مبرر لغضب ترامب التجاري من أوروبا؟
  • بعد عملية تفجير الحافلات في تل أبيب.. ماذا يحدث بالضفة الغربية؟