الأوراق الرابحة لتمديد الهدنة بغزة
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
بعد اقتراب الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة من انقضاء شهرها الثاني بحصيلة تجاوزت في عدد شهدائها من الفلسطينيين نكبة 48 التي راح ضحيتها 15 ألف شهيد، إلا أن الخيار العسكري الإسرائيلي فشل في تحقيق أهدافه المُعلَنة منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.
ومع سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة في ظل الدعم غير المسبوق واللامحدود من الإدارة الأمريكية والدول الغربية من أجل تحقيق الأهداف التي أعلنتها حكومة الحرب الإسرائيلية برئاسة (بينامين نتنياهو)، وهي إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، وعددهم 236 أسيرًا بعد إطلاق سراح أمريكيتين وإسرائيليتين في 20 و23 أكتوبر، والقضاء تمامًا على حركة حماس والجهاد في غزة في أسرع وقت ظنًّا منها على قدرتها التكنولوجية والمخابراتية في الوصول إلى الأسرى بواسطة عملية عسكرية لتحقيق انتصار يُحسَب لها جماهيريًّا بعد فشلها الاستخباراتي في توقع عملية طوفان الأقصى، وهذا لم يتحقق على مدار 48 يومًا، فخضعت لحلول الوساطة والتفاوض بعد ضغوط مصرية وعربية على داعميها؛ فقبلت شروط المقاومة رغمًا عنها.
وتشير معلومات تتناقلها الصحف الإسرائيلية من مصادر حكومية عن إمكانية مدِّ الهدنة؛ حيث تنوي حماس إجراء مفاوضات منفصلة بإطلاق سراح من 70-80 إسرائيليًّا من فتيات وشباب تحت سن 17 عامًا، ورجال ونساء أكبر سنًّا مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وتمديد وقف إطلاق النار لعشرات الأيام، الأمر الذى يُمثِّل مُعضِلة كبرى لحكومة (نتنياهو) التي لن تستطيع إلا الرضوخ له لتجنب غضب عارم من قِبل عائلات الأسرى.
وبعد نجاح الوساطة المصرية القطرية الأمريكية في فرض هدنة لمدة أربعة أيام مقابل إطلاق سراح أسرى من الجانبين، وكذلك دخول مساعدات إنسانية وطبية وشحنات وقود، ومن ثم البناء على هذه الهدنة كطريق لإنهاء الحرب، فهناك عدة أوراق رابحة يمكن عن طريقها الحصول على هُدَن جديدة يتخللها عمليات عسكرية، ومن ثم إنهاء الحرب، ومنها:
ورقة الضغط العربي على داعمي إسرائيل وتآكل الدعم لهامنذ اللحظة الأولى للحرب ضغطتْ مصر بكل قوتها الدبلوماسية والسياسية والشعبية ضغطًا كبيرًا على إسرائيل والولايات المتحدة والدول الغربية الداعمة لحكومة (نتنياهو) من أجل وقف الحرب، ورفض مخططات تهجير الفلسطينيين، وتصفية القضية الفلسطينية؛ مما دفع هذه الدول إلى التفكير في حلول بديلة لتهجير الفلسطينيين إلى دول غربية، ولكن مع التصميم المصري والعربي على إنقاذ القضية الفلسطينية، وعدم تكرار نكبة جديدة، ومع ضغط شعوب العالم التي أشعلت دماءُ أطفال فلسطين بركان ثورتهم، فتظاهروا ضد حكوماتهم تأييًدا لحق الفلسطينيين في الحياة، ومطالبة حكوماتهم بوقف الحرب والمجازر، فبدأ دعم إدارة (بايدن)، والدول الغربية يتآكل يومًا بعد يوم، خشية حدوث أزمات داخلية لديهم؛ مما جعل إدارة (بايدن) وداعمي إسرائيل في موقف ضاغط على (نتنياهو) للموافقة على هُدنة مقابل إطلاق سراح أسرى من الطرفين، ومع استمرار الضغط سنصل إلى هُدَن جديدة.
2-ورقة الأسرى والضغط الشعبي الداخلي على (نتنياهو)
بعد إطلاق الدفعة الأولى من الأسرى عقب فشل (نتنياهو)، وجيشه في إعادتهم بعد 48 يومًا من الحرب جعل أُسَر وعائلات باقي المحتجزين ينتظرون بفارغ الصبر عودتهم عبر التفاوض مقابل الهُدَن، وأصبحت الرغبة أكثر إلحاحًا لديهم خاصة مع انعدام ثقتهم في (نتنياهو) والجيش في إعادتهم بالقوة؛ لذا سيمارسون ضغوطا قوية على حكومة نتنياهو التي ستنصاع لهذه الضغوط خوفًا من تصدع الدعم الشعبي الداخلي الواسع في إسرائيل للحرب التي حشد لها الساسة والإعلام الإسرائيلي بعد صدمتهم من عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، فشكَّل رأيًا عامًّا شعاره التهديد الوجودي لشعب إسرائيل؛ لذا حاز على هذا الدعم الشعبي الداخلي من أجل تنفيذ حملة عسكرية لإعادة الأسرى والقضاء على الخطر الذي يهددهم، وهو حماس والجهاد، وهو ما لم يتحقق بسبب صمود الشعب الفلسطيني، وفشل الاستخبارات الإسرائيلية والعسكرية في تحديد أماكن الأسرى.
ووفقًا للإعلام الإسرائيلي فإن حماس لم يكن في حوزتها سوى 50 أسيرًا؛ ولذا طلبت تعليق المراقبة الجوية فوق غزة لمدة 6 ساعات يوميًّا حتى يستطيع أفرادها الخروج وتسلُّم بقية الأسرى من فصائل المقاومة المختلفة، وهو ما وصفه مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق (جون بولتون) بأنه انتصار على إسرائيل من قِبل حماس أكبر من الهدنة نفسها؛ لأنه يحرم إسرائيل من الحصول على معلومات عن أنشطة حماس في هذه الفترة الزمنية، ويتيح لحماس نَصْب مزيد من الأفخاخ للقوات الإسرائيلية في أيام الهدنة.
3-ارتفاع الأسعار والتضرر الاقتصادي
يمثل ارتفاع الأسعار على القاطنين في إسرائيل عاملا أساسيًا في الضغط على حكومة (نتنياهو) للقبول بالهُدَن الجديدة، وإنهاء الحرب، نظرًا للضغوط الاقتصادية التي تواجه المستهلك الإسرائيلي وزيادة النفقات التي تمثل ثقلًا على كاهل الحكومة، فاستمرار الحرب يؤخر عملية التوريد في إسرائيل من الخارج؛ مما يؤدي إلى حدوث غضب شعبي نتيجة للصعوبات التي تواجه الأُسَر في المعيشة، الأمر الذى سينعكس على الدعم الشعبي للمجهود الحربي.
كما أن تكلفة النفقات على مئات الآلاف ممن جرى إجلاؤهم من مستوطنات غلاف غزة والمستوطنات في شمال إسرائيل يمثل عبئًا على الاقتصاد والحكومة؛ لذا ستكون تكلفة الاستمرار في الحرب باهظة ومدمرة للاقتصاد بجانب النفقات العسكرية ورواتب المجندين، والذين يريدون العودة إلى الحياة الطبيعية، الأمر الذى يمثل تحديًا كبيرًا لحكومة نتنياهو.
4-رغبة من أُجْلُوا في العودة إلى منازلهم
تخشى حكومة نتنياهو من فقدان الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم من مستوطنات غلاف قطاع غزة ومستوطنات شمال إسرائيل من فقدان صبرهم، بعدما بات الكثير منهم يُعبر علنًا عن معاناته في المخيمات، ويريدون العودة إلى منازلهم، الأمر الذى سيؤدي إلى تآكل الدعم الشعبي للحرب، ومن ثم فقدانه، وتحوله إلى جبهات رافضة للحرب؛ لذا ستحاول اسرائيل عدم إطالة زمن الحرب والوصول إلى تفاوض لإنهائها.
5-زيادة الخسائر في الجيش الإسرائيلي
حجم الخسائر في صفوف المقاتلين في الجيش الإسرائيلي بعد استئناف العمليات العسكرية عقب الهدنة سيمثل انتكاسة لدى الجنود، وسيكون له انعكاس على المزاج العام داخل إسرائيل، الذي سيتأثربحجم الخسائر؛ مما يجبر حكومة نتنياهو على الإسراع لتقليل حجم هذه الخسائر بالهُدَن وإنهاء الحرب.
6-الجنود الأسرى وإنهاء الحرب
ستكون الورقة الأخيرة لتحقيق وقف إطلاق نار دائم مع الضغوط العربية والدولية هي تبادل الجنود والرفات مع السجناء الفلسطينيين، وإنهاء الحرب بواسطة مفاوضات ووسطاء عرب ودوليين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: العسكري الإسرائيلي أوراق رابحة عمليات عسكرية
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تنشئ مديرية خاصة لترحيل الفلسطينيين لتطبيق خطة ترامب
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي أنشأت مديرية خاصة لتسهيل "هجرة" الفلسطينيين من غزة. وجاء التحرك الإسرائيلي بعد تبني نتنياهو لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسكان القطاع المدمر.
وتشمل العروض الجديدة للمغادرة من بين عدة أمور أخرى، ترتيبات خاصة للمغادرة عن طريق البحر والجو والبر.
يظهر ذلك، بحسب الصحيف، كيفية استغلال نتنياهو اقتراح ترامب، الذي قال فيه إن أمريكا ستتولى بموجبه السيطرة على القطاع الذي مزقته 15 شهرا من الحرب.
وأشارت الصحيفة إلى إن المديرية ستشرف على إنشائها وزارة الحرب وستكون تابعة لها، وبخاصة أن الوزارة هي من ينفذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتسيطر على جميع نقاط الدخول والخروج من وإلى قطاع غزة.
وفي خطاب ألقاه في نهاية الأسبوع أمام الجماعات اليهودية الأمريكية في القدس، وصف نتنياهو اقتراح ترامب بأنه "استراتيجية مشتركة"، ونفى أن يكون بمثابة تطهير عرقي. لكنه رفض القول فيما إن كان سيسمح للمدنيين الفلسطينيين الذين سيغادرون القطاع المدمر بالعودة، مما أثار شبح النزوح الدائم وأزمة لاجئين جديدة لمصر والأردن.
وقالت الصحيفة إن خطة ترامب التي حظيت بإدانة واسعة في العالم العربي، قد عززت من مكانة نتنياهو السياسية لدى السياسيين اليمينيين المتطرفين الذين يدعمون ائتلافه الحاكم، والذين يرون أن البيت الأبيض يدعم موقفهم الهامشي سابقا والداعي إلى ضرورة طرد الفلسطينيين من أرضهم لضمان أمن "إسرائيل".
وفي الوقت نفسه، تواصل حكومته أيضا الانخراط في محادثات وقف إطلاق النار التي يأمل المؤيدون أن تجلب السلام الدائم وإعادة الإعمار في غزة، مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين الذين تم أسرهم خلال هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على "إسرائيل".
وأرسلت "إسرائيل" وفدا على مستوى عال إلى القاهرة للتفاوض على المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار وتحويله إلى هدنة طويلة الأمد مع حماس. وعقدت الحكومة الأمنية المصغرة اجتماعا طويلا في صباح الثلاثاء لمناقشة الموضوع.
وتعلق الصحيفة أن أهداف نتنياهو المتضاربة أدت لحالة من عدم اليقين حول ما إذا كانت "إسرائيل" وحماس قادرتان على استكمال جميع مراحل الهدنة المؤقتة الحالية التي سمحت بإطلاق سراح عدد من الأسرى بعد ما يقرب من 500 يوم في أسر المقاومة.
وتشير الصحيفة إلى الدمار الواسع الذي خلفته "إسرائيل" على غزة وأتلف البنية التحتية وهدم المنازل وجعلها عير صالحة للعيش، وأثار مخاوف نكبة جديدة مثل نكبة عام1948.
وفي الوقت نفسه، عبرت حماس عن استعدادها لمواصلة المحادثات الهادفة لوقف الحرب، مكررة تصريحاتها بأنها ستترك الحكم، مع أنها هددت بإفشال وقف إطلاق النار بسبب استمرار خرق "إسرائيل" لشروطه وعدم السماح بدخول المساعدات والبيوت المتنقلة والخيام لحوالي مليوني نسمة.
ولكي يتم إطلاق سراح المزيد من الأسرى قبل انتهاء المرحلة الأولى في غضون أسبوعين، فسيتعين على "إسرائيل" وحماس التوصل إلى اتفاق يسمح للجيش الإسرائيلي بمغادرة غزة، في حين يظل مئات، إن لم يكن آلاف، من مقاتلي حماس على قيد الحياة.
وقد أظهرت العناصر الباقية من ألوية حماس المسلحة قدرتها على الصمود في عروض القوة المنظمة بعناية أثناء إطلاق سراح الأسرى، الذي دخل الآن أسبوعه الرابع، حيث استعرضوا أسلحتهم والأسرى في احتفالات تلفزيونية مرتبة بدقة.
وقد أدت هذه العروض إلى تعميق المطالب من جانب حلفاء نتنياهو من أقصى اليمين بالتخلي عن وقف إطلاق النار ومواصلة محاربة حماس، على الرغم من الخطر الذي يهدد العشرات من الأسرى الذين ما زالوا في الأسر في غزة.