أجرت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبد الرحيم، رئيس تحرير «البوابة نيوز»، ومساعد رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة لملف الإسلام السياسي، ومقدمة برنامج «الضفة الأخرى» على قناة القاهرة الإخبارية، لقاءً حصريًا مع الدكتور غالب بن الشيخ، رئيس مؤسسة إسلام فرنسا، ضمن سلسلة حوارات حصرية من العاصمة الفرنسية، وتم تصويرها من قلب العاصمة الفرنسية باريس للحديث عن قضايا عديدة وشائكة من بينها القضية الفلسطينية.

إلى نص الحوار..

ما تعليقك كمواطن عربي على ما يحدث في غزة منذ السابع من أكتوبر؟

فلسطين تُعاني من الحديد والنار الذي يسقط يوميًا على المدنيين العزل، وهذا الأمر مؤسف، ومؤسسة إسلام فرنسا تأسف لسقوط كل الضحايا الأبرياء من كل الجهات، وتدعو مؤسسة إسلام فرنسا مع أصحاب النوايا الحسنة وأصحاب الإرادة الطيبة إلى احترام القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة للخروج من هذا الكابوس بسلام لصالح شعوب المنطقة، وهذا لن يتحقق إلا بالعدالة، لأن السلام غير المبني على العدل لن يستمر.

إن مؤسسة إسلام فرنسا مستقلة عن الحكومة الفرنسية، وتعمل في الصالح العالم، وهناك تمثيل للدولة الفرنسية في المؤسسة مثل باقي المؤسسات التي تعمل في الصالح العام، وتنشط مؤسسة إسلام فرنسا في الحقل التربوي والثقافي والعلمي والعمل الخيري والإنساني، ولا تهتم بالشعائر والمناسك الدينية البحتة، حيث تعمل المؤسسة في المجال الحضاري، خاصة وأن الحضارة الإسلامية كانت إمبراطورية وشهدت مباني كبرى ما زالت مستمرة حتى الآن.


ما رأيك في وجهة النظر التي ترى أن سياسة فرنسا تختلف الآن عن السابق تجاه القضية الفلسطينية؟

السياسة الفرنسية للحكومات المتتالية تُوصف بالمتزنة، حيث كانت هذه الحكومات تطالب دائمًا بحل الدولتين، والبعض يتحدث عن أن السياسة الفرنسية الآن تميل كل الميل لإسرائيل، من خلال الحديث عن أن تل أبيب تمتلك الحق في الدفاع عن نفسها، وأدت الفظائع التي ارتكبت في قطاع غزة لخروج تصريحات من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمطالبة بوقف إطلاق النار، وحل الدولتين بناءً على قرارات الشرعية الدولية، وتسعى الدبلوماسية الفرنسية لتحقيق هذا الأمر.

ويعني مصطلح الإسلاموفوبيا وجود مشاعر من الضغينة والكراهية للمسلمين، وهذا المصطلح غير معترف به في فرنسا أو الاتحاد الأوروبي، ولكن الولايات المتحدة وكندا وشمال أمريكيا والأمم المتحدة تعترف به، حيث أن هناك يوم 15 مارس مخصص من أجل مكافحة الإسلاموفوبيا، وتعاني الشريحة الإسلامية في المجتمع الفرنسي الأمرين من مظاهر الكراهية، وفي بعض الأحيان من العدوان الجسدي، ناهيك عن بعض المظاهر للنيل من كرامة أو دور العبادة أو كل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين.


هل لديكم في مؤسسة إسلام فرنسا جهود لمكافحة الإرهاب وظاهرة الإسلاموفوبيا؟

الإجابة على هذا السؤال تتطلب محاضرة خاصة للحديث عن دور المؤسسة في مكافحة الإرهاب، وهناك قوانين عدة لمكافحة الإرهاب في فرنسا، والمواطنين المسلمين في فرنسا وجدوا أنفسهم بين فكي كماشة، حيث يعانوا من خطاب ظلامي ومن تصرفات بعض المتطرفين الذين يتذرعون بالدفاع عن الدين بمفهوم ضيق لا حضاري، ويعطون صورة لا مثالية عن الدين الإسلامي الذي قام ببناء حضارة كبيرة خلال القرون الماضية، ومن جهة أخرى هناك تنامي للفكر اليميني المتطرف. 

وقامت الحكومة الفرنسية بسن قوانين ضد الإرهاب، وشهدت باريس في العقود الأخيرة بعض الهجمات من بعض المتطرفين من خلال التطرق إلى الأبرياء العُزل، وهذا نوع من الإجرام والإرهاب، وهناك بعض المواطنين المسلمين الذي يسمعون ما يسوق لهم من أنهم في مجتمع إباحي كافر، لا يؤمن بتعاليم الدين الإسلامي الصحيح، وعليهم الانكماش والانفصال عن هذا المجتمع، في انتظار الهجرة إلى مكان آخر يطبق القوانين الإسلامية على حسب مفهومهم. 

وتعمل مؤسسة إسلام فرنسا في مجال التربية والثقافة من خلال إعطاء المنح للدراسات الإسلامية، وإعانة من يحتاج أن يستثمر شبابه في السعي وراء طلب العلم والمعرفة، وتهتم المؤسسة بصورة كبيرة بالتربية والتكوين. 

هل مؤسسة إسلام فرنسا تُطبق برامج لإدماج المواطن المسلم داخل المجتمع الأوروبي بالتعاون مع الحكومة الفرنسية؟

المواطن الفرنسي الذي ينحدر من سلالة عربية ويدين بالإسلام حتى الجيل الرابع والخامس ليس في حاجة إلى الاندماج فهو مواطن قادر على التكيف مع المجتمع، وهناك عائلات مسلمة منذ نهاية القرن التاسع عشر في فرنسا، وعلى حديثي العهد في فرنسا من السلالة العربية ويدينون بالإسلام أن يحترموا القوانين الفرنسية، لأن احترام القانون مبدأ حضاري، كما عليهم أن يحترموا الأعراف، وأن يقوموا بواجباتهم إذا كانوا حصلوا على الجنسية الفرنسية، وإذا لم يحصلوا على الجنسية فمن باب حسن المعاملة عليهم احترام القوانين والسيكولوجية العامة للمجتمع الذي يعيشون فيه، ولا تتعارض القوانين في فرنسا مع حرية التدين أو ممارسة الشعائر الدينية مهما كان المعتقد، وحدوث بعض المضايقات ناتجة عن أن السيكولوجية العامة في باريس تشهد تنامي في اليمين المتطرف. 


ما تقييمك لدور منظمات المجتمع المدني في فرنسا ازاء ما يحدث من مجازر في قطاع غزة؟

هناك مظاهرات في باريس تطالب بوقف إطلاق النار، وفتح المعابر لإدخال المساعدات لقطاع غزة، وهذا مطلب إنساني، والجمعيات الخيرية التي تعمل في المجال الإنساني تُطالب بهذا الأمر في إطار تحقيق القانون، والشرطة توافق على تنظيم المظاهرات في فرنسا الداعمة لقطاع غزة طالما لا تخل بالأمن العام، والمظاهرات الموجودة في فرنسا لا تحتوي على أي عنف أو شعارات معادية للسامية، ولذلك تنظيم المظاهرات مستمر وساري المفعول.

يجب وقف إطلاق النار في غزة في أسرع وقت، للخروج من هذا الكابوس من خلال الرجوع إلى طاولة المفاوضات وإلى حل سياسي يُطالب به منذ فترة طويلة، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة. 

كيف تحتوي مؤسسة إسلام فرنسا الشباب المسلم لكي لا يكون فريسة للجماعات المتطرفة استغلالًا لما يحدث في غزة؟

عُشر سكان فرنسا يقال أنهم يدينون بالإسلام، وهذا الأمر له أهمية كبيرة، وعدد سكان المسلمين في باريس لا يتماشى مع الدور السياسي، ليس من أجل القيام بأي ضغط، ولكن من أجل الاعتراف بحقوق المواطنين الفرنسيين المسلمين، وتعمل مؤسسة إسلام فرنسا على توعية الشباب، وامتصاص واحتواء الشباب في فرنسا، حيث تتحدث المؤسسة بأن التضامن مع المظلومين لا يعني ظلم الآخر، وتريد المؤسسة أن تُعطي دورسًا في الأخلاق، وكيف يكون الشباب المسلم فوق العنف، وهذا لن يحدث إلا من خلال تحسين فكر الشباب المسلم، عن طريق المعرفة الوجيهة والحقيقية للتراث الإسلامي العربي، وخاصة النزعة الإنسانية، لكي يتشبع المواطن المسلم الفرنسي بعصر التنوير.

ما هو الخطاب الذي من الممكن توجيهه للمسلمين في فرنسا في ظل الإحساس بالعجز مما يحدث في فلسطين؟

الشباب المسلم قد يكون مندفعا ويريد أن يتصرف بحماس تجاه ما يحدث في قطاع غزة، ولهذا يجب أن نوجه الشباب ونمتص غضبه، من خلال التوجيه والعمل بما يسمح به القانون، وليس علينا أن نستورد النزاعات من خارج فرنسا، وهذا لا يعني أننا لا نطالب بالحق للذين يعانون الأمرين من الظلم والهوان والخذلان والموت ببشاعة في فلسطين”.


ما هو تقييمك لتجربة مصر في مواجهة التطرف والإرهاب؟.. وما أوجه الاستفادة من هذه التجربة؟ 

دائمًا ما أكون سعيدًا عندما أزور مصر لأنها أم الدينا، وأستفيد بصورة كبيرة عندما ألتقي العلماء والمفكرين في مصر، ولدي صداقة حميمة مع مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، كما لدي الكثير من المحبة للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وسفراء مصر المتتاليين في فرنسا أصدقاء لي ، والمؤتمرات والملتقيات التي أشارك فيها في مصر تُعطي لي العبرة والأسوة التي يجب أن أتأسى بها.

وتعتبر الخبرة المصرية في محاربة التطرف نموذجًا يستحق الدراسة في إطار القوانين  والثقافة الفرنسية لكي يتم تطبيق هذه الدراسة على الجماعات الظلامية التي تتذرع بالدفاع عن الإسلام، وهي للأسف الشديد تضر به أكثر مما تنفعه. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة الحكومة الفرنسية مؤسسة إسلام فرنسا الشباب المسلم ما یحدث فی هذا الأمر فی فرنسا قطاع غزة من خلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

تفاصيل مشاركة “الشرعية” في مفاوضات مسقط: ماذا يحدث خلف الكواليس؟

الجديد برس:

كشفت مصادر صحفية عن طبيعة مشاركة وفد حكومة الشرعية في جولة المفاوضات المنعقدة حالياً في العاصمة العُمانية مسقط، والتي تقتصر على ملف الأسرى فقط، بالتزامن مع تفاهمات اقتصادية وسياسية بين السعودية وحكومة صنعاء.

وأوضح الصحفي صلاح بن لغبر، المقرب من المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات، في تغريدة على حسابه بمنصة “إكس”: “مفاوضات مسقط تبحث موضوع الأسرى فقط والدليل وجود وفد حكومي (شرعي)”.

وأضاف: “في المسائل المصيرية كمستقبل البلاد والانقلاب وما إلى ذلك لا أحد يُشرك وفد الشرعية بل لا يوجد لديهم وفد ولا وحدة تفاوض، تلك حقيقة”.

تأتي هذه التصريحات وسط تأكيدات حول مفاوضات اقتصادية جارية بين حكومة صنعاء والسعودية لا تشارك فيها الحكومة اليمنية “الشرعية”، التي يقتصر دورها على المفاوضات بخصوص ملف الأسرى.

ووفقاً للمراقبين، هناك توقعات بأن المفاوضات التي بدأت يوم الأحد في مسقط قد تكون واسعة النطاق، بما في ذلك مناقشة فتح الطرقات وتبادل الأسرى والملفات الاقتصادية، مما يمثل استمراراً للجولات التفاوضية السابقة التي توصلت فيها صنعاء والرياض إلى تفاهمات حول عدة ملفات، كما صرح بذلك سابقاً محمد عبد السلام، رئيس وفد صنعاء.

وكانت صحيفة “عكاظ” السعودية قد كشفت يوم الخميس الماضي عن مفاوضات بين طرفي الصراع اليمني (الحوثي والشرعية) ستُعقد يوم الأحد في العاصمة العمانية مسقط، واصفة إياها بالمهمة والإنسانية والاقتصادية. وعلى الرغم من تسويق السعودية لنفسها كوسيط في هذه المفاوضات إلى جانب سلطنة عمان، إلا أن مصادر سياسية مطلعة تؤكد أن سلطنة عمان هي الوسيط الرئيسي بين صنعاء والرياض، في ظل غياب أي دور ملحوظ للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

وفي تأكيد على ذلك، أعلنت حكومة الشرعية وحكومة صنعاء رسمياً عن جولة جديدة من المفاوضات بشأن ملف الأسرى في سلطنة عمان. وتفيد المصادر المطلعة بأن الحكومة اليمنية الموالية للتحالف لا تشارك في هذه التفاهمات إلا فيما يتعلق بملف أسرى قواتها لدى قوات صنعاء.

وتشير المصادر أيضاً إلى أن سلطنة عمان تحرص على إحياء ورعاية هذه المفاوضات بين صنعاء والرياض لتجنب أي تصعيد في المنطقة، خاصة بعد القرارات الأخيرة للبنك المركزي في عدن بنقل البنوك من صنعاء، والتي تبعها تحذيرات شديدة اللهجة من صنعاء للسعودية بشأن تداعيات هذه القرارات.

وعلاوة على ذلك، تؤكد المصادر أن السعودية تسعى إلى إجبار البنك المركزي في عدن على التراجع عن قراراته ضد البنوك بعد تلقيها تهديدات صارمة من أعلى المستويات في حكومة صنعاء، بما في ذلك من قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي، مشيرةً إلى أن الرياض تريد تقديم التراجع عن تلك القرارات كنتيجة لمفاوضات يمنية – يمنية في مسقط، وليس تحت تهديد صنعاء للرياض.

مقالات مشابهة

  • قبائل أبين تحاصر الانتقالي في عدن وهذا ما يحدث الآن (تفاصيل)
  • عمرو الفقي عن دعم مهرجان العلمين لفلسطين: موقف الإعلام المصري واضح تجاه القضية
  • «الحرية المصري»: تخصيص 60% من أرباح مهرجان العلمين لغزة ريادة مجتمعية للمتحدة
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تُعاني أوضاعا غير مسبوقة في ظل صمت دولي
  • السوداني: دعم القضية الفلسطينية موقف ثابت للعراق
  • رئيس الوزراء العراقي يجدد موقف بلاده الثابت والمبدئي في دعم القضية الفلسطينية
  • تفاصيل مشاركة “الشرعية” في مفاوضات مسقط: ماذا يحدث خلف الكواليس؟
  • حزب المصريين: تبرع «المتحدة» بـ60% من أرباح مهرجان العلمين يعكس دورها الوطني
  • رئيس الجمهورية يتسلّم رسالة من الرئيس الفلسطيني.. هذا فحواها
  • «السياسة الدولية» تناقش مرتكزات الدولة المصرية تجاه قضية فلسطين وتداعيات الصراع الإيراني - الإسرائيلي